|
عبث الفتاوى ... وخطاب «طالبان» قرأت كغيري الفتوى التي نشرها الموقع الرسمي للشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك متضمنه تكفير مستحل الاختلاط ووصفه بالدياثة، والحقيقة أن موضوع الفتاوى التي تطلق من حين لآخر يجب التوقف عنده والتأمل فيه كثيراً، بل إنه يتوقع أن تتدخل الدولة لوضع حد له بدلاً من ترك الحبل على الغارب ليقوم أي فرد كائناً من كان بإصدار الفتاوى التي تبيح القتل وتدعو له علانية وعلى الملأ من دون أن يكون هناك عقاب رادع لذلك، فهذه مدعاة لشريعة الغاب وليست دولة القانون والنظام التي حرص ولاة الأمر على قيامها وتطبيق شريعة الله بها منذ تأسيسها وحتى هذا اليوم. هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم متحدثين رسميين باسم الدين والمجتمع يعتقدون أنهم يحتكرون الحقيقة، ولا يرون أن هناك أي لغة أخرى غير لغة العنف والقتل والتهديد والوعيد لمن يخالفهم الرأي وهذا ما يجب أن يتصدى له الجميع. حان الوقت لتقوم الدولة بحماية مواطنيها من هذا الخطر والعبث والفوضى، بل والمحافظة على سمعتها ومكانتها وشكلها الحضاري أمام العالم أجمع بأن تصدر تقنيناً بصفة عاجلة لتنظيم الفتوى ومرجعياتها بحيث يُمنع، بل ويُعاقب أي شخص أو جهة تصدر فتوى بالقتل، أو أي شكل من أشكال العنف، أو الإضرار بالناس، أو بأي فرد من أفراد المجتمع، وأن يكون الخيار الوحيد لمثل هؤلاء الذين يمارسون هذا النوع من الإفتاء في حال وجود رأي مخالف لهم حول أمر ما، هو اللجوء إلى القضاء للبت في مثل هذه الأمور وتحديد العقوبة المناسبة إذا ثبت أنهم على حق، فالقضاء لا بد أن يكون هو الفيصل والجهة الوحيدة التي تحسم مثل هذه الأمور، لاسيما أن قضاء المملكة معروف بتطبيقه الكامل للشريعة الإسلامية ولن ينحاز لأي أمر مخالف لها مهما كانت عليه الحال. إن إيجاد تنظيم لمثل هذه الأمور لا بد من أن يأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء الذين يدعون أو يفتون بالقتل أو أي شكل من أشكال العنف الجسدي أو النفسي يجب أن يُحالوا إلى القضاء فوراً ويحاكموا محاكمة الإرهابيين لأنهم بذلك يحرضون على القتل والعنف والجريمة والفوضى والدمار، ويجب أيضاً أن يُعاقبوا لأن خطرهم على المجتمع يفوق خطر الإرهابيين أنفسهم، ولأن ترك الأمور على حالها وعدم حماية المجتمع منهم ليس فيه خطر على حياة الناس وانتهاك حقوقهم فحسب، بل إن السكوت على هذا الأمر ربما يُفسر بأنه قبول بمثل هذه الفتاوى، وهذا ما يسيء كثيراً لصورة الوطن ومواطنيه لدى العالم أجمع. الأمل كبير في أن تقوم الدولة باتخاذ قرارات كبيرة وعاجلة للنهوض بالمجتمع حفاظاً على هذا الكيان وكرامة وحماية مواطنيه لكي يستطيع الفرد أن يفكر ويعبر ويتحرك بحرية وأمان، وأن يجتث هذا النهج والفكر «الطالباني» من جذوره ليعلم الجميع، وبالذات هذه الفئة التي تحض على العنف والقتل والدمار، أن المملكة هي مملكة الإنسانية والسلام والمحبة. *الحياة |