المؤتمرنت - بقلم : نضــال حمـــد -
لـلأرض يومهـــا .. وللشعـب أيامـــه

الثلاثون من آذار من كل عام موعد مع يوم الأرض الفلسطينية، حيث في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل شعب فلسطين أينما كان بيوم الأرض التي مهما طال احتلالها واستيطانها وتهويدها ستبقى عربية وستعود فلسطينية... عربية تلفظ الغزاة وترفض الدخلاء من بقايا العنصرية الصهيونية الغريبة، وفلسطينية تضم قبور الشهداء والأحياء من شعب فلسطين المرابط على خط النار الأول، يدافع عن كل شيء من الكرامة والعنفوان والمكان والزمان حتى التاريخ والانتماء والأديان.
شعب فلسطين يخوض معركة الأمة بوعي وحس وأمانة، يلتزم بالدفاع عن كرامته ومكانته وترابه وأرضه وزيتونه وتينه ولوزه وبرتقاله، يقدم الغالي والنفيس على مذبح الحرية في زمن لم تعد فيه أمة العرب الممزقة قادرة على عقد دورة لمجلس جامعة دولها المشتتة. فالجامعة لم تعد جامعة والجمع بالمفهوم العربي اليوم يأخذ مكانة الطرح والنقص والنقصان...

في زمن احتلال عاصمة العباسيين ومحاصرة عاصمة الأمويين، و استباحة قدس الفلسطينيين واجتثاثهم من أرضهم و تجريف أراضيهم وقتلهم مع أطفالهم ونسائهم وعجزتهم ، زمن التطبيع حيث بعض العرب يعمل مجانا او بأجر في خدمة أعداء العروبة والعرب وبعضهم الآخر يقيم علاقات طبيعية مع المغتصبين والقتلة الذين يمارسون عنصريتهم ودمويتهم يوميا على الشعب الفلسطيني ... في هذا الزمن الذي يحمي فيه الفلسطيني القابع تحت الاحتلال مع أخيه العراقي الذي يعيش نفس المأساة هذه الأمة العربية وحقوقها من الاستعمار والضياع والذوبان والانقراض ، يأتي بعض العرب ليطالب بإدانة العمليات الاستشهادية وبإدانة مقاومة الشعب الفلسطيني والمطالبة بالتطبيع مع الصهاينة والاعتراف بهم. ومنهم أيضا من يطالب بتبني خطط بوش وادارته ومشروعها المرسوم للشرق العربي الكبير. ومنهم من يرفض تسمية اغتيال الشيخ احمد ياسين إرهابا .. أي عرب هؤلاء الأقزام؟ ان العروبة منهم براء..

بينما يقاوم الفلسطيني العنصريين والقتلة المتوحشين من أعضاء الحركة الصهيونية العنصرية البغيضة في فلسطين المحتلة، حيث يسقط الشهداء تباعا أو بالجملة دفاعا عن أرض الأنبياء والديانات والعروبة وما فات من تاريخها الجليل، تقوم دول العرب المبتلية بحكومات تصلح لأن تكون بديلا لداء الجرب، بالتهرب من مسئولياتها والتخلي عن أكثر قضايا الأمة حرارة هذه الأيام. ففي فلسطين والعراق مقاومة تقاتل من أجل دحر الاحتلال ورد العدوان والذود عن الأرض العربية، بينما في قمة العرب المجمدة والتي فشلت في الانعقاد بتونس العاصمة، حيث بدأ بعد ذلك الصراع العلني على مكان عقدها في القاهرة أو غيرها من عواصم العرب المقهورة. صراع بين الدجاج و الديوك وبين السحالي والأفاعي وبين الزواحف كلها من المحيط الى الخليج. وما الصراع سوى مهزلة جديدة تضاف لمهازل الأمة العربية العتيدة.

الثلاثون من مارس – آذار 1976 كان فجر تاريخ جديد ليوم الأرض الفلسطينية التي عمدت بالدماء الحارة الحمراء، دماء أبناء الجليل من حملة غصن الزيتون ومن الذين يغرسون الأشجار والأزهار وشتلات الحياة في ترابٍ شهد ولادة المسيح المخلص وصعود رسول الإسلام والسلام من قبة الصخرة الى سماء الحياة الخالدة. في هذا المكان الجليل وقفت جموع أبناء الشعب الفلسطيني من سخنين وعرابة ودير حنا وكافة مناطق فلسطين تقاوم التهويد والاستيطان والعنصرية الصهيونية الفالتة، وهناك تحت أشجار الزيتون الفلسطينية الأكبر سنا من الحركة الصهيونية والقوى الاستعمارية الغربية، قاوم شهداء يوم الأرض بأجسادهم وزيتونهم وحجارتهم سياسة المستعمر الجديد وصهيونية الشرطة العنصرية. فسقط منهم الشهداء دفاعا عن الانتماء والعنوان والمكان وقيمته وقيمة الإنسان في فلسطينهم التي أصبحت بالموت والقتل والتدمير والمذابح والتهجير والواقع المفروض تسمى إسرائيل.

يقاتل ابناء الجليل والمثلث والنقب وكل من تبقى منهم في أرضه التي هي ارض الآباء والأجداد ، ارض الحضارة الكنعانية و التاريخ الطويل من السلام والدعوات التبشيرية بالخير والمحبة والوئام والمساواة والسعادة والعدل والإخاء في الحياة الدنيا. يقاتلون عبر تمسكهم بالتراب وتعلقهم بأغصان الشجر و التصاقهم بالأرض والحجر.

على ارض السلام المفقود بقيت جموع من شعب فلسطين متشبثة بالأرض مغروسة قرب التين والزيتون حيث الحياة الدنيا وطور السنين وطول الكفاح والعطاء والأنين، هناك ظلوا وفرضت عليهم المواطنة الأخرى، فأصبحوا رغما عنهم مواطنون في دولة احتلتهم وفرضت عليهم قانونها واسمها ونشيدها وشعارها وجيشها وعلمها، عاملتهم وكأنهم غرباء عن المكان ، حاربتهم وقمعتهم وعذبتهم واستعمرتهم وميزت بينهم وبين اليهودي القادم من وراء البحار والأوهام... اضطروا لان يكونوا رغما عنهم جزء من هذا الزمن الجديد، فأعطيت لهم هوية جديدة ، وأصبحوا رهائن للذين استولوا على كل شيء ولم يتركوا لأصحاب الأرض والمكان أي شيء. لكنهم تطوروا واعطوا واثبتوا انهم أهلا للحياة بينما لصوص الأرض من القادمين القدامى والجدد ليسوا سوى عابرين في كلام عابر كما أنشد شاعر الجليل وكامل حلم فلسطين محمود درويش.

أهل فلسطين الطبيعية والتاريخية ، أبناؤها من حملة الهوية الغريبة والجديدة يُحاربون ويُضطهدون ويُحاكمون ويُسجنون ويُقمعون ولا أحد يتحدث عن مأساتهم، كأنهم على كوكب آخر ، أو أنهم ليسوا تحت نفس السماء ونفس الشمس في عالم اليوم. قياداتهم تتهم بالعمالة والخيانة والعداء لدولة أصبحت رغما عنهم مسئولة عنهم. شيوخهم في السجون و كل من يقول لا للتمييز والتفرقة العنصرية يحاصر ويتهم والجلاد والقاضي في نفس المنزلة وبنفس المكان.. يُعاملون في المؤسسات والوزارات والإدارات كأنهم غرباء أو أجانب، حيث يتم التفريق بينهم وبين اليهودي العائد بحسب وعد بلفور ووعد الصهيونية العالمية.

يوم الأرض هو يوم الشعب الفلسطيني كله ومثلما للأرض الفلسطينية يومها التاريخي فأن للشعب الفلسطيني أيامه التي تتسطر بالدماء لتكون عناوين للتاريخ الفلسطيني المؤهل لاحتلال أرقى واحر مراتب العطاء في سبيل الحرية والاستقلال والتمسك بالتراب والأرض رغم العداء والحراب والإرهاب

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/8384.htm