المؤتمر نت -
د.محمـد علـي العروسـي -
الولاء الوطـني في مناهجنا الدراسية
((يقول الرسول الكريم محمد ابن عبدالله الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى " حُـب الوطن من الإيمـان) حديث شريف. وواجب كل مسلم ومسلمة أن نعلم أولادنا حب أوطانهم والإخلاص لها والعمل من أجل تقدمها وتطورها ورخاء أبنائها والاستعد اد الدائم للتضحية في سبيل الدفاع عن أراضيها ومصالحها وصون مكتسباتها)).
تعرضت مجتمعاتنا العربية والإسلامية في الثلاثة عقود الأخيرة من القرن العشرين إلى تحديات كبيرة جداً لعل أكبرها وأخطرها ظاهرة العولمة التي تشكل مضامينها تهديداً كبيراً لكل المجتمعات، التي تعد عملية التغيير والتطور السريع فيها أمراً مسلماً به ؛ ونستطيع التأكيد هنا بأن أهم خطر يتهدد مجتمعاتنا هو التأثير المباشر للعولمة على مقومات الولاء الوطني لدى أبناء هذه المجتمعات ؛ لاسيما والخطوات الحثيثة للكثير من الدول الكبرى أو لنقل تحديداً سعي الكثير من المؤسسات الكبرى في الدول الأكثر تقدماً نحو عولمة التربية "والتعليم" (بين هلالين) في الدول النامية بوجه خاص، لأسباب سياسية أو اقتصادية. وقد تنبهت الكثير من الدول إلى هذا الخطر المحدق فبادرت إلى إعادة النظر في مناهج تربية وتعليم النشء، وبدأت المجتمعات في هذه الدول بالاهتمام بصورة جادة بتعميق وتعزيز الولاء الوطني في المناهج التعليمية وتطويرها وتوظيفها لبناء أجيال مؤمنة بربها تدين للوطن بالولاء والانتماء وتبذل قصارى جهودها من أجل رفعته وعزته، وتحافظ على ثرواته ومقدراته، وتحمي سيادة أراضيه وجوه وبحاره ,تضحي بنفسها دفاعاً عنه.
إن تحقيق هذا الهدف في بلادنا صار في الوقت الحالي ضرورة حتمية وخيار لابد من تحقيقه من خلال تطوير المناهج التعليمية التي تغرس في عقول وقلوب أبنائنا الحب والولاء لليمن وحب الانتماء لمجتمعنا ولثقافتنا.
أنت محق يا فخامة الرئيس : المناهج التي ندرسها لأطفالنا يجب أن تزرع في نفوسهم الولاء وحب الانتماء للوطن، ولابد من أن نجعل أبنائنا يعون تماما أهمية إتباع المفاهيم والقيم التي اقرها ديننا الإسلامي الحنيف والمتمثلة في حب الوطن والقيم الإسلامية والحفاظ على الهوية الوطنية وحمايتها وحب الثورة والوحدة، و نهج الوسطية والاعتدال، وقبول الآخر ويتعلمون لغة التفاهم والحوار، ونبذ التطرف والتعصب والغلو والعنصرية والمناطقية والأسرية، ومحاربة كل أنواع العنف والتخويف والإرهاب.
لقد حان الوقت لتحقيق تعليم حقيقي متميز قادر على بناء أجيال قادرة على مواكبة تحديات عصرنا الحالي، وقادرة على الانفتاح والمنافسة لتطوير المجتمع في شتى مجالات الحياة في الحاضر وبناء المستقبل المزدهر الذي ننشده جميعاً لأبنائنا ؛ وهنا نقول لقيادتنا السياسية الحكيمة " واللهِ لقد حان وقت تحديث وزارة التربية والتعليم ومؤسسات التعليم المختلفة في اليمن، وكوادرها الإدارية المتواضعة جداً؛ ورفدها بكوادر متخصصة ذات مؤهلات وكفاءات وقدرات عالية متميزة، وطبعاً غير خاضعة لشروط المستشارين والوساطة" ؛ ولعل عدم تصنيف جامعاتنا ولو في الأرقام بعد الألفين من الجامعات العالمية الأقل إنتاجاً وعطاءً وكفاءة يُعَبرُ عن واقعِ الحال الذي يجب أن لا يبقى على ما هو عليه في مؤسساتنا التعليمية ومناهجنا ومقرراتنا الدراسية "... .
لذلك فالتربية الوطنية قضية يجب أن تكون تربوية حاضرة بصورة دائمة في مناهجنا الدراسية اليمنية التي لا يجب أن يوكل أمر إعدادها وكتابتها (وليس تأليفها ) إلى نفس المقاولين (حق كل سنة) كما هوا حاصل الآن، بل ينبغي تكليف العلماء المتخصصين من الأكاديميين بتأليف هذه المناهج، بعد الأخذ بعين الإعتبار الإنتاج العلمي والفكري لكل منهم في مجال تخصصه، ولنبعد الوساطة عن العلم وتربية النشء.
أخيراً أحب التأكيد على أننا ومن خلال المناهج الدراسية يجب أن نغرس في عقول ونفوس أبنائنا وبناتنا الطلاب الحب والولاء والانتماء والإخلاص أولاً للوطن، ونعلمهم صون مكتسباته والاستعداد الدائم لخدمة مجتمعنا اليمني الحبيب. ومناهجنا الدراسية (مواد التربية الوطنية والتربية الإسلامية واللغة العربية وتاريخ وجغرافية اليمن) يجب أن تتضمن قدراً كافياً من العلوم والمعارف الضرورية اللازمة لتنشئة أبنائنا تنشئة وطنية. هذه المواد يجب أن تكون مواد إجبارية في جميع المراحل الدراسية بشرط أن ينصب تدريسها على بناء الإنسان اليمني وتنمية مهاراته وقدراته واستعداده الدائم لتحمل المسؤولية تجاه وطنه ونفسه، ومجتمعه وشعبه وأمته، وتعليمه احترام القانون والالتزام به واحترام الفرد لذاته ولكل من حوله، واحترام وقبول الآخر وتعليمه نهج ثقافة الحوار والتسامح والاعتدال والوسطية، وأهمية العمل واحترامه.

*أستاذ العمارة والآثار الإسلامية بجامعة صنعاء

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 01-نوفمبر-2024 الساعة: 06:29 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/62972.htm