|
الولاء الوطني الولاء الوطني شعور وجداني واحساس نفسي نابع من خلجاتنا.. يترجمه العمل ويبلوره الوعي الى تجسيدات عملية تعبر عن حب الوطن والاستعداد دوماً على التضحية في سبيله، والاخلاص له، والعمل من أجل رقيه وعزته وتقدمه ليكون مفخرة لاي وطني حقيقي تشّرب هذه المعاني والمضامين والدلالات مع حليب أمه، وترسخت وتعمقت في روحه وعقله وهو يستظل بسمائه ويفترش ارضه وينعم بخيرات عطاءاتها.. فالوطن ليس المكان الجغرافي، بل ذلك الانتماء العميق الذي لا يمكن فيه فصل الانسان عن وطنه، والذين لا يحملون هذه المشاعر الفياضة السامية تجاه أوطانهم هم اولئك الذين فقدوا آدميتهم ووطنيتهم وباتوا على استعداد للتفريط بهذا المبدأ والقيمة العظيمة لهثاً وراء اشباع غرائزهم الحيوانية ومطامعهم الذاتية والانانية فلا يتوانون عن المتاجرة بأوطانهم وقضاياها في اسواق العمالة والارتزاق.. يفرطون بالوطن مقابل اثمان بخسة وفتات الاموال المدنسة، وهم في تحقيق ذلك يسعون الى استبدال الولاء الوطني بالولاء الصغير المناطقي والقروي والقبلي والعشائري ليحل مكان الولاء الجمعي للوطن الذي يستظل به الجميع.. عاجزين عن ادراك حقيقة ان الله سبحانه وتعالى استخلف الانسان في الارض ليعمرها، وليس ليعيش كسائمة تغريها مطامح الدنيا ومغرياتها، بل يعمل وهو يفكر بمن ستأتي بعده من الاجيال، ولو ادرك هؤلاء بأن الانسان عندما يغادر هذه الدنيا الفانية لا يحمل معه منها سوى قطعة قماش ويهال عليه التراب، وتبقى حياة البرزخ مرتبطة بما قدمه في دنياه، ولا يبقى له إلا عظيم الاعمال وما أرضى به خالقه وما قدمه لوطنه وشعبه وأمنه من خدمات جليلة . لكن من المؤسف ان البعض يتغلب عليه شيطانه ويدفعه الى حالة من الانانية المفرطة وحب الذات تنتابه حالة هوس لجمع المال الحرام وتغليب مصالحه الدنيوية الضيقة، واسوأ هؤلاء ابالسة السياسية الحاملون معاول الهدم والدمار والخراب لأوطانهم اينما يكونون وحيثما يوجدون، فهم لايرون في النور إلا الظلام، ولا في الخير والعطاء والتطور إلا شراً مستطيراً لانانيتهم وحقدهم الدفين ضد كل ما هو جميل ونبيل وعظيم في الوطن.. لذا نجدهم وهم في ارذل العمر غرباناً ناعقة بالخراب في رسائل الاعلام يحرضون على وطنهم ويستعدون عليه الاخرين ويتوعدونه بالويل والثبور غير مبالين بتداعيات ما يثيرونه من فتن، وما يشعلونه من حرائق وقودها الحقد والغل الذي تنضح به ثقافة الكراهية، والبغضاء التي ينفثونها لإثارة الضغائن والاحقاد والصراع في المجتمع دون ان يرف لهم جفن لما يخلفه ذلك من تبعات ومترتبات ونتائج لمؤامراتهم البشعة والتي يدفع ثمنها الوطن وابناؤه.. انهم شذاذ آفاق احترفوا الدجل والكذب والدس والوقيعة لذلك هم عار على الوطن، وستطاردهم لعنات الله والشعب والتاريخ ابد الدهر وهم رموز للخزي والخسران على مر الزمن. ان من يخلدون باعمالهم هم أولئك البارون بأوطانهم المخلصون لشعبهم المتوخون في اعمالهم الدنيوية ليس فترة وجودهم فيها، ولكن يعملون للاجيال القادمة.. مقدمين ولاءهم لوطنهم على اية مصالح دنيوية زائلة. ومن المهم في هذا السياق الاشادة بتلك الجهود التي تبذلها منظمات المجتمع المدني التي تعمل من اجل ان يبقى الوطن قوياً متوهجاً بقلوب ابنائه من خلال تنسيق وتعميق قيم الانتماء والولاء الوطني في مواجهة اولئك الذين يغلبون مصالحهم ونزعاتهم المريضة بإشاعة الفرقة والتمزق ونشر الاحباط واليأس والسوداوية داخل المجتمع بهدف النيل من أمنه واستقراره ونمائه وازدهاره، واشغال ابنائه بالقلاقل والفتن.. وطوبا لأولئك الذين يرسمون بتجذير الولاء الوطني في النفوس والعقول والافئدة.. ان هؤلاء منارات مضيئة تبدد ظلام حراس التخلف المشدودين الى ماضٍ كابوسي ولّى الى غير رجعة.. انهم صناع الأمل والتفاؤل والجد والعمل والازدهار في وطن ال22 من مايو العظيم. والخزي والعار لمن ناصبوا الوطن ووحدته العداء وعملوا على اشعال الحرائق فيه لكي يحققوا مآرب دنيئة وعلى حساب الوطن وأمنه واستقراره ووحدته ومستقبل أجياله وازدهاره. #افتتاحية صحيفة 26 سبتمبر |