الانتقام في أقبح صورة يبدو أن الطبع غلب التطبع لدى المشترك بحيث لم يعد لدى قياداته من عمل سوى النكاية بالنظام السياسي، حتى لو كانت تلك النكاية بدعم التمرد المسلح الذي يقوده الحوثي في صعدة ضد سلطة الدولة، وضد الدستور والقانون.. وبرغم أن الكثيرين ظلوا يظنون -وبعض الظن إثم- أن المشترك وقياداته سيتعلمون من الدروس، وأن خمسة تمردات سابقة كانت كفيلة بإقناع قيادات المشترك للعدول عن مواقفها المتكررة والداعمة للحوثي وفتنته، إلا أن تلك الظنون ذهبت أدراج الرياح، وعاد المشترك ليمارس هواياته القديمة الجديدة في الوقوف ضد الدولة وضد الدستور وضد القانون، وقبل ذلك ضد الشعب اليمني الذي يلتف اليوم من أقصاه إلى أقصاه خلف قيادته السياسية من أجل القضاء على فتنة التمرد. وإذا كانت مواقف الدعم المساندة لكل أعمال التمرد والعنف ضد الدولة باتت سمة من السمات الأصيلة التي تتسم بها مواقف المشترك، إلا أن الغريب أن تلك المواقف لا تبنى على رؤية سياسية تجاه الوطن بقدر ما هي مواقف مبنية على عقلية تفكر بمكايدة النظام والسلطة والحزب الحاكم، خصوصاً وإن مواقف الأحزاب المنضوية في إطار المشترك تتباين وفقاً لأيديولوجيتها الفكرية والسياسية. وبعبارة أخرى فالاشتراكي عندما يدعم ويساند التمرد الحوثي فإنما يحاول رد الجميل لمن وقفوا معه إبان فتنة الانفصال، وقبل ذلك فهو يمارس سياسته السابقة المعروفة في دعم التمردات المسلحة، كما حدث إبان التشطير، حينما كان يدعم ما كان يعرف بالجبهة في المناطق الوسطى. أما بالنسبة لموقف حزب الحق غير الشرعي في دعم التمرد، فهو لا يحتاج إلى تفسير ومثله موقف اتحاد القوى الشعبية.. لكن في المقابل يبقى موقف التنظيم الناصري، وموقف التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) في دعم تمرد الحوثي غريباً، وغير مفهوم، وتبرز تساؤلات كثيرة عن السبب الذي يجعل من التنظيم الناصري يدعم ويساند تمرداً هادفاً إلى إعادة حكم الإمامة التي كان لمن يدعون الانتساب إلى فكرة الزعيم جمال عبدالناصر شرف مساندة الشعب اليمني للقضاء عليها. وهي ذات التساؤلات عن موقف حزب الإصلاح الذي يسعى للقضاء على الحوثي وفقاً لأجندة فكرية وسياسية ترى في حركة الحوثي خطراً عليها قبل أن يكون خطراً على الدولة والنظام. ولعل هذه التباينات كفيلة بالتأكيد على أن تلك المواقف المساندة والمتماهية مع التمرد من قبل أحزاب المشترك لا تعدو أن تكون محاولة للثأر من النظام كما قال فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حين أشار إلى أن أطراف هذا التكتل اجتمعت على معاداة النظام بسبب الماضي، فالاشتراكي لديه ثأر مع النظام بسبب حرب الانفصال، أما الناصريون فلازال هاجس القضاء على انقلابهم عام 78م في أذهانهم وهم يحاولون ربما تكراره وإن كان بوسيلة أخرى وبأيدٍ غير أيديهم، أما الإصلاحيون فثأرهم مع النظام يتمثل في شعورهم بفشلهم في الإدارة والخروج من الحكم بعد المشاركة في حكومتي الائتلاف منذ 93 وحتى 97م. ولعل ذلك التفسير الذي أشار إليه رئيس الجمهورية في لقائه الأخير مع قناة «الجزيرة» كفيل بإيضاح الصورة الانتقامية التي يمارسها المشترك، لكنها صورة قبيحة وقذرة؛ لأنها وإن كانت في ظاهرها مكايدة للنظام السياسي، إلا أنها في الحقيقة عمل انتقامي تتعدى مخاطره إلى معارضة الوطن والوقوف ضد إرادة الشعب اليمني، وضد حقائق التاريخ. |