المؤتمر نت -
عبدالعزيز الهياجم -
المأساة
ما عرضه تلفزيون الفضائية اليمنية أمس الأول من أحاديث لنازحين جراء المواجهات مع المتمردين في صعدة كشف عن أعمال يندى لها الجبين يمارسها هؤلاء المتمردون بحق النساء والأطفال والشيوخ، وشيء من تلك المأساة الإنسانية عرضتها قناة العربية في تقرير لمراسلها بصنعاء.

ما أصعب أن تسمع امرأة تروي ما تعرضت له هي وغيرها من النساء اللواتي تجبرهن العناصر الحوثية المتمردة على أن يتحولن إلى مجرد خادمات يطبخن ويقدمن لتلك العناصر ما يشبع شهواتها ونزواتها.. وما أشده من ألم حين يحكي شيخ طاعن في السن ما تعرض له من ضرب ووحشية وصفها بالقول أنه لو كان الصهاينة فعلوا مع الفلسطينيين مثل ذلك ما كان هناك اليوم من فلسطيني على قيد الحياة.

وما أتعس من مشهد أن ترى وتسمع قصص الأطفال الذين أجبروا على القتال وحمل السلاح إذا كان العالم والمواثيق الإنسانية والأخلاقية تكافح عمالة الأطفال وترفض حرمانهم من الاستمتاع بطفولتهم والتفرغ للعلم والثقافة وصقل مواهبهم في المجالات المختلفة كإعدادهم لتحمل المسئوليات حين يكبروا ويصلوا إلى السن المناسبة ويصيروا مكلفين بالعمل، فما بالنا حين نكون أمام ظاهرة التجنيد الإجباري للأطفال.

وبدل أن يعيش هؤلاء فرحة العيد ويشترون الألعاب النارية والطماش وإن كانت هذه يفترض أنها ممنوعة لكن تظل أفضل وأهون من أن يجد طفل نفسه مجبراً على حمل أسلحة حقيقية وذخائر وقنابل أو أن يحملوه حزاماً ناسفاً ويقولوا له "أنت مكانك فوق" كما قال الإرهابيون لعادل إمام في فيلم السفارة في العمارة.

وكل تلك الممارسات اللا إنسانية والمأساة التي بات يعيشها أبناء صعدة والمديريات المتاخمة من أجل ماذا؟.. من أجل أن تقوم قائمة لجماعة مسلحة تخدم أهداف ومخططات تستهدف اليمن وأمنه واستقراره وتنميته والتعايش القائم بين مكوناته الاجتماعية.

فهل تدرك القوى السياسية والحزبية أنه لو قدر لهذه الجماعة المسلحة الخارجة على النظام والقانون أن تشب عن الطوق فإنها ستكون شوكة في خاصرة هذا الوطن وستجبر الآخرين على الانصياع لها والتسليم بأن سلاحها خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه أو التحدث عنه وأنه سلاح مقاوم ما دامت ترفع شعار الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل، كما هو حاصل في بلدان عربية أخرى أصبحت فيها الديمقراطية والحياة السياسية ومصير الوطن تحت أقدام الجماعات المسلحة.

تابعنا جميعاً ما حدث في لبنان بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي فازت فيها قوى 14 آذار بالأغلبية التي يفترض في إطار الديمقراطية أن يكون لها الكلمة الفصل في تشكيل الحكومة حتى ولو كان هناك منطق التوافق الذي تعيش به لبنان كبلد طوائف.. المنطق أنه لا يمكن للأغلبية أن تقصي الأقلية في لبنان، لكن ما هو غير منطقي وغير معقول أن تظهر الأغلبية أضعف من الأقلية وغير قادرة على فعل شيء أكثر من شهرين عجز خلالها رئيس الحكومة المكلف عن التوصل إلى تشكيل حكومة ترضى عنه قوى المعارضة برغم كل التنازلات واضطر أخيراً إلى الاعتذار.. لماذا؟ لأنه لا معنى إطلاقاً للديمقراطية وللأغلبية وللتوافق ما دام هناك طرف مسلح يضغط ويقرر ما يريده هو ويقول بأنها " تظل عنزة ولو طارت".

ورأينا في فلسطين كيف أن السلاح غير المشروع والسلاح العبثي أصبح وبالاً على القضية الفلسطينية بدلاً من أن يكون سلاحاً مقاوماً فعلاً وليس قولاً.. قبل سنوات كان لوم العالم والمجتمع الدولي ينصب على إسرائيل باعتبار أنها تنسف كل جهود السلام، أما اليوم وبعد أن أصبحت السلطة الفلسطينية تجد نفسها أمام قوى مسلحة تفرض شروطها كند لند.. أصبح الإسرائيليون يتحدثون بكل أريحية أن على الفلسطينيين أن يتفقوا أولاً في ما بينهم وبعد ذلك يأتون للتفاوض والجلوس على طاولة الحوار.

السلاح العبثي وغير المشروع يمكن أن يفعل الكثير ويدمر الكثير من الأوطان.
[email protected]


تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 10:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/73706.htm