المؤتمرنت -عبدالملك الفهيدي -
(التعطيل-استقواء بالخارج-استهداف الجيش -دعم التمرد)المشترك:سنوات من الفساد السياسي
رغم مرور 18عاما على انتهاج اليمن للنظام الديمقراطي والتعددية السياسية ورغم النجاحات التي تحققت في هذا المجال إلا أن الأحزاب المنضوية في إطار اللقاء المشترك فشلت حتى الآن وبالأخص منذ العام 97م في أقناع الناخب اليمني بجدوى صلاحية برامجها والرؤى التي تقدمها لتصبح برامج للحكم ،وهو ما يتضح من خلال تكرار الفشل الانتخابي لتلك الأحزاب في مختلف المحطات الانتخابية حيث دأب الناخب اليمني على منح ثقته للمؤتمر الشعبي العام في قيادة دفة السلطة في البلد بشكل بات يزداد في كل محطة انتخابية عن سابقتها .
ومع أن العمل السياسي لأحزاب المعارضة اليمنية شهد مع مطلع الألفية الجديدة ظهور ما يعرف باللقاء المشترك الذي جمع في إطاره عدة أحزاب معارضة إلا أن ذلك اللقاء أو التكتل الذي أنشئ قبيل الانتخابات البرلمانية عام 2003م فشل حتى الآن في تجاوز ذات المشكلات التي سبق وأن كانت الأحزاب المنضوية في إطاره تعانيها .
وباستثناء ما يمكن اعتباره نجاحا للمشترك في المنافسة خلال الانتخابات الرئاسية عام 2006م فإن اللقاء المشترك أصبح اليوم يعيش وضعاً سياسيا مأزوما يتوقع أن يفضي إلى انفراط عقد تحالفه.
ويعزو المحللون السياسيون فشل المشترك في التحول إلى معارضة سياسية حقيقية إلى عوامل عديدة منها ما يتعلق بالتباينات والتناقضات الإيديولوجية بين أحزابه، ومنها ما يتعلق بانفراط وتصدع بعض الأحزاب المنضوية في إطاره،ومنها ما يتعلق بفشله في تقديم أفكار وبرامج جديدة قادرة على إقناع الناخبين ،واستمراره في انتهاج خطاب سياسي وإعلامي يحمل ذات المضامين على مدى أعوام ،فضلا عن انتهاج سياسات جديدة قائمة على الإضرار بالوطن ومصالحه ،وتحويل قضاياه المصيرية إلى أوراق سياسية يدير بها خلافاته مع الحاكم .
وفي ذات السياق يشير المحللون إلى أن الأخطر من ذلك يتمثل في سياسة المشترك التي انتهجها في الأعوام الأخيرة والمتمثلة بإيغاله في ممارسة ما بات يعرف بالفساد السياسي حيث تصاعدت مظاهره في الآونة الأخيرة بشكل لم تعهده الساحة السياسية اليمنية .
التقرير التالي يحاول استعراض صور الفساد السياسي واليات استخدامها من قبل أحزاب المشترك في ممارسة دورها السياسي وعلاقاتها مع أطراف المنظومة السياسية في اليمن وفي مقدمتها الحزب الحاكم ،والقيادة السياسية للبلد،فضلا عن مواقفها من القضايا الوطنية والأحداث التي شهدتها البلد .
المشترك ..محاولات متكررة لتعطيل الاستحقاقات الدستورية
يدرك المتابعون لاعتمالات الحراك السياسي في اليمن أن الاستحقاقات الدستورية المتمثلة في المحطات الانتخابية مثلت مسرحا لخلافات سياسية ظلت ولا تزال تسبق كل موعد دستوري لإجراء الانتخابات ابتداءاً من أول انتخابات نيابية تشهدها اليمن في 27 أبريل 1993م .
ويرى عديد محللين سياسيين أن التوافقات السياسية التي سبقت أول انتخابات نيابية العام 1993م أسهمت في إفساح المجال أمام أحزاب المعارضة لابتداع مفاهيم " التوافقات " والصفقات السياسية عبر أساليب الضغط على قيادة البلد وحكوماته المتعاقبة للحصول على مكاسب سياسية باستخدام ورقة الانتخابات.،وهو ما يمكن التدليل عليه بالتعديلات التي شهدتها قوانين الانتخابات في اليمن والتي بلغت منذ العام 93 م وحتى الآن 5 تعديلات جميعها كانت تتم نتاجا للتفاهمات السياسية .
ورغم اعتبار بعض المحللين تلك التفاهمات إحدى أساليب العمل السياسي إلا أن أحزاب المعارضة وتحديداً المنضوية منها في إطار اللقاء المشترك حولت من قضية الاستحقاقات الانتخابية إلى مواسم حصاد ومكاسب سياسية لم تخلو منها أي محطة انتخابية.
ومع أن نتائج انتخابات 97 البرلمانية مثلت نهاية لمصيدة الائتلافات الحكومية ومكنت المؤتمر الشعبي العام من تشكيل حكومة أغلبية، إلا أن أحزاب المعارضة ظلت تمارس ذات النهج بدعاوى التوافقات الوطنية، والشراكة السياسية.
ولجأت أحزاب العارضة إلى استغلال حرص القيادة السياسية ممثلة بالرئيس علي عبدالله صالح و الحزب الحاكم "المؤتمر الشعبي العام "على انتظام العمليات الانتخابية لتكرر ذات الأساليب التي حولت الفترات التي تسبق كل محطة انتخابية إلى ساحات أزمات سياسية وهو ما تزايد بشكل ملحوظ منذ إنشاء ما يسمى باللقاء المشترك العام 2003م.
فقد سعت أحزاب المشترك إلى عرقلة إجراء الانتخابات النيابية عام 2003م في موعدها عبر افتعال أزمة سياسية الأمر الذي اضطر المؤتمر الشعبي العام إلى تقديم تنازلات جديدة لتلك الأحزاب سواء عبر توقيع اتفاق حول الضمانات لنزاهة الانتخابات أو عبر الاتفاق على تقاسم اللجان التي تولت الإشراف على العملية الانتخابية.
وفي الوقت الذي توقع بعض المحللين السياسيين أن تسهم نتائج انتخابات 2003م البرلمانية والفشل الذي منيت به أحزاب المشترك انتخابياً إلى قيام تلك الأحزاب بمحاولة مراجعة شاملة لأدائها وأساليب عملها السياسي إلا أن تلك التوقعات ذهبت أدراج الرياح.
وعلى العكس من ذلك لجأت أحزاب المشترك إلى انتهاج سياسات ومواقف اتسمت بظهور مفاهيم العدائية تجاه الآخر وتحديدا المؤتمر الشعبي العام وقيادته السياسية، بالإضافة إلى اللجوء إلى استغلال الظروف السياسية المحلية والإقليمية ومحاولة استخدامها كأوراق سياسية في إدارة معاركها مع السلطة والحزب الحاكم .
ومثلت الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية والمحلية التي شهدتها اليمن في 20 سبتمبر 2006م دليلا أخر على تطور أساليب واليات الفساد السياسي الذي باتت تمارسه أحزاب اللقاء المشترك وهو ما تجلى في السعي لخلق أزمة سياسية عاصفة عبر البدء بشن حملة إعلامية موجهة ومنظمة ضد اللجنة العليا للانتخابات وتوجيه مختلف الاتهامات لها ولأعضائها إلى الحد الذي وصلت فيه تصريحات قيادات المشترك إلى التأكيد باستحالة القبول بخوض الانتخابات الرئاسية والمحلية في حال إدارتها من قبل تلك اللجنة.
وعمدت أحزاب المشترك إلى محاولة عرقلة المضي في الإجراءات والاستعدادات للانتخابات الرئاسية والمحلية عبر رفضها المشاركة في اللجان التي تولت عملية القيد والتسجيل ما اضطر لجنة الانتخابات إلى إعمال القانون وممارسة صلاحياتها عبر تشكيلها من طالبي التوظيف المسجلين في الخدمة المدنية بعيداً عن التقاسم الحزبي.
وعقب تلك الخطوة شعرت أحزاب المشترك بإمكانية الفشل في إعاقة التحضير لعملية الانتخابات فقبلت بخوض الحوار مع المؤتمر الشعبي العام وفقاً لشروط معينة كان أبرزها عدم إشراك أي قوى سياسية أخرى معارضة في الحوار وهو ما أكد عقلية الإقصاء التي تهيمن على قيادات المشترك في تعاطيها مع أطراف المنظومة السياسية .
وكادت مطالب المشترك المتكررة والمتجددة أن توصل الحوارات إلى طريق مسدود لولا تدخل الرئيس علي عبدالله صالح ورعايته للحوار الذي أفضى إلى توقيع اتفاق المبادئ في 18 يونيو 2006م وهو الاتفاق الذي تم بموجبه تعديل قانون الانتخابات بشكل أدى إلى إضافة عضوين من المشترك إلى اللجنة العليا للانتخابات.
وفيما كانت بنود اتفاق المبادئ تقضي بالبدء بحوار سياسي بين المؤتمر وأحزاب المشترك عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية والمحلية للوصول إلى توافقات سياسية على عدة قضايا من ضمنها تشكيل لجنة الانتخابات من القضاة والاتفاق على تخصيص نسبة للمرأةـ إلا أن أحزاب المشترك عمدت إلى التنصل عن كل تلك الاتفاقات والبدء بطرح قضايا ومطالب جديدة خارجة عن مضمون الاتفاق.
وفي الوقت الذي شنت فيه تلك الأحزاب حملة إعلامية اعتمدت على التضليل وتزييف الحقائق حول تنفيذ مضامين البرنامج الانتخابي الرئاسي خصوصا فيما يتعلق بقضايا الإصلاح السياسي، إلا أن أحزاب المشترك اتخذت مواقف عدائية تجاه كل الإجراءات التي تم تنفيذها تجسيداً للبرنامج الانتخابي للرئيس وفي مقدمة ذلك ما يخص قضية الإصلاحات السياسية التي وعد بتنفيذها رئيس الجمهورية .
ومثل تخلف قيادات المشترك عن تلبية دعوة الرئيس علي عبدالله صالح في سبتمبر 2007م لحضور لقاء طرح فيه الأخير مشروع تعديلات دستورية تهدف إلى إجراء إصلاحات سياسية واسعة على نظام الحكم وتعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار دليلا على عدم جدية تلك الأحزاب في الإسهام في ترسيخ النهج الديمقراطي،ومظهراً جديداً من مظاهر ممارسة الفساد السياسي الذي يناقض نفسه بين خطاب يتبنى قضايا معينة ،وأفعال مناقضة تماماً لذلك الخطاب .
وعكس موقف المشترك من التعديلات على قانون السلطة المحلية المقدمة من الحكومة الى البرلمان الذي اقرها في ابريل من العام الجاري والتي نصت على إجراء اول انتخابات لمحافظي المحافظات حقيقة رفض المشترك لأي إجراءات من شانها تعزيز التجربة الديمقراطية والمشاركة الشعبية في صنع القرار .
وفي الوقت الذي شارك أعضاء الكتل البرلمانية للمشترك في النقاشات التي دارت داخل مجلس النواب على تعديلات القانون ،إلا أنهم رفضوا التصويت على التعديلات في نهاية النقاشات وهو الأمر الذي أثار استياء واستغراب نواب أحزاب المشترك نفسها الذين اعتبروا عدم التصويت على التعديلات بعد المشاركة في النقاشات تناقضاً غير مبرر.
ورغم اتخاذ المشترك قراراً بمقاطعة انتخابات المحافظين إلا أن مشاركة أعضاء وقيادات أحزابه في تلك الانتخابات التي جرت في 17 مايو من العام الجاري أظهرت وجود أزمة سياسية تعيشها تلك الأحزاب التي رفض أعضاؤها في المحليات الاستجابة لقرار المقاطعة الذي اتخذته قياداتهم دون اللجوء إليهم ،وإصرارهم على الإسهام في إنجاح تجربة أول انتخابات لمحافظي المحافظات في معظم المحافظات .
ومثلت مشاركة أعضاء المشترك في انتخاب محافظ محافظة الضالع –وهي المحافظة الوحيدة التي يمتلك المشترك فيها أغلبية –ضربة قاصمة لقرار المقاطعة ،وصورة أولية لمدى الفشل الذي ستمنى به تلك الأحزاب في الانتخابات البرلمانية القادمة .
وسعت أحزاب المشترك إلى عرقلة كل مساعي الحوارات والتفاهمات التي ظلت على مدى عام كامل تراوح مكانها إلى أن انتهت فترة اللجنة العليا للانتخابات في نوفمبر 2007م دون التوصل إلى توافق على تشكيلها.
ورغم تكرار المؤتمر الشعبي لمحاولات المضي في الحوار مع المشترك إلا أن مواقف الأخير اتسمت بإصرار غير مسبوق على عرقلة أي محاولات للوصول إلى تفاهمات سياسية ليمتد ذلك الوضع على مدى ثمانية أشهر قبيل التوصل إلى اتفاق يفضي إلى تعديل قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا،وهو الاتفاق الذي تضمن الكثير من التنازلات المقدمة من المؤتمر الشعبي العام إلا أن اللحظات الأخيرة شهدت تنصل المشترك عن الوفاء بوعوده والالتزام بما وقع عليه .
واتضح تنصل المشترك من خلال التخلف عن تقديم أسماء ممثليه في لجنة الانتخابات إلى البرلمان رغم أن رئيس كتلة حزب الإصلاح في البرلمان كان اقسم يميناً بالله أن المشترك سيقدم أسماء مرشحيه لشغل عضوية لجنة الانتخابات في جلسة 18 أغسطس ،قائلاً انه في حال عدم تقديم الأسماء فمن حق البرلمان إلغاء الاتفاق والعمل بالقانون القديم ،قبيل أن يحنث بيمينه ويتخلف حزبه والمشترك عن تقديم الأسماء الأمر الذي اضطر البرلمان إلى ممارسة صلاحياته الدستورية في الأخذ بقانون الانتخابات النافذ وترشيح قائمة أسماء للجنة الانتخابات ورفعها إلى رئيس الجمهورية ،بعد أن شعر نواب الشعب أن مواقف المشترك تهدف إلى عرقلة إجراء الانتخابات وإدخال البلاد في فراغ دستوري .
وعقب قرار رئيس الجمهورية بتسمية أعضاء لجنة الانتخابات رفض أعضاء المشترك ولا يزالون الحضور لتأدية اليمين الدستورية ،في مسعى لعرقلة قيام اللجنة بواجباتها الدستورية في التحضير للانتخابات القادمة .
وبدا موقف المشترك أكثر تخبطاً في مؤتمره الصحفي الأخير الذي تراوح بين التأكيد على المشاركة في الانتخابات وبين التلميح إلى عدم المشاركة ،ما عكس الارتباك السياسي الذي يعيشه المشترك ،وأكد حقيقة وقوف الخلافات بين أحزابه حائلا دون التزامه بالاتفاقات التي وقعها مع المؤتمر الشعبي العام .
المشترك واستهداف المؤسسة العسكرية والأمنية
وفي مشهد يتباين تماماً مع مواقف الأحزاب السياسية في كل دول العالم الديمقراطية التي تعتبر مؤسسة الجيش والأمن مؤسسة وطنية لا يجوز استخدامها في مسار المعارك والخلافات السياسية ،تنفرد أحزاب المشترك بسياسة مغايرة لذلك تماماً عبر محاولتها استهداف المؤسسة العسكرية والأمنية ومحاولة تصوير منتسبيها وكأنهم مجرد قطاع طرق أو موظفين لدى الحكومة والحزب الحاكم والرئيس .
وعلى الرغم من تحريم القانون للعمل الحزبي في إطار المؤسسة العسكرية والأمنية ،فضلاً عن التصريحات والمواقف الرسمية لقيادة البلد السياسية التي أكدت مراراً على أن المؤسسة العسكرية والأمنية هي حزب الوطن،إلا أن أحزاب المشترك تشن حملات إعلامية منظمة تهاجم أفراد ومنتسبي الجيش والأمن وهي حملة التي بدأت منذ فترة طويلة وتصاعدت حدتها منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية والمحلية التي شهدتها اليمن العام الماضي لتصل ذروتها خلال العام الجاري .
ووصلت عدائية المشترك وقياداته تجاه مؤسسة الجيش والأمن حد تكرار تغيبها عن حضور أي مناشط أو فعاليات تخص المؤسسة العسكرية والأمنية.
وتتجلى صور الفساد السياسي لأحزاب المشترك وعدائيتها للمؤسسة العسكرية والأمنية عبر محاولتها استخدام الجيش ورقة انتخابية بإتباع أساليب المزايدات التي حاولت تلك الأحزاب إظهارها قبيل كل انتخابات .
ففي الوقت الذي تدعي فيه قيادات المشترك وقوفها إلى جانب قوات الجيش والأمن وتكرر المطالب برفع مرتبات أفرادها بنسبة (100%) إلا أن التصريحات والمواقف الرسمية لأحزاب المشترك وقياداتها تأتي عكس ذلك تماماً سواء من خلال التشكيك بولائها للوطن ،أو من خلال محاولة تصوير أفراد الجيش والأمن وكأنهم أعداء لتلك الأحزاب،وصولا إلى محاولة حرمانها من ممارسة أبناء القوات المسلحة والأمن لحقوقهم الدستورية في الانتخابات عبر اشتراطات هادفة إلى إلغاء ممارستهم لتلك الحقوق في مقرات أعمالهم.
وشنت صحيفة 26 سبتمبر الصادرة عن وزارة الدفاع هجوماً لاذعاً على أحزاب المشترك نتيجة موقفها الرامي إلى حرمان منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية من حقوقهم الدستورية .
وأشارت الصحيفة في افتتاحية عددها الأخير إلى موقف المشترك قائلة :" وفي هذا المنحى يأتي استعداؤهم غير المبرر لأبطال القوات المسلحة والأمن ساعين بصورة مستمرة لاستهداف هذه المؤسسة الوطنية الكبرى في محاولتهم حرمان منتسبيها من حقوقهم الانتخابية والذي نلمسه في إصرارهم على إلغاء الموطن الانتخابي الخاص بمقر العمل والذي لايعني إلا ترك أفراد القوات المسلحة والأمن لواجبهم المقدس في الدفاع عن سيادة الوطن وأمنه واستقراره وحماية مكتسباته وانجازات ثورته ووحدته حتى يمارسوا حقهم الانتخابي أو يحرموا من ممارسة هذا الحق وهو أمر غير مقبول او منطقي أو من خلال سعيهم لتشويه دور هذه المؤسسة وتضحياتها وعطاءاتها من اجل وطن ديمقراطي آمن مستقر ومتطور"..
وأضافت الصحيفة :"حيث تناسى هؤلاء أن القوات المسلحة والأمن هي الحامية للمسيرة الديمقراطية والشرعية الدستورية وكل المنجزات العظيمة وان مشاركة أبناء القوات المسلحة والأمن في الاستحقاق الديمقراطي الكبير المتمثل في الانتخابات هو حق كفله الدستور لكل أبناء الوطن ومنهم أفراد القوات المسلحة والأمن.
وفي ذات الاتجاه عمدت أحزاب المشترك إلى تفسير كل إجراء امني أو عسكري تقوم بها هذه المؤسسة لحفظ امن واستقرار البلد ونظامه الجمهوري والديمقراطي والقبض على المجرمين والإرهابيين بكونه ممارسة للقمع .
وشنت قيادات المشترك حملات إعلامية ممنهجة استهدفت المؤسسة العسكرية والأمنية عبر مزاعم بقيام أفرادها بنهب الأراضي ، وانتهاك حقوق المشاركين في أعمال الشغب والفوضى ،وصولا إلى اتهام الجيش والأمن بممارسة قتل المواطنين وهو ما عكسته مواقف المشترك من العمليات العسكرية التي نفذت لإخماد فتنة التمرد في بعض مناطق محافظة صعدة .
وخلت جميع مواقف المشرك وبياناته من أية إدانات لما تعرض له أفراد الجيش والأمن في عديد مظاهرات وأعمال شغب وفوضى شهدتها بعض المحافظات الجنوبية والشرقية هذا العام .
ولعل تفسير أسباب الفساد السياسي للمشترك فيما يتعلق بعدائيته للمؤسسة العسكرية والأمنية يعود إلى الخلفية التاريخية للأحزاب المنضوية في إطار المشترك والتي تعتمد على فكر العمل المسلح خصوصاً التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي .
فالتجمع اليمني للإصلاح وهو فرع لحركة الإخوان المسلمين في اليمن لا يختلف في نشأته وأيدلوجيته الفكرية عن بقية الأحزاب الإسلامية في العالم العربي والإسلامي التي استمدت من مفاهيم الجهاد وبناء الميليشيات المسلحة وسائل في مساعيها للاستيلاء على السلطة .
وحزب الإصلاح لا يختلف في تكوينه وبنائه عن بقية الأحزاب الإسلامية فهو يمتلك ميليشيات مسلحة ومدربة على اللجوء إلى أساليب العنف المسلح في أي وقت .
وتزداد تأكيدات استمرار ذات النهج لدى الإصلاح خصوصاً وأن معظم -إن لم تكن جميع قياداته العليا -من القيادات ذات التاريخ الأمني والعسكري .
ويعكس وقوف حزب الإصلاح الرافض لقرار منع السلاح حقيقة عدم اختلاف الإصلاح عن بقية الحركات الإسلامية التي تعتبر من الميليشيات المسلحة وسيلة لسيطرتها على السلطة في حال وصلت إليها .
الحزب الاشتراكي اليمني لا يختلف في اعتماده على جانب الميلشيات المسلحة في السيطرة على السلطة بل إن الأحزاب الاشتراكية في العالم ومنها الحزب الاشتراكي اليمني اعتمدت على دمج الجيش والأمن في هياكل الحزب إلى درجة تماهي الحزب والجيش والدولة في هيكل واحد هو الهيكل الحزبي الذي يعتمد على القوة المسلحة في السيطرة وإدارة البلد.
ويتذكر الجميع الماسي التي شهدها جنوب الوطن –قبل الوحدة- نتيجة الصراعات المسلحة التي حكمت عمل الحزب الاشتراكي اليمني ولعل أحداث 13 يناير 1986 لا تزال تمثل الدليل الأقوى على الأيدلوجية التي اعتمدها الاشتراكي في تصفية الخلافات داخل أطره الحزبية .
المشترك والاستقواء بالخارج !
ويعتبر موضوع الاستقواء بالخارج ومحاولات استمالته ضد النظام والحكومة صورة أخرى من صور الفساد السياسي الذي تمارسه أحزاب المشترك ،حيث عمدت هذه الأحزاب إلى انتهاج سياسية تعتمد على محاولة استخدام علاقاتها مع المنظمات والسفارات الأجنبية لممارسة ضغوط متعددة على الحكومة وقيادة البلد السياسية .
وتحول موضوع الاستقواء بالخارج من مجرد تكتيك سياسي يستخدم في التصريحات الإعلامية إلى توجه عملي سعت المعارضة إلى استغلاله لإدارة معاركها وخلافاتها مع السلطة والحزب الحاكم سواء عبر التصريحات التي تشرعن الاستقواء بالخارج لتغيير النظام في الداخل حتى لو جاء ذلك على شاكلة تكرار ما حدث في العراق،أو عبر محاولة تشويه صورة البلد والنظام والحكومة أمام الرأي العام الخارجي ،أو عبر تسريب تقارير ومعلومات مغلوطة ومضللة عن أوضاع البلد وحقائق ما يعتمل فيه من حراك سياسي إلى المنظمات الدولية أو ممثلي السفارات الأجنبية في اليمن ،مروراً بنشر وإعادة نشر تقارير دولية منتقاة وبصورة مفبركة - رغم أن معظم معلوماتها منشورة رسمياً- بأساليب تعمد إلى ترسيخ حالة من اليأس والإحباط لدى المتلقي، وتصور وضع البلد بالكارثي، وامتد ذلك إلى اعتماد تصريحات مختلف قيادات المعارضة على ما نشر في تلك التقارير وكأنها أدلة إدانة ضد الحزب الحاكم والحكومة والقيادة السياسية.
وساهمت أساليب الصياغة الإعلامية المعتمدة على "الفبركة" والتشويه، والانتقائية في النشر في إحداث حالة من الاحتقان والإحباط لدى المواطن، تجلت أبرز مظاهره في أعمال العنف والشغب التي شهدتها المظاهرات في بعض المدن اليمنية.
ولم يقف الأمر عند ذلك بل تتعمد أحزاب اللقاء المشترك إقامة علاقات مشبوهة مع السفارات والمنظمات الدولية ،والحصول على تبرعات وهبات مالية منها دون المرور بالقنوات الرسمية ودون علم السلطات الحكومية .
وتعدى الأمر إلى محاولة قيادات المشترك ممارسة أساليب التحريض لدى المنظمات الدولية خصوصا لدى المانحين وتحريضهم على إيقاف المساعدات لليمن بهدف الضغط على الحكومة والحزب الحاكم للقبول بمطالبهم .
وفي هذا الاتجاه طالب القيادي الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي يحيى منصور أبو أصبع الأمريكيين باستخدام تأثيرهم للضغط على الدول المانحة لإيقاف مساعداتها لليمن بحجة عدم تجاوب السلطة اليمنية مع مطالب أحزاب اللقاء المشترك.
وأبدى أبو أصبع خلال لقاء مقيل مع مدير برنامج الشرق الأوسط في "المعهد الديمقراطي الوطني الأمريكي ليس كامبل ومدير المعهد الديمقراطي الأمريكي في اليمن بيتر ديمتروف بحضور قيادات سياسية من أحزاب المعارضة والمؤتمر بالإضافة إلى عدد من الصحفيين وممثلي منظمات المجتمع المدني منتصف يناير من العام الجاري انزعاج حزبه الشديد من شهادات الثناء التي تعلنها المنظمات الدولية بشأن تطور الديمقراطية في اليمن معتبراً أن تلك الشهادات تساعد السلطة على الحصول على تمويلات من الدول المانحة ،وتجعل الحزب الحاكم يشعر بالغرور .
ومؤخراً كشفت مصادر إعلامية عن محاولات من قبل قيادات المشترك لتحريض المنظمات الدولية على إيقاف المساعدات الخاصة بالانتخابات .
ونقل موقع أسرار برس عن مصادره الإشارة إلى أن أحزاب المشترك طلبت خلال لقاء جمعها مع السيدة ماري هوروفرس القائم بأعمال المفوضية الأوروبية بصنعاء مطلع الشهر الجاري من الأخيرة الضغط على ( الحزب الحاكم)‘ طارحين في هذا الصدد فكرة خفض الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي للجنة العلياء للانتخابات‘بل وإعادة النظر بالمساعدات التي تقدمها الأوروبية لمجالات التنمية في اليمن.
ووجهت الأوساط الرسمية والسياسية والإعلامية انتقادات شديدة لمساعي المشترك للاستقواء بالخارج ،وهو ما عبرت عنه صحيفة 26 سبتمبر في عددها الأخير حيث أشارت إلى أن الحقائق تؤكد أن سياسة الاستقواء بالخارج على الوطن او الرهان على غير الوطن لا تثمر سوى الخسارة الفادحة لمن ينتهجها أو يلجأ إليها وهو يظن بأنه سيحصد من ورائها مكسباً .
وقالت الصحيفة: ومثل هؤلاء - ومن خلال مثل هذه التصرفات المقامرة وغير المسئولة –لا يضرون بالوطن بقدر ما يضرون بأنفسهم ويعمقون من أزمتهم وعزلتهم الجماهيرية وهذا ما يمكن استشفافه ببساطة في الخطاب السياسي والإعلامي المأزوم والمحتقن أو في بعض التصرفات غير المسؤولة لبعض قادة أحزاب المشترك..
وهم بذلك يضاعفون حالة العزلة لأنفسهم لأن الشعب اليمني يدرك بأن لا وجود له في أجندتهم فما يهم هؤلاء هو تحقيق مصالحهم الأنانية التي لا تضع للمصلحة الوطنية أي اعتبار..
وكانت محاولات استمالة الخارج من قبل أحزاب المشترك بدأت بإعلان التجمع اليمني للإصلاح ترحيبه غير المشروط بالدعوة الأمريكية الأوروبية للحركات الإسلامية المعتدلة للدخول في حوار معها ليمثل دليلاً آخر على التوجه نحو سياسة استمالة الخارج، فالإصلاح وهو أكبر أحزاب المعارضة رحب بتلك الدعوة، وأبدى استعداده للدخول في حوار مع الأمريكيين والأوروبيين بشكل مغاير تماماً لموقف حركة الإخوان المسلمين في مصر التي اشترطت للدخول في حوار مماثل أن يتم عبر القنوات الحكومية الرسمية في مصر، وتحديداً عبر وزارة الخارجي".
ورغم نصائح المنظمات الدولية المتعددة لتلك الأحزاب بمحاولة تغيير أساليب نهجها خصوصا فيما يتعلق بالانتخابات إلا أن أحزاب المشترك تحاول الهروب من القبول بما تطرحه تلك المنظمات بل والالتفاف عليه .
ففي الوقت الذي أصرت فيه أحزاب المشترك على الأخذ بما جاء في توصيات بعثة الاتحاد الأوروبي للرقابة على الانتخابات فيما يتعلق بتشكيل لجنة الانتخابات إلا أنها في الوقت نفسه رفضت نصائح هذه المنظمات حول القبول بعودة لجنة الانتخابات السابقة للإشراف على انتخابات 2009م بحكم خبرتها ونجاحها في إدارة ثلاث تجارب انتخابية .
المشترك والتشكيك بالمؤسسات الدستورية
ومثل انتهاج أحزاب اللقاء المشترك لأساليب وحملات التشكيك بالمؤسسات الدستورية إحدى أبرز مظاهر الفساد والسياسي الذي لجأت إليه تلك الأحزاب،بشكل يرسخ مفاهيم سلبية لدى المواطن تتمثل في انعدام ثقته بمؤسسات الدولة ما ينعكس سلباً على مدى تقبله وقابليته للإسهام في بناء مجتمعه عبر الانقياد لسلطة القوانين التي تتولى تلك المؤسسات تطبيقها .
وبالعودة إلى الوراء قليلاً نجد أن منهج التشكيك بالمؤسسات الدستورية لدى تلك الأحزاب سواءً كانت مجتمعة أو منفردة لم يكن موجوداً إبان مشاركتها في الحكومات الائتلافية، الأمر الذي يفسر حقيقة أن هذه الأساليب تمثل آلية جديدة وصورة واضحة من صور الفساد السياسي لأحزاب المشترك من جهة .
ومن جهة أخرى فان ذلك يعطي دليلاً على ما يخفيه هذا الأسلوب أهدافاً سياسية واضحة ومكشوفة للعيان لعل أخطرها يتمثل في نشر ثقافة عدم الثقة بالدولة ومؤسساتها لدى مواطنيها وبالتالي تبرير عدم القبول بما تتخذه هذه المؤسسات من إجراءات دستورية لتنظيم سيرورة حياة الناس .
وتتضح مظاهر التشكيك بالمؤسسات الدستورية عبر الخطاب السياسي والإعلامي لأحزاب المشترك التي لايكاد يخلو بيان أو تصريح أو موقف سياسي لأحد أحزابها أو لها مجتمعة من تكرار المزاعم والادعاءات بعدم قانونية أداء المؤسسات الدستورية لعملها.
وتبرز ملامح الفساد السياسي الذي تمارسه أحزاب المشترك في هذا المجال من خلال تعاطيها المتناقض مع الإحكام والإجراءات الصادرة عن المؤسسات القضائية في البلد حيث يجد المتابع أن تلك الأحزاب تهلل فرحاً عند صدور أي حكم قضائي لصالحها أو لصالح المحسوبين عليها فيما تعمد إلى إنكار مشروعية أي أحكام أو إجراءات قضائية لا تناسبها ويصبح حينها القضاء غير مستقل ،وأحكامه غير عادلة ،وقضاته غير نزيهين ،ويتحول المحكومون من متهمين –لدى المشترك- إلى أبطال نضال سياسي في مشهد يعكس انتهاكاً صارخاً لكل النصوص الدستورية والقانونية .
ويمثل إصرار أحزاب المشترك على عدم القبول بالإجراءات القانونية المتعلقة بحل حزب الحق -أحد الأحزاب المنضوية في إطار المشترك- والاستمرار في التعامل معه كحزب شرعي بعد أن تم حله من قبل قيادة الحزب ولجنة شئون الأحزاب صورة جلية لحقيقة الفساد السياسي الذي تمارسه هذه الأحزاب عبر رفضها لتنفيذ الإجراءات الدستورية التي تدعي سعيها للحفاظ عليها وتطبيق نصوصها .
ولعل مساعي المشترك الأخيرة ومطالبتها بالإفراج عن بعض المحكومين بقضايا جنائية، ومحاولتهم التعاطي مع القضايا المنظورة أمام المحاكم وفقاً للحسابات السياسية يؤكد مساعي تلك الأحزاب لضرب استقلالية القضاء عبر التدخل في عمله ،ويحاول شرعنة الخروج على النظام والقانون ،ويساهم في تهيئة بيئة مناسبة لأعمال التمرد والشغب والفوضى وممارسة الجرائم التي تصل حد المساس بثوابت الوطن وفي مقدمتها الوحدة الوطنية ،والثورة والنظام الجمهوري .
المشترك ..دعم التمرد والفوضى ونشر ثقافة الكراهية
وتزايدت صور ومظاهر الفساد السياسي الذي تمارسه أحزاب اللقاء المشترك في السنوات الأخيرة حيث اعتمدت هذه الأحزاب سياسية على تبني مواقف سياسية لا تخدم مصالح الوطن فحسب ،بل إن مواقف المشترك لعبت دوراً كبيراً في إذكاء ومساندة التوترات التي شهدتها البلد وفي مقدمتها أعمال التمرد والفتنة التي أشعلها الحوثي في بعض مناطق محافظة صعدة ،عبر التواصل المستمر مع العناصر المتمردة وتقديم الدعم السياسي والإعلامي والمادي لها وإيصال المعلومات إليها بالإضافة إلى مناصرة العناصر الانفصالية الخارجة على الدستور والنظام والقانون بل والمشاركة في بعض فعالياتها ودون تقدير للنتائج وما يترتب على ذلك من ضرر على مصلحة الوطن.
وتبنت وسائل إعلام أحزاب المشترك الترويج والنشر للفعاليات التي رفعت الشعارات الانفصالية في عدد من المناطق ،وحاولت شرعنتها عبر المواقف السياسية وإضفاء الطابع الحقوقي على تلك الفعاليات ،ووصف المشاركين فيها بمناصري النضالي السلمي .
وعلى مدى أكثر من عام سعت أحزاب المشترك إلى الحشد والتأييد والمناصرة وتنفيذ الإعتصامات والمظاهرات التي أسهمت بشكل كبير في عرقلة عملية التنمية وتسببت في عدم قدرة مؤسسات الدولة على تنفيذ برامج المشاريع والاستثمارات ،وخطط البناء للمنشات والمرافق المختلفة .
ومثل الخطاب الإعلامي التعبوي المليء بمضامين وثقافة التحريض على الحكومة دورا مساهماً في إذكاء نزعة العداء للدولة ،وتبرير أعمال الفوضى والشغب التي شهدتها عدد من المحافظات والتي نتج عنها مقتل وإصابة عدد كبير من المواطنين وأبناء القوات المسلحة والأمن من ناحية ،ومن ناحية أخرى تعرض الممتلكات الخاصة للمواطنين والمرافق العامة لأعمال نهب وسلب وتخريب غير مسبوق .
ويجمع المحللون والسياسيون على أن الخطاب الإعلامي والسياسي المتطرف والمتشدد وغير الواقعي لأحزاب المشترك أسهم في الإضرار بالاقتصاد الوطني من خلال أعمال التخريب وقطع الطرقات وجرائم العنف والإرهاب.
واتهم طارق الشامي رئيس إعلامية المؤتمر الشعبي العام أحزاب المشترك بالوقوف وراء إثارة المناطقية وأعمال الشغب وإثارة النزعات الانفصالية في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية وما جرى في صعده .
وأضاف الشامي أن الخطاب المتطرف والمتشدد وغير المنطقي للمشترك يقف وراء جرائم العنف والإرهاب مستغرباً دفاع المشترك عن المجرمين ومروجي النزعات الانفصالية ومثيري الشغب والكراهية في المجتمع،مشيرا إلى تأثر الاقتصاد الوطني بأعمال الشغب والتخريب التي يقف ورائها المشترك.
وتزداد دلائل الدعم والمساندة التي اتخذها المشترك لدعم أعمال الفوضى والشغب والإضرار بالوحدة الوطنية من خلال استغلال قضايا الحوار مع المؤتمر الشعبي العام بشأن الانتخابات والإصلاحات الدستورية سياسياً للمطالبة بالإفراج عن المسجونين المتورطين في أعمال الشغب والفوضى والتظاهرات والإعتصامات ذات المطالب الانفصالية باعتبارهم معتقلين سياسيين .
وفيما حاول الرئيس علي عبدالله صالح التعاطي مع تلك المطالب عبر توجيهاته بالإفراج عن كل محتجز لأسباب غير جنائية،وهو ما أكده الرئيس في رسالته لأحزاب المشترك نهاية أغسطس والتي قال فيها :"أما فيما يتعلق بموضوع المسجونين على ذمة أحداث الفوضى والشغب ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن والإضرار بالوحدة الوطنية، فان عليكم تقديم كشوفات بأسماء المطلوب الإفراج عنهم وسوف يتم النظر فيها والتوجيه بالإفراج فورا عن كل محتجز لأسباب غير جنائية، أما من كانت قضاياهم منظورة أمام القضاء لاتهامهم بارتكاب أعمال تخريب وجنائية ترتب عليها إزهاق الأرواح وتخريب الممتلكات العامة والخاصة كما حدث في الهاشمي والحبيلين بردفان وساحة العروض بعدن فان أمرهم يترك للقضاء وحيث لا ينبغي التدخل في شؤونه أو التأثير على سير العدالة."
إلا أن المشترك عمد إلى إعطاء تفسيرات مغلوطة لتوجيهات الرئيس عبر الادعاء بكونها تشمل جميع المحتجزين ،وتعمدهم الإصرار على تلك التفسيرات وتكرار مطالبهم بان تشمل التوجيهات جميع المحتجزين ،وربط تلك المطالب بالتزامهم بتنفيذ الاتفاق على موضوع تعديلات قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء ،قبيل أن يتنصلوا من الوفاء بالاتفاقات بحجة عدم الإفراج عن المحتجزين .
وفي الاتجاه الموازي أسهمت خطابات وتصريحات أحزاب المشترك وفي مقدمتهم قيادات حزب الإصلاح في نشر ثقافة الكراهية وإثارة النعرات المذهبية والمناطقية وهو ما تضمنه خطابهم السياسي والإعلامي سواء عبر وسائل إعلامهم أو عبر المهرجانات التي أقاموها في عدد من المحافظات والتي حاولوا إثارة أبنائها عبر إذكاء النعرات المناطقية والادعاء بحرمانهم من خيرات محافظاتهم وهو ما تجلى في خطابات عديد من قيادات الإصلاح كالعزب وقحطان وصعتر في محافظات الحديدة ،وشبوة ،ومأرب .،وعدن والضالع ولحج .
المشترك وثقافة الإقصاء للآخر
وفي الوقت الذي تحاول فيه أحزاب المشترك الظهور بخطاب إعلامي يؤكد على مفاهيم الشراكة السياسية، إلا أن مواقفها تتناقض مع تلك المفاهيم عبر ممارستها لثقافة الإقصاء تجاه بقة أطراف العمل السياسي الأخرى.
وخلال السنوات الماضية تكررت مواقف المشترك الرافضة للقبول بمشاركة بقية الأحزاب في جولات الحوار التي دارت مع المؤتمر الشعبي العام وفي مقدمتها أحزاب المجلس الوطني للمعارضة.
وفيما تبرر أحزاب المشترك عدم قبولها بمشاركة بقية أحزاب المعارضة في جولات الحوار ومناقشة القضايا الوطنية بعدم وجود تمثيل برلماني لتلك الأحزاب،الا ان تلك المبررات تناقض الواقع الفعلي للمشترك الذي يضم أحزاباً لا وجود لها على الساحة السياسية اليمنية وفي مقدمتها اتحاد القوى الشعبية، فضلاً عن حزب الحق الذي تم حله.
وشهدت جولات الحوار السياسي التي دارت قبيل الانتخابات الرئاسية والمحلية عام 2006م ثم جولات الحوار التي دارت على مدى العام 2007م والعام الجاري إصراراً من قبل المشترك على عدم القبول بمشاركة بقية أحزاب المعارضة اليمنية في الحوار.
وشكل الحوار حول تقاسم اللجان الانتخابية منذ العام 2003م وحتى الآن ساحة أخرى لممارسة ثقافة الإقصاء تجاه الآخر من قبل أحزاب المشترك عبر رفضها إعطاء حصة لأحزاب المجلس الوطني للمعارضة وبقة الأحزاب المعترف بها رسمياً الأمر الذي أضطر المؤتمر الشعبي العام إلى تخصيص جزء من حصته في تلك اللجان لبقية أحزاب المعارضة.
وجاء موقف أحزاب المشترك وتصريحات قياداته تجاه موضوع إنشاء التحالف الوطني الديمقراطي الذي تم تأسيسه بين المؤتمر الشعبي العام ونحو (14) حزباً معارضاً ليجدد التأكيد على تلك الثقافة الإقصائية التي تتسم بها أحزاب المشترك تجاه الآخر، فيما اعتبر محللون سياسيون إنشاء هذا التحالف نوعاً من آليات تطور العمل السياسي في اليمن عمدت أحزاب المشترك إلى اتهامهم الأحزاب المنضوية في إطار التحالف بالموالاة للمؤتمر الشعبي العام.
ويؤكد رئيس الدائرة السياسية في المؤتمر الشعبي العام عبدالله احمد غانم أن إنشاء التحالف الوطني الديمقراطي جاء ليعزز دور بقية أحزاب المعارضة في الحياة السياسية خصوصاً في ظل محاولات الإقصاء التي تمارسها أحزاب المشترك تجاه تلك الأحزاب " التحالف الوطني الديمقراطي يصب في إطار تعزيز دور هذا الأحزاب في المجتمع وتمكينها من لعب دور اكبر في الحياة السياسية،مشيراً إلى أن هذه الأحزاب عانت من النكران والتجني الذي مارسته أحزاب اللقاء المشترك عليها، ومن حقها المشاركة في الحوار الوطني، وفي كل الحوارات التي يجريها الحزب الحاكم مع أحزاب المعارضة..
ويعلق غانم على موقف المشترك من هذه القضية بأنه يعكس حقيقة محاولاتها حرمان الآخرين من المشاركة السياسية ،قائلاً : حقيقة اعتراض أحزاب اللقاء المشترك لدخول هذه الأحزاب في الحوار، ليس لأن هؤلاء حلفاء المؤتمر بل لأنهم يريدون أن يحرموا الآخرين من مزاولة العمل الديمقراطي إلا إذا كانوا معهم.. وهنا نلاحظ انه إذا دخل أي حزب من أحزاب المجلس الوطني المشترك فهو حزب جيد وجماهيري وله شعبية ويمكن الحوار معه أي حزب من أحزاب المجلس الوطني لا يتفق مع المشترك, فهو حزب تابع للمؤتمر الشعبي العام ولا داعي للحوار معه، هذه الفكرة الأنانية للمشترك لا تنسجم مع طابع النفس الديمقراطي الذي تستلزمه الحياة السياسية اليوم.