المؤتمر نت - نصر طه مصطفى
نصر طه مصطفى -
تأملات في تجربة إنسانية وسياسية نادرة (1 – 5)
بعد أسبوعين من الآن سنحتفل بمرور ثلاثين عاماً على انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح رئيسا للجمهورية من قبل مجلس الشعب التأسيسي في الشطر الشمالي سابقا كأول رئيس في العهد الجمهوري يصل للسلطة بأسلوب سلمي ديمقراطي رغم قسوة الظروف
واستثنائية الأوضاع التي انتخب فيها، ومع ذلك فقد كان اليمنيون على وعد مع الكثير الكثير من الخير مع هذا الرجل الذي جاء من بين صفوف المواطنين العاديين وأثبت طوال العقود الثلاثة الماضية أنه كان على صواب مع معظم الخيارات التي انحاز لها رغم معارضة أقرب الناس إليه في بعض الأحيان، ورغم شراسة خصومه وقسوتهم عليه في أحيان أخرى.
ثلاثون عاما على قمة الحكم بحلوها ومرها.. بأفراحها وأتراحها.. بمغرياتها ومعاناتها.. بإنجازاتها ومعوقاتها.. هي عمر ليس بالقليل وليس بالسهل في بلد كاليمن بدأ من الصفر في كل شيء بل ولازال يبدأ من الصفر حتى الآن في بعض الجوانب بسبب قسوة التركة الإمامية والاستعمارية والاشتراكية التي يعتقد البعض أننا نبالغ بالحديث عنها وتحميلها الكثير من المعاناة التي نعيشها حتى الآن رغم مرور أكثر من خمسة وأربعين عاما على قيام الثورة والنظام الجمهوري... فما تركته لنا عهود الإمامة والاستعمار والاستبداد من تخلف لم يكن فقط مقتصرا على الجوانب المادية والتنموية بل امتد ليشمل الجوانب الثقافية والاجتماعية وهي الجوانب الأكثر صعوبة في معالجتها لأنها المعوق الأكبر أمام التنمية والتطور المادي والتنموي، فهانحن بعد أربعة عقود ونصف نجد أن هناك من لازال يحمل فكر الإمامة العنصري بل ويقاتل من أجله... وهانحن بعد ثمانية عشر عاما من التئام شمل الشعب الواحد نجد أن هناك من يدعو للعودة إلى التشطير بحجج أوهى من بيت العنكبوت... وهانحن نجد اليوم من يبحث عن مظلات قبلية أو مناطقية أو مذهبية ليعبر من خلالها عن خلافه مع الحكم بدلا عن الأساليب العصرية المتمثلة في الوسائل السياسية التي نظمها الدستور من خلال العمل الحزبي المعلن!
مثل هذه المخلفات لا يمكن علاجها بسهولة إذا كان من يحمل رايتها – للأسف الشديد – نخب متعلمة مثقفة نسمع أصواتها النشاز بين الحين والآخر فيما نجد عامة الناس أكثر نقاء وصفاء وصدقا ووعيا حالما تشتد الأزمات وتتعقد المشكلات، وقد أثبت هؤلاء البسطاء الصادقون ذلك منذ الدفاع عن العاصمة صنعاء في حصار السبعين يوما وحتى الدفاع عن وحدة الشعب في حرب صيف 1994م وإلى الانتخابات الرئاسية والمحلية قبل عامين عندما انحازوا لصوت العقل والأمان والاستقرار والطمأنينة ضاربين عرض الحائط بصوت الضجيج والإثارة الفارغة والعداء المطلق لكل شيء حتى لو كان فيه خيرا كثيرا... ولذلك كان رهان الرئيس علي عبدالله صالح دوما طوال الأعوام الثلاثين الماضية على الشعب الذي جاء من بين صفوفه نشأ وتربى وترعرع فيها فاكتسب منها كل القيم الجميلة التي حملها معه إلى الحكم منذ اليوم الأول وحتى اليوم لم تؤثر فيه تقلبات وصعوبات ثلاثة عقود شهد اليمن والعالم خلالها متغيرات مهولة، فظل دوما ذلك الإنسان البسيط في حياته التلقائي في تصرفاته إلا فيما قد تفرضه عليه بروتوكولات الرئاسة أو إجراءات الأمن المعتادة مع كل قادة العالم بما في ذلك الدول الغربية ومع ذلك فإن هذه البروتوكولات والإجراءات لم تنتزعه من فطرته وبساطته.
ورغم الصدمات السياسية التي واجهها طوال الأعوام السابقة في العمل السياسي فإن هذه الصدمات التي علمته الحذر والتأني لم تغير فيه صفاته الحميدة الجميلة كالتسامح والشهامة والمروءة والنبل والوفاء والتواضع والترفع عن الجراح الشخصية ومقابلة الإساءة بالإحسان... ولذلك لا يساورني أدنى شك أن هذه الصفات الإنسانية النادرة هي التي دفعت عنه الكثير من المخاطر ودرأت عنه الكثير من المكائد وصرفت عنه الكثير من المؤامرات لأنه لم يحمل حقدا على أحد وكرس نفسه ووقته ليكون ويظل قائدا كبيرا لوطن كبير... وللحديث بقية...
[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 20-مايو-2024 الساعة: 07:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/59711.htm