رؤية للتأمل:الفنطسية والفانتازيا أن تكون كلمة الفنطسية التركية الأصل والمستخدمة كثيراً في اللهجة الصنعائية هي الكلمة التي جاءت منها كلمة الفانتازيا في اللغات الأوربية أوالعكس فهي الكلمة الوحيدة التي أسعفتني في ثاني أيام المؤتمر الثالث للصحفيين اليمنيين لوصف ما يدور فيه. والفنطسية طبقاً لما يقول المؤرخ القاضي محمد بن علي الأكوع لحوالي في الجزء الثالث من كتابه عن قصة حياته وبعض جوانب تاريخ اليمن الاجتماعي هي كلمة أعجمية تركية معناها الفرحة أو المهرجان والحفلة المشتملة على ضرب الموسيقى والألعاب الغريبة والعجيبة ونحو ذلك . ولكن كلمة الفنطسية باللهجة الصنعائية على زمان طفولتي قد حملت معاني أكثر تنوعاً مما قاله المؤرخ المذكور ،فهي لاتشمل الموسيقى ولكنهاتشمل التعبير عن حدوث أمر عجب،فيه جوانب للتسلية كما فيه جوانب للغرابة حتى أن بعضها لايحتمل قبوله على نحو جاد، وهذا هو الذي خطر على بالي وأنا أطلق وصفي.بينما كلمة فانتازيا التي تطورت في الغرب تحتمل معنى الإغراق في الخيال حتى حدود الغرابة ويكون ذلك في الفن أو في الأدب أو في أسلوب الحياة . البداية المطعمة بالشكوك: كانت المرة الأولى التي أدخل فيها الصالة الرياضية المغطاة والمسماة قاعة «22مايو» أي أنها قاعة المفروض أن تذكر بالوحدة لكنني عندما نزلت من نفس السلالم التي رأيت فيها على الشاشة منظر المرحوم جار الله عمر وهم يحملون جسمه الصغير وقدم مرفوعة وأخرى يتم جرجرتها على السلالم خالجني انقباض وصل حده الأقصى فتعوذت بالله من وساوس الشياطين وحاولت أن أرسم على وجهي بعض ملامح الطمأنينة. وما أن بدأت أعمال المؤتمر بأجهزة صوت لايسمع منها الحضور مايقال إلا بصعوبة بالغة حتى راودني الشك في جدية مايحدث زاد في الشك بعض من الصحفيين جواري تبادلوا من السخر يات المسموعة ما أضحكني لكنه عبر عن نفوس مملوءة بالتوتر والقلق ورسم لما يحدث طابعاً كاركتير يا لم أستطع أن أتخلص منه بقية أيام المؤتمر الا بجهد كبير. في الجلسة الأولى انتخبوني رئيساً للمؤتمر دون أن يختاروا شخصاً مؤقتاً يتولى عملية انتخاب هيئة رئاسة مؤتمرهم والتأكد من سلامة الخطوات وقبل أن أصل إلى منصة الرئاسة كانت الأصوات تقول إن النصاب غير مكتمل وكان النصاب في جلسة الافتتاح مكتملاً لكن جلسة بعد الظهر لم تشمل سوى الذين ضحوا بتخزين قاتهم في مجلس مريح ووصلوا هم ومن لايتناول القات إلى موقع المؤتمر. ولعدم اكتمال النصاب تم ر فع الجلسة إلى اليوم الذي يليه وفي اليوم التالي بعد اكتمال النصاب بدأت الحديث ولكن الأجهزة الصوتية مع الصدى المصاحب لها لم تكن أبداً قادرة على تلبية احتياجات مؤتمر يعمل المشاركون فيه عبر الكلام مسموعاً ومرئياً ومكتوباً. حاولت الصراخ فكادت حبال حنجرتي تنقطع و الأوراق تنهمر من كل صوب مكتوب عليها لا نسمع مايقال سألت بصوت عال هل تسمعون ماأقول؟ رد الكثير منهم لانسمع تعجبت كيف ياترى سمعتم سؤالي؟ قالوا عليك بالصرا خ. فجأة و جدت نفسي أمام موقف عجيب إما أن انسحب فلاناقة لي و لا جمل في هذا الهرج والفنطسية وإما أن آخذ بزمام الأمور وأتحمل نتائج فعلي فكان قراري الأول أن ننتقل من هذا المكان إلى مكان آخر وأن أقوم بالمرور على أغلب الحضور للطلب لهم مباشرة بإبلاغ غيرهم بالمكان والموعد الجديد. النهاية المكللة بالزهور: أمور كثيرة أ خرى اضطررت للقيام بها ألغت كثيراً من الجهود التي سبق تحضيرها لا جحوداً بل ضماناً أن لا تحدث أية مسائل أخرى تزيد من حالات التوتر والوساوس والظنون ورغم أن الجهد كان غير عادي إلا أن استجابة الصحفيين كانت أيضاً غير عادية.فبعد أن كانت البداية محملة بوعد الفرقة والشتات وبعد أن احتدت الكلمات حتى أوشكت أن تصبح عراكاً ولكمات حلت حالة من الطمأنينة ومارس الصحفيون والصحفيات الحوار والنقاش ثم الاقتراع على أكثر الطرق المعروفة تشدداً في أنظمة الديموقرطية في العالم. ومثلت الطريقة والشفافية والمصداقية حالة رضي بنتائجها الجميع بما في ذلك الذين خسروا فقاموا في الختام بتقديم باقة من الزهور أهداها الذي نجح بثقة جزء من الأصوات هو وأنصاره إلى الجزء الذي فاز بعدد أكبر من الأصوات. وتفوق الفائز على نفسه فأهدى الباقة لي وبدوري استجبت للتعبير الجميل فأهديت جزءاً من الباقة لزملائي في رئاسة المؤتمر وقرنفلة لرئيس الوزراء الذي حضر الافتتاح والاختتام وألقى خطاباً جميلاً ملوحاً بالزهرة في يده، وهو يعد الحضور بتنفيذ أحلامهم. وقد انفض المولد، صار قلبي معبأ بالفخر بهؤلاء الحالمين بمستقبل أجمل الذين أثبتوا أنهم قادة رأي وصناع تغيير ديمقراطي قولاً وفعلاً. مبارك للصحفيين نجاح مؤتمرهم، وللنقيب والمجلس الجديد الثقة الممنوحة لهم وستظل أعيننا مفتوحة على تنفيذ الوعود. [email protected] نقلاً عن 26 سبتمبر |