المؤتمر نت - عبد الملك الفهيدي
عبد الملك الفهيدي -
الحكم المحلي.. مشروع اليمن الجديد
لم يعد هناك مجال للحديث عن مسألة الإرادة السياسية فيما يتعلق بالتوجه نحو الحكم المحلي.. فقضية توجه القيادة السياسية للبلد نحو الحكم المحلي -بغض النظر عن واسع الصلاحيات أو كامل الصلاحيات- بات أمراً واقعاً وهو ما أكدته قيادة الدولة سواء على لسان رئيس الجمهورية الذي اعتبر ذلك وفاءاً بالوعد الذي قطعه على نفسه للناخبين، أو على السنة نائب الرئيس ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الشورى وكافة قيادات الدولة وهو الموقف الذي أبانت عنه المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية.

ولأن المختصين يؤكدون أن موضوع الانتقال للحكم المحلي يحتاج إلى عدد من المتطلبات في مقدمتها الإرادة السياسية فإن الحديث اليوم يجب أن يتوجه نحو البحث عن الجوانب الأخرى مادام المتطلب الأول أصح متوافراً.

ومن هنا يمكن القول أن مهمة الانتقال إلى الحكم المحلي أصبحت في ملعب الحكومة من جهة والبرلمان من جهة ثانية، والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والسلطات المحلية من جهة ثالثة.

وانطلاقاً من ذلك فإن على الحكومة الإسراع في تجسيد توجيهات رئيس الجمهورية الصريحة والواضحة بتحويل الإستراتيجية الوطنية للحكم المحلي إلى واقع ملموس من خلال البدء بإعداد مشاريع التعديلات القانونية الخاصة بالحكم المحلي، وكذا إزالة التعارضات التي تتضمنها بعض القوانين مع هذا التوجه.

أما مهمة البرلمان فتكمن في أداء دوره في تسريع مناقشة وإقرار القوانين ذات الصلة بالحكم المحلي، وكذا التعديلات الخاصة بالقوانين التي تتعارض مع قوانين السلطة المحلية، ولأضير في أن لا يكتفي البرلمان بذلك بل يؤدي دوراً أوسع في هذا المجال ، وبدلاً من انتظار ما ستقدمه الحكومة من مشاريع تشريعية تتعلق بالسلطة المحلية والحكم المحلي يمكن الإشارة إلى أهمية أن يستغل النواب صلاحياتهم الدستورية التي تمنحهم حق تقديم مشاريع قوانين لمساعدة الحكومة في الإسراع باستكمال البنية التشريعية الخاصة بالتوجه نحو الحكم المحلي .

وهناك مسؤولية ملقاة على عاتق الأحزاب السياسية التي يجب أن تدرك الأهمية الوطنية لهذا التوجه خصوصاً وأنه كان مطلباً لها جميعاً وتسرع في الحوار والتوافق على الصيغ التي يمكن من خلالها الانتقال نحو الحكم المحلي بدلاً من استخدام الموضوع للمزايدات والمناكفات السياسية.

أما المسألة الأهم فهي المتعلقة بدور السلطات المحلية في المحافظات في استيعاب وترجمة هذا التوجه من خلال تجاوز المفاهيم والممارسات غير القانونية والعشوائية التي ظلت تمثل إحدى أبرز معوقات أداء السلطات المحلية لاختصاصاتها.

إن على أعضاء المجالس المحلية أن يدركوا أن الانتقال إلى الحكم المحلي ومنحهم الصلاحيات لن تأتي عبر الركون إلى ما سيقدمه المركز لهم من تنازلات في الصلاحيات والاختصاصات بل عليهم أولاً استيعاب الصلاحيات القانونية الحالية ، والبدء بالإسهام في بلورة وتجسيد مشروع إستراتيجية الحكم المحلي والمشاركة في وضع المقترحات والمعالجات الناجعة لتعديل القوانين، ورسم حدود الصلاحيات التي يتوجب نقلها للمجالس المحلية لأداء مسؤوليتها.

ويمكن التأكيد هنا على أن مسألة استيعاب أعضاء السلطات المحلية دورهم يمثل حجر الزاوية في مسار الانتقال نحو الحكم المحلي، ذلك أن نقل الصلاحيات، وتعديل القوانين لن يصبح مجدياً لتجسيد هذا التوجه إذا ما فشل أعضاء المحليات في استيعاب وأداء صلاحياتهم الحالية واللاحقة على الوجه الأكمل .
وعليهم أن يدركوا أنهم قادرون على ترجمة مفاهيم الحكم المحلي سيما مع وجود قناعة وإرادة سياسية كاملة تدعم هذا التوجه وهو ما يتوجب عليهم استغلاله لإنجاح هذا المشروع الإصلاحي الديمقراطي الأهم لبناء اليمن الجديد .





تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 09:44 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/71055.htm