المؤتمر نت -

المؤتمرنت - أمين الوائلي -
أكثر من إرهاب..أكبر من مؤامرة: حلقات مسلسل (الاستهداف)

ليست (عقدة المؤامرة).. ولكن التبسيط والاستسهال يكاد يصبح «عقدة» بديلة تحاول الذهاب بالعقول والأنظار بعيداً عن الخطر المحدق.. وادعاء العقلانية قد يصبح هو الجنون بعينه، حيث يرفض الاستقراء الصعب.. ويفرض الاستغباء السهل.. ويفرط بفرصة استدراك الأخطاء وتحجيم الاخطار


صناعة القتلة


الذين أوقعوا بشبان في مقتبل العمر ودفعوا بهم إلى محرقة الانتحار وقتل الآخرين، لايزالون طلقاء ويخططون للايقاع بالمزيد من الضحايا.. وتفخيخ المزيد من الاجساد الآدمية بالمتفجرات والعبوات الناسفة.. والحاق الموت بالمزيد من الرجال والنساء والاطفال من اليمنيين والأجانب الذين ينزلون في ضيافة اليمن


وإجمالاً لايزال هؤلاء يتربصون بنا وبلادنا، وهمهم الأول والأخير هو مقتل أكبر عدد من الناس، وتفجير أكبر عدد من العبوات الناسفة، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الخسائر الموجعة وسوف يجعلهم هذا يقترفون أبشع الجرائم وأكثرها دموية وهمجية على الاطلاق


يحدث هذا في اليمن.. كما انه قد حدث ويحدث في مناطق مختلفة وأماكن متباعدة من العالم.. بتفاوت لا يقلل من خطورة ودموية الجماعات الإرهابية وتماثلها الرهيب من حيث الوسائل وعبثية الغايات التدميرية في سائر الأمكنة ومختلف الأزمنة.


 استعداء اليمن.. لمصلحة آخرين.!!


ليس ثمة خصوصية ما يمكن ان ننسبها للظاهرة الإرهابية في بلد ما أو مكان بعينه ولا تكون حاضرة معها في غيره من الأماكن، وقد تكون الخصوصية في البلد وليس في الظاهرة الإرهابية


 والخصوصية لدينا اننا بلد مسالم وشعب متسامح، والذين يستهدفوننا بالعمليات الإرهابية يدركون جيداً أنهم يستهدفون سمعتنا الوطنية ورصيدنا الانساني وحضورنا القومي المعاصر.. وفي التاريخ ايضاً. بمعنى آخر يستهدفون خصوصيتنا الرئيسة بدرجة قصوى.


ومن ثم فانهم يبالغون في اقتراف الجرائم واخراجها بطريقة صاخبة ومدوية للايحاء بخطورة مضاعفة تنتفي معها وفي ظلها خصوصية التسامح والسلام في هذه الظروف الصعبة، وهم يبذلون جهدهم كله في استعداء اليمن واليمنيين.. واستعداء العالم ضدنا، وقصدهم الى جانب القتل واشباع الغريزة الدموية والانتقام من الأجهزة الأمنية والادانة الشعبية العارمة ضد الإرهاب، هو تخفيف الضغط عن بؤر وتجمعات إرهابية في غير مكان في العالم -سيما في افغانستان- والالتفات بالعالم والقوى الدولية إلى منطقة أخرى وبلد آخر، بما يتضمن استعداء العالم ضدنا وضد بلادنا، ولاتزال هذه غاية وهدف أكثر من جهة وأكثر من جبهة، وتحالف الجميع فيما بينهم- بطريقة أو بأخرى- في أكثر من مرة ومناسبة لتأليف صورة اعلامية مشوهة تستجلب النقمة والعداوة ضدنا.!


 الذين يزاولون القتل والفساد في الأرض قصدهم معاقبتنا لأكثر من سبب.. وبأكثر من طريقة، وليس الشعار الديني المتطرف الذي ينخرطون في القتل تحت عنوانه العريض إلا جريمة مضاعفةلإلهاء الانظار والافكار عن حقيقة الإرهاب الممارس هنا ومن يقف وراءه.!


 الدلائل تشير إلى إدانة أطراف وجماعات هي صنيعة استخبارات دولية وعصابات مافيا عابرة لحدود القارات والبلدان.!


وهؤلاء لا يمارسون القتل فقط، بل وكل أنواع الجرائم والفساد والجريمة المنظمة.. ومنها جرائم المخدرات وغسيل الأموال والعملات المزورة، للتستر على مصادرهم المالية، وتمويل عملياتهم القذرة ويصبح الشعار الديني مجرد فزاعة لا أكثر.. والحقيقة غير ذلك، وان افلح الاعلام الدولي- والعربي بالتبعية- ان يصدر الظاهرة الإرهابية بوصفها منتجاً دينياً/ إسلامياً بالدرجة الأولى، وهناك دائماً قصور في تتبع الظاهرة الإرهابية- المؤسلمة- ومنابعها الرئيسية ومصادرها الحقيقية المغيبة عن النقاش.


 ما وراء (القاعدة)!


 (القاعدة) او ما كان اسمه وصفته، تنظيم لا يمكنه ان يحوز هذه الامكانات والقدرات التي تؤكد الوقائع والشواهد اليومية انه يمتلكها، ما لم يكن مرتبطاً بجهات وأجهزة وهيئات دولية تستحوذ على قدرات وخبرات المافيا المنظمة والجريمة العابرة للحدود والقارات


والحاصل ان جرائم غسل الدماغ وافساد العقول وزراعة عقائد القتل والدم والدمار وتوجيه الضحايا باقتراف القتل الجماعي -المجاني- والانتحار المجاني السهل، كل ذلك يشير الى خبرات علمية ومناهج مشهورة عن استخبارات دولية ومنظمات إجرامية حاولت السينما التوثيق لأساليبها وطرائقها وتاريخها في افلام سينمائية تحاكي ذلك الواقع وتعيد تمثيل الجوانب المخفية من التاريخ السري لمنظمات الإرهاب والجريمة العابرة.


 ضد التفسيرات الجاهزة


 استقطاب الشباب وصغار السن وتجنيدهم واقناعهم بالانتحار المجاني الرخيص والمدوي، يحدث خارج السياق الطبيعي الذي يصل التدين المتشدد بالإرهاب والعنف المسلح


ويود أغلبنا الاقتناع بالتفسير الجاهز والسهل لما يحدث من جرائم ومجازر وتجاوزات رهيبة، ولذلك يصبح من المنطقي تماماً الحديث عن جماعات إرهابية محدودة تمارس الإرهاب بذريعة التدين لا غير!


ولا أحد يسأل او يبحث عن مصادر التمويل والتدريب والخدمات اللوجستية والاستخباراتية التي تحظى بها هذه الجماعات عبر العالم؟ بدرجة أو بأخرى، هناك تحالف إرهابي دولي للفتك بالبلدان وصناعة الذرائع للتدخل وممارسة أنواع من الوصاية والابتزاز السياسي والاخلاقي والقرصنة الاستراتيجية الممتدة


 صناعة التدين المتطرف والمسلح والإرهابي احدى الاذرع الممتدة لتلك السياسات ولذلك التحالف الشيطاني. وما من شك فاننا مستهدفون من الجميع، وليس من الحكمة ولا من الموضوعية الاقتناع الاجباري بنوعية واحدة ومحددة سلفاً من التفسيرات الجاهزة والمقدمة على طبق الاعلام الفضائي والواردة من مراكز بحثية ومؤسسات مهمتها التمهيد للتدخلات وتخدير العقول ومنعها من التفكير خارج السياق المرسوم.!


الوجه الآخر للخطر


 التطورات الأخيرة.. وبشاعة الجرائم وهوية المنفذين وخلفياتهم الأسرية والثقافية والمادية وخارطة المولد.. النشأة.. التنقلات، وحداثة العمر، إضافة الى حيثيات أخرى ومهمة، تطلع عليها الأجهزة الأمنية، جميعها تنقلنا الى مستوى آخر وأخطر من الإرهاب المنظم والجريمة المصنوعة بعناية وتنشئة مدروسة قادرة على السيطرة الفكرية والعقلية.. والتحكم الشخصي والتوجيه، مع ضمان الانصياع والطاعة العمياء


 وفي المستوى الآخر من الجريمة المنظمة باستهداف أعم وأشمل لبلادنا ومجتمعنا وأمننا الوطني والقومي، تبرز جرائم المخدرات بكثرة مهولة وكميات تبعث على الخوف والخطر، وليس سراً ان المخدرات -بانواعها ومسمياتها- توفر المصدر الأهم والاشهر لتمويل الجماعات الإرهابية انطلاقاً من مزارع الحشيش والكوكايين في سهول ووديان مترامية من افغانستان معقل الجماعات المسلحة والمتطرفة، وأغلب المخدرات والكميات المضبوطة في سواحلنا ومدننا الشرقية تكون قادمة من هناك مروراً بجنسيات محاذية


ضف الى ذلك جرائم العملات المزورة وضرب الاقتصاد الوطني والعملة الوطنية بكميات مهولة من العملات المضروبة والسيولة الكاذبة.. وجزء منها يستخدم لتمويل العمليات الإرهابية والجماعات الفوضوية ومثيري العنف ودعاة الخراب


بتواطؤ السياسة والإعلام


أمراء الظلام يحاولون ايجاد قاعدة لهم وبنية تحتية يسندها الإرهاب الملون والجرائم المنظمة، ومهما اختلفت التسميات والاشكال والتموضعات، فاننا مستهدفون عبرها ومن خلالها جميعاً.. وجميعها على صلة ببعض ويربطها حبل سري، قد لا يراه النائمون وانصاف المستيقظين!


وفي مشهد آخر يبدو الاعلام -أو جزء كبير منه- (ورقي واليكتروني) وهو ينساق وراء الترويج لاخبار مجردة.. وقد يصل الأمر الى تمجيد وامتداح -غير مباشر- لقدرات وسبق الإرهابيين.!


ولا أحد يتطلع الى أكثر من ذلك، ولا أحد يريد ان يبحث او يسأل عمن يقف وراء ما يحدث؟ ولماذا؟ وكيف يحدث كل هذا؟! وبالنظر الى الدعوات والشعارات المناطقية والجهوية


، وبالنظر كذلك الى ما حدث ويحدث في جانب من محافظة صعدة يتخلى الاعلام عن الحياد -المزعوم- ويصبح جزءاً من مشكلة، يدين إجراءات المؤسسات الدستورية ومنفذي القانون، ويمهد حججاً ومبررات للكف عن ملاحقة المخربين وشرعنة وجودهم كحالة سرطانية متفاقمة! هل ما يحدث يحتمل تفسيرات أخرى سوى تفسير بسيط وعميق يزهد فيه أغلب المتنطعين ومفاده:


 ان جرائم وظواهر عدوانية واستهدافية مختلفة وان بدت متباعدة ولا رابط بينها، تحتمل ان تكون تفرعات وتمظهرات لخطر محدق ومجرم واحد!


على الأقل.. يجب عدم استبعاد احتمال ملح كهذا لحين اثبات العكس، ما لم فان المناكفة الحزبية، والكيد السياسي زائداً السلبية الاعلامية حد التواطؤ، لا توفر خدمة في صالح الحقيقة او ضد الخطر


لان ما نراه على هذا الصعيد ينم عن رغبة متراكمة في تجهيل المصدر الحقيقي والنهائي لكل هذه الاخطار، ويعمل أو يحاول ان يضعف من موقف وحجة الجانب الرسمي والسلطات الأمنية والحكومية، ويمنح الاطراف الأخرى -المشبوهة- مساحة للمناورة والمزايدة والاستقواء بانصاف المواقف والبحث عن شرعية لأعمالها ومخالفاتها ضد القانون والدستور.. وضد الشرعية الوحيدة للدولة ومؤسساتها الدستورية.


 ومع الأيام، وقد بدأ هذا بالتبلور، قد يتأصل الداء ويصبح التعامل معه على هذا الأساس (باعتباره خطراً وخطأً يجب تقويمه بالتراجع عنه أو إنهائه) مدعاة للرفض، وبالتالي فان مهادنته من الآن والتخلي عن معالجة مأمونة لجميع الأخطار سوف يكلفنا الكثير في المستقبل *نقلا عن صحيفة 22 مايو

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 07:00 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/68830.htm