المؤتمر نت / تقرير/ عصام السفياني -
الزواج المبكر في اليمن وآثاره على صحة الأسرة والمجتمع
الزواج المبكر في اليمن يحمل خصوصية معينة، وينتشر بشكل واسع سواء في الريف، أو الحضر، وذات علاقة وثيقة بنظام القيم السائدة في المجتمع اليمني، الذي ينظر إلى الزواج المبكر باعتباره صيانة من الانحراف، واستكمالاً لنصف الدين، والزواج المبكر كظاهرة لها انعكاسات سلبية تؤثر على حياة الافراد بشكل خاص، وعلى المجتمع، وتنميته بشكل عام.
ويعتبر الزواج المبكر من أهم أسباب ارتفاع المعدل السكاني في اليمن ، والذي يبلغ (3.5)% ومعدل الخصوبة الكلي (7.4) لكل امرأة، وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم، وكذلك يعد الزواج المبكر سبباً رئيسياً في ارتفاع وفيات الأطفال، دون سن الخامسة؛ حيث يبلغ حوالي 94.8 لكل 1000 مولود حي، وارتفاع نسبة وفيات الأمهات الذي يبلغ (351) وفاة لكل (100.000) مولود حي.
وتشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة النساء المتزوجات في أعمار صغيرة؛ حيث أن الفئة العمرية من (10-19) قد شكلت (75)% مقابل 25% للرجال في نفس الفئة العمرية.
ويشير تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء وفقاً لنتائج المسح الديمغرافي لصحة الأم، والطفل، إلى أن الزواج المبكر ينتشر بين الفئة العمرية من 15 وأقل إلى 18 سنة؛ حيث وصلت نسبته إلى (48)% منهن 13% قد تزوجت أكثر من مرة.
وبين المسح القاعدي للصحة الإنجابية عام 2000م إن (24.6)% من النساء قد تزوجن بين (10-14) سنة و(65.)% في عمر (15-19) سنة وإن المشكلة لا تكمن خطورتها في الزواج المبكر في حد ذاته، ولكن في الحمل والإنجاب المبكرين.

المستوى التعليمي وعلاقته بالزواج المبكر
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الزواج المبكر يرتبط بمسألة أمية الزوج لأن الزوج، الأمي لا يأخذ في عين الاعتبار مسألة التقارب العمري، ويفضل أن تكون زوجته صغيرة في السن، وحسب نتائج المسح الديمغرافي لصحة الأم والطفل الدورة الثانية عام (1997) م تشير الأرقام إلى أن أعلى نسبة زواج من النساء في العمر (15) سنة وأقل هي نسبة الأزواج الأميين وكذلك في العمر (16-18) سنة.
حيث وصلت النسبة إلى (43)%.
وتؤكد الدراسات والبحوث التي أجريت حول تعليم المرأة أن تعليمها يقلل من ظاهرة الزواج المبكر فكلما ارتفع المستوى التعليمي للمرأة، كلما أدى إلى تأخير سن الزواج لديها، وأظهرت نتائج مسح ظاهرة الفقر في المجتمع اليمني عام (1999)م أن من أسباب التسرب من التعليم الأساسي للأسر الفقيرة وغير الفقيرة على مستوى الجمهورية ترك الدراسة من أجل الزواج؛ حيث بلغة نسبة ترك الدراسة من أجل الزواج في الأسر الفقيرة (1.9)% للذكور و(2.4)% للإناث، وفي الأسر غير الفقيرة (2.8)% للذكور، و(0.4)% للإناث.

أسباب ودوافع الزواج المبكر
أشارت العديد من الدراسات إلى أن أسباب الزواج المبكر في اليمن تكمن في التالي:
1-الحالة الاقتصادية للأسرة، ومستوى الفقر.
2-معظم الأسر اليمنية تعتبر الزواج المبكر ضمان، وصيانة لشرف العائلة.
3-التسرب من التعليم يعد أحد أسباب الزواج المبكر؛ فالأسر المتعلمة لا تزوج أبناءها إلا بعد إكمال مراحل الدراسة والعكس.
4-الرغبة في زيادة عدد النسل نظر لسيادة بعض المفاهيم لدى بعض الأسر.
ويشير الباحثين إلى أن العادات والتقاليد تمثل أهم أسباب الزواج المبكر.
يعتبر الزواج المبكر في اليمن ظاهرة تحمل خصوصية ترتبط بالعادات والتقاليد اليمنية، وارتباطه أيضاً بالجانب الديني للمجتمع اليمني، الذي ينظر إلى الزواج على أنه واجباً دينياً، وإحصان للرجل والمرأة من الوقوع في الخطأ.

الآثار المترتبة على الزواج المبكر
تشير الدراسات والإحصاءات إلى أن للزواج المبكر الكثير من الانعكاسات السلبية على مستوى الفرد، والمجتمع، والأسرة؛ حيث تؤكد معظم الدراسات على أن الزواج المبكر يسهم في تكريس الأمية والفقر في المجتمع اليمني بشكل عام، وبين النساء بشكل خاص، كما أنه عامل أساس من عوامل ارتفاع نسبة الخصوبة في اليمن، وله آثار سلبية على صحة الأطفال، والأمهات في نفس الوقت، وغيرها من الآثار السلبية ووفق دراسة عن أوضاع المرأة الريفية، وقضايا النوع الاجتماعي (2001) أعدها الدكتور فؤاد الصلاحي.
والتي أوضحت أن المرأة الريفية مازالت تعاني من ارتفاع نسبة الأمية التي تصل إلى 79% والذي يرتبط بها ارتفاع نسبة النساء اللاتي يعملن ربات بيوت فقط (80.9)% ويرتبط به استمرار الزواج المبكر للنساء في عمر (15-19) سنة، وإن الزواج المبكر يحرم المرأة من مواصلة التعليم.
ويرى د. عادل الشرجبي إن الزواج المبكر من الأسباب الرئيسية لتأنيث الفقر في المجتمع اليمني.
حيث يرى الشرجبي أن من أسباب فقر المرأة اليمنية هو الزواج المبكر، والذي يعيق المرأة من الدخول إلى سوق العمل، وإنه من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى وقوع الفقر على النساء. كما يرى إن ارتفاع نسبة الخصوبة والدور الإنجابي للمرأة اليمنية، وهو الذي ينتج عنه انتشار ظاهرة الزواج المبكر الذي يحرم الفتاة من التعليم، أو الحصول على تأهيل، وتدريب كافِ يمكنها من الحصول على وظيفة، أو عمل؛ حيث تتفرغ المرأة لأسرتها، والعمل لحسابها، دون أجر.

الآثار الصحية للزواج المبكر
تشير السياسة الوطنية للسكان إلى أن مؤشرات الصحة العامة، والصحة الإنجابية المقدمة مازالت دون التطلعات الحضارية للسكان للأمهات، أو للنساء في سن الإنجاب؛ حيث أن حوالي 25% من النساء في السن (15-40) يعانين من سوء التغذية، وإن نسبة 47% من الولادات ترافقت مع أعراض جانبية كل ذلك مازال يتزامن مع سلوك إنجابي غير سليم؛ حيث مازال 37% من المواليد يولدون في فترات تباعد تقل عن 24 شهراً بين حمل، وآخر منها (18)% تتم بتباعد أقل من 18 شهراً، وإن 16% من الأمهات يلدن قبل سن (20 سنة).
وتشير دراسة للدكتورة نورية الحوري عن الفتاة المراهقة إلى أن الزواج، والحمل المبكر جداً يعرض الفتيات الصغيرات لمخاطر صحية كثيرة، وأيضاً يؤثر على أوضاعهن الاجتماعية، والتعليمية؛ حيث يكون تحمل المسئولية العائلية المبكرة، كما يؤدي إلى حرمانها من التعليم، كذلك الحمل،والولادة عند صغيرات السن يؤثر على حجم المواليد، وإنجابهم عند وزن أقل من الطبيعي، نظراً لعدم اكتمال النمو الجسماني، للمرأة ليؤهلها للإنجاب بالشكل الطبيعي.
ونظراً لأهمية هذه الظاهرة، وخطورتها فقد وضعت الجهات الحكومية، وغير الحكومية في اليمن، العديد من الحلول لمعالجة هذه الظاهرة، وهذا ما تضمنه البرنامج العام للحكومة عام 2003م، وكذلك الاستراتيجية الوطنية لإدماج الشباب في التنمية، والكثير من المعالجات التي تسعى الحكومة إلى طرحها، وكذلك التوعية بمخاطر هذه الظاهرة، وآثارها على صحة الفرد، والأسرة والمجتمع.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 10:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/8962.htm