المؤتمر نت -
فيصل الشبيبي -
بين التغيير والتدمير
شعرةٌ واحدةٌ تلك التي تفصلُ بين التغيير المنشود من قبل العقلاء والوطنيين والشرفاء ، وبين التدمير الذي يذكي أوارَهُ بعضُ المُتعطشين للفوضى وراكبي الموجات الذين لا يرون إلاّ مصالحهم وإن كان ثمنها الوطن بمن فيه ..

شعـرةٌ فقط تفصلُ بين الفوضى والوفاق ، الخراب والسلام ..

هـــذه الشعرةُ ، أحوج ما نكون جميعاً في هذه المرحلة للحفاظ عليها من الانقطاع كي لا ينفرط العقدُ الاجتماعيُ وتصبح البلادُ على شفير الهاوية ، بسبب التطرف في المواقف وعدم الاحتكام للعقل والمنطق والمبالغة في المطالب ..

مواقفُ مُتصلبةٌ ، دعـواتٌ تخـريبية ، فتاوى مُرعبة ، واستدعاءٌ للمناطقية المقيتة ، كل ذلك يجعل الحليمَ حيراناً ، فلم نعدْ نعرفُ ونحن نسمع ونرى كل ذلك ماذا تعني الديمقراطية ؟ ولا كيف نفرق بينها وبين الانقلابات ؟ ولا إلى أين سيجر السياسيون البلد ، والأدهى والأمر أنَّ الدعوات العقلانية للحوار خلال الأيام القليلة الماضية بدأت في الانحسار وكأن هناك استسلاماً لما يُريده المتعطشون للدماء الذين لا يرعون إلاًّ ولا ذمة.

مشاهدُ تدمي القلبَ وتجرحُ الخاطر عندما ترى أهل الوطن الواحد يتراشقون بالحجارة ويتعاركون بالعصي وكأنَّهم في حالةِ حرب ، بدلاً من أن يكون التنافسُ عبر الصناديق هو التعبير الأمثل والأجدى لنيل الحقوق ، فإلى أين أنتم بالبلد سائرون ؟..

دولةُ النظام والقانون ، الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية مطلبُ الجميع ، إقصاءُ الفاسدين ومحاكمتهم ، مطلبُ الجميع أيضاً ، فلماذا التعنتُ والتقليدُ الأعمى والتعبئة الخاطئة واستغلال الأحداث واقتناص المواقف بهذا الشكل الذي قد يقود إلى الهلاك لا سمح الله ؟؟.

وكما نطالب الأخ رئيس الجمهورية بالإصلاحات وإقصاء الفاسدين ، هل يحق لنا أن نسأل الأخوة في المعارضة : هل فخامة الرئيس منتخبٌ من الشعب مباشرة بنسبة 77 % وأنتم موقعون على محضر الانتخابات النهائي ، وهي انتخاباتٌ شهد العالم بنزاهتها ؟ أم أن الديمقراطية أضحت ألعوبة ومطية للأهواء نفسرها كيفما نشاء؟ ..

أرجو الله سبحانه وتعالى ألاّ يكون قد سلبَ أهلَ العقولِ عقولَها ، لأنه في هذه الحال قد أراد إنفاذ قضائه وقدره ، والعلماء أكثر دراية بهذا القصد ..
أيُّها العقلاء : نأمل أن تخرجوا عن صمتكم لتحققوا التغيير المنشود لهذا الشعب وتحافظوا على الأمن والاستقرار، بدلاً من الانجرار نحو عاصفة التدمير التي لن تبقي ولن تذر ، وهنا لا بدَّ من التذكير بهذين البيتين :

فإنَّ النارَ بالعودين تُذكى وان الحربَ أولها كلامُ

إذا لم يُطفها عقلاءُ قومٍ يكون وقودها جثثٌ وهامُ

[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 22-مايو-2024 الساعة: 12:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/88884.htm