المؤتمر نت - يحيى علي نوري
يحيى علي نوري -
انزعاج لا مبرر له
تسجل من يوم لآخر أحزاب المشترك ردود أفعال متخبطة في تعاملها مع مجريات الأحداث التي تشهدها الساحة السياسية سواءً كانت ردود أفعالها هذه على مستوى القضايا الإستراتيجية التي تهم الوطن أو كانت على صعيد الجانب التكتيكي التي تفرضه التداعيات اليومية للحراكات السياسية .

ولعل أبرز نموذج على هذا التخبط هو ما عبرت عنه ردة فعلها الأخيرة للخطوة التي اتخذها فخامة الأخ رئيس الجمهورية والمتمثلة في إحالة مشروع التعديلات الدستورية إلى مجلس الشورى .

حيث أبدت انزعاجها ورفضها لهذه الخطوة وسارعت عبر إصداراتها الصحفية إلى وصفها بالأحادية والالتفافية .. الخ من المفردات المعهودة لدى هذه الأحزاب والتي طالما تعج بها بياناتها السياسية وتصريحات قياداتها الملتهبة .

وباعتبار أن هذه الأحزاب لم تبارك خطوة فخامة الأخ الرئيس فأن ذلك أمراً يدعونا هنا إلى وضع تساؤلات عدة الهدف منها هو تبيين حالة التخبط والعشوائية التي اعترت مواقف هذه الأحزاب وباتت تقدمها إلى الرأي العام كأحزاب هشة عاجزة عن القيام بالتسويق الإيجابي لإراءها ومواقفها إزاء مجمل القضايا الوطنية في إطار النظرة الشافية للحدث وتحولاته المتسارعة .

ولعل من أبرز هذه التساؤلات هي لماذا قامت قيامة هذه الأحزاب بمجرد إحالة فخامة رئيس الجمهورية لمشروع التعديلات الدستورية لمجلس الشورى ثم ألا تدرك هذه الأحزاب أنه من حق الشعب اليمني ومختلف فعالياته وقواه أن يقف أمام رؤية الإصلاح السياسي لقيادته السياسية التي منحها الشرعية الدستورية وانتصر لكافة أهداف ومضامين برنامجها الانتخابي وهو البرنامج الذي دعى بتحقيق الإصلاح السياسي بالصورة التي تستجيب لكافة متطلبات بناء اليمن الجديد الديمقراطي الموحد .

ثم تتسائل أليس في خطوة فخامة الرئيس هذه فائدة كبيرة كونها تجعل في أهداف ومضامين مشروع التعديلات الدستورية الذي يتطلع إلى تحقيقه في إطار المشاركة الشعبية الواسعة تمثل أي هذه الخطوة الطريق الصحيح المجسد لمبدأ حق مختلف فعاليات شعبنا وإطاراته المدنية والإبداعية والجماهيرية في الوقوف أمام هذا المشروع وإشباعه بكل الرؤى والتصورات الناجحة التي يمكن الاستفادة منها في تعزيز بناء الدولة اليمنية الحديثة .

وأيضاً نتسائل ألا يمثل مجلس الشورى ووفقاً لمدخلاته في الأعضاء بيت الخبرة اليمنية بإعتبار أن جميع أعضائه من القيادات والكفاءات والكوادر المؤهلة والمجربة من خلال ما اكتسبته من خبرات ومهارات ومعارف على مستوى مختلف الجوانب والأصعدة الحياتية ـ وبأن هؤلاء يمثلون جميعهم خير طاقة يمكن الاستفادة من عصارة أفكارهم وخبراتهم وصبها جميعاً في مصلحة دستور الجمهورية اليمنية، ثم نسأل أحزاب المشترك ألا يوجد في هذا المجلس قيادات حزبية مستقلة تمثل مختلف قوى شعبنا الحية .

تساؤلات ندرك تماماً لو أن أحزاب المشترك قد حرصت على الإجابة عليها قبل أن تبدي غضبها وتبرمها من إحالة مشروع التعديلات لمجلس الشورى لكانت ستجد نفسها ستبارك هذه الخطوة وبغض النظر عن موقفها من مضامين هذا المشروع .

لا بد أن هذه الخطوة وما سيترتب عليها من نقاشات مستفيضة سواءً كانت في إطار مجلس الشورى أو من خلال الإطارات المدنية الإبداعية والتي بدأ المجلس إتاحة الفرصة الكاملة لها في المشاركة في إطار خطته طالما أنها تنتصر للمصلحة الوطنية العليا دون غيرها .

وإزاء ما تقدم فأن الإنزعاج من مشاركة مجلس الشورى والمجتمع المدني لا يمثل بعد سياسي أو تكتيكي بعكس رؤية سياسية ثاقبة لهذه الأحزاب بقدر ما يعكس كونه مجرد فرقعات تحرص أحزاب المشترك على إطلاقها من وقت لآخر لهدف وحيد يتمثل في تضليل الرأي العام وصرف اهتمامه عن مشروع التعديلات الدستورية وهو بالطبع هدف يائس سيصاب كمثله من الأهداف الارتجالية لهذه الأحزاب والتي بالرغم من اكتشافها لجسامة ما ارتكبته من أخطاء جسيمة نتيجة ردود أفعالها المرتجلة نجدها أكثر تشبثاً وتمسكاً بمواقفها و الاستمرار في الاتجاه المعاكس وهذا يعكس حالة خاصة تكاد تكون أحزاب المشترك متميزة بها عن عداها من أحزاب الدنيا هي حالة الإصرار على السير في الاتجاه المعاكس ولو أدى ذلك إلى خراب الوطن وإقحامه في دوامات وتداعيات لا شأن لها بمتطلبات حاضره ومستقبله .

وحقيقة أن قواعد أحزاب المشترك والتي تصدم من يوم لآخر بفعل قرارات قياداتها الحزبية المرتجلة والمتعسفة سوف تستفيد تماماً من الحراك الراهن الذي تحدثه مناقشات مجلس الشورى لمشروع التعديلات وستجد نفسها تستفيد أكثر من خلال مشاركة الإطارات المدنية والإبداعية والجماهيرية في عملية المناقشات لمشروع التعديلات الدستورية ومن خلال تواجدها في هذه الإطارات .

وتلك مسألة ينظر لها اليوم المهتمين والمتابعين للحدث السياسي اليمني بدرجة عالية من الاهتمام – لكونها أي هذه المشاركة – الفاعلة لكوادر أحزاب المشترك في المجتمع المدني ستكون بمثابة الرد الحاسم و القوي لمواقف قيادات أحزابها الاعتباطية .

وخلاصة فإننا نأمل أن تجد هذه الإخفاقات المشتركية وقفة مسئولة من قيادات هذه الأحزاب ، متمنين في نفس الوقت أن لا نجد هذه الأحزاب في الأيام القليلة القادمة وقد قامت بتسجيل إخفاقاً جديداً يضاف إلى رصيد إخفاقاتها الذي أضحى هائلاً بل وقياسياَ .
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 21-مايو-2024 الساعة: 12:01 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/59970.htm