المؤتمر نت -
عبد العزيز الهياجم -
أبريل الديمقراطية
يوم السابع والعشرين من أبريل من كل عام أصبح يوماً للديمقراطية في اليمن استناداً إلى أول استحقاق ديمقراطي شهده اليمن الموحد في ذلك اليوم من عام 1993 والمتمثل بالانتخابات النيابية الأولى التي مثلت تحولاً هاماً ومنعطفاً جديداً في تاريخ اليمن والمنطقة .
والحديث عن هذا اليوم ربما يحتاج إلى مجلدات ترصد بالتحليل والتقييم والمكاشفة كل الايجابيات والسلبيات التي رافقت التجربة الديمقراطية على مدى عقدين من الزمن ومن الدولة اليمنية الوحدوية التي نشأت ديمقراطية تعددية وحرية وطموحة لتجاوز كل مخلفات الماضي الشمولي وتركة العهود البغيضة وحقب الاستعمار والاستبداد والصراعات والدورات الدموية .
ولاريب أن انتخابات برلمان 1993 كانت نموذجاً للتنافس الخلاّق برغم الحسابات الضيقة للبعض والنكوص من قبل البعض على نتائج تلك الانتخابات وما أفرزته بالرغم من مثالية الخارطة البرلمانية التي أنتجتها والتي جاءت بألوان الطيف الوطني والإسلامي واليساري والقومي .
وللأسف الشديد أن البعض الذين لم تعجبهم تلك النتائج وأرادوها ديمقراطية شبيهة بديمقراطية الطوائف اللبنانية بحيث يحتفظ كل طرف بما تحت يديه ويتحدد ما له من حصة سلفاً قد أفرغوا ذلك الحدث العظيم وجعلوا الأمور تسير باتجاه العلاج المؤلم الذي كلف الوطن ثمناً باهظاً في عام 1994 لكنه كان شراً لابد منه حتى تستقيم الأمور وحتى لا تكون ديمقراطية شكلية وامتداداً لحقبة شمولية بغلاف نظام تعددي .
وبالنظر إلى أن عقدين من الزمن قد شهدت تراكماً من الاستحقاقات الديمقراطية الانتخابية«برلمانية ورئاسية ومحلية» بما يجسد طموح ورغبة المواطن في إحداث مشاركة شعبية واسعة في صنع القرار , إلا أن المتأمل في التجربة يدرك أننا نحتاج إلى مزيد من المراجعة والتمحيص والسير دون تسرع أو استعجال يجعلنا نحرق المراحل ولا نجسد التجربة بالشكل الصحيح والمطلوب.
فعلى سبيل المثال نجد أن الأحزاب للأسف الشديد حصرت نفسها خلال الفترة الماضية ولاتزال في زاوية البحث عن حصص وحضور حتى ولو كان ذلك على حساب التجربة وبصورة تتجاوز وضعها الحقيقي في الساحة , وبعد كل استحقاق انتخابي تتفنن أحزاب المعارضة في الحديث عن تزوير واسع جرى في الانتخابات لصالح الحزب الحاكم ولولا ذلك لكانت حصدت مقاعد وافرة وربما فازت بأغلبية مريحة وركلت الحزب الحاكم إلى دائرة المعارضة لتحل بديلة عنه.
والصحيح هو أن ما تحصده تلك الأحزاب في كل استحقاق يكاد يكون هو الحجم الحقيقي للأحزاب المعارضة باستثناء بعض الدوائر التي فيها نظر وتحوم حولها شكوك.. لكن في المجمل أن الحزب الحاكم لا يزّور الانتخابات ولا يمارس عمليات قرصنة على الصناديق ولكنه يستقطب الشخصيات المؤثرة وذات الوزن الثقيل في دوائرها ويدفع بها مرشحة عنه ومن حق كل حزب أن يدفع بمن يريد في إطار قواعد اللعبة الديمقراطية والانتخابية .. وبالتالي على أحزاب المعارضة أن تجعل من 27 أبريل محطة لتقييم ومراجعة مسيرتها خلال عقدين من الزمن وأن تدرك أنها بحاجة إلى عمل الكثير لاستعادة ثقة الناس الذين يبحثون عن التجديد والتغيير بالأفضل وليس بالأسوأ.
وفي المقابل على الحزب الحاكم أن يدرك أن الشروع في مزيد من الإصلاحات واللامركزية المفرطة استجابة لدعوات ومزايدات معارضيه قد يفقد التجربة مضمونها, ونلمس ذلك في تجربة انتخابات المحافظين التي بدأ تقييمها في كثير من المحافظات بصورة جعلت الكفة تميل لصالح القول بأن اختيار وتعيين الأكفاء بقرار جمهوري خير من الإتيان بالأسوأ عبر صناديق الاقتراع.
[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/80032.htm