المؤتمرنت -
فضيحة جنسية تبرز الانقسام بين المسلمين والأجانب في دبي
قد لا تثير ممارسة الجنس على الشاطئ أو وجود محبين مخمورين الدهشة في كثير من المدن الأوروبية، لكن قضية ظهرت مؤخرا في دبي كشفت ملامح انقسام ثقافي متزايد يعاني منه سكان الإمارة المسلمون إزاء المقيمين والسائحين الأجانب، الذين تجذبهم شمس دبي الساطعة ودفء مناخها.
وتصدرت قصة بريطاني وصديقته، يواجهان أحكاما محتملة بالسجن لممارستهما الجنس على شاطئ في دبي وهما مخموران، عناوين الصحف في أنحاء العالم، لكن في دبي تكثر التقارير عن شكاوى السكان المسلمين من أجانب يتجاوزون الحدود، مخالفين القوانين المحلية التي تحكم شرب الخمر، وتحظر المثلية الجنسية، أو تبادل القبلات في أماكن عامة.

وازداد السكان الأجانب من غير العرب والمسلمين في دبي بسرعة في الأعوام الأخيرة، ليتجاوز عددهم عدد المواطنين المحليين والجاليات العربية الإسلامية، إذ تحاول الإمارة، التي هي محور تجاري وسياحي في منطقة الخليج، أن تضع نفسها على الخريطة الدولية عبر إعفاء الدخول من الضرائب، فضلا عن تمتعها بشمس مشرقة على مدار العام.

لكن الموازنة بين هويتها المسلمة في منطقة الخليج العربية المحافظة، وبين أنماط حياة الأجانب الذين يمثلون نسبا مرتفعة من سكانها، ليست هينة.


مواطنون يشكلون أقلية في بلادهم

وقال عبد الخالق عبد الله المحلل السياسي الإماراتي إن "جميع من يعيشون في هذه الدولة، سواء كانوا مواطنين أو مغتربين، يستطيعون أن يستشعروا مدى الصعوبة الشديدة لأن يكون المواطنون أقلية في بلادهم، ويشعروا بهذا الضغط على عاداتهم ولغتهم ودينهم".

ويشير مسؤولون عديدون في الإمارات العربية المتحدة إلى أن عدد السكان المحليين تراجع ليتراوح ما بين 15 إلى 20% من عدد السكان المقيمين بالدولة، التي يزداد الإقبال عليها، ولاسيما من مواطني شبه القارة الهندية، إلا أن الأرقام الدقيقة غير معلنة.

وأضاف عبد الله "نحن في مرحلة نحتاج فيها إلى الحديث عن هذا بصراحة. نشعر أن هويتنا وكل عناصرها تحت التهديد... يجب إعادة النظر في أساسيات نموذج النمو بأكمله ليتلاءم مع احتياجاتنا السكانية".

وغذت دبي صورة المدينة المتألقة متعددة الجنسيات والثقافات بمشاريع طموحة؛ مثل أطول برج في العالم، غير أن مواطنيها البالغ عددهم 80 ألفا يشعرون أن قيمهم قد تتراجع.

ويعيش الأجانب ويعملون بتأشيرات يتم تجديدها كل 3 سنوات. ويعمل الكثير من الغربيين في مناطق حرة أشبه بمقاطعات اقتصادية، ويعيشون في ضواح بنيت حديثا، ونادرا ما يخالطون السكان المحليين.


البكيني والعباية

والتناقضات الاجتماعية تبدو صارخة، ولاسيما على الشواطئ، حيث تستلقي السائحات اللاتي يرتدين ملابس السباحة من قطعتين (البكيني) على الشواطئ للحصول على حمامات شمس، فيما تراقبهن نساء يرتدين العباءات السوداء.

ويشير كريستوفر ديفيدسون من جامعة دورهام ومؤلف كتابين عن الإمارات العربية المتحدة إلى أن "هناك الآن عددا كبيرا جدا من الأجانب، بحيث يشعرون بأنهم يتمتعون بأمن جماعي. السلوك الغربي أصبح هو الطبيعي، وهو لا يتلاءم مع ثقافة السكان الأصليين".

ومضى يقول "على الرغم من أن عدد السكان الأصليين صغير... فإنهم وحدهم هم الذين لهم أهمية سياسيا".


اختلافات في أنماط الحياة

وتبدو الاختلافات في أنماط الحياة بمجتمعات دبي المختلفة واضحة في أنحاء المدينة، حيث يمنع المسلمون من احتساء الخمر، أما غير المسلمين الذين يحملون ترخيصا فيستطيعون شراء المشروبات الكحولية من متاجر خاصة، غير أنه في عطلات نهاية الأسبوع تعج الحانات الموجودة على الشواطئ والأندية المقامة في أماكن مفتوحة بأشخاص يحتفلون ويحتسون الخمر.

وكان الصديقان البريطانيان اللذان اعتقلا على الشاطئ قد التقيا في واحدة من الكثير من حفلات الغداء المبكر واحتساء الشامبانيا التي تقام في أفخم فنادق دبي. ويواجهان أحكاما بالسجن حين يعودان إلى المحكمة لحضور جلسة التحقيق التالية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وقال حسن مطر محامي البريطانيين "المشكلة هي أن الناس يجهلون القوانين هنا.. هذه دولة إسلامية، والمشكلة ليست في القانون لكن في الناس".


مخاوف بشأن جهود دبي في تنمية اقتصادها

غير أنه كلما تصدرت أنباء قضايا من هذا النوع عناوين الصحف خارج الإمارات أثارت مخاوف بشأن الجهود الذي تبذله دبي في تنمية اقتصادها وسكانها.

والرجل البريطاني المتهم بممارسة الجنس على الشاطئ كان يخطط لإقامة مشروع، لكنه تخلى عنه بعد رفع قضية ضده.

وذكر مجلس السفر والسياحة العالمي أن من المنتظر أن تسهم السياحة، التي هي قطاع سريع النمو، بأكثر من 20 في المئة من اقتصاد الإمارات في العام الحالي 2008.

ويعتبر الكاتب ديفيدسون أن "هذه القضايا تضر باقتصاد دبي.. فالناس يسألون أنفسهم لماذا نذهب إلى دبي لقضاء إجازة للاستمتاع بالشمس والشاطئ إذا كان يمكن إلقاء القبض علينا لتبادل القبل.. لنذهب إلى فلوريدا بدلا من هذا. هناك بدائل أخرى".

غير أن المواطنين الذين يشعرون بأن ثقافتهم الإسلامية تتعرض للانتهاك يطالبون بمزيد من الصرامة إزاء سلوكيات الأجانب، قائلين إن الشرطة تغض الطرف عن التجاوزات باستثناء التجاوزات الصارخة.

وقالت امرأة إماراتية طلبت عدم نشر اسمها، مثل معظم الناس في موضوع يشعرون أنه شديد الحساسية ليناقش علنا، إنه إذا تغير القانون ليلائم الغربيين فستفقد هي حريتها.

وأضافت "أن اطلاع الشخص الذي يأتي إلى هنا على هذه المعلومات يرجع إليه... إذا كان هناك نظام تجارة حر يستقطب الناس من جميع أنحاء العالم، فليس من العدل السؤال لماذا هم ليسوا أحرارا. يجب اتباع القواعد في أي مكان تذهب إليه في العالم".

العربية نت
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 23-ديسمبر-2024 الساعة: 10:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/62796.htm