المؤتمر نت - سالم باجميل
سالم باجميل* -
التوازن والعدل في المعالجات
ما كان أحد من أهل البصر والبصيرة في اليمن يود أن تصل الأمور بين الناس إلى ما وصلت إليه فعلاً من الاستياء، ولكن أهل السياسة على اختلاف مواردهم ومشاربهم لا يعدمون المبررات والذرائع لتسويق أقوالهم وأفعالهم النكرة والضارة بالناس والبلد، ومن هؤلاء لدينا الكثير ولا حسد.


بالأمس القريب نهض الآباء الكبار من الأحرار والثوار بأعباء الثورة العارمة ضد التخلف والاستعمار وتوحدت صفوف وكلمات اليمنيين في المواجهات السياسية والعسكرية وكان أن تحرر شعب اليمن من نظامي الإمامة الملكي والاستعمار البريطاني وانتصر انتصاراً مؤزراً في معارك الدفاع عن الجمهورية والاستقلال وتطلع إلى انجاز الوحدة والديمقراطية والديمقراطية وكان له ما أراد.


واليوم في ظل قبول قوى منظومة النظام الوطني الوحدوي بتوجهاته الديمقراطية بقضية الاختلاف في الرؤى والمواقف من أجل تطور وتقدم الوطن والشعب، يعز أن ينبري من بين الصفوف من يهدد ويتوعد بعودة عهود الاستعمار والتخلف والانعزال والتمزق والشتات والأدهى والأمر أن يجد له في الخطاب الوطني استجابة ما.


من البداهة أن يقال أن البعض من القوى والأفراد المحسوبين على قوى الثورة والوحدة والديمقراطية من الذين في نفوسهم مرض ما برح يحن ويترحم على الماضي وعوائده البائسة الأمر الذي نراه في الوقت الحاضر متجلياً في ممارسات طائفية مذهبية وانفصالية يعاني من ويلاتها الوطن والشعب والنظام.


إننا نصرح ولا نلمح أن هناك ضرورات وطنية تاريخية وعملية توجب على قوى منظومة النظام السياسي في الحكم والمعارضة انتهاج خطاب فكري، ثقافي، سياسي، وطني وديمقراطي يساعد الناس على التحرر الكامل والتام من مخلفات عهود الملكية الإمامية والاستعمار البائد، ويمهد أرضية المرحلة القادمة من تاريخ شعبنا المعاصر لإنماء مفردات خطاب الوحدة والديمقراطية من بناء صرح وئام أهل يمني مجيد.
لاشك أن هذا الفعل الوطني والإنساني لم ولن يتأتى إلا بإدراك واستيعاب القوى السياسية الفاعلة ان حرية القول والعمل ليست مفتوحة بلا حدود وإنما مطروحة من اجل تطور وتقدم الوطن والشعب، وان من واجبها عدم مسايرة او مهادنة قوى التخلف والاستعمار بأي حال من الأحوال من نافلة القول ان نشير بهذا الصدد ان المشتغلين بالسياسة والإعلام معنيون ان يتذكروا وان لا ينسوا او يتناسوا وهم في دورة الائتلاف او الاختلاف ان الإعلام الوطني له مهمة نبيلة وسامية تقوم على قاعدة الاضطلاع بدور متفرد ومميز في التبشير بقضايا التنوير وتبصير المواطن بحالة من حقوقه وما عليه من واجبات في المجتمع الذي يعيش فيه، الجدير بالذكر ان العلماء في السياسة والاجتماع يذكرون ان المواطن العارف بشؤونه خير من المواطن الذي يعمل وفق ظنونه، حيث أن المعرفة تخلق لديه استعدادا قويا في الذود عما يعلم مهما كانت التضحيات.
إن الإرادة هي في التحليل الأخير معرفة بالصواب وحسب، وإذا أمنت هذا الشرط المعرفي للإنسان وجد لديه الإرادة والتصميم على المعنى قدما عبر الدروب المعلومة والمجهولة بصبر وثبات حتى يصل ذات يوم إلى هدفه المرسوم
نريد ان نقرأ ونسمع ونشاهد خطابا سياسيا وإعلاميا يشيع روح المحبة والمساواة والعدل بين المواطنين في المجتمع الجديد. ماذا يمنعنا من جعل الإعلام والاتصال يسير في مسار الحرية والمسؤولية الوطنية بعيدا عن دروب الفوضى والعبث في البلاد.
الإنسان اليمني الجديد لديه توق شديد الى الحصول على معارف الخطاب الوطني الديمقراطي ولا يريد خطابا تحريضيا يقود الى التعاطي مع الاعتصامات والاحتجاجات على عماية ..خطابا يمارس التلبيس والتدليس على الناس ينضح بالغواية والتغير لجموع البسطاء، يخاطب ويحرك عواطفهم وغرائزهم ويحاول إلغاء عقولهم.
يخيل الينا ان الخطاب الوطني في ميداني السياسة والإعلام يبتعد شيئا فشيئا عن قضايا الوطن والشعب ويتقاعس عن الوفاء بمهامه الأساسية في المجتمع وينظر بلا وعي في وظائفه النبيلة السامية الأمر الذي نجم عنه وجود تشوهات واحتقانات غائرة في أوساط الناس والمجتمع تهدد الأمن والاستقرار وتتوعد الوحدة الوطنية بالتمزيق والتفرق.
مطلوب في هذا الوقت بالذات وجود خطاب وطني في السياسة والإعلام موضوعي عقلاني يقوم على أساس من قواعد التوازن والعدل والإنصاف في التعبير عن القضايا والأحداث في المجتمع ومساعدة الدولة في حماية الأرواح والممتلكات في الوطن من عبث العابثين.
آن الأوان أن تأخذ السياسة وكذلك الإعلام مواقعها الطبيعية في الخطاب الوطني الديمقراطي، وأن تمارس الدولة والمعارضة كل على حدة مسؤولياتهم في حماية الخيارات الوطنية والحضارية والمجتمع.
*عن السياسية
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 22-أكتوبر-2025 الساعة: 05:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/56048.htm