الخطابات الفارغة والصراعات الداخلية وانقلاب حماس وراء فشل إخوان الأردن في الانتخابات ارجع الكاتب والمحلل السياسي د احمد أبو مطر الهزيمة المدوية والسقوط المريع للذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن (جبهة العمل الإسلامي) في الانتخابات البرلمانية الأردنية الأسبوع الماضي إلى نضالهم الخطابي الفارغ من أي معنى والخلافات والتصفيات التنظيمية الداخلية فضلا عن التخوف الشعبي من تطبيقات حماس في قطاع غزة ، مؤكدا أن هذه السقوط المدوي لا يقل دويه عن التصريحات ذات الطابع العنتري على (الفاضي والمليان) التي دأبت عليها بعض قيادات الإخوان. وقال د.أبو مطر إن المتتبع لمسيرة الإخوان المسلمين في الأردن منذ إعلان حزبهم السياسي باسم (جبهة العمل الإسلامي) في الثامن من ديسمبر لعام 1992، يلحظ أنهم اعتمدوا أسلوب الخطابات البلاغية في غالبية بياناتهم وتصريحاتهم، متأثرين بنفس الخطابات الحماسية التي اعتادوا عليها في مهرجاناتهم الجماهيرية ومسيراتهم التضامنية واعتصاماتهم الاحتجاجية التي من الصعب إحصائها، لأنها كانت مقررا أسبوعيا على المواطن الأردني والنداء دوما (للشرفاء في هذا الوطن) أن يشاركوهم المهرجانات والمسيرات والاعتصامات ، مشيرا إلى أن الإخوان جعلوا من الشرف والعفة والطهارة والإيمان والإخلاص والتقوى والنزاهة مرهون بهم وبعناصرهم فقط. ولفت أبو مطر إلى ابرز تلك الخطابات الفارغة التي (عندما تذهب السكرة وتأتي الفكرة) لا يجد المستمع أية أفكار منها، كخطاباتهم عن (وقف خصخصة القطاع العام) . وقال "هذا مطلب رائع ومهم ولكن كيف يمكن ذلك؟ هذا السؤال لا تجد له جواب في كافة أدبياتهم وبياناتهم وتصريحاتهم اللاحقة، فهم قد ألقوا بمطلب يناسب حاجة الجماهير، أما كيفية تطبيقه ومدى قابلية الاقتصاد الأردني لذلك، فذلك ليس من اختصاصهم فمسؤوليتهم إلهاب مشاعر الجماهير الغفورة وتحقيق تلك الشعارات مسؤولية غيرهم. ومن ضمن تلك الخطابات الفارغة للإخوان والشعارات المهيجة للعواطف كما أورد الكاتب ما أطلقوه حول (خفض الأسعار) وقال أبو مطر في مقال تحليلي نشره موقع إيلاف "هذا مطلب غالبية الشعب ولكن ما هي الخطط لذلك، فلم يقدموا وصفة واحدة وأجهل شخص في علوم الاقتصاد يعرف أن رفع الأسعار أو خفضها مرتبط بالموازنة العامة والدخل القومي ونسب الاستيراد والتصدير لأساسيات الحياة اليومية في أي مجتمع، فلا يكفي أن أطلق هذا الشعار بدون الدراسات المطلوبة لتنفيذه. كذلك خطاباتهم عن (ضرورة تغيير منهجية تشكيل الحكومات الأردنية حتى تتفق مع الروح الديمقراطية الشورية) ، حيث أشار الكاتب إلى أنها مشكلة جديدة تحتاج لمتخصصين للفرز بين الديمقراطية والشورى وهل الديمقراطية هي الشورى، وما الفرق بين الديمقراطية الغربية والشورى الإسلامية و أيهما يناسب مجتمعاتنا العربية في مطلع القرن الحادي والعشرين؟ مؤكدا أن هذه الخطابات الفارغة والشعارات المهيجة للعواطف فقط ملّ منها الشعب الأردني، خاصة أنه يربط ذلك منذ تأسيس حزب الإخوان بتلك الشعارات التضامنية الخطابية مع باكستان وأفغانستان وضحايا إعصار كاترينا وشجب مسابقات ستار أكاديمي وغيرها . ولم ينسى الكاتب معاتبة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وذراعهم السياسي الضارب (حزب جبهة العمل الإسلامي) أنهم في الأسابيع القليلة الماضية لم يتفاعلوا مع أحداث مصيرية ولم يصدروا أية بيانات أو تصريحات بخصوصها، ومنها اعتصامات وإضرابات الرهبان في بورما (باينمار) المطالبين بالديمقراطية وإنهاء الحكم العسكري، والتعزية بعشرات اللاجئين الصوماليين الذين غرقوا قبل أسبوعين على سواحل اليمن وأغلبهم من المسلمين الفارين من العنف في بلادهم بحثا عن الحرية والأمن في بلاد النصارى الأوربيين ، و أيضا تناسوا مطالبة الفريق برويز مشرف الرئيس الباكستاني للتخلي عن قيادة الجيش، وعدم التعزية في العشرات من الشهداء الذين سقطوا في التفجير الذي استهدف موكب السيدة المسلمة بنازير بوتو يوم الثامن عشر من أكتوبر الماضي لدى عودتها إلى وطنها من المنفى الذي تعيش فيه منذ سنوات. وتطرق الدكتور أبو مطر إلى ما شهدته ولا تزال جماعة الإخوان المسلمين في الأردن من خلافات داخلية حادة أدت إلى انسحاب أو تراجع بعض القيادات المهمة في الجماعة فضلا عن الخطاب المتشنج لبني إرشيد امين عام الحزب وتحامله على القبائل والعشائر الأردنية واتهامها بالجهل والتخلف، والذي أسهم –كما يقول الكاتب - في نفور قطاعات واسعة من الشعب الأردني من خطابه وطريقته مما جعله سببا أساسيا في هذا السقوط الانتخابي للجماعة وقال "الحديث عن الخلافات الداخلية التي أدت إلى عدم تصويت أنصار الجماعة لبعض مرشحيهم وانكفاء نسبة منهم عن المشاركة في الانتخابات نكاية ببعض مرشحي الجماعة لم يعد سرا، وقد سئل عنه نائب المراقب العام للجماعة جميل أبو بكر فراوغ في الإجابة واعتبره مجرد تباين في الآراء رغم تأكيده على " أن هناك في صفوفهم تباينات وانتقادات حول بعض الترشيحات . وأشار الدكتور مطر إلى أن التخوف الشعبي من تطبيقات حماس في قطاع غزة مثل عاملا أساسيا لخسارة الإخوان وسقوط نوابهم خاصة أن تيارا معينا في الجماعة، جعل من جماعتهم الأب الشرعي لحركة حماس وهي مولودتهم الشرعية الوحيدة وقال "بعد انقلاب حماس العسكري في قطاع غزة كانت ممارساتها القمعية التي ما زالت مستمرة لا تختلف عن أية ممارسات تعقب أي انقلاب عسكري في دمشق وبغداد تحديدا، حيث قمع المظاهرات والتجمعات المناوئة بقوة السلاح الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى إلى حدّ منع صلاة الجمعة في الساحات العامة، وتطهير تنظيمي لكل من ينتمي لحركة فتح، وتفجير بعض مقاهي الانترنت، والعثور على العديد من النساء والفتيات مقتولات في البساتين بعد الإعلان عن ظهور (جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) دون أية إدانة من حماس وحكومتها الهنية، و اعتقال العديد من قيادات فتح والكتاب المعروفين مشيرا إلى أن "تلك الاعتداءات التي وقعت ليس مجرد تجاوزات وانتهاكات، بل تحولت إلى ممارسات متعمدة لفرض نظام شمولي واستبدادي على شعبنا في قطاع غزة" . وأضاف د.مطر "إن المواطن الأردني مهما كان مشغولا بالهم الداخلي، لا يمكن أن تغيب هذه الممارسات الظلامية الجاهلية عن وجدانه في حالة فوز جماعة الإخوان المسلمين، خاصة أنه لم تصل جماعة إسلامية للحكم في دولة إلا وصاحب ذلك القتل والموت والتعسف والتخلف والعودة لما قبل عصور الجاهلية، كما حدث في أفغانستان في زمن طالبان وفي إيران في زمن الملالي وهذه الفوضى القاتلة التي تشيعها الجماعات المدعية للإسلام في العراق وباكستان والجزائر والمغرب، لذلك كان تصويت الشارع الأردني ب (لا) لهذه الجماعة لأنها مهما ادعت الحكمة والوسطية فهذا هو أسلوب (تمسكن حتى تتمكن) . مبينا أن تراجع نسبة الأصوات التي حصل عليها أعضاؤها الخاسرون الستة عشر والفائزون الستة قياسا بعدد الأصوات التي حصلوا عليها في انتخابات عام 2003 تظهر أن خسارتهم هذه عائدة أيضا للوعي الجماهيري بخطورة هذه الجماعة وتخلف فكرها ورجعيته، فليس كل من وضع في اسم حزبه صفة إسلامية أصبح في مستوى هذا الإسلام. وكشف د.أبو مطر في سياق مقالة التحليلي حقيقة شعار جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وهو (إن لم نفز فالانتخابات مزورة). مشيرا إلى أن الجماعة استمرت في نفس أسلوبها بعد خسارتها تلك وهو أسلوب الاتهامات الغوغائية بتزوير الانتخابات دون أن تقدم دليلا ماديا واحدا، وإنما حججا وذرائع لا يقبلها أي عقل ولا يمكن أن تكون سببا لنجاح مرشح أو سقوطه. ودعا الدكتور أبو مطر جماعة الإخوان المسلمين للاستفادة من درس السقوط المدوي وذلك بالعودة لمنطق العقلانية والوسطية والبعد عن التشنج الذي مارسه صقور الجماعة بدون أية مبررات سوى الرغبة في الصراخ والظهور النجومي التلفزيوني بالإضافة إلى التوقف عن ظاهرة المسؤولية الإلهية الشرعية حول كل ما يجري في العالم ودسّ أنوفهم في كل أمور الكون من باب تكليفهم الإلهي بذلك، والتركيز على الشأن الأردني عبر دراسات موضوعية لكل مظاهر الخلل أيا كان وهذا من مسؤوليتهم وحقهم الديمقراطي وليس الشرعي الإلهي. كما حث الجماعة على التوقف عن التزلم لأنظمة إقليمية مقبورة أم ما زالت موجودة في السلطة، وفك الاشتباك بين الجماعة في الأردن وحركة حماس في قطاع غزة. |