|
زوار كربلاء يعبرون عن حزنهم في عاشوراء قتل نحو 97 شخصاً، بينهم العشرات من اتباع جماعة «جند السماء» الشيعية التي تؤمن بظهور وشيك للامام المهدي خلال مواجهات في جنوب العراق، بالتزامن مع احياء ذكرى عاشوراء. كما اصيب 217 واعتقل اكثر من 100. واعلن مصدر في شرطة الناصرية، «مقتل 18 مسلحا على الاقل في المواجهات منذ الجمعة، فيما اصيب 12 واعتقل 25». واضاف ان اثنين من عناصر الشرطة قتلا صباح امس، بنيران قناص في حي الصالحية المحاصر وسط الناصرية»، مؤكدا «اصابة 55 شرطيا وجنديا بالمواجهات». واكد «اعتقال اثنين من القناصة اعمارهم 14 عاما فقط». واشار الى «حسم المعركة في الناصرية مع الجماعة المتطرفة (...) فقد حاصرت الشرطة الحسينية التي يتحصنون داخلها واشتبكت معهم فقتل من قتل وفر الاخرون». وتابع ان «لدى محاولة الشرطة الدخول اكتشفت ان الحسينية مفخخة (...) فتم استدعاء فريق مخصص لتفجيرها وتم العثور على كتب ومنشورات تحض اتباعهم على العمل ضد الحكومة». واعتقلت القوة «معاون قائد العمليات في الجماعة والمدعو ابو منتظر». واعلن عزيز كاظم علوان، محافظ ذي قار، كبرى مدنها الناصرية، انتهاء المعركة مع المسلحين الذين وصفهم بـ «الجماعة الضالة». وقال ان «الجماعة داهمت مقر فوج التدخل السريع واعتدت على المواكب الحسينية ظهر الجمعة، بحجة ظهور الامام المهدي وان احمد اليماني زعيمهم سيكون وصيا له من خلال صيحة مدوية اثناء ليل العاشر من محرم في مكان ووقت محددين لخروج الامام المهدي ليلتقي اليماني». وفي البصرة، قال اللواء عبد الجليل خلف شويل قائد الشرطة ان «الجماعة المتطرفة تكبدت مقتل 30 من اتباعها في حين تم اعتقال 72 اخرين خلال المواجهات منذ الجمعة». واكد «مقتل سبعة من عناصر الامن بينهم ضابط شرطة برتبة عقيد واصابة عشرة اخرين من الشرطة» مشيرا الى ان «الوضع الامني مستقر (...) وتم القضاء على جيوب المسلحين كافة». واندلعت المواجهات في البصرة والناصرية، في وقت واحد بين قوات عراقية والجماعة التي تؤمن بظهور وشيك للامام المهدي والتابعة لرجل دين يدعى احمد حسن البصري الملقب باليماني. ويؤكد مسؤول في البصرة، رفض الكشف عن اسمه، ان «اليماني يدعي قيام الحجة (المهدي المنتظر) في العاشر من محرم (عاشوراء) حيث يجب قتل العلماء والمرجعيات الدينية تمهيدا لظهوره». و«اليماني» لقب لزعماء جماعات تؤمن بظهور وشيك للامام المنتظر ويطلق عليها «المهداوية». يشار الى ان المعتقدات الشيعية تذكر رجلا «يمانيا» سيمهد الطريق لظهور المهدي. واشار المصدر الى ان «هذا الشخص ظهر مع جماعته للمرة الاولى في منطقة السهلة في الكوفة العام 2004 وتمكنت القوات الاسبانية انذاك من قتل اتباعه لكنه تمكن من الهروب الى البصرة. وعمل اليماني على ترتيب صفوف جماعته مرة اخرى خلال هذه الفترة في البصرة والناصرية. ويعمل على نشر افكاره من خلال موقع على شبكة الانترنت. وطبقا لمصادر امنية في البصرة، يدعي البصري انه السفير او النائب الخامس، للامام المهدي المنتظر. ويؤمن الشيعة الاثنى عشرية ان المهدي، وهو الامام الثاني عشر، سيظهر في اخر الزمان «ليملأ الدنيا عدلا بعد ان ملئت جورا وظلما» على ان يسبق ظهوره بروز عدد من سفرائه تمهيدا لذلك. ويعتقد اتباع الشيعة بوجود نواب اربعة للامام المهدي المنتظر، وهم ابو جعفر محمد بن عثمان الاسدي والامام عثمان بن سعيد الاسدي الخلاني (والد محمد بن عثمان) والشيخ ابو القاسم حسين النوبختي وابو الحسن علي بن محمد السمري الذين تتوزع مراقدهم في اماكن متفرقة في بغداد. يشار الى ان المراجع الاربعة، او «السفراء» وفقا للمفهوم الشيعي، كانوا نواب الامام المهدي المنتظر ابان فترة «الغيبة الصغرى» التي استمرت سبعين عاما قبل حلول «الغيبة الكبرى» التي لا تزال مستمرة منذ القرن الحادي عشر حتى الان. واختفى الامام الثاني عشر لدى الشيعة الجعفرية محمد، عندما كان لا يزال في السادسة من عمره (عام 878 ميلادية) وهو نجل الامام الحسن العسكري الذي توفي عام 874 ميلادية. وكانت جماعة دينية مسلحة تطلق على نفسها «جند السماء» ظهرت تقريبا في التاريخ ذاته من العام الماضي في منطقة الزرقة قرب النجف حيث اشتبكت مع القوات العراقية والاميركية. واسفرت الاشتباكات انذاك عن مقتل نحو 300 شخص من الجماعة بينهم قائدها الذي ادعى بانه سفير الامام المهدي فضلا عن اعتقال اكثر من 500. وتحمل الجماعة التي ظهرت في البصرة والناصرية الافكار ذاتها. وفي كربلاء، عبر مئات الالاف من الزوار الشيعة المشاركين في احياء ذكرى عاشوراء، امس، عن حزنهم الكبير لاستشهاد الامام الحسين بن علي، بواسطة اللطم على الصدور وضرب الرؤوس بالسيوف والابدان بالجنازير. وتشير تقديرات اعلنها مسؤولون محليون الى مشاركة اكثر من مليوني شخص في مراسم العاشر من محرم في كربلاء حيث تجوب حشود كبيرة من النساء والرجال والاطفال يرتدي معظمهم اللون الاسود الشوارع المحيطة بمرقد الامام الحسين طوال الليل والنهار. وانتهت بعد الظهر مراسم «الزيارة». وتجمهر الالاف حول مرقدي الحسين والاخ غير الشقيق العباس (وسط كربلاء)، فيما بدأت الطبول تقرع ومكبرات الصوت تروي مأساة الامام عبر مناسك خاصة بهذه الذكرى. ويمثل «التطبير»، ضرب الرؤوس بالسيف، ذروة ما يمارسه المشاركون في المواكب الحسينية التي تستمر طوال الايام العشرة الاولى من شهر محرم، تاريخ مقتل الامام الحسين. ومع بزوغ الفجر، انطلقت حشود ومواكب تمارس طقوس «التطبير» التي تقضي بان يضرب الرجال اعلى جبهاتهم بالسيوف او سكاكين كبيرة، وذلك للتماهي مع الالم الذي اصاب الامام في مثل هذا اليوم. وعلى وقع الطبول واصوات حزينة تروي كيف قتل الامام، يواصل هؤلاء التطبير وتتدفق الدماء تعبيرا عما اصاب الحسين وعائلته في موقعة الطف، في حين يراقب اخرون يذرفون الدموع هذا المشهد. ويقول حسن، احد المشاركين في هذه الطقوس، «اطبر نفسي وفاء لامامي الحسين» واضاف الشاب الذي تغطي الدماء ثوبه «اريد ان ابكي بدمي بدل الدموع لمصاب الامام». وتستمر طوال الايام العشرة الاول من شهر محرم طقوس حزينة تبلغ ذروتها اليوم الاخير احياء لذكرى مقتل الحسين، قرب كربلاء عام 680 ميلادية. ومنذ موقعة الطف، اصبح الحسين الذي سقط في معركة غير متكافئة رمزا للشجاعة والتضحية لدى الشيعة من اجل تحقيق العدالة والتصدي للظلم والطغيان. ويؤكد علي صادق، احد المشاركين في التطبير، وهو مهندس من كربلاء، ان «الدماء التي تغطينا اوسمة على طريق الجنة» واضاف وهو يبتسم رغم الجرح على جبهته والدماء التي تسيل منه، ان «روحي فداء للحسين». وغصت ساحة الحرمين التي تفصل بين مرقد الامام الحسين والعباس وسط كربلاء بالاف المشاركين الذي رددوا «حيدر... حيدر»، في طقوس استمرت ساعات طوال النهار. والامام علي بن ابي طالب، الذي يطلق عليه الشيعة اسم حيدر الكرار ايضا، من اهم الرموز عند الطائفة الشيعية. ويوضح محمد حسين، احد القائمين على المواكب الحسينية، ان «الناس يمارسون هذه الطقوس لانهم يشعرون بانها تمنحهم السعادة والراحة، هذا ليس من الممنوعات». وكان العلامة السيد محمد حسين فضل الله، اعلن ان «التطبير يسيء الى الاسلام باعتباره يجعل من ذكرى عاشوراء مناسبة لتعذيب النفس وجلد الذات». لكن هذا الامر يعتبر اختلافا في وجهات النظر بين المراجع الشيعية رغم ان غالبيتهم لم تتطرق الى تحريم هذه الطقوس. في الوقت ذاته، انتشرت المئات من سيارات الاسعاف في الطرق الرئيسية في كربلاء، خصوصا قرب ساحة الحرمين. وقال قائم مقام تلعفر نجم عبد الله، ان 7 اشخاص على الاقل قتلوا واصيب نحو 20 بسقوط صاروخ «كاتيوشا» بينما كانت الحشود تغادر مكان التجمع فور انتهاء عرض سيرة مقتل الامام الحسين. وفي كركوك، قال العقيد عدنان رشيد، ان عبوتين ناسفتين موضوعتين قرب حسينية الرسول الاعظم جنوب المدينة انفجرتا صباح امس في وقت متزامن، استهدفتا المحتفلين بذكرى مقتل الامام الحسين ما أسفر عن مقتل شاب وطفل وإصابة 7 بجروح بينهم أب وابنه. |