بقلم-عبد الواحد الهدادي -
"الام المسيح" The passion of the christ
نحن في اليمن لن نشاهد "الام المسيح" في السينما، غير ان عبدالناصر مجلي أول من كتب عن انطباعاته بعد مشاهدته الفلم في ديترويت. مجلي كتب من هناك عن الام المسيح للممثل ، المخرج الامريكي ميل غيبسون في مقالة مطولة في "الثقافيه"، ونصح فيها الاعلام العربي باستغلال الفرصه. والفرصة التي يراها مجلي ان الفلم وضح للمشاهدين الامريكيين خلاصة مفادها: ان كان اليهود قد فعلوا بالمسيح فعلا وحشياً، فمصيبة الفلسطينيين اعظم اليوم تحت رحمة هذه النفسية.

قد لايكون مجلي اول يمني يشاهد الفلم الذي بدأ عرضه في 25 فبراير باكثر من 2000 دور سينما، الا انه كان محظوظاً ان شاهده في اول عرض له في اربعاء الرماد 25/فبراير. ظهر في لبنان وشاهده جمهور يتقدمه الرئيس اميل لحود الذي وجد أن الفلم موضوعياً ويستند الى الانجيل. وكانت تهمة الجماعات اليهودية انه خرج عن الاناجيل الاربعه، واتهمته باللاسامية، وانه سيزيد العداء لليهود من جديد.

يحكي الفلم قصة الساعات الأخيرة للمسيح قبل صلبه ، ويبدو ان غيبسون, وهو استرالي, مسيحي أصولي, بقي أميناً للنص وأخرج فيلماً يحفل بمشاهد مروّعة من العنف الدموي.

ولانه يحفل بالعنف الدموي ثار عليه النقاد بسبب جرعة عنف كبيرة، خاصة بعد وفاة مسنة امريكية بسكته قلبية جاءتها بعد مشاهدة الفلم.

وأتوقف هنا امام عبارات يوصف فيها مجلي عذا بات المسيح عليه السلام في الفلم : " عندما ثبتت يدية الى صخرة بدأ العذاب ينصب عليه جلداً بقسوة لانظير لها حتى انني سمعت اصوات نشيج وبكاء في قاعة العرض التي امتلأت عن اخرها". ويضيف: " لقد شكل عرض الفلم صدمة لم تكن متصورة على الاطلاق ودفع المشاهدين لطرح اسئلة مفاجئة على انفسهم" أهذا هو المسيح الذي احببناه؟". ويصف في منتصف مقاله المطول التقنية العالية التي ابتدعها غيبسون وكيف اثرت على الحاضرين كان المسيح في زمننا: " كنت أسمع شهقات وعويلاً مكتوماً وبكاء مسموعاً في ارجاء القاعة ،ثم فجأة يشق صمتنا المتابع للفيلم صوت احد المشاهدين ملئ بالغضب: "لماذا أيها القتله… انه المسيح توقفوا"! لقد استطاع المخرج ان ينقل الفاجعة كاملة. ويضيف مجلي نقطة مهمة: " طول الفلم لم نشاهد المسيح يبكي او يستنجد باحد فهو كان يدري بانه رسول ممتحن بقوم لايصدقون بالرسل والانبياء".

بعد أقل من شهر على توزيع الفيلم في طريقه الى ان يصبح أعلى الأفلام دخلاً في التاريخ, فهو حصد في اليوم الأول 20 مليون دولار, وأكثر من مئة مليون دولار في أسبوعه الأول, والرقمان قياسيان، بينما تكلفته 25 مليون دولار. وكان من نتيجة الحملة اليهودية عليه ان فاقت الدعاية له أي خطة مرسومة للترويج, وردت جماعات مسيحية متطرفة بحجز حفلات عرض كاملة لأعضائها.

حملة يهودية منظمة بوجه هذا الفيلم لم يُسكنها حذف الآية الانجيلية. في رواية إنجيل متى يقول كبير الكهنة قيافا للحاكم الروماني بيلاطس البنطي "أقتله ودمه علينا وعلى أولادنا", وتعرّض غيبسون لضغط هائل لئلا يدرج هذه العبارة. وهو في النهاية أخرجها من الترجمة الانكليزية الخطية للحوار الذي يجرى باللاتينية والآرامية, الا انه أبقاها في الحوار نفسه.

المهاجمون اليوم هم اليهود... وذلك بكل بساطة, لأن غيبسون يتجاوز في فيلمه تماماً, كل قرارات مجمع الفاتيكان (1962 - 1965) الذي برّأ اليهود من تهمة قتل المسيح. وليس الأمر صدفة, أو نزوة فنان كما بدأ يتضح. لماذا؟ لأن غيبسون, متحدر من اسرة متدينة, كاثوليكية الجذور رفضت دائماً موقف الفاتيكان الإصلاحي. بل ان والد السينمائي, ويدعى هاتون غيبسون, كوَّن حول نفسه وأفكاره جماعة تعد ما لا يقل عن 100 ألف لمناوأة الإصلاحات الفاتيكانية.

وهكذا اذا ما عرفنا أثر القصة في نفس ميل غيبسون - هو المسيحي المؤمن - لا نعود نستغرب انتظاره أربعة عشر عاماً بلا ملل قبل ان يشرع اخيراً في تنفيذ الحلم الذي لاحقه كل تلك السنوات. حلم لم يكن ليصل الى ذروته لولا اصرار مخرجه على رسم الواقع في أدنى تفاصيله, باللغة المحكية في ذلك العصر, بالآرامية والعبرية واللاتينية...

وختاماً اقول لمجلي ردا على نصيحته للاعلام العربي : يكفي ان فاق الرد المسيحي لليهود توقعاتنا، وبذلك ظهرت هشاشة التحالف اليهودي المسيحي الذي نشأ في ضوء الدعم الثابت الذي تقدمه ادارة جورج بوش إلى إسرائيل. والفلم رد صريح على عدم اعتراف قسم كبير من المسيحيين ببراءة اليهود من دم المسيح مايعقد امور الحياة لليهود.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 26-يونيو-2024 الساعة: 03:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/7879.htm