المؤتمر نت -  أحمد غيلان
أحمد غيلان -
دُمى المشترك
أثبت أعضاء البرلمان المنسحبون من جلسة الاثنين 27 سبتمبر 2010م أنهم مجرد دُمى تتحرك بالريموت كنترول الذي يمسك به مهندسو التأزيم في مطبخ اللقاء المشترك.

وأكد هؤلاء النواب بانسحابهم غير المبرر- إلا بمشيئة المطبخ إيَّاه – أنهم بلا إرادة أولاً.. وليسوا أصحاب قضية ثانياً.. ولا يدركون مهامهم ومكانات أنفسهم ثالثاً.. ولا يمثلون إرادة الجماهير التي انتخبتهم رابعاً.. ولا يفقهون المسئولية الدينية الوطنية والإنسانية والبرلمانية التي يتحملونها خامساً، وأنهم يجهلون أو يتجاهلون أو يحرصون على تجهيل الآخرين بالضوابط والتشريعات التي توضح- بجلاء لا لبس فيه- مهام وواجبات ومسئوليات وحقوق عضو البرلمان الذي يصبح ممثلاً للأمة والشعب والجماهير التي اختارته في البرلمان وليس ممثلاً لحزب أو فئة أو طائفة أو تيار سياسي .

البرلمانيون المنسحبون هربوا وتنصلوا من مهمة وطنية هي من صميم اختصاصهم وواجباتهم باعتبارهم أعضاء في السلطة التشريعية التي تعد أهم المؤسسات الدستورية المعُّول عليها أن تتدخل لحسم أي خلاف أو اختلاف قد ينشب أو يشعل أزمة تهدد البلاد ومصالحها واستقرارها ونظامها وثوابتها ومكاسبها، وبهذا الهروب نكصوا عن التزام ملزم، ونكثوا قسماً أدوه، وأخلوُّا بوعود قطعوها، ومثَّلوا بإرادة الشعب بدلاً من أن يمثلوها ويدافعوا عنها .

البرلمانيون المنسحبون من جلسة الاثنين- رفضاً لفقرة في جدول أعمال دورة المجلس- تجاوزوا ما هو حق لهم في الاعتراض والتعديل والمناقشة والتصويت.. وأرادوا القفز على حقوق غيرهم من أعضاء البرلمان الذين أقروا جدول الأعمال بكل فقراته بما في ذلك طرح مشروع التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات، وهو مشروع تم مناقشته وإقرار مواده "مادة مادة" في دورة سابقة للمجلس، ولم يبق إلا إقراره بشكل كامل، ومع ذلك فإن إدراجه على جدول أعمال المجلس الحالية يعني إعادة طرحه للنقاش الذي يكفل لجميع الأعضاء في جميع الكتل البرلمانية أن يطرحوا ملاحظاتهم وآراءهم ومقترحاتهم وفقاً للضوابط الشرعية والقانونية المتبعة.. إلا أن أولئك النواب رفضوا طرح مشروع التعديلات للمناقشة ضمن مكونات جدول أعمال المجلس، وهذا حق من حقوقهم أن يعترضوا أو يناقشوا أو يطرحوا رأياً أو يرفضوا التصويت على هذه الفقرة ويسجلوا حولها تحفظهم، لكن حق الآخرين من زملائهم أعضاء البرلمان أن يختلفوا معهم أو يتفقوا.. وذلك ما فعله أعضاء البرلمان الذين مارسوا حقهم الدستوري والقانوني وصوتوا للفقرة.. ومن حق هؤلاء أيضاً وحق الوطن والشعب أن يحترم المعترضون - وهم قلة - إرادة أغلبية زملائهم ويلتزموا بما تم التصويت عليه بالأغلبية المشترطة لإقرار وتعميد أي قرار برلماني، باعتبار ذلك شرع وشريعة وتشريع دستوري وقانوني معلوم ومكفول وساري المفعول في البرلمان والنظام الديمقراطي وناموس الحياة الديمقراطية في كل زمان ومكان.. لكن "إمَّعات" المشترك في البرلمان كفروا بكل هذه الحقائق والتشريعات والنواميس وآمنوا بزنديق حزبي دعاهم للانسحاب من القاعة .

البرلمانيون المنسحبون من جلسة الاثنين 27 سبتمبر 2010م قطعوا آخر أمل للشعب في ممثلين له انتخبهم ليجسدوا إرادته وتطلعاته وليس ليكونوا أدوات تحركها الأحزاب والأهواء والأمزجة، وتجعل منها مشارط تمزيق ومعاول هدم في مؤسسة تشريعية تمثل واحدة من أهم سلطات الشعب .

المنسحبون من البرلمان عبَّروا عن رفضهم لإجراء دستوري وقانوني وديمقراطي استند إلى التشريعات النافذة، اتخذه زملاؤهم استجابة لمتطلب مشروع وآني، وأخذ حقه من الشرعية والمشروعية والقانونية، وحظي بتصويت الأغلبية المطلوبة، وعلى الرغم من أن هذا التعبير حق مشروع ولا يلغي حق غيرهم ممن صوتوا على الإجراء، كما لا يسقط مشروعية وشرعية ما حدث، لكن ذلك التعبير بالانسحاب، والتهديد بمقاطعة البرلمان جُرم ديمقراطي ومخالفة قانونية، وفضيحة برلمانية غير مسبوقة، أعلن أصحابها ومقترفوها كفراً بواحاً بالدستور والقانون والتشريعات والديمقراطية والمشروعية، التي أتت بهم إلى البرلمان .

المنسحبون من جلسة إقرار جدول أعمال البرلمان أعلنوا عن أنفسهم خارجين على القيم الدستورية والتشريعية والديمقراطية، ومستبدلين لها بثقافة الإقصاء والتطرف والغلو والنرجسية التي حرص على فرضها متطرفو المشترك ودجالوه بديلة لكل تشريع نافذ أو شريعة قائمة أو قيم ديمقراطية سائدة ومعترف بها.. وليس في مثل هذا القفز الأحمق والسلوك الإقصائي الأهوج عندما يأتي من قبل أعضاء في البرلمان يمثلون الشعب في سلطته التشريعية سوى ما يوحي بأن جنون الزيف لم يعد مرضاً بسيطاً يعانيه متطرفون محدودون داخل أحزاب المشترك، بل غدا عاهة خطيرة يسعى المشترك لنقلها إلى أهم مؤسسة دستورية تمثل سلطة الشعب في إطار مساع حثيثة لتعميم الفوضى وشرعنة الابتزاز والصفقات على حساب الشريعة والتشريعات والمؤسسات الدستورية وإرادة الشعب ونظام البلاد.. وذلك وضع خطير يجب على كل العقلاء أن يتصدوا له بقوة الدستور والقانون ويدينوه بمشروعية التشريعات النافذة ويحاكموه بنواميس الديمقراطية وقيمها .

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:34 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/84415.htm