جمعان: خططنا لم تستثني أحد.. ويمكن أن نأخذ بالتجربة الماليزية بعد الانتخابات المحلية التي شهدتها اليمن في سبتمبر 2006م صعد رجل الأعمال الشاب أمين محمد جمعان إلى موقع الأمين العام للمجلس المحلي بأمانة العاصمة.بحماس كبير نحو التجديد والتغيير وتقديم الخطط المدروسة لإظهار وجه جميل –كاد يخفى- للعاصمة صنعاء.. المكان الذي اختلط فيه عبق التاريخ بقساوة الجغرافيا وتنامي المدنية بظهور النافذين.. المكان الذي تنمو فيه الأحزاب والصحف والمستولين والمستثمرين والجامعات والبطالة .. ومن بين تلك العوامل استطاعت أمانة العاصمة أن تشق طريقاً نحو بناء عاصمة أكثر بهجة وجمالاً ونظافة و.. و.. ولا يزال المشوار مستمر. والمتابع لهذا الحوار مع الشاب القيادي أمين جمعان يجده يردد كثيراً مفردة (دراسة وخطة) ومرد ذلك إلى البيئة الاقتصادية التي عاش فيها، والتعليم الذي تلقاه جعله لا يقدم على شيء إلا بعد دراسة جدوى وإعداد خطة للتنفيذ، وأخرى بديلة. ولفتني في منزل ومكتب جمعان حرصه الكبير في بهرجة المكان باللوحات التشكيلية والمقتنيات الأثرية والأشجار والسجاد وغيرها. وفي هذا الحوار نتطرق لأكثر من قضية: البساطين والباعة المتجولين، وتنظيم حركة النقل والحواجز الأمنية والإيرادات المالية للعاصمة والكهرباء والمعوقات.. - تقومون بحملة لمنع بسطات الأرصفة والباعة المتجولين.. لماذا في هذا التوقيت؟
- ما هو الهدف من هذه الخطوة؟
- بصراحة أكثر.. هناك من يعتقد أنكم مدفوعون من تجار كبار متضررين من البساطين والباعة المتجولين؟
ونحن نريد أن تكون لنا بصمات في إيجاد البدائل لهؤلاء الناس، وفي الحقيقة أرى أن هؤلاء الناس يستطيعون إيجاد بدائل لأنفسهم، وهناك جمعية خاصة بهم يمكنها أن تنظم عملهم. - بالتنسيق معكم؟
- بلدية العاصمة الماليزية "كوالالمبور" فعلت ما فعلتموه أنتم الآن، لكنها خصصت أسواقاً شعبية أسبوعية، مثلاً يكون (التحرير) سوقاً ليوم الأحد، ومنذ الصباح الباكر يمنع دخول السيارات فيه، ويحضر كل البساطين والمتجولين إلى التحرير فقط،والخميس يكون سوق لشارع (هائل) والسبت (للصافية).. وهكذا..
- لماذا لا تنفذونها؟ * لماذا لا.. هذا كمقترح يمكن أن يطرح للنقاش، وكحلول مبدئية ليس عندنا أي مشكلة، وفق دراسات معينة يمكن أن ننفذها ونسخر بعض الشوارع لهؤلاء الناس يوماً في الأسبوع، لكنني لا أزال أرمي اللوم والعبء الكبير على القطاع الخاص في هذه القضايا، فهذا هو توجه الشركات والاستثمارات والقطاعات الخاصة، لماذا لا يأتي بعض المستثمرين الذين يهمهم المنظر الجمالي للعاصمة في إيجاد البدائل، أنا متأكد أن بعض المستثمرين والشركات عندهم أراضي ومساحات فارغة في مديريات العاصمة، لماذا لا يشغلوا هذه المواقع في خدمة وتوفير العمالة، وهم مستفيدون في استثمارها بالاتفاق مع قيادة العاصمة، وليس عندنا أي مانع، وهذا نوع من إيجاد الحلول والبدائل من قبل القطاع الخاص الذين أتمنى منهم البدء في التفكير بمشاركة فعالة في العاصمة واليمن عموماً، وأن لا ينحصر اهتمامهم في الربح السريع فقط. وأطالب بشدة القطاع الخاص أن يسهموا مساهمة فعالة في بناء المجتمع بشكل صحيح، فهم عندهم القدرة والإمكانيات والنظرة الحقيقية في هذا المجال. - في طريقي إلى هذا الحوار قابلت أصحاب المحلات المهددة بالإزالة فوجدت مثلاً (الأكشاك) المجاورة لمدخل جامعة صنعاء مهددة بالإزالة، مع أن هذا الوضع شاهدناه في أكثر من دولة عربية مثل مصر والسعودية، لأنه هذه الأكشاك توفر خدمة كبيرة للطلاب.. جامعة صنعاء فيها 100 ألف طالب وطالبة، وهم بحاجة إلى الكتب والقرطاسية والصحف والمجلات وأقرب نقطة بيع هي الأكشاك أو شارع العدل.
- متى سيكون هذا؟ وأصحاب الأكشاك يقولون إنهم مهددون بالإزالة خلال يومين؟
الاستهداف هو خمس مديريات وهي صنعاء القديمة ، الصافية ، التحرير ، معين ، شعوب وإنشاء الله سنتواصل مع جامعة صنعاء لعمل حل سريع لمشكلة الأكشاك بحيث لو تم إزالتها تكون هناك بدائل فورية . -هناك مشكلة في العاصمة أكبر من مشكلة البساطين وغيرهم وهي مشكلة الباصات من يستقل باص من حدة إلى الحصبة مثلاً يجد أربع إلى خمس نقاط جباية فيها عصابات تأخذ على السائقين عائدات بدون أي وجه قانوني ؟
-هذه عصابات؟
نحن لدينا خطة لتنظيم حركة سير هذه الباصات ، وبقدر ما هناك سلبيات هناك إيجابيات ، الباصات تخدم سكان العاصمة كثيراً كثيراً . وعندنا خطة لحل هذه المشاكل وتوريد هذه المبالغ بصورة صحيحة طبقاً لقانون السلطة المحلية لتنظيم موارد النقل فعندنا الآن أفكاراً جديدة طرحت بدلاً من هذه المهزلة سيكون هناك لاصق لكل باص أن يزاول المهنة خلال سنة كاملة دون أن يتعرضوا لشيء في الفرزات والمواقف ، وهذا سينظم ويحفظ الموارد كاملة ، وسيمنع الابتزاز للناس . - المواقف نفسها عرفت أنها مؤجرة لنافذين ؟
- في مسألة الحواجز والسواتر الأمنية شكوت أنت منها كثيراً؟
- هي أصبحت موضة لتجار ومشائخ ومسئولين وغيرهم ؟
- الناس ينظرون للعاصمة على أن فيها معظم تجار الجمهورية وأكبر المراكز والمحلات التجارية .. والسؤال أين تذهب إيرادات العاصمة من ضرائب وواجبات ورسوم تحسين ؟
في عام 2007م حققنا موارد أكثر وفي هذا العام نطمح إلى تحقيق موارد أكبر وعندنا إصلاحات كثيرة في جانب الموارد ، ونحن لا ننكر أن معظم مواردنا مهدرة بسبب عدم تواجد الآلية الصحيحة، أو الكادر المناسب لتولي هذه المهمة، التي هي عصب عمل المجلس المحلي، والمجلس كلما ارتفعت موارده زادت التنمية فيه . -قصدت بالسؤال في أي المجالات تصرف هذه الموارد ؟
- أقصد صرفها ؟
- هناك معلومة لا أعرف مدى صحتها أن ما يتسلمه المجلس المحلي من رسوم التحسين في فواتير الكهرباء في العاصمة يصل إلى (500) مليون ريال شهرياً ومع هذا نجد مثلاً الحدائق منعدمة والموجود منها بمساحاتها الشاسعة نصفها تراب .
وكما ذكرت أنت المجالس المحلية معنية بخدمة المواطن وترفع مستوى معيشة هؤلاء الناس في مجالات كثيرة: الصحة والتربية والمتنزهات والحدائق وتوفير الطرقات والإنارة وسيكون كل ذلك أفضل خلال هذا العام بإذن الله. - اعتقد أن هناك تقرير للبنك الدولي يقول أن في العاصمة اليمنية (200) ألف بيارة و(13) ألف بئر كلها عشوائية وبدون خارطة توضح مواقعها وحذر البنك من سقوط العاصمة في هاوية .
وعندنا خطة لإزالة هذه البيارات ، وقد حصل بسببها أكثر من مصيبة، ونحن نعترف بهذا، ولكن لا نرمى مسئولية على أمانة العاصمة فقط بقدر ما هي على المواطن لأنها (ثقافة)، فالمواطن يحب الحفاظ على ممتلكاته بشكل كبير، وألا ما المانع إذا حفر البيارة وسط الحوش وعمل كل الاحترازات الأمنية، بدلاً من الحفر وسط الشارع وتعريض الناس للخطر . ولدينا مخطط لكل البيارات الموجودة ونعرف أين هي في كل موقع وكل شارع . - لماذا لا يتبني المجلس المحلي في العاصمة فكرة شراء مولدات كهربائية عملاقة على الأقل لإبقاء وجه البلاد دون ظلام وانطفاء .
-لكن هذه وجه البلاد ؟
وهناك أمور بسيطة مثل المشاريع الاجتماعية(مثل المتسولين) وغيرها وهنا نقول أن دور القطاع الخاص مفقود ، والمشكلة هي مشكلة الناس كلهم، وليست مشكلة الحكومة فقط . - أشد على رأيك في القطاع الخاص .. وفي عدد كبير من دول العالم يلزم يدفع مثلاً 1 % لصالح التنمية المحلية.
ونريد أن تكون هذه المساهمات أكثر وأكثر لأنها تحل قضايا مدينة يعيش فيها مليوني نسمة . - منذ توليكم مهام أمانة المجلس المحلي في العاصمة ما أبرز المعوقات التي تواجهكم . * هذا سؤال لغم، لكن صدقني نحن في القطاع الخاص تعودنا العمل المؤسسي وهو أهم طرق النجاح في الإدارة، وهذا القطاع نجح في الإدارة بإيجاد الكادر الصحيح أولاً، ثانياً مرونة العمل ، ثالثاً الإجراءات. الإجراءات التي نمر بها في أمانة العاصمة لا أقول أنها تعجيزية، لكنا مملة وطويلة ولا تخدم المصلحة العامة ولا مصلحة العمل ، وهذا هو الفرق بين القطاع الخاص والعام ولدينا خطة في أمانة العاصمة لإعادة هيكلة العاصمة مالياً وإدارياً، وعندنا إستراتيجية واضحة لحل مشكلة التوصيف الوظيفي . بحيث نسهل إجراءات عملنا في العاصمة وهذا مشروع طموح لنا ونتمنى الوصول إلى مستوى راقي مثل دبي وعمَّان وغيرها من المدن العربية. وندرس الآن موضوع الحكومة الإلكترونية وعندما نطرح مثل هذا الموضوع كثير من الناس يضحكون، لكن إذا لم نطمح بأشياء كهذه فلن نحقق أي شيء. وأطالب كل الجهات الرسمية وغير الرسمية أن يكون لها بصمات في المشاركة وأقول إن نجاح المجالس المحلية أو فشلها يعود إلى تعاون المواطن بالدرجة الأولى، خاصة وأن مبادرة رئيس الجمهورية تتطرق إلى ما هو أكبر، إلى حكم محلي، بدلاً من سلطة محلية .
|