|
الصفا والمروة.. سعي وطلب للرحمة "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم" صدق الله العظيم. هو أول ما يصدح به الحاج أو المعتمر عندما يدنو من الصفا قادما من باحة الكعبة بعد أن ينهي شعيرة الطواف، وما أن يصل الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها فيوحد الله ويكبره ويحمده بالدعاء ثلاث مرات "الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده". والصفا والمروة هما جبلان يقعان في شرقي المسجد الحرام والسعي بينهما سبعة أشواط من الشعائر الواجبة التي يقوم بها الحاج أو المعتمر، في تجسيد لسعي السيدة هاجر زوج النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام بين جبلي الصفا والمروة بحثا عن الماء وهي خائفة على ولدها الرضيع إسماعيل عليه السلام من الهلاك بسبب العطش. ويستذكر الحجيج هذا المشهد كل عام منذ تلك الواقعة، وهم حينما يشربون من ماء زمزم فإنهم يسترجعون فضل الله على السيدة هاجر حينما تفجرت الأرض عن ذلك البئر تحت قدمي سيدنا إسماعيل عليه السلام، وما زالت حتى اليوم تسقي حجيج بيت الله الحرام. وفضلا عن كونه ركنا من أركان الحج فإن السعي بدلالاته ومعانيه وحجم الجهد الجسدي الذي يتطلبه، واحد من الممارسات الإسلامية التي تهذب النفوس وتوحد الأمة كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، حيث تجد الجميع يتزاحمون على أداء هذا الركن، وليس أمامهم سوى طلب الرحمة من الله والتضرع إليه أن يتقبل منهم حجهم لبيته. تطوير المسعى وفي الماضي لم يكن المسعى غير شارع ترابي يربط بين جبلي الصفا والمروة، تحيط به مساكن ومحلات تجارية، لكنه شهد منذ القرن الماضي حملات تطوير عديدة حيث تم فرشه وتبليطه بالحجارة ثم بالرخام منعا لإثارة التراب ومن ثم تسقيفه وإزالة المباني السكنية والتجارية المجاورة له تزامنت مع توسعة المسجد الحرام، ومن ثم بناء طابقين في المسعى لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الساعين. وتبع ذلك إقامة حائط طولي ذي اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة والمرضى الذين يستعينون بالكراسي المتحركة في سعيهم مع إقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه إلى قسمين لتيسير عملية السعي. وبالتالي دمج المسعى داخل مباني المسجد الحرام. وفي العام الماضي أدخلت تعديلات كبيرة في المسعى بلغت تكلفتها نحو ثلاثة مليار ريال أسهمت في توسعة أشواط المسعى في العرض وزيادة طابق ثالث. فرح غامر عدد من الحجاج تحدثوا للجزيرة نت بعد اتمامهم شعيرة السعي، فقال حاج من إندونيسيا تجاوز الستين من العمر إنه قضى عمره بانتظار هذا اليوم وإنه كان يخشى أن يفشل في مواجهة هذا الزحام وجهد الطواف والسعي لكن تمكن بفضل الله من إتمام العمرة التي تسبق الحج بسهولة. حاج آخر من المغرب قال إنها أيام عظيمة ومشهد لم يكن في خياله بأن يرى كل هذه الحشود من المسلمين تتضرع بصوت واحد لله وتطلب الرحمة والمغفرة، وأكد أنه يشعر اليوم بوحدة هذه الأمة أكثر من أي وقت. حاجة من ماليزيا قالت إنها أدت فريضة الحج لأول مرة قبل ثلاثة أعوام، وهي ترى أن المسعى قد شهد تطورا ملموسا فبات السعي أكثر سهولة بعد التوسعة، وأكدت أن حب المسلم لبيت الله يجعل شوقه متصلا للمشاعر المقدسة حتى لو حج كل عام. المصدر: الجزيرة |