المؤتمر نت - ما أن يأتي يوم الذبائح حتى يقوم الأطفال بالتجمهر على سطوح المنازل يوقدون النيران على أكوام من الرماد المرشوشة بمادة "الجاز" وسط بهجة وفرحة حول تلك المشاعل التي تنور القرى والعزل وتضفي عليها روانق وبهاء وجمال، وكأن البيوت عرائس تزف ويفرقعون أصابع الطمش والمفرقعات الصينية الضوئية، وهم يرددون

المؤتمرنت - عارف الشماع -
العيد في المحويت .طقوس تحملك الى زمن الطفولة
الاحتفال بالعيد في محافظة المحويت له ذوق خاص ومميزات ينفرد بها عن غيره من المناطق اليمنية الأخرى من حيث المظاهر الاحتفالية والطقوس والعادات والتقاليد القديمة التي لا زالت تحتفظ بنكهتها الخاصة المتوارثة عن الآباء والأجداد مع وجود بعض المظاهر الجديدة أضفت على القديمة بهاء ورنق وجمال، يجعلك تحس أن هذه الطقوس وليدة اللحظة.

عادات وتقاليد تعود بذاكرة الكثير إلى الوراء وإلى أيام الطفولة البريئة وتجعلك تقارن بين الأمس القريب واليوم الحاضر.

حفلات ومباهج فريدة تقام أيام العيد في المحويت تجعلك تحس بالنقاهة والراحة النفسية، وخاصة عندما ترى الأطفال وهم يحييون طقوس العيد بأساليبهم الخاصة.

المؤتمرنت أراد أن يعايش أيام العيد في المحويت من خلال هذا الاستطلاع:

*الاستعداد للعيد .
يبدأ مواطنو المحويت في الإعداد المسبق لاستقبال عيد الأضحى المبارك بشراء الملابس الجديدة وحاجيات العيد من المكسرات والزبيب والحلوى، بينما تكون ربات البيوت قد قمن بتوفر (الكعك والكيك والمقصقص، والبيتفور)؛ حيث يتم العمل من قبل العيد بأيام قليلة.

كما جرت عادة الناس أن يقوموا قبل العيد بترميم المنازل وطلاء المنازل القديمة بمادة (النورة، والجص الأبيض) حتى تبرز بشكل جميل ومظهر لائق وكأنها لبست حلة من حلل العيد.
وتقوم ربات البيوت بتنظيف المنازل وفرشها بأجمل ما لديهن من مفروشات جميلة تضفي على المنزل حلة جديدة وبهاء ورونق بمناسبة العيد، وتقوم النساء بتخضيب بناتهن بالخضاب والشيذر.

*ليلة العيد
ما أن يأتي يوم الذبائح حتى يقوم الأطفال بالتجمهر على سطوح المنازل يوقدون النيران على أكوام من الرماد المرشوشة بمادة "الجاز" وسط بهجة وفرحة حول تلك المشاعل التي تنور القرى والعزل وتضفي عليها روانق وبهاء وجمال، وكأن البيوت عرائس تزف ويفرقعون أصابع الطمش والمفرقعات الصينية الضوئية، وهم يرددون:
ياعيد الليل ياعيداه ياعيد الليل يا مشاعيلاه
وآخر:
ياعيد عيَّد بالحجر واسقي بلادي بالمطــر
وإذا خمدت النيران وبدأ الليل بالهدوء والسكون يجتمع الاطفال ويجوبون شوارع القرية وسط هتافات يطلقونها بفرحة قدوم العيد..

*صباح العيد
ما إن تبدأ أول بارقة ضوء في صباح العيد يقوم الجميع لأداء صلاة الفجر، ثم يلبسون ملابسهم الجديدة مع الحفاظ على الزي اليمني الأصيل حتى من الأطفال، ويرشون على ملابسهم أفخر أنواع العطور والطيب، وبعد ذلك يتوجه الأب وأولاده إلى (الجبّانه) أي (مصلى العيد)، بينما تبقى النساء في البيوت لتطييبها بالعود والبخور، وتهيئتهم لاستقبال الزائرين من الأقارب، وعند الانتهاء من صلاة العيد يقوم الأبناء بالمعايدة على والدهم ووالدتهم بتقبيلهم في (الركبتين)، وهذا التقبيل يعبر عن معاني الخضوع والطاعة والحب من الأبناء لآبائهم وأمهاتهم.
ويبدأ الجميع بالمعايدة على كل من يلتقي به من أقرباءه بقولهم (من العايدين، عادكم الله من السالمين)، وآخر (عادكم الله كل عيد) وعادكم الله من الحجاج الغانمين..

*زامل العيد
الجبانة يجتمع فيها ابناء كل القرى المجاورة لأداء صلاة العيد، وبعد الصلاة يتم فيها التبادل بالتحايا والسلام والمعايدة، وعند خروج الناس من بيوتهم إلى (جبّانة العيد) ينشدون (زامل العيد) المشهور:
يالله طلبناك وأنت خير من تطلبه
فتاح يا رزاق قاضي كل حاجة ودين
وآخر:
يالله يافك العسر يامن لك الحلات
دليتنا إلى كل صايب أنصر زعيم الحق
الذي شاعت له الرايات بحق مجرى السحايب
وغيرها من الزوامل التي تضفي على العيد في محافظة المحويت نكهة تراثية بديعة.
ويرجع الناس بعد الصلاة لزيارة أقاربهم، ثم الخروج للصيد و"النشان" (بالكندا، أو الشيكي، والجرمل، والآلي) وغيرها من الأسلحة النارية لتعليم أولادهم الـ(نشان).

*أيام فرائحية:
جرت العادة في محافظة المحويت باستمرار مباهيج واحتفالات العيد لعدة أيام، وتستمر حتى عاشر يوم العيد.
ويبدأ من ثاني أيام العيد الخروج جماعياً من كل القرى برفقة (الطاسة والمرفع) وهم يرددون الزوامل والهتافات العيدية المختلفة، ويذهبون إلى مكان معين للنزهة والبرع وممارسة هواية (النشان) بالبنادق، وهم يرقصون الرقصات الشعبية، مرددين الزوامل الآتية:
ياالله بسابل مطر على طلوع القمر
كما بلادي عقر تزرع غصون دانية
ياخبرتي يا رجال ياشياطين النصال
ياصادقين الفعال في يوم عيانية
وآخر:
يا مسلمين يا عباد الله أنا الهايم أنا الذي تحت شباك الحبيب نايم
أصبر تصبر على نفسك وإلا موت إلى متى صبر هذا العاشق الشفلوت
لوما يبيضين حمامات الهوى ياقوت والبير تصبح معاير والحصم نبوت
والبر يولد سمك والبحر يرزع توت أو يجمع الله ما بين الظبي والحوت
وإلا يجي من خريمة زيت أبو حانوت هذا وزيّد قليله لا قدك مبخوت
وآخر:
أنت يا قشر يا حالي لقمّوك في الدلالي
طلعوك المناظر سكبوك في الصياني
شربوك الرجالي شربوك الرجالي
وإذا أتى ضيف يستقبلونه استقبالاً جماعياً في ساحة واسعة مرتصين كأنهم بنيان مصطحبين الطاسة والمرفع يتقدمهم الأعيان والمشائخ والوجهاء، ثم يقوم المستقبلين باصطحاب الوافدين إلى (الساحة) (المكان الذي يقوم فيه مباهيج العيد) وهم ينشدون الزوامل المعبرة عن الترحيب الحار بالضيف منها:
يا مرحبا بالضيف ذي جانا يرحب عدد ما تمشي أقدامه
يرحب عدد ما الرعد يترنم ما حن مرعد يسقي أوطانه
وبعد وصولهم يتم تقديم القهوة والشاي والعصير، وهكذا تتم مراسيم الاستقبال وسط أجواء فرائحية بهيجة..

لعبة المدرهة:
من مباهيج العيد أن الشباب لابد أن يجهزوا لعبة شعبية فريدة تسمى بـ(المدرهة) أو (الأرجوحة) وهذه اللعبة تكاد تكون خاصة بموسم الحج؛ حيث يقوم أهالي القريب بتركيب وإصلاح المدرهة قبل أيام العيد للتغني عليها بالحجاج والمسافرين، وأثناء تجمهرهم يقومون بترديد أصوات غنائية جميلة تسمى (مفرد المدرهة) أو (البالة)، وغالباً ما يطلع فوق (المدرهة) شخصان من ذوي الأصوات الغنائية التي تجيد فن (البالة) الشعبية، ويرددون مثل هذه الأبيات:
أيها الطير الذي جوزتنا
وإن سالك بالنبي إنك تقف وترسي
بينما أفعل لي جواز في جناحك وأغزي
وآخر:
يا مدره يا غبي لا ترخي الحبالي
وابتلع حبل السلب باتبدل له ثاني
باتبدل بالسره والأحجاز جمالي
وآخر:
يا حجر في السائلة شاعمرك ديواني
باعمرك مفرج جديد شامخ الأركاني
وداخله فرخ الحمام شي أبيض وشي ريشاني
وداخله كمن بطل متسلحين سلطاني.
وآخر:
يا طريق الشام وأنبتي حنان وأنبتي حناء شطب منقش البنان
وحاجنا عادة صغير طالب الغفرانِ هو قاصد الله والنبي وما طلب شي ثاني
وآخر:
ألا يامجمل ياكريم ألا يالله الجمالة جمل على المدرهين واكتب السلامة
وآخر:
وقط طلعنا المدرهة وفي حساب رحماني
وفي حسان واحد كريم هو خالق الإنسان
ذي خالق الليل والنهار والشمس والأقماري
ألا يا بن آدم يا ضعيف لا تعصي الرحماني
بايدخلك بين التراب واللحد والأكفاني
آخر:
لا يابن طالب يا علي ذي سيفك الفقاري
ذي سيفك المطلي ذهب مدمر الكفاري
آخر:
وحجنا واحجاجنا معيدين في مكة
معيدين عند النبي متلمسين بالكعبة
ويا صلاة على النبي يا من سمع يصلي
آخر:
يا حمامة عرفة حومي وحومي
وأطلعي راس الجبل وأحذري تنومي
يا حمامة عرفة حسنها الوهاجي
أطلعي راس الجبل وأنظري الحجاجي
آخر:
يا مُعيّد في منى خِيرت الأعيادي
يا مخيم في منى ذكركم شجاني
آخر:
يا مودي حاجنا حاجنا اليماني
حاجنا جاهل صغير حافظ القرآني
أو حاجنا شايب كبير طالب الغفراني
آخر:
قد طلعنا المدرهة أرخى الحبالي
وحجنا سار يحج هو طالب الغفراني
هو قاصد الله والنبي وما قصد شي

*لعبة الجمل
كما يضعون (جملاً) من رجلين أو ثلاثة يتشكلون على هيئة جمل فيصعد شخص ويركب فوق ذلك الجمل، ثم يردد أصواتاً ملحنة يسمونها (مغرد الجمال) وقد يكون ذلك الشخص غير راكب وإنما يمشي وهو ماسك بزمام الجمل المصنوع، ثم يردد هذا المغرد ومن أبياته:
يا مسافرين يا ليتني معاكم لزادكم وألا لشرب ماكم
مسافرين الله يعين سفركم والله يعين الغصن اللي معاكم
مسافرين مساكم الكواهل أما الرجم عاد الحبيب جاهل
سوق الجمال ماعادنيش جمال كلّت جنوبي من بزوز الأحمال
ياليتني جمال بعد سودي وأفلتك يا ناشر الجعودي

وهكذا هي طقوس واحتفالات العيد في محافظة المحويت، وجميع مديرياتها الجميلة التي يتوافد إليها السياح الأجانب والمحليين لقضاء إجازة العيد وسط الخضرة والجمال الإلهي البديع الذي يكسو محافظة المحويت كغيرها من مناطق اليمن السعيد.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 10:37 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/52196.htm