اليمن وطن الجميع اليمن الذي كتب سطور التاريخ الأولى على يد أعظم الحضارات الإنسانية، ظل مهداً لعروبة الأمة، وبيرقاً خفاقاً يتصدر صفوف الفاتحين لنشر الإسلام، فهو أول من قدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم للمبايعة، وهو من آخى بين الأوس والخزرج، وهو من أشار إليه المصطفى بأنه قبلة كل من تشتد عليه الفتن.. ولا عجب إن ظل وطن العفو والصفح والتسامح.. وإن ظل ابنه البار الرئىس، علي عبدالله صالح، يدعو للحوار والمحبة والتسامح، فذاك هو خلق اليمن وأهله.. اليمن وطن الجميع.. لأنه خير من صان فكر وثقافة الأمة، وحمل موروثها في كل حقب التاريخ، ولم يستكن لظلم محتل أو غاز.. بل ظل وطن ثوار سبتمبر وأكتوبر، ووطن كل الوحدويين الذين يرفضون ثقافة التشطير، ويسمون فوق الصراعات، وما من زعيم تولى حكم اليمن منذ الثورة إلا وشغله الشاغل توحيد اليمن، ورص صفوف أبنائها، حتى شاء اله ذلك على يد قيادة الرئىس الصالح الحكيمة التي أعادت تحقيق وحدتها بإيمانها بأنها قدر ومصير اليمنيين منذ فجر التاريخ.. وتحولت إلى الديمقراطية والتعددية الحزبية من غير أن يرغمها أحد على ذلك، أو يهددها بقوته إن لم تفعل، فصار يوم الثاني والعشرين من مايو عنوان فجر جديد لأبنائها الذين ودعوا النظام الشمولي وصار كل منهم يحكم من موقعه باختياره الحر لممثليه في البرلمان، ثم اختياره الحر للرئىس الذي يستحق ثقة أمانة حمل المسؤولية الوطنية. اليمن وطن الجميع.. لأنها ما عادت مجرد رئاسة تنفرد بصنع قرارها، بل أصبح الجميع مشاركاً في صنع قرارها - حتى المرأة التي كانت بالأمس مهمشة، ويحرمون عليها حتى حق التعليم بفتاوى لم ينزل الله بها من سلطان، بعد أن أغشى الجهل بصائرهم فلم يفطنوا كيف لأم جاهلة أن تربي جيلاً لأمة عظيمة كالتي علا بشأنها سيد البشرية محمد بن عبدالله «صلى الله عليه وآله وسلم»! اليمن وطن الجميع.. لأن الذين كانوا يتوارثون ملكها، ويدعون أنهم يستمدون سلطانهم من الله، ويقطعون رؤوس كل من يعارضهم برأي أو سياسة قد رحلوا بفضل دماء الشهداء، ونضال الثوار الشرفاء، وبفضل كل الخيرين الذين ما زالوا حتى اليوم يجتثون مخلفات تلك العهود البالية بنشرهم الوعي، وبتنمية المؤسسات الحضارية، وبالأخذ بأيدي الشعب إلى ناصية غد مشرق زاهر بإذن الله تعالى. اليمن وطن الجميع.. لأن زمن الحرية وحقوق الإنسان الذي رسخته قيادتها الحكيمة علم كل واحد من أبناء هذا الوطن أن يعبر عن رأيه كيفما كان، وأن ينتمي للحزب الذي يقتنع به، وأن ينتخب من يريد، وأن يصدر صحيفة، ويؤسس منظمة، ويصدر البيانات، وينظم المسيرات والاعتصامات، والإضرابات، وينتقد ما لا يعجبه أو لا يوافق قناعاته، وأن يقاضي من يظلمه مهما كان مركزه، وأن يفضح الانتهاكات للحقوق، أو الغبن الذي يحيق به.. فلا شرطي يعتقله، ولا جهاز يزج به في زنزانة، ولا نظام يأمر بسحلة في الشوارع، أو نفيه خارج الوطن. اليمن وطن الجميع.. لأن قيادتها ما عرفت حقداً على أحد ممن أساءوا، حتى الذين حملهم القضاء مسؤولية فتنة الانفصال عفا عنهم الرئىس، ودعاهم للعودة إلى أحضان اليمن ليشاركوا في مسيرة البناء والتنمية، فوطننا يتسع للجميع وصدر قيادتنا مفتوح للتسامح والعفو، فمن كان خلقه الإسلام لابد أن يكون من «الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين» صدق الله العظيم. اليمن وطن الجميع.. لأنها البلد الذي يشرع قوانينه نواب شعبه في البرلمان، وليس الرئىس والذي يفصل في الأحكام فيه سلطة قضائية مستقلة وليس الرئىس.. ولأن الذي يتصرف بالموارد والجبايات الضريبية هي سلطات محلية منتخبة على مستوى القرية، وليس الرئىس.. فكل واحد من أبناء هذا الوطن صار يحكم ويمارس دوراً في التنمية وإصلاح شأن البلد، وحتى الأطفال صار لهم برلمانهم الذي يمنحهم حق استجواب أي وزير أو مسؤول حكومي بكل ما يتعلق بمصالحهم وحقوقهم. اليمن وطن الجميع.. لأن قيادتها المخلصة أمنت حدودها بتفاهم سلمي مع الأشقاء، وسهرت الليالي لتطهرها من الإرهاب وكل من يتربص بها لسوء كي تنام عيون الشعب قريرة لا تطاردهها فتاوى تكفير، أو إرهاب حاقد على كل منجز تكاتفت له سواعد الشرفاء لبنائه وإعلاء طود الوطن به بما يسمو بمكانة اليمن واليمنيين أينما ذهبوا من هذه الأرض. اليمن وطن الجميع.. لأن كل أبناء شعبنا اليوم يعتزون بوحدتهم الوطنية، ويفاخرون ببلدهم أينما كانوا من هذا العالم الفسيح، ولأنهم يدركون بوعي مسؤولياتهم، ومتحمسون للوقوف خلف قيادتهم التاريخية المناضلة يبنون بلدهم، ويعمرون لمستقبل أجيالهم، ويدافعون عن كل لبنة فيه من الفساد، والانتهازيين، والطامعين، والمساومين على وحدته وأمنه وسلام شعبه. اليمن حضن دافئ يتسع للجميع، طالما وملؤه المحبة، والتآخي، والتكافل، والتسامح، وطالما قد عرفنا التاريخ بأننا الشعب الذي آخى بين الأوس والخزرج، وحمل بيارق دين المحبة والسلام إلى أقاصي بقاع الدنيا، وشهد لنا الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم.. |