انتهازية خاسرة في الوقت الذي يخوض فيه أبناء القوات المسلحة والأمن الأبطال مواجهة فرضتها عليهم عصابة التمرد الإجرامية التي اقترفت جرائم لم تستثنِ آخر محرمات الحروب وهي النساء والأطفال .في هذا الوقت الذي تكشف فيه للجميع ضلوع أجندة خارجية في إعداد وتنفيذ ذلك التمرد بهدف زعزعة الأمن والاستقرار وصولاً إلى تقويض مفهوم الدولة .. وفي هذا الوقت تظهر علينا بعض القوى السياسية بمواقف أقل ما يمكن أن توصف به أنها انتهازية وغادرة وطعن في الظهر، ليس ضد النظام السياسي الحاكم بل ضد صاحب القضية الأصلي الشعب اليمني الذي لم يعد يقبل بأقل من إنهاء التمرد والتخريب، وإحباط المؤامرة واستعادة أمنه واستقراره، وهي طعنات وإن كانت غير قادرة على النفاذ إلى الجسم اليمني الصلب والمتين إلا أنها أضافت لتلك الأحزاب في رصيد الانزلاق في مستنقع التحالف الفعلي مع أعداء الوطن والتآمر على قضاياه . آخر هذه التقليعات ما ظهرت به تلك الأحزاب يوم أمس تحت مسمى وثيقة الإنقاذ الوطني، التي تفتقت عنها عقولهم، وجادت بها قرائحهم لإخراج البلاد من أزماتها والحفاظ على الدولة من الانهيار - على حد وصفهم . لن نخوض في بحث وتفنيد أبعاد ومرامي هكذا موقف، ولن نغوص في لجَّة توصيفه التوصيفات ( غير المشرفة ) التي تفرضها أدوات الاستفهام من ؟ متى ؟ كيف ؟ لماذا ؟ ولكن سنتناوله بموضوعية وتبسيط . إن من يزعم أن الدولة تعيش انهياراً شديداً أو يصف الأوضاع العامة في اليمن بالمنهارة لا يخرج عن اثنين ، إما أنه مصاب بالنزق والمغالطة والتطرف في تفسير الوقائع،فلا يرى من الكأس إلا عشره الفارغ وبالعدسة المكبرة! أو أنه يصف الوضع بما يتمنى أن يكون عليه وليس بما هو كائن فعلاً، وفي الحالتين عقليةٍ كهذه لا يمكن أن نتوقع منها رأياً سياسياً ووطنياً سديداً ولا يصح الوثوق بأطروحاتها . إن تعمد المشترك الربط بين مطالب بعض إخواننا في المحافظات الجنوبية والتي تعمل الدولة بإخلاص على حلها تحت مظلة الوحدة اليمنية وبمنأى عن أصحاب المشاريع الساقطة، أقول الربط بينها وبين الأحداث في صعدة وفي هذا التوقيت بالذات، يؤكد سوء نية مبيتة لديهم، ويشير إلى دخولهم استثماراً من نوع جديد هو الاستثمار في أزمات الوطن وقضاياه وتوجيهها نحو الاستفادة منها في تحصيل مكاسب خاصة وفرض تسويات لم يتمكنوا من الحصول عليها عبر صندوق الانتخابات . أدهشونا وهم يطرحون الحل السحري للتمرد في صعدة، والمتمثل في وقف الحرب وحقن الدماء، ويا للتناقض!! كيف تدعي تلك الأحزاب أنها تسعى لترسيخ وتقوية وبناء الدولة ثم تعود لترى أن الحل يكمن في وقف خيار الحسم العسكري وإبقاء التمرد؟ هل يستقيم قيام الدولة القوية القادرة مع وجود تمرد وتخريب وإرهاب وخروج على القانون؟ تمرد استنزفت معه كل أشكال الحوار والوسائل والأساليب السليمة لإنهائه فباءت بالفشل، وهل يمكن الجمع والتوفيق بين النظام والفوضى، والبناء والتخريب، والدولة والتمرد؟ بالتأكيد يستحيل ذلك إلا في أوهام من أتحفونا بهذه الوثيقة فقط. لا مجال هنا لتبرير الإرهاب والتمرد والخروج على القانون وتمزيق الوطن وفتح الباب واسعاً للمؤامرات والتدخلات الخارجية تحت ذريعة وجود فساد مالي وإداري في بعض المرافق الحكومية فليس صحيحاً أن يعالج الخطأ بالخطيئة، والجنحة بالجريمة الجسيمة، والفساد بإراقة الدماء والتهديد بتمزيق الوطن. ولا ننسى أن نسأل تلك الأحزاب أين وما هو الرصيد الوطني والسياسي والشعبي الذي يؤهلها بالخروج بوثيقة كهذه وبهذا المسمى ؟. التفسير الوحيد للمفاجآت المدهشة التي تخرج بها أحزاب المشترك هو أنها قد اكتشفت أخيراً غيابها عن الاضطلاع بأي دور وطني وفاعل في القضايا الوطنية فمضت تبحث لنفسها عن ظهور ملفت وصوت مسموع ودور ضائع ولأنها فوتت على نفسها اللحاق بقطار الوطنيين أصحاب المواقف المشرفة، فإنها لجأت إلى ركوب عربة الانهزاميين، المتخاذلين، المنقلبين على الوطن التي تسير بعكس الاتجاه ولأنها كذلك فلن تلتقي مع الوطن في يومٍ من الأيام . ختاماً نقول لعمرك لو كانت تلك الأحزاب اتخذت موقفاً مسانداً ومطابقاً لإرادة الشعب وقيادته نحو القضاء على التمرد واستعادة الأمن والاستقرار، لأجبرتنا على احترامها وسجلت لنفسها موقفاً تفخر به غداً ولكن هذا خيارهم فليهنأوا به!!. |