المؤتمر نت -
-
من ينقذ الوطن منهم
بعض القوى السياسية سواء المنضوية منها في أحزاب اللقاء المشترك أو تلك التي ما زالت تبحث عن دور أو أدوار بعد أن فاتها الزمن وتجاوزها العصر وبدلاً من أن تسعى إلى إصلاح نفسها وتقويم مواقفها ومعالجة أزماتها المستفحلة واتخاذ مواقف وطنية تنحاز فيها إلى الوطن ومصالحه العليا وكل ما يحفظ أمنه واستقراره.. نجدها مع الأسف الشديد تصر على تكرار أخطائها دون أن تستفيد من الإخفاقات التي منيت بها في السنوات الماضية نتيجة مواقفها الملتبسة وانسياقها وراء أجندتها الخاصة التي تسعى إلى تحقيقها عن طريق ركوب الموجة وتبني الأنشطة الهدامة الضارة بالوطن ووحدته واستقراره.. وأسوأ ما في هذا الاندفاع المتهالك أنه الذي يعيد إنتاج نفسه بما يدل على أن تلك القوى السياسية والحزبية قد وصلت إلى درجة من العقم ولم تعد بقادرة على التمييز بين الخطأ والصواب والمشروع وغير المشروع والمكفول دستورياً وديمقراطياً وما يندرج في إطار "المحذور" ويصب في المجرى المناهض للمصلحة الوطنية.
وتبدو ملامح هذه الذهنية بكل مثالبها وخدوشها فيما تداولته بعض وسائل الإعلام عن تلك المسرحية الهزلية التي قام بأدوارها وبطولتها عناصر لا تجيد فن التمثيل ولا فن السياسة ولا أي فن آخر ليسدل الستار على تلك المسرحية الممجوجة بما أطلق عليه "وثيقة الإنقاذ" ولا ندري من فوض هؤلاء الأشخاص حتى يجعلوا من أنفسهم أوصياء على الوطن وأبنائه؟ ومن أعطاهم الحق أيضاً أن يتحدثوا باسم منظمات المجتمع المدني والأحزاب وهم الذين لا يمثلون سوى أنفسهم أو بضعة أحزاب هي بحاجة إلى من ينقذها منهم وكيف غاب عن هؤلاء أن الشعب اليمني لديه مؤسسات دستورية منتخبة هي من يحق لها وحدها أن تنوب عنه في أي شأن يخص الوطن؟ وكيف سمح هؤلاء لأنفسهم بالحديث عن الإنقاذ الوطني وهم من لا يملكون رؤية أو توجهاً واضحاً يحكم مواقفهم ويضبط تعاملهم مع قضايا الوطن؟!.
وهل من المعقول أن من يخلع قناع وجهه ويغيره في اليوم أكثر من مرة يمكن له أن يكون مصلحاً أو مرشداً لخطى الوطن؟.
وهل يعتقد هؤلاء أو بعضهم أن الوصول إلى أهدافهم يمكن أن يتحقق من خلال التبرير للعنف والتمرد والخروج على الدستور والقانون وارتكاب جرائم القتل والتقطع في الطرقات ونهب الممتلكات العامة والخاصة وإقلاق الأمن والسكينة العامة وتهديد السلم الاجتماعي والإضرار بالوحدة الوطنية؟!.
وإذا كان هؤلاء يعتقدون أن بوسعهم خداع بعض البسطاء من الناس بشعاراتهم الجوفاء فإن عليهم أن يعلموا أن بلادنا التي انتهجت الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية أتاحت للجميع أحزاباً وأفراداً أن يعبروا عن آرائهم بكل حرية.. وأن يتنافسوا في ما بينهم للوصول إلى السلطة بالبرامج السياسية والانتخابية ونيل ثقة الجماهير في صناديق الاقتراع وليس بتقمص الأدوار الكاذبة وادعاء البطولات الزائفة والمتاجرة بالوطن والالتفاف على الحقائق واتباع أساليب التدليس والتضليل حيث وأن من يريد الوصول إلى السلطة عليه أولاً أن يكون أميناً مع نفسه ومع الآخرين ومترفعاً ومتسامياً عن الصغائر وبما يمكن حزبه عبر برنامجه حصد النتائج في الانتخابات والوصول للبرلمان ومن ثم تنفيذ رؤاه وتصوراته أما إذا كان أولئك يبحثون عن مكاسب سياسية أو حزبية أو ذاتية بعيداً عن صناديق الاقتراع ومخرجاتها فعليهم أن يعلموا أن ذلك أمر محال في بلد اتخذ نهج الديمقراطية والتعددية السياسية خياراً لا رجعة عنه.
وعليه فإذا كان الشعب اليمني يلتمس الأعذار للخاطئين بدافع الحرص على التجربة الديمقراطية والإبقاء على أبواب التوبة مفتوحة أمام من تصحو ضمائرهم ليكفروا عن أخطائهم بحق وطنهم فإن هذا الشعب لن يغفر أبداً لمن يحاول إشغاله في معارك سياسية هامشية وجانبية بهدف تشتيت تركيزه في أكثر من جهة في الوقت الذي هو أحوج ما يكون إلى حشد كل جهوده في مواجهة التحديات الماثلة وفي صدارتها فتنة التمرد والتخريب التي أشعلتها العناصر الإرهابية الحوثية في بعض مديريات محافظة صعدة وإخماد هذه الفتنة واجتثاثها من جذورها.
ومن المهم أن يدرك الجميع أن هذا الشعب لن يسمح بأي حال من الأحوال لأي كان بخرق سفينة الوطن أو دفعها في الاتجاهات غير الآمنة.
وعلى أولئك المزايدين أن يتقوا الله في وطنهم فلا يسخرّون أنفسهم للهدم بدلاً عن البناء فإن لم يستطيعوا الإسهام في البناء فليس من الوطنية أن يتسابقوا بشكل محموم في اختلاق الأزمات والتطوع بوعي أو بدون وعي في تقديم التبريرات للحاقدين والمتآمرين على هذا الوطن والتعامي على الأدوار البطولية والتضحيات العظيمة التي يقدمها رجال القوات المسلحة والأمن الأفذاذ الذين يسطرون أنصع ملاحم الشرف والكرامة والإيثار والتضحية.
وليس من الحصافة والنخوة أن يجاهر بعض السياسيين والحزبيين بجحودهم لهذا الوطن الذي منحهم الحياة الآمنة والمستقرة والعيش الكريم فبادلوه كل ذلك العطاء بالعقوق والعصيان.
والسؤال: من ينقذ الوطن من هؤلاء وأمثالهم ؟!!.

افتتاحية صحيفة الثورة
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/73563.htm