المؤتمر نت - بتلك البدلة الزرقاء الغمقة الانيقة، ووسامة الوجه الذي زاوجته الابتسامة الوديعة، وهدوئه المعهود، مر في بواكير الصباح على كل فرد منهم، وتطلع إلى أنا ملهم وهي تحرك (الماوس) بين السطور، أو تمسك بسماعة الهاتف لأهمية عما يدور حولها.. حتى إذا ما اطمأنت نفسه من أن كل شيء يسير على ما يرام عاد إلى كرسي في مقدمة الصالة يراقب عن بعد، بينما كفه لم تفارق عادتها في الالتصاق بالحنك فاردة السبابة والإبهام.. ومن حينها لازمهم كما ظلالهم كما لو كان قد أؤتمن على كنز ثمين.
بقلم-نزار العبادي -
وزير يمني يخطف الأضواء الأوروبية
ببدلته الزرقاء الانيقة، ووسامة الوجه الذي زاوجته الابتسامة الوديعة، وهدوئه المعهود، مر في بواكير الصباح على كل فرد منهم، وتطلع إلى أناملهم وهي تحرك (الماوس) بين السطور، أو تمسك بسماعة الهاتف لأهية عما يدور حولها.. حتى إذا ما اطمأنت نفسه من أن كل شيء يسير على ما يرام عاد إلى كرسي في مقدمة الصالة يراقب عن بعد، بينما كفه لم تفارق عادتها في الالتصاق بالحنك فاردة السبابة والإبهام.. ومن حينها لازمهم كما ظلالهم أو كما لو كان قد أؤتمن على كنز ثمين.
فمن كان لا يعرف أنه حسين العواضي- وزير الأعلام اليمني لظنه من بعض الإعلاميين المحتشدين في مركز المعلومات بالقصر الجمهوري يتابعون أخبار المؤتمر الإقليمي حول الديمقراطية وحقوق الإنسان.
حقيقة ما كان يدهشنا هو كيف لوزير أن يصبر طوال يوم عمل ممتد من أول الصباح وحتى منتصف الليل وهو في مكان واحد برفقة إعلاميين لارصيد لهم من الدنيا غير أقلامهم التي تتحول مهمتها في الأسبوع الأخير من كل شهر الى كتابة التزامات الديون.
بالأمس كان الوزير يتابع صعودنا للباصات المتوجهة إلى فندق سبأ للغداء، ثم تفقد المركز الإعلامي عله يكون قد فاته أحد من الإعلاميين، وبمجرد أن تحرك الباص سألتني إحدى المراسلات الفرنسيات التي كنت أساعدها بالترجمة عمن يكون الرجل ذو البدلة الزرقاء الواقف بجوار السائق ليرشده إلى خط سيره. فأجبتها:" إنه العواضي.. وزير الإعلام".
لم تتمالك نفسها من الدهشة، وسبقها السانها لسؤالي" حقا. تقصد أن الرجل الواقف هو وزير إعلام دولة اليمن؟" فوجدت نفسي أبتسم مجيبا: "نعم.. أنه الوزير بلحمة ودمه"
وعلى الفور التفتت للمقعد الخلفي- حيث بعض صاحباتها- قائلة بنبرة سريعة لإحدى الإيطاليات" وزير الأعلام بنفسه معنا في الباص" مشيرة بيدها إليه. فما كان من الإيطالية إلا أن همست بأذن صاحبتها التي بجوارها وسبابتها نحو الوزير. فلم تقتنع الأخيرة إلا بالنهوض والتحقق من الأمر بدقة، ثم قالت بفرح غامر " يا الهي..كم هم طيبون" ونادت إلى أحدهم تحدثه عن الأمر بلغة لم أتعرف عليها.. وعلى الغداء دار الكثير من الحديث مع مجموعة كبيرة من الأوروبيين عن مدى تواضع اليمنيين وكرمهم وبساطة حياتهم.. والكل مبهور بذلك.
لكنني- وحدي- من إعتصره قلبه، وابتلع تنهداته متسائلا مع نفسي: يا ترى ما الذي يمنع بعض وزرائنا أن ينزلوا إلى مستوى أبناء شعبهم، ويتفقدوهم عن كثب- كما فعل حسين العواضي- فيوجهوهم ويتحسسون عوزتهم، ويأخذون بأيديهم إلى حاجاتهم..!؟ لم يحاول البعض أن يقصي نفسه في عالم خاص حصين، يترفع فيه حتى عن رفع سماعة الهاتف بنفسه!؟ لقد رأيت مباعث الفخر والإعجاب بشخصية الأخ وزير الإعلام وهو يرتسم بحدقات الأوروبيين وغيرهم ممن عرف الرجل، ورآه طوال النهار بين جيئة وذهابا وسط حشود الإعلاميين بمختلف جنسياتهم وأجناسهم وأعمارهم. فيبتسم لهؤلاء، ويتحدث إلى أولئك، ويناول آخرين كتبا أو مطبوعات ،مما كان يوزع، حتى إذا اعتلى رئيس الجمهورية منصة الخطاب وجدنا الأستاذ حسين العواضي يجر له كرسيا وينضم إلى صفوف عشرات الإعلاميين الذين جعلوا أنفسهم في مكان قريب من الشاشة.. وفي المساء كان يوزع ( كروته) الشخصية للإعلاميين عسى أن يحتاجوه بشيء أو تعوزهم خدمة ما.
لاشك أنه كان رجلا بمعنى الكلمة، ووطنيا صادقا يجيد تحبيب بلده في قلوب الضيوف الوافدين إليها من شتى بقاع الأرض.. وحتما إنه كان الأقوى في إثارة إعجاب كل الإعلاميين في المؤتمر الإقليمي، والأجدر بأن يكون موضوع حديثهم، من أولئك الوزراء الذين لم يدركوا بعد أن التواضع والإخلاص، وصون الأمانة هي خصال الأقوياء الشجعان.. ومن المؤكد أن الجهد الذي بذله حسين العواضي أثناء المؤتمر لهو شجاعة متناهية، وأن حكومتنا الرشيدة فيها الكثير ممن يستحق وقفة الإكبار والإجلال.


تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 21-مايو-2024 الساعة: 03:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/5568.htm