لا للمتاجرة بمصالح الشعب رهان البعض في اليمن والمنطقة على عدم تأقلم الشعب اليمني مع الديمقراطية والمناداة بحكم الحزب الواحد، بإيهام الآخرين بأفكار خاطئة عن عدم انسجام الديمقراطية مع العادات القبلية والعشائرية ونسبة الجهل والأمية في بعض أوساط الشعب اليمني، جاءت عكس تطلعاتهم من خلال إطلاق العنان لحرية الرأي الشخصية والعامة وحرية الصحافة وخلق مناخ ووعي ديمقراطي عام للشعب باعتباره صاحب قرار ولاعب أساسي في العملية السياسية ودوره في عملية الفصل النهائي لحسم الانتخابات. المعارضة هي الوجه الأخر للسلطة والتي بدونها لا طعم للديمقراطية، بإعطاءها الفرصة الذهبية النادرة لصحافتها بالتباهي بكتاباتها بكل حرية، والتي لولاها لما استطاعت التجاوز، حتى ما تمس مصالح الوطن وسمعته وسيادته. الديمقراطية من أرادها عليه أن يصبر على نارها الموجعة ولكن المعارضة تفهم الديمقراطية من منظور خاطئ وأفكار ضعيفة من خلال الاستفزاز السياسي وتحطيم كل جميل وعدم أخذ اعتبار للايجابيات، وتتجاهل الانجازات وتأخذ ببعض السلبيات مرجعاً ولا تتوخى الدقة من المصادر، وما تسببه من مزايدات وأكاذيب وتهويل وتشويه صورة اليمن أمام العالم بطريقة غير مسئولة وغير منطقية أو مبررة من خلال الصحف والمؤتمرات، وحتى تصل إلى مبتغاها وأهدافها ولو كان على مصالح الشعب والوطن, فعلى المعارضة الاعتدال والتخفيف، لأن صراعها يفترض أن ينحصر مع السلطة بطرق سياسية متبعة ديمقراطياً وليس مع الوطن والشعب بالرغم مما مرت به البلاد من منعطفات خطيرة في المد والجزر واختلاف الرؤى إبان التقاسم على السلطة وانفجار الوضع بإعلان الانفصال في صيف 94م من طرف واحد، لمن أراد التنصل والتراجع عن قرار الوحدة لإعادة تشطير الشعب وجعل الانفصال ملاذهم الأخير، إلا أن الحكمة والصبر للقيادة الحكيمة كان لها الدور الفاعل بالسيطرة على الوضع والتي حسمت بالنصر الكاسح لإرادة الشعب وتمسكه بمكتسبات وحدته، ورغم ذلك لم تتراجع قيادتنا الرشيدة مطلقاً عن مبدأ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والامتثال لخيار الشعب بل زادتها قولاً وعملاً بمزيد من الديمقراطية، وبدا ذلك جليا من خلال الانتخابات البرلمانية والمحلية وعلى مستوى رئاسة الجمهورية وفوز حزب المؤتمر الشعبي العام بالأغلبية الساحقة في كل الانتخابات بالتأكيد على تزكية القرار المصيري لحكم الشعب بتمسكه والتفافه حول قيادته بالإجماع الشعبي عبر صناديق الاقتراع لمن هو الأجدر في إدارة دفة المسيرة من خلال حرية الاختيار ونزاهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة شهد لها العالم بأسره تمت تحت إشراف الهيئات والمنظمات الدبلوماسية والدولية ومندوبي الوكالات الإعلامية فكان لي كلمة كنت أتمنى أن اكتبها في موضع خاص للبعض الذين ينسبون لأنفسهم المبادئ والقيم في ظل الديمقراطية بغرض الابتزاز وتغطية فشلهم وتجدهم ينتقدون الوضع، تباكون بدموع التماسيح وإظهار حسرتهم على الشعب والوطن، لكسب ود الشهامة، من خلال دغدغة مشاعر المستضعفين بالعزف على أوتار النغمات القديمة متفرقة العنصرية بين الشمال والجنوب. وقولهم إن بأن الفساد مستشر، وأن الحريات مفقودة،وأن الحكومة لا تراعي مقدرات الشعب، وأشياء أخرى يستحيل أن تأتي من أشخاص هم أكبر من تلك التصريحات. ويصبحون في ليلة وضحاها أوصياء على الشعب ودعاة إصلاح وتنكشف الأقنعة وتبرز الأنياب الحادة، ولأنهم دعاة مصالح و ليسو دعاة إصلاح، تتقلب ألوانهم كألوان الطيف لو أعيدت لهم مصالحهم، ويتركون المبادئ التي كانوا بها يدغدغون ويفقدون مصداقيتهم، فلماذا لم يصلحوا أنفسهم قبل أن يصلحوا الآخرين بإصلاح الفساد عندما كانوا فيها كما هم يعلمون . ولماذا تفتح الأفواه، وتظهر الوطنية والتباكي على الشعب ومقدراته عندما تفقد المصالح ولماذا ظلوا صامتين عندما كانوا أحد أركانها يتقلدون المناصب. فكان الأولى بهم أن يرفضوها بدلاً من أن يرعون مع الراعي ويأكلون مع الذئاب. هؤلاء قلة على الساحة لايمثلون إلا أنفسهم وهناك شخصيات وطنية على الساحة جديرة بالاحترام من أهل الكلمة والرأي ومن المثقفين البارزين أهل المبادئ والقيم، الذين يلبسون النظارات البيضاء لتقريب الحقائق، ينتقدون ويشيدون بشفافية مطلعة وصادقة سواء كانوا مع السلطة أم خارجها، ويحتفظون بمبادئهم الثابتة والنابعة من صميم قناعاتهم بما يطرحون من قضايا، سماتهم أهل مبادئ، وهمهم مستقبل الوطن؛ لا مصالحهم، ولا تتحول وجوههم كما تتحول الرياح، يعتزون بإنجازات بلادهم وما كسبه الشعب والوطن وما حققته الوحدة المباركة من التحولات والتحديات، وما يشهده الوطن من التنمية والتعليم والتطور الملحوظ وفي كل المجالات المدنية والعسكرية،وما ترجم من خلال الديمقراطية على الساحة الوطنية والسياسية وما حققته الدبلوماسية اليمنية من قفزات وحضور مميز ومكانة مرموقة فرضتها لنفسها على الصعيد العربي والدولي، وكثير من أمثالهم، يعرفهم الشارع اليمني، منهم من رحلوا ومنهم لا زالوا يعيشون بيننا. * عضو اللجنة الدائمة |