المؤتمر نت -
المؤتمرنت -
مصر: مراجعات(مفتي الجهاد ) تشعل الجدل
مصر: مراجعات(مفتي الجهاد ) تشعل الجدل

في وقت أثارت فيه المراجعات التي وضعها مفتي تنظيم الجهاد المصري وأميره السابق سيد إمام عبدالعزيز الشريف الشهير بالدكتور فضل، جدلا واسعا داخل مصر وخارجها بعد خروجها إلى النور خلال اليومين الماضيين، توقع خبير بارز بالجماعات الإسلامية بأن يكون لها تأثيرها الكبير على الجماعات الإقليمية في العالم التي تنتمي فكريا لتنظيم القاعدة في أفغانستان بقيادة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.

وقال منتصر الزيات محامي الجماعات الاسلامية المعروف إن وثيقة د. فضل التي أطلقها كمراجعات فقهية لتنظيم الجهاد باسم "ترشيد العمليات الجهادية في مصر والعالم" سيكون لها أثرها الكبير على الجماعات الجهادية عالميا خصوصا شبابها المرتبط فكريا بجسم القاعدة الأم في أفغانستان، لأنهم يتخذون من خلال كتابه القديم "العمدة في إعداد العدة" دستورا لهم.

ويعتبر هذا الكتاب الذي أصدره قبل عدة سنوات، الدستور الذي تعتمد عليه الجماعات الجهادية في العالم في تنفيذ عملياتها التفجيرية وتجنيد عناصرها، ويتكون من 433 صفحة من الحجم الكبير، تتناول طرق التجنيد والتدريب والرسالة العقائدية للمنظمات الجهادية، ويتحدث عن الطائفة المنصورة والفرق الناجية من النار والرد على مقولة "لا جهاد بلا امام" وشروط اختيار الامام في الجماعات الجهادية.

ونقل عن د. فضل قبل فترة انه أعلن داخل السجن في لقاء مع أعضاء وكوادر تنظيم الجهاد المعتقلين، براءته من أي تفجيرات تقوم بها القاعدة في أي بلد عربي او مسلم تستند إلى أحكام كتابه "العمدة في إعداد العدة"

وأضاف منتصر الزيات: يبدو أن الظواهري وبن لادن أرادا في شريطيهما الأخيرين استباق وثيقة د.فضل، كل بطريقته. فقد أقر بن لادن بوجود أخطاء في الجهاد بالعراق، إشارة منه إلى تأييده لما جاء في الوثيقة. أما الظواهري فقد انتقده دون أن يسميه، مفندا بعض ما اعتمد عليه من أسانيد.

وقال الزيات إن د.فضل استبقهم أيضا عندما فند في وثيقته مقولة "لا ولاية لأسير" مدركا أن معارضيه سينطلقون من هذه القاعدة في رفض مراجعاته الشرعية.

واستطرد قائلا: هناك من يتساءل حاليا.. لماذا هذه المراجعات الآن ومصر خالية من العنف، والاجابة أن د.فضل كتب مراجعاته للعمليات والحركات الجهادية في مختلف أنحاء العالم.


أثرها على جسم "القاعدة"

وحول مدى تأثير وثيقة د.فضل على تلك الحركات قال " من خلال حالة الجدل التي تثيرها نستطيع أن نقدر ذلك، وهذا الجدل ينبئ عن قيمة الرجل. مراجعات الجماعة الاسلامية ثار حولها جدل كبير حتى تركت أثارها على الجميع، وأتصور أن وثيقة د. فضل ستنتج أثرا ايجابيا على جسم القاعدة والأمتدادات الاقليمية لها، وعلى جماعات الجهاد بشكل عام.

وأضاف: اعتقد أن المجموعات الاقليمية الشبابية التي تعتبر امتدادا للقاعدة دون أن تكون جزءا أصيلا منها أو متصلة بها سوى باستقراء أفكارها عبر الانترنت، ستتأثر بشكل كبير جدا بالمراجعات التي وضعها د. فضل في وثيقة "ترشيد العمليات الجهادية في مصر والعالم".

وتابع بأن "الرجل موضع تقدير كبير من شتى أعضاء جماعة الجهاد رغم اختلافه معهم ما بين عامي 1993 و1995 حيث استقال من امارة الجماعة ثم تخلى بعدها عن التنظيم كله.


أزمة الظواهري وفضل

وحول علاقته بأيمن الظواهري قال الزيات إن أزمة عنيفة حصلت بينهما عام 1995 عندما قام الظواهري باعادة تبويب كتاب د. فضل (الجامع في طلب العلم الشريف) وحذف الأجزاء التي يوجه فيها نقدا حادا للجماعة الاسلامية بشأن انتهاجها أسلوب العنف في مصر، وتغيير الظواهري لاسم الكتاب إلى "الهادي إلى سبيل الرشاد" بناء على ملاحظات تلاميذ د.فضل في اللجنة الشرعية لتنظيم الجهاد.

أضاف: غضب فضل لذلك بشدة وأصدر بيانا شديد اللهجة ضد أيمن الظواهري وضد تلاميذه، واستقال من الجماعة كلية بعد أن وصفها بأنها "ضالة". ثم تدخل الوسطاء واستطاعوا احتواء الأزمة بين الرجلين، وعرضوا على د.فضل استضافته في أفغانستان أو مساعدته في اليمن وقد آثر هو أن يبقى في اليمن، وظلوا يظهرون تقديرا خاصا له، خصوصا أنه مؤسس اللجنة الشرعية لجماعة الجهاد، وكل أعضائها تلاميذ له.

ويشير منتصر الزيات أن د.فضل يعارض منذ البداية نهج العنف، فقد عارض ابتداء الأعمال التي كانت تقوم بها الجماعات الاسلامية، ثم أعلن معارضته لجماعة الجهاد عندما استجاب الظواهري لضغوط الشباب عنده لمحاكاة الجماعة الاسلامية، فأمر بالعملية التي حاولت اغتيال رئيس الحكومة المصرية الأسبق د.عاطف صدقي، ووزير الداخلية الأسبق حسن الألفي، وقتلت الطفلة شيماء.


فكرة احتواء بن لادن

وتفسيرا لاختيار عنوان "ترشيد العمليات الجهادية في مصر والعالم" لمراجعات د.فضل بما يفهم منه أنه مجرد ترشيد وليس منعا، قال منتصر الزيات "هذا لكونه رجل علم في المقام الأول وليس شخصية حركية، وهو في مراجعاته يضع قوالب وضوابط شرعية لهذه القضية، فضلا عنه أنه رجل أممي، فما لا يعرفه الكثيرون أنه صاحب فكرة سيطرة أعضاء تنظيم الجهاد المصري على معسكر الفاروق في بيشاور، ومن ثم السيطرة على أسامة بن لادن وزرع أبو عبيدة البنشيري وأبو حفص المصري حوله للاستفادة من إمكانيات ذلك المعسكر من ناحية، والتواصل مع المجاهدين من مختلف أنحاء العالم من ناحية أخرى.

وتوقع الزيات قيام الأجهزة الأمنية المصرية بسبب خروج هذه الوثيقة، بالافراج القانوني عن قيادات وأعضاء تنظيم الجهاد لقضاء ثلاثة أرباع المدة وبشرط سيرتهم الحسنة أثناء فترة العقوبة.

وقال إن معلوماته تشير إلى الشروع في دراسة ملفات المعتقلين من "الجهاد" بشكل موسع وقانوني بغرض استفادتهم من هذا الافراج الذي يطبق في العادة على الذين قضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة المحكوم بها عليهم مع توافر شرط حسن السير والسلوك.

وأوضح أنه من الوارد أن يستفيدوا من أمور أخرى في لائحة السجون مثل الافراج الصحي والسماح بالزيارات المنزلية والتي تصل إلى إجازة من السجن لمدة 48 ساعة بعد قضاء نصف المدة.

وتابع بأن معتقلي الجماعة الاسلامية استفادوا بعد مراجعاتهم الفكرية عام 2002 ميلادية من هذه اللائحة، كما يستفيد منها حاليا كل من عبود الزمر زعيم تنظيم الجهاد وابن عمه طارق الزمر حيث يسمح لهما باجازة يزوران خلالها المنزل.

يذكر أن الافراج عن أمير الجماعة الإسلامية كرم زهدي بعد 22 عاما في السجن والقيادي ممدوح علي يوسف ومعهما ألف عضو آخرين، تم في سبتمبر عام 2003 بعد أقل من عام من المراجعات الفكرية التي أطلقتها الجماعة باسم "سلسلة تصحيح المفاهيم".

ونفى الزيات علمه أن يكون زعماء "الجهاد" في المعتقلات المصرية حصلوا على ميزات من هذا القبيل حتى الآن، وفي مقدمتهم د.فضل ونبيل نعيم وأنور عكاشة. ويقضي فضل عقوبة السجن المؤبد لاتهامه غيابيا عام 1999 في قضية "العائدون من ألبانيا" وقد سلمته اليمن للسلطات المصرية عام 2004 حيث كان يعمل هناك طبيبا وجراحا في مستشفى مأرب منذ عودته من أفغانستان عقب خلاف حاد مع الرجل الثاني في تنظيم القاعدة د.أيمن الظواهري وتخليه عن جميع مناصبة الادارية والشرعية في جماعة الجهاد ، حيث كان أميرا ومفتيا لها.

وسبقه القيادي نبيل نعيم الذي يقود أكبر فصيل لتنظيم الجهاد داخل السجون، في محاولة وضع مراجعات، لكنه لم يستكملها بسبب معارضة بعض المجموعات لعدم أهليته العلمية والشرعية. وينفذ حاليا عقوبة السجن 15 عاما لاتهامه في قضية طلائع الفتح عام 1993. أما أنور عكاشة فينفذ عقوبة السجن المؤبد في قضية تنظيم الجهاد الكبرى عام 1981.


3 آلاف معتقل جهادي

يذكر أن أيمن الظواهري سلم قيادة التنظيم في مصر لنعيم عام 1984 عند مغادرته إلى السعودية ثم باكستان وأفغانستان. ويتراوح عدد المعتقلين من الجهاد – حسب منتصر الزيات – ما بين الفين وثلاثة آلاف شخص.

ويشير الزيات إلى احتفاء بوثيقة د. فضل يفوق ما كان عليه الحال عندما أعلنت الجماعة الاسلامية مراجعاتها، فهناك صحف تنشرها حاليا على حلقات، وهناك اعلانات وبرامج بشأنها في عدة قنوات تليفزيونية.


وقال فضل في وثيقته "انني لم أدع الولاية على أحد، ولا ألزم أحدًا بقولي باسم السمع والطاعة للقيادة، فهذا شيء لا وجود له، وإنما أنا مجرد ناصح وناقل علم وأطالب المسلمين بطاعة الدليل الشرعي لا بطاعتي، لأنه وإن لم يكن بيني وبين من أخاطبهم في هذه الوثيقة إلزام بالولاية والقيادة، فإن بين المسلمين جميعهم إلزاما أعظم من ذلك وهو النزول على ما دل عليه الدليل الشـرعي الذي هو قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم".

وكان د.فضل غادر مصر عام 1981 قبل اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات رغم أنه كان بين المتهمين فيها، ويحمل رقم 190 في قرار الاتهام، وصدر الحكم عليه غيابيا بالبراءة. وهو أحد مؤسسي مجموعة المعادي التي تعتبر النواة الأولى في تنظيم الجهاد، وتكونت على يد أيمن الظواهري.

وورد اسم فضل في قضية "العائدون من البانيا" عام 1998 باسمه الحقيقي "سيد امام عبدالعزيز الشريف" وعرف عنه انزواؤه لتحصيل العلم الشرعي حتى أنه كان يتفرغ له تفرغا شبه تام لدرجة جعلته معزولا تماما عن الآخرين خلال وجوده في بشاور وأفغانستان، ويحظى باحترام كبير في أوساط الحركات الجهادية بسببه مرجعيته العلمية الشرعية الكبيرة.

وهو صعيدي من مواليد مدينة بني سويف عام 1950 وحفظ القرآن الكريم صغيرا في أحد الكتاتيب، وبعد حصوله على الثانوية العامة بتفوق التحق بكلية الطب جامعة القاهرة وتخرج في عام 1974 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ثم تخصص في الجراحة العامة وعمل نائبا بقسم الجراحة بكلية طب قصر العيني
* عن العربية نت
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 05:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/51129.htm