الحسم.. ما لم فإنها الكارثة القضاء على الارهابيين بصعدة يعد من أكبر التحديات التي تواجهها الدولة نظراً لما سيترتب على ذلك من حسمٍ للعديد من الازمات المفتعلة، خصوصاً وأن القوى المريضة تترقب باهتمام شديد النتائج التي ستؤول إليها نتيجة المعركة لتبني على ضوئها سيناريوهاتها التآمرية اللاحقة. وبالرغم من التقدم الملحوظ إلا أن ذلك لم يبدد حالة القلق خشية من عودة اللاحرب واللاسلم الى صعدة، وهو شعور يقوم على محاذير واقعية، إذ ان أية هدنة ستكون أشبه بكارثة لليمن ولليمنيين، حيث سيفجر المتآمرون قنابلهم لتنفيذ أجندتهم التدميرية في أكثر من منطقة لتتسع دائرة التآمر على مستوى الوطن فيصعب السيطرة عليها، لأن الشعب سيشعر بأنه قد تعرض لعمليات خداع قادت البلاد الى انتكاسة خطيرة، خاصة وأن دروس التسامح مع الحوثيين قد جعلت أطرافاً خارجية تكشر عن أنيابها تحدياً للسيادة والقرار اليمني، الأمر الذي يفرض على الدولة القيام بخلع أنياب ومخالب الطامعين الذين يحاولون العبث بأمن واستقرار اليمن. كما أن عدم الحسم عسكرياً ستكون له تبعات خطيرة على معنويات أبناء القوات المسلحة والأمن، لأن أية هدنة ستولّد في لديهم حالة من الإحباط واليأس والانكسار لاسيما وأن كل عمليات وقف الحرب قد أوجدت أبواقاً تروج أساطير وأوهاماً عن استحالة هزيمة عصابة الارهاب والتخريب، ولهذا لابد من مراعاة الجانب النفسي والمعنوي لأبناء القوات المسلحة والأمن الذين كانوا يغادرون مواقع تمركزهم بعد أن قدموا أعز الرجال للاستيلاء عليها ليعود الارهابيون للسيطرة عليها دون أية خسائر. أعتقد أنه لا يجب علينا أن نتجاهل وجود أخطاء تُرتكب، ومن ذلك أن تداعيات المعركة الاخيرة إعلامياً في الخارج عكست قدرة ومقدرة واضحة لدى الارهابيين على نقل المعركة الى جبهات اخرى تخدم مصالح خارجية بعد ان ظلوا يخفون وجوههم التآمرية خلف أقنعة »المشاعر الانسانية« طوال السنوات الماضية. فموقف الخارجية الايرانية المعلن قبل أيام حمل صيغة استعلاء مستفزة لمشاعر اليمنيين باشتراطهم حل قضية المتمردين سلمياً.. وان اعتبر البعض ذلك نصيحة وليس أمراً ، لكن كان الأولى بالإيرانيين أن يوجهوا لأنفسهم ذلك النصح وان يضغطوا على عملائهم في صعدة للجنوح للسلم وعدم رفع السلاح في وجه الدولة. كما أن بروز أصوات عربية في هذه المواجهات امر يفرض على الدولة سرعة الحسم العسكري للفتنة، لأن تلك الاصوات- وإن بدت اليوم تُعد بالأصابع- قد تتحول غداً الى جبهة مؤثرة يكون من الصعب تجاوزها.. الشيء الآخر اللافت أن الارهابيين خططوا مبكراً لتأليب الرأي العام على بلادنا حيث ظلوا يمارسون أبشع وأشنع أساليب التنكيل بالمواطنين ويقترفون مختلف الأساليب الإجرامية ضدهم لتشريدهم بهدف خلق مشكلة النازحين من أجل استثمارهم عبر المنظمات الانسانية للترويج عالمياً عن وجود قضية لدى الحوثيين، الأمر الذي يجعلنا ندرك أن لامحرمات لدى أولئك الدمويين، لأنهم جُبلوا على القتل منذ أن غدر جدهم بسيف بن ذي يزن قبل الاسلام. إذاً فأي تردد عن الحسم عسكرياً سيجعل هؤلاء الارهابيين يدبرون مكائد أشد وحشية وبشاعة لإنهاك شعبنا واقتصادنا وإلحاق المزيد من الخراب ببلادنا والعبث بسلمنا الاجتماعي.. وهذا يعني الكارثة، زد على ذلك أن بلادنا ستكون عرضة لتهديدات جديدة، لأن ظهور أطراف خارجية تشترط الحلول السلمية مع المتمردين والعصابات المسلحة يعني ان اسرائيل ستتخذ من ذلك مبرراً للتدخل في شؤون بلادنا أيضاً بدعوى حماية اليهود اليمنيين مثلاً، وألمانيا ستطالب بالتدخل لإطلاق مواطنيها المختطفين بالقوة أو ستضطر للتفاوض مع المتمردين لأنها تجد أن الدولة ضعيفة.. وهلم جرا. إذاً لابد من الحسم العسكري قبل أن تجد اليمن نفسها أمام أكثر من مؤامرة مسلحة في مناطق أخرى لها تغطية وحماية خارجية تارة بدعاوى مناطقية وأخرى مذهبية مثلاً ليتحول بعدها أصحاب المشاريع الصغيرة الى قوى رعب تكبر وتتمدد وتنتشر في كثير من المناطق مثلها مثل حركة المجوسي الحوثي الذين بدأوا اشخاصاً وصاروا عصابات مسلحة تتحصن بالجبال والخنادق وتعجز أجهزة الدولة عن إخضاعهم بسهولة سلماً أو حرباً.. إذاً فالمثل الشعبي يقول: »وجع مرة ولا كل مرة« ولابد من الحسم عسكرياً.. وإلا فإنها الكارثة. |