المؤتمر نت -

المؤتمرنت - الشرق الاوسط -
رابطة العالم الإسلامي تعقد مؤتمرا عالميا للحوار
تنظم رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وذلك في في الفترة من 4 إلى 6 يونيو (حزيران) المقبل. والرابطة تنطلق في تنظيم هذا المؤتمر العالمي للحوار من حرصها الأكيد على تعاون المفكرين والعلماء المسلمين وممثلي الأقليات المسلمة والجمعيات والمنظمات والمراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم، في إطار برامجها المتعلقة بالحوار مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات الإنسانية، لتحقيق التفاهم بين شعوب العالم. وينطلق هذا المؤتمر من أن الإسلام يمتلك الحلول لأزمات الإنسان اليوم، والأمة المسلمة بما تملك من تجربة حضارية رائدة قادرة على التعايش مع المدنية المعاصرة، وحراسة تطورها بأخلاقيات الإسلام وشرائعه: «..قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (المائدة:15 ـ 16). ولدى أتباع الأديان الأخرى رؤى لا يمكن تجاهلها تجاه التحديات المعاصرة، فهي تشترك مع المسلمين في تقديم الحلول لأزمات الإنسان والتحديات التي تواجهه، وهي تتقارب مع التشريعات الإسلامية أو تتباعد عنها، بقدر ما لديها من آثار الحق الذي آتاه الله من سبق من الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وأنزله في كتبهم. وكذلك الفلسفات الوضعية تمتلك بعض المشترك الإنساني، حين تنادى مؤسسوها إلى فضائل الأخلاق، واجتناب الرذائل والمشين من السلوك. وبالحوار المعمق يمكن للمسلمين أن يقفوا على كثير من المشتركات الإنسانية، وبالحوار يمكنهم أن يطوروا نقاط التقاطع مع هؤلاء وأولئك، لصياغة برامج عمل لا غنى للبشرية عنها، ولتقترب البشرية أكثر فأكثر من الهدي الرباني الذي يقدمه الإسلام حلولاً لهذه المشكلات، والذي يمتاز بالشمولية والواقعية، وبالتسامي على الهوى والأنانية والنزعات الاستعلائية بصورها العرقية والإقليمية. والحوار مع أتباع الأديان والفلسفات الوضعية في ذلك لا يعني تنازل المسلمين عن أحكام الشريعة الإسلامية. فبالحوار والتعاون مع الآخرين يمكن للمسلمين تطويق الكثير من إفرازات العولمة الوافدة بقوة إلى المجتمعات المسلمة، ولن يكون بوسع المسلمين وحدهم مواجهة طوفانها، ولا تحصين مجتمعاتهم من شررها المتطاير حولها. وبالحوار يمكن مواجهة القوى التي ما فتئت تحرض على الإسلام وتعتبره عدواً للحضارة المعاصرة وتستعدي عليه القوى المختلفة، فتنال تارة من مقدساته ورموزه، وتشكك أخرى في إنجازاته التاريخية وتجربته الحضارية الفريدة عبر الدعوة إلى صراع الحضارات من بعض المفكرين، مدفوعين بعُقد الكراهية والتشاؤم والأنانية والاستعلاء على الآخر. ومن الضروري أن نتفهم أن حاجة المسلمين إلى الحوار مع الآخرين لا تقل عن حاجتهم إلى الحوار مع المسلمين، فالحوار بالنسبة للأمة المسلمة امتثال لأمر إلهي: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» (النحل:125). فبالحوار يمكن تعريف العالم بالإسلام وحضارته، فلَكم سمع العالم عنه من أقلام وأفواه أساءت للإسلام عمداً، وآن أوان سماعه للمسلمين، فالحوار فرصة للتعريف والبلاغ الذي هو مهمة الأنبياء والمرسلين. ومن المسلم به أن الحوار أصيل في ثقافتنا، وتطبيقاته في القرآن والسنة أكثر من أن تحصى، فالقرآن أوضح أصوله ومبادئه ومعالمه، بل ومحظوراته، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم كان المثل الأعلى في ترجمة هذا النهج وتحقيقه، والدعوة اليوم إليه ليست ضرباً من الابتداع، بل استجابة لأمر قرآني واقتفاء لهدي نبوي. إن فقه المرحلة يتطلب وقفة جادة تدرس تجربة الماضي في الحوار، وتستشرف آفاق المستقبل، وترسم ملامحه بنقلة جذرية تقف فيها الأمة المسلمة على سابق تجاربها، فتستلهم العبر والدروس منها، ثم تتقدم للمبادرة إلى طلب الحوار مع الآخرين ضمن شروطها وضوابطها. ومن هنا تأتي أهمية اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بموضوع الحوار ودعوته إليه، وتجاوباً مع هذه المبادرة الكريمة، تعقد رابطة العالم الإسلامي المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في مكة المكرمة تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وبحضور لفيف من العلماء والمفكرين المسلمين، ليتدارسوا التجربة السابقة ويقوموها، وليؤسسوا لمرحلة حوارية جديدة وفق رؤية متكاملة لمشروع الأمة في القرن الواحد والعشرين. وقد وجهت الرابطة الدعوة للمشاركة في المؤتمر إلى ما يزيد على خمسمائة مدعو من العلماء، ورؤساء المنظمات والمراكز الإسلامية، ومن الباحثين، والإعلاميين من مختلف الدول الإسلامية، وبلاد الأقليات المسلمة في العالم.
وقال الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، عن مشروعية الحوار إنه منهج قرآني وسنة نبوية، فقد درج الأنبياء على التواصل مع أقوامهم كما قدمت السيرة النبوية العطرة منهاجاً واضح المعالم من خلال حوارات النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة والمدينة، وحواره مع نصارى نجران والأسقف أبي الحارث ومراسلاته صلى الله عليه وسلم للعظماء والملوك في زمانه، ووثيقة المدينة. ولم يتوقف الحوار بأنواعه بين المسلمين وغيرهم خلال تاريخهم الطويل، وقد اتخذ صوراً شتى، منها الحوار المباشر والحوار بالمراسلة وتأليف الكتب وإقامة المناظرات، فكان لهذا أكبر الأثر في التعريف بالإسلام في العالم. وأضاف أن أهداف الحوار تتلخص في الآتي: 1) التعريف بالإسلام وشرائعه ونظمه وما يملكه من رصيد حضاري كبير يمكنه من الإسهام الفاعل في ترشيد مسيرة الحضارة الإنسانية. 2) الرد على الافتراءات المثارة عن الإسلام وتصحيح الصورة المغلوطة عنه وعن أتباعه بالوسائل الإعلامية والأكاديمية والدينية.
3) التعرف على الآخرين وثقافاتهم وما يتفق منها معنا وما يختلف، والتواصل الحضاري معهم.
4) تحقيق التعايش السلمي والأمن الاجتماعي بين شعوب العالم وحضاراته المختلفة، وتخفيف التوترات وكل ما من شأنه إعاقة السلم والنمو الحضاري. 5) تفنيد دعاوى بعض المفكرين المروجين لفكرة صراع الحضارات، وحتمية القبول العالمي للحضارة الغربية.
6) التعاون مع الآخرين لتحقيق الأهداف والقواسم المشتركة في محاربة الرذائل والظلم الاجتماعي. وتحدث الدكتور التركي عن موضوعات الحوار قائلا أن أهم الموضوعات هي: 1 ـ ظواهر الغلو والعنف والإرهاب، وضرورة مواجهتها عالمياً عبر مختلف الوسائل.
2 ـ البيئة بكل مكوناتها، ومواجهة أي عدوان عليها؛ لأن واقع البيئة اليوم ينذر بمخاطر كارثية على الجنس البشري بكافة شعوبه.
3 ـ الأسرة واحترام نظمها المستقرة في الزواج المشروع والتكاثر؛ مع توفير كل ما يعين الأسرة مادياً ومعنوياً لإعداد جيل صالح.
4 ـ الإعلام ووضع آليات له، كي لا يكون مروجاً للانحراف والإدمان وإفساد القيم الأخلاقية.
5 ـ تهيئة الأجواء لعلاقات متوازنة بين مختلف الشعوب والأمم؛ لتحقيق مقاصد العدل والخير، ومواجهة الظلم والعدوان واغتصاب الحقوق.
6 ـ أهمية الرجوع إلى الخالق المعبود، واستلهام ما جاءت به الرسالات الإلهية من قيم أخلاقية فيها سعادة البشر، وقد ابتعد عنها أتباعها. أما مع من نتحاور؟ فيقول الدكتور التركي إنه من الضروري أن تفتح قنوات الاتصالات والحوار مع أتباع الرسالات الإلهية والمعتقدات والفلسفات الشرقية؛ تحقيقاً لعموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً» (سبأ: 28). والانفتاح في الحوار على مختلف الجهات المؤثرة في الحياة المعاصرة من إعلاميين ومفكرين وأكاديميين وغيرهم، وعدم الاقتصار على القيادات الدينية. وكذلك فتح قنوات للحوار مع مختلف المجموعات الدينية المستقلة. وأوضح أنه من المهم تعريف منهج الحوار وضوابطه وآدابه، فالحوار وسيلة لتحقيق غايات مشروعة، وينبغي أن تصطبغ ممارسته بالصبغة الشرعية، وأن تراعى فيه آداب الجدال بالتي هي أحسن. وضرورة الاتفاق على قواعد ومبادئ مشتركة تتفق على الالتزام بها جميع الجهات المعنية بالحوار. والتفريق بين النقد العلمي المتزن الملتزم بالحجة والدليل وبين الإساءة المغرضة وما تحمله من شتم وتطاول على الرموز والمعتقدات الدينية، وإشاعة المنهج العلمي البحثي الموثق في التعامل مع القضايا المتعلقة بتاريخ الرسالات ومفاهيمها. والمشاركة في المناسبات الحوارية بصفة إيجابية في مختلف المراحل، بدءاً من التحضير والإعداد، وانتهاء بالتنفيذ وصياغة البيانات وضبط المحاضر والحضور الإعلامي، وأن يكون الحوار في القضايا الكلية دون القضايا الجزئية. والحذر من تلبس الحوار أو انجراره إلى التلفيق بين الأديان أو استخدام المصطلحات غير المنضبطة شرعاً، والتحلي بآداب الإسلام في الحوار بعيداً عن السباب والشتائم والمهاترات، والوقوف فيه موقف الند بعيداً عن موقف الانهزام والتبعية، وتوجيه الحوار تجاه التعرف على الآخر وتعريفه، والاستثمار المشترك والتعاون في تحقيق ما يتفق عليه من مواقف إيجابية ومصالح إنسانية، وتأسيس الحوار على جملة من القواعد العلمية والبحثية الموضوعية المعتبرة.
وأجمل الدكتور التركي آليات الحوار في الآتي:
1) الإفادة من التجارب السابقة والعمل على تطويرها من خلال إنشاء جهاز متكامل يفرغ لموضوع الحوار واستكتاب الباحثين فيه وإعداد برامجه والتنسيق بين المؤسسات المهتمة به وحفظ وثائقه وبياناته ومتابعة أخباره ومستجداته ورصد كل ما يتعلق به وبتطويره، ومن ثم إصدار تقارير منتظمة عن مناشطه.
2) إقامة علاقات منتظمة مع أجهزة الحوار ومراكزه في العالم الإسلامي وخارجه.
3) التنسيق بين المؤسسات الإسلامية للحوار، وإيجاد مظلة مناسبة، والسعي إلى أن لا يتولى الحوار إلا الهيئات والشخصيات المتخصصة بحسب الموضوعات محل الحوار.
4) مناشدة العلماء والمفكرين وذوي الخبرة بالحوارات العالمية وتقديم ملحوظاتهم واقتراحاتهم لترشيد الحوار.
5) الحرص على المشاركة في مختلف لقاءات الحوار لتأكيد الوجود الإسلامي، وبيان موقف الإسلام في القضايا المدروسة.
6) الاستفادة من الوثائق التي صدرت عن لجان الحوار الإسلامي ومؤتمراته، والتي تتضمن دراسات وبيانات وتوصيات وخبرات ومتابعتها. وخلص الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أهداف المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار إلى القول: «تسعى رابطة العالم الإسلامي من خلال هذا الجمع الكبير لرواد الأمة ومفكريها لتحقيق جملة من الأهداف:
1) التأكيد على أصالة مفهوم الحوار مع الآخرين في القرآن والسنة النبوية، وإبراز ضوابطه وآدابه، واستلهام العبر والأحكام من معين الأصول الإسلامية.
2) دراسة الإشكالات المتعلقة بمسائل الحوار، وتقديم الأجوبة الشرعية المرشدة لتحقيق مقاصد الشريعة ومصالح الأمة المسلمة.
3) دراسة تجارب الحوار في العقود الخمسة الأخيرة، والوقوف على سلبياتها وإيجابياتها، ووضع خطة جديدة للنهوض بمستقبله وتطويره من خلال الاستفادة من الخبرات السابقة.
4) التنسيق بين المؤسسات الإسلامية المعنية بالحوار، ووضع آلية يمكن من خلالها توحيد الصف الإسلامي.
5) الاتفاق على ميثاق إسلامي شامل تلتزم به مختلف الجهات الإسلامية التي تمارس الحوار.
6) دراسة وسائل استثمار الحوار في التعريف بالإسلام وتصحيح الصور المغلوطة عنه، وتقديمه أنموذجاً قادراً على معالجة مختلف التحديات التي يحار العالم اليوم في التصدي لها.
7) توجيه نداء للآخرين يبين الرؤى التي تملكها الأمة المسلمة تجاه الأزمات المعاصرة.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:26 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/58286.htm