مؤتمر لندن بين الأحلام والكوابيس! الأربعاء القادم ينعقد مؤتمر لندن الذي دعا إليه رئيس الوزراء البريطاني (جوردن براون) بخصوص اليمن مع أول يوم في هذا العام فجعل الأنظار في الدنيا كلها تتجه صوب هذا البلد تبحث عما إذا كان قد أصبح يهدد الأمن والسلام العالميين بالفعل... وأظن أن مجيء العشرات من ممثلي الوسائل الإعلامية الدولية إلى صنعاء بعدها قد جعلهم يدركون أن حقيقة الأوضاع ليست كما تصوروا حيث كانوا يظنون أنهم سيجدون بلداً يتقاتل شعبه في كل الشوارع لكنهم على العكس من ذلك رأوا أوضاعاً مستقرة وطبيعية والناس يعيشون حياتهم بشكل اعتيادي... بالطبع لا أقصد بذلك أن كل شيء على ما يرام إلا أن مشاكلنا معروفة وواضحة وهي لا تعني بحال من الأحوال أن البلد على وشك التفكك والنظام على وشك الانهيار كما يحلو للبعض تصويره، وأظن أن هذا ما أدركه هؤلاء الصحفيون فكتب بعضهم بواقعية أفضل مما يكتبه بعض زملائنا الذين يحرضون الخارج على وطنهم للأسف الشديد ولا يتورعون عن ترديد أحاديث من نوع أن هناك تحالفاً بين النظام والقاعدة أو أن هذه الأخيرة كانت جزءاً من النظام وما شابه ذلك من أقوال وكتابات مؤسفة بحق. وكما يظن بعض الحالمين الرومانسيين أن مؤتمر لندن سيدر علينا ذهباً وأموالاً، فإن بعض المصابين بكوابيس المؤامرات السوداء يظنون أن مؤتمر لندن سيجلب لنا الاحتلال والدمار والثبور وعظائم الأمور... وبين هؤلاء وأولئك يجب على حكومتنا الرشيدة أن تذهب برؤية واقعية وعملية لتتحدث مع أقطاب المجتمع الدولي الذين سيجتمعون لأول مرة على هذا المستوى الوزاري الرفيع ليستمعوا إلينا بجدية في مؤتمر لن تزيد فترة انعقاده عن ساعتين إلى ثلاث بالكثير وهي كافية إن أجدنا عرض طبيعة مشكلاتنا، ذلك أن ما يجب أن نعلمه جيداً هو أن المجتمع الدولي- وفي مقدمته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا - يريدون اليمن بلداً موحداً قوياً مستقراً معافى اقتصادياً وليس غير ذلك، فالذين يتوهمون أن الغرب يريد احتلال اليمن أو تفكيكه يجب أن يراجعوا أنفسهم بدلاً عن ممارسة تحريض الداخل على الخارج وتحريض الخارج على الداخل، ذلك أن معاناة الغرب في العراق وأفغانستان واضحة ولم يعد هناك مجال لفتح بؤر أخرى. أتصور أن مؤتمر لندن يمكن أن يكون فرصة حقيقية لعرض قضايانا عليه وبالتالي اكتساب تعاطف حقيقي معها، فنحن نعاني من مشكلات اقتصادية مؤرقة وهي تكاد تكون السبب الأساسي لبروز تيارات التطرف والعنف بصورها وأشكالها المختلفة من انفصالية وقاعدية وحوثية... ومع إدراكنا أن هذا المؤتمر ليس مؤتمر مانحين ولن يقدم مساعدات اقتصادية لكنه يمكن أن يكون مفتاحاً لدعم حقيقي وجاد لليمن في قابل الأيام، وهذا سيعني بالتأكيد أن نعيد النظر في الكثير من آليات أدائنا الإداري والاقتصادي على المستوى الوطني خلال الفترة المقبلة لنكون أهلاً للتعامل الكفؤ مع كل أشكال الدعم والتعاون المتوقعة. |