المؤتمر نت -
عبدالله ناصر بجنف- -
العلا قات اليمنية الأسبانية وآفا ق تطورها
في رسالة وجهها أحد القادة العرب في القرن الثامن إلى الوالي العباسي عندما انبهر بجمال وطقس الأندلس فقال: طقس الأندلس مثل طقس اليمن وروعة اليمن وبدورنا تقارنه بالطقس السياسي الايجابي والقواسم المشتركة التي تجمع الشعبين الاسباني واليمني .
أسبانيا بلد الأندلس والتي امتزجت بها حضارة العرب منذ الوجود العربي في القرن الثامن والتي استمرت حتى القرن الخامس عشر والتي شهدت خروج العرب منها معلنة انهيا ر دولة الخلافة.
لكن اسبانيا اليوم تتميز عن بقية أوربا بقربها من هذا الامتزاج الحضاري والتاريخي والذي أسهم في تكوين الشخصية الأسبانية على مدى (800) عام هو فترة الوجود العربي في الأندلس وما زالت العديد من المواقع الجغرافية تحتفظ باسمها العربي وهذا دليل على عمق هذه الروابط كما إن قرب أسبانيا جغرافيًا من دول المغرب العربي يجعلها تحتل مكانة خاصة استراتيجياً وسياسياً واقتصادياً باعتبارها البوابة الأوربية الجنوبية التي تتفاعل مع القضايا العربية.
لقد شهدت اسبانيا أحداث مأساوية تمثلت في الحرب الأهلية بين عامي 1936 و1939 خلفت وراءها الدمار والتشتت وهي بداية حكم دكتا توري قاده فرانكو لمدة أربعين عاماًَ حتى وفاته في عام 1975, بعدها بدأت أسبانيا تكتب تاريخها الحديث بعودة الديمقراطية إلى شعبها بعد حرمان دام لسنوات طويلة أما الانطلاقة لدولة الحداثة والانتعاش الاقتصادي، فبدأ بعد انضما مها للاتحاد الأوربي في نوفمبر عام 1988.

وفي الوقت الحالي تحتل أسبانيا المرتبة الثامنة في الاقتصاد العالمي وهي تشهد أقوى نمو بين دول الاتحاد الأوربي، أما سياحياً فتحتل المرتبة الثانية عالميا.

وحسب الإحصائيات التي صدرتها وزارة الصناعة والسياحة فقد زار أسبانيا في عام 2007م أكثر من 59 مليون سائح بنسبة زيادة مليون سائح مقارنة بالعام 2006.

يقوم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بزيارة رسمية إلى مملكة اسبانيا من اجل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وكذلك الاستفادة من الخبرات الأسبانية من اجل الدفع نحو المزيد من التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين الصديقين وخاصة الدور الهام الذي تلعبه أسبانيا أوربيا وعالميا في ظل الحكومة الحالية للحزب الاشتراكي العمالي بقيادة "خوسيه لويس سا باتيرو" والذي جاء إلى الحكم في مارس 2004م وخاصة بعد العمل الإرهابي الإجرامي الذي نفذته القاعدة في العاصمة الأسبانية مدريد وراح ضحاياه العشرات من الأسبان الأبرياء وكيف شاهد العالم حكمة الشعب الاسباني في التعامل مع هذا الحدث الذي هز المشاعر في العالم خاصة وان اغلب الشعب الأسباني خرج إلى الشوارع في مظاهرات رافضة للتدخل العسكري في العراق وكيف اسقط بصوته في انتخابات مارس 2004 البر لما نية الحزب الشعبي اليميني المحا فظ بقيادة "خوسيه ما ريا اسنار" احد أقطاب لقاء جزيرة "أسوريس" البرتقالية لشن العدوان على العراق، هذه الحرب المد مرة التي مازالت نيرها تحرق الأخضر و اليابس مخلفة العديد من الضحايا اغلبهم من المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ.
إن السياسة الأسبانية الحالية تتسم بالتوازن تجاه القضايا المستجدة في الساحة العالمية وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني. وقد كان لمدريد دور هامٌ في المسا همة من اجل التوصل إلى حل نهائي تقر للحقوق المشروعة للشعوب في تقرير مصيرها واحترام المواثيق الدولية المتعارف بها, كما إن لأسبانيا دوراً هاماً في تعزيز امن واستقرار لبنا ن بعد الاعتداءات الأخيرة والتي تمثلت في الاجتياح الإسرائيلي.

إن زيارة الرئيس اليمني لأسبانيا تكتسب أهمية خاصة حيث تأتي بعد افتتاح السفارة الأسبانية في صنعاء بحضور السيد "ميجيل انهيل موراتنينو" وزير الخارجية الأسباني واحد خبراء الشئون العربية من خلال تحمله مهمة المبعوث الأوربي للشرق الأوسط سابقا ورفع الثمثيل الدبلوماسي اليمني في مدريد, كما شهد عام 2007 زيارة وزيرة الزراعة الأسبانية إلى اليمن والتوقيع على العديد من الاتفاقيات والتي ستسهم في تعزيز هذه العلاقات نحو الأفضل كما إن أسبانيا تحتل مكانة هامة في خارطة الاقتصاد العالمي ولديها خبرات هامة في مجالات الطاقة والسياحة والثروة السمكية والزراعة والصناعات الدوائية ممكن أن تستفيد منها اليمن كما إن السياسة الخارجية الأسبانية تتطابق مع توجهات الأمم المتحدة في احترامها للمواثيق الدولية و رئيس الوزراء الأسباني "ساباتير" هو احد دعاة حوار الحضارات مع كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة السابق ورئيس الوزراء التركي "أردوغان" وأسبانيا مقتنعة بان لا سبيل للمواجهة بين الشرق و الغرب وان الصوت الوحيد الذي سينتصر في النهاية هو الحوار بين الدول والشعوب لمواجهة مخاطر التطرف والإرهاب والعنف. واليمن بدورها تشاطرها هذا الرأي وخاصة وأنها عانت كثيرا من الإرهاب والعنف منها ما حدث في شهر يوليو من هذا العام وفي ذروة الموسم السياحي والذي تمثل في الهجوم الإرهابي في مأرب والذي أدى إلى مقتل السواح الأسبان الأبرياء الذين قدموا إلى اليمن للتعرف على هذه الأرض وأهلها ، هذا العمل الإرهابي هز مشا عر الشعبين الاسباني واليمني وفي نفس الوقت لاقى إدانة واسعة لأنها استهدفت الجميع وكل محبي السلام والتعايش وقد أبدت الحكومة اليمنية منذ اللحظات الأولى تعاونها الأمني مع الحكومة الأسبانية وهذا ما يثبت بان الإرهاب هو عدو الجميع وسبل مواجهته تتم بالتنسيق وقوة الإرادة والتصميم من اجل اقتلاعه إلى الأبد والدليل على هذا التعاون تمثل في التوقيع على اتفاقية لنقل الأشخاص المحكوم عليهم بين البلدين وقع عليهما وزير الخارجية الأسباني مجيل "موراتينو" والقائم بأعمال سفارة اليمن في مدريد السفير عبدالرحمن محمد الكمراني والذي أسهم بدور فعال في تعزيز هذه الروابط بين البلدين منذ توليه مهام السفارة في مدريد.

و منذ عام 2003 شهدت خلالها هذه العلا قات نشاطاً وحيوية تبا دل فيها البلدان العديد من الزيارات وكذلك التوقيع على عدد من الاتفاقيات.

وتأتي وزيارة الرئيس اليمني ستفتح آفاقاً رحبة نحو توسيع هذه العلاقات في تمكين رجال الأعمال الأسبان من الاستثمار في اليمن في العديد من المجالات أهمها قطاع الطاقة والسياحة و كذلك فتح الأسواق بين البلدين وخاصة ونحن نعيش في عالم متجدد تزول فيه الحواجز ومفتاح التقارب بين الشعوب هو الاعتراف المتبادل بالأخر واحترام التنوع الثقافي وان يكون القاسم المشترك هو التعاون لما فيه مصلحة الشعوب.
وتزامنا مع زيارة الرئيس اليمني سيقام الأسبوع الثقافي اليمني في مدريد حيث ستكون فرصة مناسبة للأصدقاء الأسبان التعرف عن قرب بالموروث الحضاري والثقافي والفني لليمن مما ستساهم في التقارب بين الشعبين الصديقين.

هذا العام هو عام العلاقات الاسبانية اليمنية حيث ستدشن مرحلة جديدة في تعزيز الروابط في كافة المجالات حيث سنشهد مشاركة يمنية في المعرض الدولي للسياحة في مدريد في الفترة من 30 يناير حتى 3 فبراير كما يجري التحضيرات لمشاركة اليمن في المعرض الدولي للمياه والذي سيقام في مدينة سرقسطة الأسبانية في هذاالعام .
*اسباني من أصل يمني

[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 03:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/53530.htm