المؤتمر نت - نصر طه مصطفى
نصر طه مصطفى -
في البعد الاجتماعي لانتخاب المحافظين
أتفق تماما مع وزير الإدارة المحلية الأستاذ عبدالقادر هلال في أن البعد السياسي في عملية انتخاب المحافظين ليس البعد الأهم بل إن البعدين الاجتماعي والتنموي يتقدمان بمراحل على البعد السياسي الذي نحتاج كثيراً للتخفيف من تأثيراته على حياتنا العامة فقد كاد تسييسنا – حكماً ومعارضة – لكل شيء يفسدها تماماً،
فلم يعد هناك بادرة أو موقف أو إنجاز إلاّ ويجري تسييسه بصورة تبعث على الرثاء والغثيان معا... ومن ذلك ما حدث ويحدث مع قضية انتخاب المحافظين التي مهما شابها من نواقص حاليا فإنها خطوة كبيرة في المجال الديمقراطي، فللأسف لم نجد الأحزاب الرئيسية في البلاد تتعاطى معها إلا من البعد السياسي سواء كان ذلك بشكل مقصود أم لا، والكل يقيسها بحساب الربح والخسارة السياسيين وليس بحساب المكسب الوطني.
ودعوني أهمس في اذن قيادات المشترك بأن يتعلموا من الصديق والسياسي الدكتور محمد عبدالملك المتوكل شيئاً من مرونته وبعد نظره في التعاطي مع بعض القضايا – وليس كلها بالطبع – فقد كنت مترقباً لرأيه حول خطوة انتخاب المحافظين لأني كنت أتوقع أن يتعاطى معها بالترحيب باعتبارها أفضل من لا شيء وهذا يعني أن ترجيحه البعد الاجتماعي على البعد السياسي... وبالفعل فقد جاء مقاله المنشور في صحيفة (الشارع) السبت الماضي ليؤكد توقعي، فالرجل اعتبرها كذلك وطلب من أعضاء المجالس المحلية أن يمارسوا حقهم الانتخابي بجدية وأن يختاروا من يرون أنه الأفضل بغض النظر عن الانتماء الحزبي، ولم ينس – وهذا حقه بالطبع – أن يوجه انتقاداته اللاذعة للحكم في نفس المقال ربما من أجل قبول المشتركيين له، وليتهم قبلوه أو تعلموا منه بدلاً عن الموقف المتصلب في رفض الخطوة ومقاطعتها بحجة أن الانتخاب غير مباشر رغم أني أظن أنه حتى لو كان مباشرا فقد كانوا سيسردون فيه كل عيوب البغلة!
وعموما فأتصور أن من الضرورة بمكان أن يأخذ البعد الاجتماعي مداه لدى المؤتمر الشعبي العام كحزب حاكم في التعامل مع موضوع انتخاب المحافظين، ولذلك يجب أن يكون مرشحوه على مستوى عال من الكفاءة والفاعلية والوعي السياسي وأن يكونوا بحق محل رضا غالبية المواطنين في محافظاتهم... كما أن هذه الخطوة ستجهض تماما لو لم يتبعها فورا نقل الصلاحيات والاعتمادات إلى المحافظات كما أعلن الرئيس حين دعا لإنجازها... فإن لم يلمس المواطن انعكاسا إيجابياً مباشراً عليه منها فلا قيمة لها مطلقا خاصة إن وجد أنه سيظل محتاجا للذهاب إلى العاصمة لإنجاز أبسط مصالحه الروتينية والعادية... ذلك أننا – في الحكم والمعارضة على السواء – رسمنا صورة وردية للحكم المحلي في مخيلة المواطنين منذ تسعينيات القرن الماضي، وطالما وقد خطونا في إنجازها بالتدريج فإن من المهم وقد وصلنا إلى المرحلة التي تسبق الانتخاب المباشر أن نثبت كامل الجدية في تنفيذها بجميع استحقاقاتها وفي مقدمتها نقل الصلاحيات والاعتمادات إلى المحافظات وإعطاء المحافظين المنتخبين كامل الثقة لضمان نجاح التجربة.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 04:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/57222.htm