المؤتمر نت - عبدالعزيز الهياجم
عبدالعزيز الهياجم -
التصالح والتسامح
«إنها دعوة صادقة ومخلصة نوجهها للجميع من أجل التصالح والتسامح والحوار وتجنب المهاترات الإعلامية وكل الممارسات التي تخلق مناخات التوتر وتعكر صفو السلم الاجتماعي، لأن ما حدث للأسف خلال العامين المنصرمين كان عملا غير سوي لعرقلة التنمية والاستثمارات وخلق مناخات غير إيجابية من التوتر افتعلها البعض دون أي مبرر أو ضرورة ومن أجل الوصول إلى السلطة، ولكنها في الواقع ألحقت بالوطن ومصالحه العليا الضرر الكبير».

< هذه الفقرة التي شملت كل ما يعتمل على الساحة الوطنية، وبإيجاز، اجتزأتها من كلمة فخامة رئيس الجمهورية والتي تصدرت عدد «الثورة» ليوم الجمعة الماضي بمناسبة ذكرى السابع عشر من يوليو وتحت عنوان «دعوة للتصالح والتسامح».. واختياري لها جاءت من كون كل قارئ حصيف لا يمكنه إلا أن يتوقف أمامها كثيراً ويستشف معانيها وأبعادها، ويستشرف ملامح المخرج الذي وضعته والذي يلبي كل الدعوات المخلصة ويدحض كل الافتراءات والمزايدات التي تبناها البعض حول «التصالح والتسامح» وحول الحوار إبتغاء الفتنة وإبتغاء «تأويله» وليس بنوايا حسنة أو صادقة.

< فقبل عامين أو أكثر خرج إلينا البعض بما عرف بملتقيات أو منتديات أو تجمعات أو لقاءات «التصالح والتسامح» ليس في بادرة خير وتكفير لكل الجرائم والمجازر ودورات العنف والتصفيات الدموية وأعمال التنكيل التي مارسوها بحق أبناء هذا الشعب وبالأخص بصورة أكثر وحشية بحق أبناء المحافظات التي يذرفون عليها دموع التماسيح.. ولكنها كانت في بادرة طبخة تآمرية جديدة لتشكيل محور شر» جديد ضد الوطن والشعب وضد الوحدة والأمن والاستقرار ومسيرة التنمية.

< وعندما تشير كلمة الرئيس إلى أن «ما حدث للأسف خلال العامين المنصرمين كان عملا غير سوي لعرقلة التنمية والاستثمارات وخلق مناخات غير إيجابية من التوتر افتعلها البعض دون أي مبرر أو ضرورة ومن أجل الوصول إلى السلطة، ولكنها في الواقع ألحقت بالوطن ومصالحه العليا الضرر الكبير».. فقوة ومصداقية هذا الطرح لا تنبع فقط من كونه تشخيص دقيق لما حدث ويحدث.. ولكنه يستمد قوته وأساسه الراسخ، الشواهد والفظائع التي ارتكبها هؤلاء في زمن الشمولية وفترة التشطير وقبل أن تكون هناك شماعة «نظام وحدوي» يلقون عليه بكل وقاحة أخطاء وخطايا ماضيهم السوداوي».

وحتى ندحض افتراءاتهم دعونا لا نتحدث عن العام 1978م بكونه ارتبط به تاريخ 17 يوليو الذي مثل انطلاقة جديدة في مسيرة الاستقرار والتنمية والوحدة والديمقراطية كون البعض ينزعج من التذكير بمنجزات القيادة الحكيمة.. ولنتذكر يوم آخر في عام 1978م وهو يوم 26 يونيو الذي شهد اغتيال الرئيس المرحوم سالم ربيع علي (سالمين) ومثل ذلك اليوم الأسود بتلك الجريمة الوحشية والتاريخية هو الآخر «عملاً غير سوي ألحق بالوطن (في المحافظات الجنوبية آنذاك) ومصالحه العليا الضرر الكبير». والجميع يعلم أن جُرم «سالمين» هو أنه كان وحدوياً وكان رجلاً سبق عصره بإدراكه لأهمية احتذاء النموذج الاشتراكي الصيني الذي يجمع مبدأ العدالة الاجتماعية في الاشتراكية ومنهج البناء والإنتاج الذي يفتح الباب لرأس المال ولا يقيده.

ولو كان قدِّر لذلك التوجه أن يمضي قدماً لكان لدينا في جزء من الوطن نموذجاً نهضوياً رائداً في المنطقة.. لكن للأسف وأد ذلك المشروع أولئك الذين وأدوا وهم في السلطة.. ولا زالوا يعملون وعن بعد لوأد كل شيئ جميل في هذا الوطن.
< وبالعودة إلى «دعوة التصالح والتسامح والحوار» فينبغي النظر إلى أن هذه هي الرؤية للمرحلة القادمة وهي بمثابة «الماء يكذب الغطاس» وهم قبل نحو عامين حاولوا أن يوهموا الناس بأن السلطة والنظام ضد كل ملتقى أو لقاء للتصالح والتسامح وأن القيادة السياسية تريد أن يظل الإخوة أعداء.. لكن هذه الدعوة الرئاسية اليوم تسحب البساط من كل دعواتهم وادعاءاتهم، وينبغي أن يدرك الجميع بأن فخامة الرئيس بهذا الطرح أراد أن يوجه رسالة مفادها «نحن من يسعى إلى أن يسود التصالح والتسامح والحوار في هذا الوطن» ولكن ليس تصالح المتآمرين على بعضهم فيما مضى من أجل التوحد حول مؤامرة جديدة يكملون بها ما بقي من حياتهم ومن مسيرتهم الملوثة.. ولكن تصالح وتسامح من أجل المحبة والإخاء ونبذ ثقافة الكراهية والبغضاء والسمو فوق الصغائر والمصالح الأنانية والذاتية والاتجاه نحو حوار جاد ومسؤول تحت قبة مؤسسات الدولة الدستورية.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 06:51 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/72044.htm