بقلم الدكتور محمد عبد الملك المتوكل -
المؤتمر السري للديمقراطية وحقوق الإنسان
دعيت من قبل الأمم المتحدة للمشاركة في لقاء يعقد في الأردن لمناقشة تقرير الأمم المتحدة لسنة 2005م عن التنمية في الوطن العربي.. وهناك -وفي الأردن- علمت عن طريق الزملاء المشاركين من غير اليمن في اللقاء- بأن مؤتمراً دولياً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان سوف يعقد في صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية. وتصورت أن جهلي بالمؤتمر ناتج عن غيابي الطويل عن الساحة. وحين عدت من عمان اتصلت بعدد من قيادات المعارضة اليمنية وإذا بهم لا يعلمون شيئاً عن المؤتمر ولا استبعد أن أغلب قيادات المؤتمر الشعبي للحزب الحاكم لا تعلم شيئاً عن هذا المؤتمر.
أنه لمؤسف، ومحزن، ومخزٍ أن يتغير العالم كله من حولنا ونحن لا نتغير، نظل صغاراً والعالم يكبر. ونظل جهلاء والعالم يتعلم، ونظل متخلفين والعالم يتقدم ونظل نكره الآخرين ونرفضهم والعالم ينفتح ويستقطب.
إن القائمين على الإعداد لهذا المؤتمر من المحليين يذكروننا بالمثل اليمني. "جني زقم فرسكة" أنه مؤتمر دولي يشارك فيه الاتحاد الأوروبي ويتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وأصحابنا يتعاملون معه بالعقلية التقليدية للأجهزة الأمنية غير مدركين أي جناية يجنونها على سمعة اليمن. وبدلاً من المكسب الدولي الذي تجنيه اليمن قيادة وحكومة شعباً من اختيار الساحة اليمنية لعقد المؤتمر بتحول المؤتمر إلى لعنة على سمعة اليمن وأهله.
هؤلاء الذين يستعينون على أمورهم بالكتمان وإقصاء الآخرين، ويتصورون أنهم يمسكون بالدجاجة الذهبية للأسف لا يفكرون أبعد من أنوفهم غير مستوعبين بأن المؤتمر هو مؤتمر للديمقراطية وحقوق الإنسان. وأي ديمقراطية هذه التي تستبعد أحزاب المعارضة الأساسية من المشاركة في الإعداد للمؤتمر والمشاركة في فعالياته، وأي حقوق للإنسان حين تبعد قوى سياسية تشكل جزء من النظام العام للدولة؟ هل من الحكمة أن تأتي المعارضة اليمنية عن طريق الاتحاد الأوروبي بدلاً من أن تأتي عن طريق الجانب اليمني؟ هل من الحكمة أن يعقد مؤتمر للديمقراطية، والمعارضة الممثلة في أحزاب اللقاء المشترك غير ممثلة فيه؟ كيف يتصور "جن الفرسكه" انطباع الضيوف المشاركين عن الديمقراطية اليمنية في غياب المعارضة؟ وكيف يتصورون الحال لو المعارضة– وأرجو الله ألاَّ تفعل حماية لسمعة الوطن- قررت إصدار بيان ووزعته على أعضاء المؤتمر ووكالات الأنباء شرحت فيه كيف استبعدت من المشاركة في الإعداد وبالتالي، ترفض المشاركة في الفعاليات، أو شاركت في الفعاليات بردة فعل فنشرت الغسيل.
إنكم بمنهجكم العاجز عن التطور والنظر إلى البعيد تسيئون بحسن نية أو بسوء نية إلى اليمن قيادة وحكومة وشعبا ويصدق عليكم قول تعالى:
"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".
كان الأحرى بكم أن تستوعبوا الأبعاد السياسية للمؤتمر، وأن تقوموا بدعوة المعارضة وقيادات من المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان للمشاركة في كل خطوات الإعداد والاتفاق معهم على القضايا التي تطرحها اليمن لكل قواها وفئاتها، وبشكل خاص القضايا المتعلقة بالعلاقات الدولية وبما يجري في المنطقة العربية والإسلامية وعلاقته بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والموقف من المحكمة الجنائية الدولية.. ومفهوم الديمقراطية، وحقوق الإنسان والمجتمع المدني. وبشكل عام ليس فيه تعرضٌ لممارسات محلية خاصة بهذا البلد أو ذاك. لا زلتم تعتقدون أنكم وحدكم الوطنيون والآخرون ليسوا أكثر من ذبابة تؤذي عين الأسد -على رأي عباس الديلمي- الذي نسي أن الله ضرب بها مثلاً لعجز الأقوياء أمام أضعف خلقه.
لم يعد هناك من سبيل لتلافي الخطأ سوى أن يأخذ الأخ الرئيس المبادرة – كعادته- ويدعو أمناء عموم الأحزاب المعارضة لمناقشة الكيفية التي ننجح بها المؤتمر ونعمق ثقة الآخرين في اليمن وأهله خدمة لسمعة اليمن بكل أبنائه وفئاته.
والله من وراء القصد.

نقلاً عن صحيفة الشورى
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/5355.htm