المؤتمرنت - نبيل عبدالرب -
كتلة المؤتمر تتصدر المساءلات للحكومة والإرهاب ينتظر بصمة النواب
مضى العام 2008م لفترة مجلس النواب الحالي في اليمن، حاملاً معه صورة مصغرة للقضايا المعتملة في الساحة اليمنية .
وفي عديد مسائل كان للنواب –وغالبية أعضاء المجلس ينتمون للمؤتمر الشعبي العام- موقعهم في أخذ أدورا حيال موضوعات مدرجة على الأجندة اليمنية السنة الفائتة . ولم يقتصر الدور النيابي على رجع الصدى للجدل العام خارج القبة، وإنما كان له قصب السبق في تناول معطيات صارت محورا للتجاذبات الإعلامية والسياسية
النواب بمختلف تياراتهم السياسية سواءً على مستوى اللجان أو الأفراد نشطوا في الجانب الرقابي حتى أنهم استعرضوا العام الماضي حوالي ستين تقريراً رقابياً إلى جانب أكثر من مائة وخمسة عشر استيضاحا تقدم به نواب لوزراء.
وأنجزت اللجان البرلمانية نحو ثلاثين مشروع قانون، كما لم يغفل النواب اتفاقيات دولية بلغت ثمانية عشر اتفاقية سبع منها استكشافات وتمديد نفطي ،وغيرها اتفاقية المسئولية المدنية عن التلوث البحري التي أقر مجلس النواب الانسحاب منها لعدم تحقيقها المصالح المتوخاة لليمن.
ولجهة دعم التنمية الاقتصادية سيما في المجالات الخدمية صادق البرلمان على 18 اتفاقية قرض تعدت قيمتها أربعمائة وسبعين مليون دولار.
عام انتخابي
بدا العام الجاري سنة برلمانية انتخابية بوضوح حيث أخذت تعديلات قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا نصيباً وافراً من الجدل الحاد والخلافات بين كتلة المؤتمر الحاكم وكتل المشترك المعارضة.
ولعل أبرز المشاكل بين المؤتمر وأحزاب المشترك هي الانتخابات النيابية الرابعة في اليمن والمقررة في السابع والعشرين من إبريل المقبل والتي ألقت بظلالها على النواب باعتبارها مرتبطة بكراسيهم تحت قبة البرلمان، وكونها ذات طابع سياسي قانوني تستدعي معالجة تشريعية يرى المعارضون في المشترك أنها ضرورية لإعادة صياغة المناخ السياسي بما يكفل تمكينهم من الحصول على مقاعد تتلاءم مع حجمهم كما يقولون.
ورغم أن كل العمليات الانتخابية السابقة جرت بالاستناد على قوانين انتخابية توافقت عليها الأحزاب فقد استشعر المؤتمر همَّ المعارضة من زاوية أن التجربة الديمقراطية بحاجة للمزيد من التطوير عبر مشاركة كافة القوى السياسية، وهو ما كان إحدى نقاط الخلاف بين المؤتمر والمشترك؛ حيث يعتبر الأول أن من حق كل الأحزاب المعترف بها قانوناً المشاركة في تطوير التجربة في حين يصر المشترك على أن أحزابه فقط بما فيها حزب الحق المنحل والقوى الشعبية الذي لم يعقد مؤتمره الأول حتى اليوم الممثل للطرف السياسي الوحيد المقابل للمؤتمر.
وفي إطار تمهيد الساحة السياسية للانتخابات النيابية وصل البرلمان أواخر العام المنصرم لمشروع تعديل لقانون الانتخابات يقضي بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة طبقاً لاتفاقية مبادئ وقعتها الأحزاب في يونيو من العام 2006م وتحديداً قبيل ثلاثة أشهر فقط من موعد الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في 20سبتمبر من العام نفسه .
وصار المشروع الشرارة التي أشعلت فتيل البارود بين المؤتمر والمشترك، ورفض الأخير بشدة المضي في هكذا تعديلات على أساس أنها تخدم طرفاً سياسياً هو المؤتمر، واستمرت الخلافات متصاعدة حتى بادر رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر إلى رعاية حوار بين الجانبين نجم عنه مشروع تعديلات توافقي عدّه رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشيخ سلطان البركاني هزيمة لحزبه تقبلها لأجل الوطن بحسبه.
بيد أن جهود التوفيق فشلت في لحظاتها الحرجة عقب تمديد النواب جلساتهم لخمس مرات امتدت من بداية يوليو وحتى ثلاثة أسابيع من أغسطس الماضيين وتمثلت القشة القاصمة لبعير التوافق بالقسم المدوي لعبدالرحمن بافضل رئيس كتلة الإصلاح أكبر أحزاب المشترك الذي تعهد فيه أمام النواب وأجهزة الإعلام بتقديم أسماء مرشحي المشترك للجنة العليا للانتخابات صباح اليوم التالي لإسقاط مشروع التعديلات والسير في ضوء قانون الانتخابات النافذ حال أخلّ المشترك بوعده وهو ما حدث بالفعل في آخر جلسة 18أغسطس الماضي ما جعل كتلة المؤتمر تصوت على إسقاط التعديلات وتزكية قائمة تضم أعضاء اللجنة العليا السابقة بمن فيهم منتمون للمشترك إضافة لستة آخرين.
كتلة المؤتمر تتصدر محاربة الفساد
خلافات النواب على قانون الانتخابات واللجنة العليا لم تنسهم جميعاً أن جلوسهم على مقاعدهم رهين برفع وتيرة الأداء وتقديم صورة تسهم في زيادة رصيدهم لدى الناخبين للاحتفاظ بتلك المقاعد، سيما وأن موعد التقييم الجماهيري بات قريباً.
وفي هذا المضمار ارتفع معدل الأسئلة الموجهة للوزراء متركزة على نواحي خدمية تمس حاجات المواطنين.
وتصدر نواب كتلة الأغلبية المؤتمرية قائمة المساءلات للحكومة بــ(67)استيضاحا إلى جانب طلب استجواب وزيرين.
وبالإضافة إلى مساءلة الحكومة عن تعثر مشروعات خدمية خاصة في مجالات الطرق ، الكهرباء والمياه في مناطق يمنية، فقد حاولت طلبات توضيح أخرى ملامسة هموم الناس من خلال توجيه استفسارات متصلة بارتفاع في أسعار السلع سيما الغذائية ، وعدم إشهار الأثمان من قبل التجار ، وكذا عن تسوية جماعية لأوضاع المنقطعين والمتقاعدين العسكريين، وأدوية فاسدة دخلت السوق اليمنية واختفاء مادة الديزل في بعض فترات العام الماضي ، وإهدار شركات نفطية أجنبية لحوالي 23 مليار ريال . وفقا لما ورد في أسئلة لنواب مؤتمريين ، واستوضحوا أيضا عما إذا كانت لدى الحكومة استراتيجيات للتعامل مع اللاجئين الأفارقة ، واستيعاب المتسولين في شبكة الضمان الاجتماعي ،وكذلك تعاطي وزارة الأوقاف مع ما يسمى بهيئة الفضيلة ، ومخالفات لقانون المناقصات والمزايدات .
نواب كتلة الإصلاح أكبر أحزاب المشترك توجهوا بـ(41) استفساراً مركزين على تعثر إستاد تعز الرياضي ، ومشروع مياه مدينة تعز،كما تضمنت مساءلاتهم للحكومة مرض الدودة الحلزونية كما تضمنت أدوية لمرضى الكلي والسكر.وأيضا ملاحقة الباعة المتجولين في العاصمة صنعاء، ومكافأة لمسئوولين بوزارة النفط، وفوارق أسعار النفط في الربع الأول من العام 2008م، ومصير (10) ملايين كيس قمح مقدمة كمنحة لليمنيين من دولة الإمارات وهي المنحة التي تبين مؤخراً ان اليمن ستتسلمها على دفعات وصلت أولاها مطلع يناير الجاري وأقرت الحكومة توزيعها على مستحقي الضمان الاجتماعي .
وتطرقت كتلة الاشتراكي في سؤالين للحكومة إلى ظاهرة القرصنة الصومالية في المياه الإقليمية اليمنية ،فيما استوضح الناصريون في ثلاثة استفسارات عن تعطل كرينات في ميناء الحديدة، وآثار الأزمة المالية على النفط اليمني.
كما استعرض النواب تقارير تبرز البرلمان في الخندق لمواجهة الفساد والمهتم بقضايا وطنية ساخنة، فأنجزت اللجان البرلمانية تقارير كشفت مخالفات بمئات الملايين رافقت خصخصة شركة إنتاج الخضار بسيئون حضرموت، وعمل صناديق التحسين والنظافة في عدد من محافظات اليمن، وأيضاً اختلالات في مصافي عدن، وناقشوا دخول مبيدات زراعية إلى اليمن عبر ميناء الحديدة، غير تقارير انتقدت جهات حكومية إثر إحراق منازل مواطنين بجعار أبين في يوليو الماضي وقبلها قتل مواطنين وجنود ومعالجة أوضاع المتقاعدين العسكريين.
إقرار تعديلات قانونية لصالح الاستثمار
وأقر النواب اعتمادا إضافيا بـ680 مليار ريال على موازنة 2008م لمواجهة التزامات مرتبطة بحقوق موظفي الدولة ، ودعم المشتقات النفطية، وكارثة السيول كما ناقش تقرير الحكومة إزاء الكارثة التي تعرضت لها حضرموت والمهرة في أكتوبر ،غير أوضاع طلاب اليمن في المغرب، وماليزيا ،و سوريا ، والأردن، ولبنان .
وفي المجال القانوني أيد النواب تعديلات ذات طبيعة اقتصادية تتسم بالإصلاحات من بينها المادة (28) من القانون التجاري وتعديل الفقرة (أ) من المادة (248) من قانون الشركات التجارية بما يتيح للأجانب الاستثمار في اليمن دون شركاء يمنيين كما كان في القانون السابق، وأيضاً عدم اشتراط رأس مال يعيق إنشاء الشركات المحدودة، غير إنجاز مشروعي قانوني ضمان الودائع المصرفية وحماية المستهلك.
قوانين الإصلاحات السياسية
وفيما يتعلق بتعديلات القوانين المتصلة بالإصلاحات السياسية وتطوير النظام الديمقراطي في اليمن والمتعلق تحديداً بتنفيذ ما تضمنه البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام في جانب التوجه نحو الانتقال إلى نظام الحكم المحلي وافق النواب على تعديلين لقانون السلطة المحلية تم بناء على الأول إجراء عمليات انتخاب محافظي المحافظات في 17 يوليو من العام الفائت لتكون اليمن بهذا الانتخابات أول دولة عربية تجرى فيها انتخابات لمحافظي المحافظات .
وعلى صعيد أخر اقر النواب تمديد مدة المجالس المحلية الحالية لأربع سنوات أخرى لضمان عدم تزامن انتخابها مع الانتخابات النيابية المقررة في ابريل القادم بعد أن قدمت اللجنة العليا للانتخابات مبررات فنية تؤكد استحالة إجراء انتخابات نيابية ومحلية متزامنة نظراً لاختلاف الإجراءات الفنية التي تتطلبها الانتخابات البرلمانية المعتمدة على نظام الدوائر البالغ عددها 301 دائرة ،في حين تعتمد الانتخابات المحلية على نظام المديريات البالغ عددها 333 مديرية و المقسمة إلى دوائر محلية .
ورغم استكمالهم مناقشة مشروع قانون تنظيم حمل السلاح عقب تعثر إقراره لثلاث سنوات إلا أن رئاسة البرلمان علقت إعادة المداولة في نص يعتبر تنظيم حيازة الأسلحة من أهداف القانون على إثر خلافات حادة ورفض نواب من الوزن الثقيل للنص لأسباب أرجعها مهتمون لخلفياتهم القبلية.
لجنة الخدمات تتصدر تقارير الرقابة
وفيما يتصل بالنشاط الرقابي على مستوى اللجان الدائمة في البرلمان فقد تصدرت لجنة الخدمات بسبعة تقارير ، تلتها المالية والزراعة بستة لكل منها، فالشباب والرياضة والتعليم العالي بخمسة تقارير وأربعة للإعلام وثلاثة لكل من التجارة ، والدستورية وتقريرين لكل من الدفاع ، والعدل، والتنمية والنفط .
وأنجزت لجان التربية، المياه، القوى العاملة، الحريات ، تقنين أحكام الشريعة الإسلامية تقريرا واحدا لكل منها عرضت على النواب العام الماضي الذي لم يسجل في الجانب الرقابي أي تقارير للجان الخارجية، النقل ، الصحة، الشكاوى، السلطة المحلية طرحت تحت قبة البرلمان للنقاش . وإن كانت هذه اللجان نشطت في مناحي متعلقة باتفاقيات وقوانين .
وكذلك شاركت لجان خاصة من لجان مشتركة ، وأعضاء في إنجاز تقارير على رأسها التقرير الخاص بدراسة ميزانية الدولة للعام الجاري بتريليون و964 مليار ريال ، قررت الحكومة لاحقا تخفيض الإعتمادات الواردة فيها بنسبة 50% عدا المرتبات والأجور على إثر انخفاض أسعار النفط عالميا إلى مادون الخمسة والثلاثين دولارا نهاية السنة الفائتة في حين احتسبت الحكومة الميزانية على ِأساس 55 دولارا للبرميل من النفط الذي يمثل أكثر من (60%) من إيرادات الموازنة .
بيد أن القرار الحكومي بحاجة لمصادقة البرلمان عليه لرفض الأخير طلبا حكوميا يفوضها التعامل مع الميزانية على ضوء أسعار النفط عالميا.
وما زال أمام النواب قبل انتهاء فترة مكوثهم في البرلمان إلى إبريل القادم مهام متصلة بمشاكل أساسية منها مشروع قانون تدوير الوظيفة العامة، وآخران بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب،ومحاربة الإرهاب ،والأخيرين من القوانين التي تثيران خلافات حادة بين كتل الأحزاب خصوصاً في ظل بروز معارضة من قبل كتلة حزب الإصلاح لهذه القوانين وهي المعارضة التي ظهرت خلال استعراض المجلس للمذكرات التفسيرية المقدمة من الحكومة حولهما.