المؤتمر نت -
عصام السفياني -
ضحايا لا ارهابيون
أعادت زوبعة الطرود المفخخة التي أثيرت خلال اليومين الماضيين اليمن إلى واجهة التناول الإعلامي باعتبارها بلداَ يصدر الإرهاب ويشكل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يقطنها خطراً على أمن العالم والمنطقة .

قصة الطرود بملابساتها المتشعبة ليست الأولى التي يكون مصدرها تنظيم القاعدة في اليمن إذا أثبتت المعطيات المتداولة وقوف التنظيم وراء هذه الرسائل المشحونة إلى خارج حدود البلد فقبلها كانت محاولة تفجير طائرة أمريكية في أجواء الولايات المتحدة ومحاولة لاغتيال نائب وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف وجميعها وقعت خلال العام الجاري .

بين هذه المحاولات الإرهابية التي فشلت لم يلتفت العالم إلى عمليات إرهابية أكثر بشاعة وأفدح ضرراً شهدتها اليمن وراح ضحيتها عدد كبيراً من رجال الأمن والمواطنين في جرائم غادرة برهنت على الثمن الباهط الذي تدفعه اليمن في حرب دولية على إرهاب عالمي لايعترف بالحدود ولا يفرق بين الأعراق أو الديانات .

ومع أن خسارة اليمن للعديد من أفراد مؤسسته الأمنية والعسكرية يعد كبيرا إلا أن الخسارة الأكبر تتمثل في فقدانه لجزء من رصيده الاقتصادي وفق مخاوف يتذرع بها رأس المال المجاور والدولي حين الحديث عن الاستثمار في اليمن وأهميته لمواجهة هذه الآفة الخطيرة

اليمن قدم تضحيات كبيرة في الحرب على الإرهاب منذ انخراطه فيها بعد أحداث سبتمبر رغم أن الإرهاب استهدف اليمن قبل هذا التاريخ وظل وإلى اليوم يدفع منفرداً ثمن عوامل جغرافية واقتصادية واجتماعية استغلها تنظيم القاعدة لتنفيذ مشروعه التدميري .

وخسرت اليمن مبالغ هائلة من عائدات سياحة ضربت بنيران الإرهاب واستثمار جبان لم يراع تبعات المهمة الملقاة على عاتق بلد فقير يقاتل نيابة عن أشقائه والعالم بدعم شحيح وتقدير مفقود،.

تنظيم القاعدة في اليمن خطر لا يتهدد امن واستقرار اليمن فحسب بل يتعداه ليصبح خطراً يتهدد امن واستقرار المنطقة و العالم لاعتبارات كثيرة أهمهما قرب نشاطه من أهم مركز إنتاج وتسويق للنفط، إضافة إلى تموقع التنظيم في مناطق تمثل حاضن مهم لأفكاره، كما هو الحال في المجتمع السعودي ذو الصبغة الدينية المتشددة والمجتمع اليمني بمكوناته وما يعزز ذلك من ظروف اقتصادية يمثل التهاون معها دولياً مغامرة غير محسوبة النتائج .

وإذا نظرنا إلى جنسيات المنخرطين في التنظيم الذي يمارس نشاطه في اليمن وسط جهود أمنية واجتماعية واسعة للقضاء عليه سنجد أن رعايا عدد من الدول العربية والإسلامية وحتى الغربية لهم دور في دعم التنظيم والانتساب إليه مما يؤكد أن الإرهاب ليس صناعة يمنية محلية بل منتج عالمي استثمرته دوائر استخبارات عالمية في فترة معينة وتركت ثماره لتبتلي بها الدول الفقيرة كما هو حال اليمن، .

وإذا كان عبد المطلب المتهم بمحاولة تفجير الطائرة عشيرة أعياد الميلاد في الولايات المتحدة نيجيرياً قادم من وسط أفريقيا والمنفذ لمحاولة اغتيال نائب وزير الداخلية السعودي سعودي من آسيا والمدبر لمؤامرة الطرود الأخيرة أيضاً سعودي حسب معلومات الاستخبارات الامريكية المعلنة وغيرهم من جنسيات مختلفة فلماذا عند كل محاولة تتجاوز الحدود اليمنية يشار بالبنان فقط إلى اليمن لتتحمل بذلك تبعات مؤلمة في السمعة والاقتصاد والعلاقات.

صحيح أن اليمن يتلقى دعماً أمريكياً في مجال التدريب والتأهيل الأمني ودعماً في المجال الاقتصادي بالتوازي مع دعم أوروبي، لكن هذا الدعم لا يقارن بحجم ما يقدمه اليمن من تضحيات وما يجب أن يحصل عليه في حربه على الإرهاب باعتباره شريكاً هاماً في هذه المواجهة حيث ان مردود هذا الدعم ليس كافياً إذا ما أخذ في الاعتبار احتياجات بلد يفوق عدد سكانه 20 مليون نسمة أكثر من نصفهم شباب وأطفال .

ومقارنة ما يحصل عليه اليمن بما خسره من عمليات الإرهاب يظهر حجم الهوة الواسعة بين حديث العالم ومخاوفه من الإرهاب القادم من اليمن خصوصاً ما يقدمه العالم من دعم لبلد فقير يتزعم حرباً بالنيابة عن أغنى وأكبر بلدان العالم .

اليمن ضحية وليست جاناً واليمنيون ليسوا إرهابيين بل ضحايا لآفة عابرة للقارات وتراخي عربي وعالمي عن مؤازرتهم في حرب بشعة تستهدف وجودهم وحضارتهم وسمعتهم .
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 24-يونيو-2024 الساعة: 12:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/85351.htm