المؤتمر نت - هشام سعيد شمسان -
تكنيك"الذاكرة"في ديوان الأحفاد للمذحجي
الذاكرة، والأحفاد، هي الإطلالة الشعرية الرابعة للأستاذ التربوي عبدالملك المذحجي سبقتها: المقاومة والأحفاد، وحوار الأحفاد، وأيلول والأحفاد.
وتقوم أغلب نصوص هذا الديوان على تقنية الاستدعاء الحر، أو ما يسمى بـ"تكنيك" الذاكرة التي يجعلها الشاعر وسيطاً بين فكرة اللغة، والمنظور الشعري القائم على مرتكز تربوي محض، جعله الشاعر بؤرة تحكميّة، وجوهرية للمساق الكتابي كله؛ ابتداءً من ( أيلول والأحفاد)، وانتهاءً
بـ( الذاكرة 2007م)...

إلا أن أهم ما يتميز به هذا الديوان هو تعالق الحركة الشعرية القائمة على تكثيف صوت الذاكرة:
" كنا نعيش في سجنْ واسعْ
لا نُزارُ ، لا نزورْ
الراديو محرمةْ
والعودْ والمزمارْ مجونْ
البنطلونْ ثوبْ النساءْ
بعض الرجال لا يلبسونْ
كان السفرْ على الحمارْ
أيامْ لياليْ يرحلونْ.. (إسأل).
فهذا السرد الشعري الدقيق للتفاصيل لا يتأتى إلا من تمسك اللا وعي برفضه الإنكاري ، لفكرة الإقصاء، واختصار الحياة؛ فانكشفت كل هذه المعاني على حضور الذاكرة بصورة استدعاء حر، مناوئ للماضي، وتتغذى – في ذات الوقت- على ممكنات المستقبل:
" من يعيدْ يأتينا فارسْ
منطلقْ مثل السهامْ
داعياً زيلوا المتاريسْ
ازرعوا الأرضَ سلامْ
يعلو الصوتُ صارخْ
الدماءْ صارتْ حرامْ
بالنظاْم قانونْ وحارسْ
بالقضاْ عيدوا الوئامْ
أسسوا للعلمْ مدارسْ
اُرفضوا عهدَ الظلامْ ( الثأر).

لقد "قامت قراءة الشعر – هنا – على الاعتراف بحضور الأشياء".. وهكذا يكون لشكل الثقة والإحالة في نصوص هذا الديوان نزعات تفاؤلية غايتها المستقبل ،والمستقبل الحاضر،؛ لمقاومة الثقافة البالية، والزِّراية بالعادة التي تنتهك الحرية الإنسانية، وتسلب آدميتها تحت مفاهيم تتخذ من العُرف، والدين، والقبيلة غطاءً لها؛ كما هو موضوع هذا النص الذي تُسرده الذاكرة، على نحو قصصي ، يبدأ بـ( ثأر قديم) متسلسلاً آثاره إلى الأبناء، والأحفاد، وينتهي بحلم ( الفارس ) الغيبي ( الرمز).

مع ملاحظة أن تناولات الشاعر – في جميع ما يكتب – تكاد تكون واحدة من حيث الهم الذي يُعطي أولوياته للإنسان، والوطن ، والدعوة إلى العيش قريباً من مكاسب الحضارة، والعقلانية والتقدم؛ متخذاً من "الأحفاد" رمزاً، أو علامة موضوعية لفكرة القوة الاجتماعية المحركة للبناء، والنماء.

ومما تميز به هذا الديوان أنه جمع ما بين الموضوعات التي سبق تناولها في الدواوين السابقة، بل إن كثيراً من النصوص تتشابه في منتجاتها للأفكار، والمخيلات، والسرد اللغوي وتمثيل الواقع ، وهو ما سيجعل من الدواوين القادمة، مجرد حشد للمعاني وتبديد للشعرية التي لا تحفل بالقيمة، إن هي سارت وفق هذا الافتراضية، الأمر الذي ننبه إليه بقوة حتى لا تتحول الكتابة لدى الشاعر – مستقبلاً -إلى مناطق عرض ومناظر يفكك انتماءات الشعرية لديه.

الديوان صادر عن مركز عبادي للدراسات والنشر 2007م ؛ و يقع في (178) صفحة ،قطع متوسط، ويتألف من (40) نصاً.

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 08-مايو-2024 الساعة: 09:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/51284.htm