المؤتمر نت -

إميل أمين* -
الولاء لـ "إسرائيل" مفتاح السباق للبيت الأبيض
“عندما حضر احتفالا أقامته منظمة يهودية عام 1958 في الذكرى العاشرة لقيام دولة “إسرائيل” ألقى السيناتور الشاب خطابا يؤيد فيه “إسرائيل” ويهاجم ادعاءات العرب في أن السلام في الشرق الأوسط رهن بزوال “إسرائيل””.وقتها كانت إدارة ايزنهاور غير الصديقة ل “إسرائيل” تستعد للرحيل وجون كيندي يتهيأ لتولي السلطة بتقديم فروض الطاعة والولاء ل”إسرائيل” ومن كيندي إلى بوش الثاني سار الجميع على درب الولاء والوفاء لتل أبيب التي عرفت كيف تجعل من اللوبي المناصر لها أداة ضغط قل بل ندر ما تخيب بفعل ما تملكه من المال والرجال. ومن العام 1958 وحتى العام 2008 نصف قرن لم يتغير فيه المشهد كثيرا أو قليلا فالجميع يسعى للحصول على الرضا “الإسرائيلي” كباب دخول أولي للوصول إلى البيت الأبيض.

ولأن السباق يكاد ينحسر وينحصر في ثلاثة أسماء جون ماكين من الجمهوريين وباراك أوباما أو هيلاري كلينتون عن الديمقراطيين لذلك سنقصر الحديث عن ثلاثتهم دون التعرض لعلاقات المرشحين المنسحبين الآخرين من الطرفين.

يكتب جون ماكين مظهرا ولعا وشغفا غير عاديين عبر مجلة “الفورين افيرز” يقول: إنه في ضوء التهديدات المتزايدة ل”إسرائيل” من إيران وحزب الله وحماس وغيرهم فإنه على الرئيس الأمريكي المقبل أن يواصل الدعم الأمريكي الثابت ل “إسرائيل” بما في ذلك تزويدها بالمعدات والتقنيات العسكرية اللازمة وضمان احتفاظ “إسرائيل” بتفوقها العسكري النوعي.

وفي الإطار ذاته ينادي ماكين بقطع الطريق على “إيران النووية” ذلك لأن هذا من شأنه تهديد “حليفتنا “إسرائيل””، ولهذا كان من البديهي أن يعبر “مات بروكس” مسؤول الائتلاف اليهودي الجمهوري عن سعادته لسماع ماكين يعبر عما اسماه بالموقف الواضح حيال إيران عدوة “إسرائيل” اللدودة بالمقارنة مع مواقف هيلاري وباراك، وطبيعي أن يتصدر ماكين مشهد الجمهوريين على هذا النحو متقدما على منافسه هاكابي بشكل واضح.

ومن الجمهوريين إلى الديمقراطيين والحديث عن الصراع بين كلينتون وأوباما والتساؤل عمن سترجح كفته لا سيما في ضوء طغيان شخصية وجاذبية أوباما الذي تدعمه اليوم أسرة كيندي وتجاهر “سوزان ايزنهاور” حفيدة الرئيس الأمريكي المتحلل من عقدة السطوة “الإسرائيلية” بدعمها أيضا له عبر صفحات الواشنطن بوست، وفي هذا السياق فإن اللوبي اليهودي كان يضع نصب عينيه هذا السيناتور ذا الأصول الإفريقية والذي بات يمثل حلما أمريكيا للتغيير لا سيما إذا قدر له الوصول للبيت الأبيض. والشاهد أن أوباما بدا في الآونة الأخيرة مزايدا على المزايدين، إذ كان أول من تحدث عن الوضع في غزة حين بعث برسالة إلى السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد أثناء قيام مجلس الأمن الدولي بتناول الأوضاع في قطاع غزة طالب فيها بضرورة قيام مجلس الأمن بإدانة الهجوم بالصواريخ على الأراضي “الإسرائيلية” وأن تكون إدانة مجلس الأمن واضحة ومباشرة.

ليس هذا فحسب بل إن الرسالة ذكرت أنه في حالة رفض إصدار مثل هذه الإدانة فإن على المندوب الأمريكي أن يعمل على إجهاض أية أشارة من جانب مجلس الأمن لقطاع غزة.

والتساؤل: ما الذي جرى لتتحول مواقف أوباما عن سابقتها بنحو عشرة أشهر عندما تحدث في ولاية أيوا عن معاناة الشعب الفلسطيني؟ وما الذي جعل مواقفه تتحول بنسبة 180 درجة على هذا النحو؟

هناك بلا شك ما لا يعلن عنه من التحالفات التي جرت بين أوباما والقيادات اليهودية، وهناك ثمن من الولاء المدفوع مقدما، ذاك الذي يجعل ائتلاف “أدهوك” الذي يضم عددا من قادة اليهود في الولايات المتحدة يبذل جهدا دعائيا خاصا لمواجهة الحملات المناوئة لأوباما والتي وصفته بأنه مسلم ويشكل خطرا على الولايات المتحدة.

ويشير شلومو شامير مراسل صحيفة “هاآرتس” في نيويورك إلى أن قادة اليهود في أمريكا يظهرون رضا واضحا عن الدور الذي قام به أوباما في تحسين العلاقة التقليدية بين السود واليهود في أمريكا مما دعا أحد القيادات اليهودية للقول “إن وجود أوباما سواء فاز بترشيح حزبه أم لا، سيؤدي لاحقا لتزايد التضامن بين اليهود والسود”.

ويبقى حديث الإشارة إلى هيلاري كلينتون، والتي تعرض زوجها في نهايات أيامه كرئيس لنوبة غضب من بنيامين نتانياهو رئيس وزراء “إسرائيل” كادت تصل به للعزل، لولا أن الكونجرس بمن فيه من تيارات محافظة غير مخترقة صهيونيا اكتشف عمق الأزمة وحافظ على هيبة وكرامة الكرسي، وهيلاري نفسها تلقت درسا من اللوبي “الإسرائيلي” خلال حملتها الانتخابية للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ في عام 1999 عن ولاية نيويورك عندما عانقت قرينة الرئيس عرفات لولا صفقة عقدتها مع اللوبي “الإسرائيلي”، وكان ثمنها تعهدها بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس حال توليها الرئاسة، واعترافها بأن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة “إسرائيل” التاريخية والتي لا يمكن أو يجب تقسيمها. وانطلاقا من التزامها بأمن “إسرائيل” النوعي والكمي صوتت هيلاري بالموافقة على المعونات العسكرية ل “إسرائيل” بجانب مطالبتها بزيادة المعونات المدنية لاستيعاب المهاجرين القادمين من الاتحاد السوفييتي، وبانت جليا مكنونات صدرها تجاه “إسرائيل” في حرب تموز/ يوليو 2006 عندما صرحت بأن “إسرائيل” محاطة بدول سلطوية وديكتاتورية وأنها دولة ذات سيادة ومن حقها حماية أمنها بالهجوم على من يشكل تهديدا لأمنها القومي”.

ورغم العلاقات الوثيقة بين هيلاري و”إسرائيل” والتصريحات المتعددة السابقة عن دعم اللوبي “الإسرائيلي” لها، إلا أن قراءة المشاهد الأخيرة للسباق التمهيدي تشير إلى ما يشبه الانحياز من قبل الجالية اليهودية لباراك أوباما، الذي يمكن ملاحظته من خلال استضافة ثلاثة من كبار الجالية اليهودية هم “ستيفن سبيلبرج” و”ديفيد جيفن” و”جيفري كاتزبيرج” في حفلة لجمع التبرعات لعضو مجلس الشيوخ عن ولاية الينوي “باراك أوباما”، فضلا عن تدعيم رجل الأعمال اليهودي والبليونير الأشهر جورج سورس لحملته.

ولعل المشهد السابق يطرح تساؤلا: هل تحول الدعم اليهودي إلى اوباما وماكين؟ الإجابة لا تهم طالما بقي الفائز على ولائه ل “إسرائيل”، وربما لا ينبغي الحكم المبكر على رحيل هيلاري، غير أن تل أبيب تظل في الحال والاستقبال واحدة من أهم الشعائر والطقوس للولوج إلى المقعد الذي يحكم الجالس عليه العالم في واشنطن بتوكيل من تل أبيب وذلك لحين إشعار قطبي قادم.



[email protected]

*عن الخليج
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 01-ديسمبر-2024 الساعة: 12:06 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/54312.htm