|
تقرير الأمين العام المقدم إلى الدورة الرابعة للجنة الدائمة تقرير الأمين العام المقدم إلى الدورة الرابعة للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام المنعقد في صنعاء: 27/3/2011م فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية-رئيس المؤتمر الشعبي العام الأخوة/ أعضاء اللجنة الدائمة تنعقد الدورة الرابعة للجنة الدائمة في ظل متغيرات سياسية هامة، وتطورات استثنائية على الصعيدين المحلي والإقليمي والدولي.. ألقت بظلالها على المشهد السياسي اليمني، وعلى علاقات القوى والتيارات السياسية بمختلف مشاربها. الأمر الذي استوجب الوقوف أمامه بواقعية وموضوعية للخروج باستنتاجات تلبي تطلعات الشعب اليمني في الحفاظ على منجزاته الوطنية الكبرى، الجمهورية والوحدة والديمقراطية والتنمية والاستقرار والأمن باعتباره مطلباً وطنياً ملحاً، يتطلع الجميع إلى تحقيقه. لقد مرت بلادنا بمراحل مهمة منذ الانتخابات الرئاسية والمحلية في العام 2006م والتي حقق المؤتمر الشعبي العام ومرشح للرئاسة فوزاً كبيراً فيها أتاح له فرصة تحقيق برنامجه الانتخابي وتحويله إلى نجاحات اقتصادية واجتماعية وثقافية متعددة، انعكست بدرجة ملحوظة على التحسن الملموس الذي طرأ على الحياة المعيشية للمواطنين، في وقت كان العالم يعيش الإرهاصات الأولى للأزمة المالية العالمية التي تنامت في السنوات اللاحقة، وما أحدثته من انعكاسات سلبية شلمت فيما شملت بلادنا، التي لم يكن لها أن تسلم من التداعيات السلبية لهذه الأزمة، فضلاً عن المشكلات والأزمات التي طرأت على الساحة الوطنية وأعاقت تنفيذ ما تبقى من البرنامج الرئاسي، والتي تمثلت في ظهور جماعات التخريب الانفصالية، وجماعات التمرد الحوثي، وعناصر تنظيم القاعدة، ما جعل التحديات الأمنية تعود إلى واجهة المشهد الوطني وتعرض السلام الاجتماعي للخطر وتعطل المسار التنموي. في الوقت ذاته كانت الخلافات السياسية بين الأحزاب والقوى والفعاليات السياسية تتصاعد حول قضايا مهمة تتعلق بمستقبل البلاد، وبناء الدولة اليمنية والنظام السياسي الانتخابي مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي كان يفترض إجراؤها في إبريل في العام 2009م. مسيرة الحوار: ومع تنامي الخلافات السياسية وحرص المؤتمر الشعبي العام على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، ومطالبة الأخوة في المشترك تأجيلها، كان لا بد أن تتدخل القيادة السياسية ممثلة في فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في البحث عن حلول لهذه المشكلة للتوفيق بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه والمشترك وشركائه، والبحث عن حلول تجنب البلاد أزمتها وتحافظ بذات الوقت على استمرار نهجها الوطني الديمقراطي، فكان لا بد من القبول بمقترح المعارضة القاضي بتأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة سنتين، بحيث تجري في إبريل 2011م، وهو الاتفاق الذي عرف فيما بعد باتفاق فبراير والذي نصه: بعد حوارات عدة دعا إليها ورعاها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ضمت ممثلين عن المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب.. ونظراً لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا وحرصاً على إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة وآمنة في ظل مناخات سياسية ملائمة تشارك فيها أطياف العمل السياسي كافة فإن الموقعين أدناه يرون ضرورة العمل على اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لتعديل المادة (65) من الدستور المتعلقة بمدة مجلس النواب بما يسمح بتمديد فترة مجلس النواب الحالي لمدة عامين.. نظراً لعدم توافر الوقت الكافي للقيام بالإصلاحات الضرورية التالية: أولاً: إتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية. ثانياً: تمكين الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب من استكمال مناقشة المواضيع التي لم يتفق عليها أثناء إعداد التعديلات على قانون الانتخابات وتضمين ما يتفق عليه في صلب القانون. ثالثاً: إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقاً لما ينص عليه القانون". وقد وقع على الاتفاق إلى جانب المؤتمر الشعبي العام، التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري، والبعث العربي الاشتراكي.. الإخوة والأخوات: لقد تفاءل الناس خيراً بالتوقيع على اتفاق فبراير، الذي على أساسه صوّت مجلس النواب على تعديل المادة (65) في الدستور، وتم تمديد فترة مجلس النواب لمدة عامين، أي إلى إبريل 2011م. غير أنه لم تمضي سوى أيام قليلة حتى أعلن اللقاء المشترك وبصورة منفردة عن التحضير لعقد ما أسماه "مؤتمر التشاور الوطني"، مؤتمر وطني شكلت له لجنة تحضيرية في 22 مايو 2009م كان الهدف منه خلط الأوراق، والالتفاف على اتفاق فبراير، والبحث عن وسائل وسبل للهروب من نصوصه الواضحة التي التزم كل الأطراف الموقعة عليه بالذهاب للحوار والبحث في التعديلات الدستورية والقانونية التي يفترض أن تجري على أساسها أي انتخابات قادمة. وكان لا بد لنا أن نحصل على توضيح مباشر من الأخوة في اللقاء المشترك حول إعلانهم تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمرهم وأثر ذلك على الحوارات والاتصالات التي كانت تجري بين قيادات الأحزاب الممثلة في مجلس النواب. فاتصل النائب الثاني لرئيس المؤتمر برؤساء عموم أحزاب اللقاء المشترك وسألهم: هل تشكيل اللجنة بديلاً عن الحوار الذي نص عليه اتفاق فبراير 2009؟ فكان ردهم جميعاً بالنفي، وإن ذلك الحوار تحكمه اتفاقية موقعة بين المؤتمر وهذه الأحزاب. في 23 مايو 2009م تدارس اللجنة العامة نتائج الاتصالات بين المؤتمر ممثلاً بالنائب الثاني لرئيس المؤتمر وقادة أحزاب المشترك الممثلة في مجلس النواب، وأقرت الاستمرار في التواصل، كما أقرت إعداد مقترح ببرنامج مني وأعيد تكليف النائب الثاني لرئيس المؤتمر د. عبدالكريم الإرياني بمواصلة الاتصالات مع أحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب. خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو التقى النائب الثاني لرئيس المؤتمر مع أمين عام التجمع اليمني للإصلاح وتم إبلاغه أن المؤتمر قد أعد برنامجاً زمنياً للحوار على أساس أن تلك هي نقطة البدء. فطلب أمين عام التجمع اعتبار اللقاء غير رسمي ووعد أن يبلغ زملاءه بما دار في اجتماعهم الدوري يوم 6/6/2009م، واقترح أن يبدأ الحوار بتقديم الحزب الحاكم تصوراته التي كان على ضوئها تستطيع المعارضة تحديد موقفها، وفي اجتماع لاحق للجنة الحوار الممثلة للمؤتمر تم إقرار هذا المبدأ. وفي الفترة من 14 يونيو 2009م وحتى الأربعاء 8 يوليو.. جرت العديد من الاتصالات بين النائب الأول الأمين العام والنائب الثاني من ناحية، وقادة أحزاب اللقاء المشترك من ناحية أخرى، تقدم خلالها المؤتمر بمقترح حول الجدول الزمني للحوار، لكنهم تسلموا المقترح وتعاملوا معه بصورة لا توحي بالجدية.. حتى جاءت رسالتهم بتاريخ: 118/2009م والتي تضمنت جملة من المطالب الجديدة، كان من أهمها تهيئة المناخات السياسية بما أسموه وقف الحملات العسكرية والاعتقالات (ويقصدون بها المواجهة مع عناصر التمرد الحوثية وعناصر الانفصال والتخريب، وعناصر الإرهاب القاعدية). وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين أو من هم على ذمة قضايا سياسية والبدء بالبحث عن آلية مناسبة لإشراك كل القوى السياسية في الحوار الوطني، واشترطوا لبدء الحوار حضور الحراك الجنوبي والحوثيين والمعارضين في الخارج.. الإخوة أعضاء اللجنة الدائمة: انطلاقاً من حرص فخامة الأخ الرئيس على مواصلة مسيرة الحوار وعلى إثمارها وباتجاه التوصل إلى آفاق سياسية تبنى على ما سبق إنجازه، فقد قام فخامته برعاية التوقيع على المحضر التنفيذي لاتفاق فبراير الموقع في 17 يوليو 2010م وقرّب وجهات النظر بين الفريقين المتحاورين وأعاد الجمع إلى سكة الحوار، مراهناً على تحريك ما توقف والانطلاق من آخر نقطة توقف عندها الحوار. الإخوة أعضاء اللجنة الدائمة: وكان من ثمرة محضر 17 يوليو تشكيل لجنة الإعداد والتهيئة للحوار الوطني التي عقدت اجتماعها في 7 أغسطس 2010م وانبثقت عنها لجنة الثلاثين ثم لجنة الستة عشر وصولاً إلى لجنة الأربعة. وفيما كان يفترض أن تسارع لجان الحوار في تنفيذ مضامين اتفاق فبراير ظهرت اشتراطات جديدة للمشترك تحت مسمى التهيئة للحوار؛ حيث أصبح واضحاً بأن أحزاب اللقاء المشترك تعمل لاستهلاك الوقت والهروب من الانتخابات ورفض الحديث عنها وجعل الحوار وسيلة فقط لتعطيل إجراء الاستحقاقات الدستورية الممثلة في الانتخابات النيابية في موعدها المحدد لإيصال البلاد إلى مرحلة الفراغ الدستوري. الإخوة أعضاء اللجنة الدائمة: وحرصاً من فخامة الأخ رئيس على رعاية بين المؤتمر وأحزاب المشترك بادر فخامته بتشكيل لجنة رباعية من الإخوة: عبدربه منصور هادي، ود. عبدالكريم الإرياني من جانب المؤتمر، وعبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان من جانب أحزاب اللقاء المشترك؛ حيث قدمت لفخامته ورقة تم تسميتها بخارطة الطريق. وقد أبدى فخامته عدداً من الملاحظات عليها أكدت على تنفيذ اتفاق فبراير والخطوات الإجرائية لتنفيذها وتوضيح ما يتعلق بالدولة اللامركزية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم جرى بعد ذلك تعديل الورقة من جانب اللجنة الرباعية وفق ما هو موضح في كتاب (مسار الحوار). وتقدم المؤتمر بعد ذلك بمقترح تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من الأحزاب محاصصة بحيث تكون حصة المؤتمر أربعة مقاعد بما في ذلك رئاسة اللجنة، وتخصص خمسة مقاعد لأحزاب اللقاء المشترك أو العكس، وعلى أساس أن تبدأ اللجنة التحضير للانتخابات والاستفتاء على التعديلات الدستورية بعد التوافق عليها من خلال اللجنة المصغرة أولاً، ومن ثم إنزالها بعد ذلك إلى لجنة المائتين. وبعد أن رفضت كل هذه المقترحات والتنازلات من قبل المشترك قدم المؤتمر مقترحاً بديلاً آخر يستند على خياري: الاتفاق على استيعاب ملاحظة فخامة الأخ الرئيس إلى اللجنة الرباعية، أو: السير في الانتخابات النيابية على أساس الالتزام بالمواعيد الدستورية والقانونية بما في ذلك إعادة القانون إلى مجلس النواب وإقرار القانون الذي سبق التصويت عليه مادةً مادة، وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإجراء الاقتراع في 27/4/2011م، ولكن المشترك رفض أيضاً هذه الخيارات.. الإخوة الأعضاء: وبعد كل ما سردناه وجّه الرئيس رسالة طمأنة إلى المشترك فيما يتعلق بالضمانات المستقبلية لهم؛ حيث قدم فخامته مقترحات جديدة للمشترك عبر الأخ/ محمد اليدومي تقترح بعض الخطوات في حالة رغبة الأخوة في أحزاب اللقاء المشترك تأجيل التصويت على تعديلات قانون الانتخابات المنظور أمام مجلس النواب، ومنها: تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من أجل مراجعة وتعديل جداول الناخبين للفترة من موعد إجراء الانتخابات النيابية السابقة والتحضير للانتخابات القادمة بما يكفل إجراؤها في موعدها المحدد.. تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى الإشراف على سير الانتخابات النيابية. تشكيل لجنة مصغرة من الأحزاب الممثلة في مجلس النواب وذلك للاتفاق على التعديلات الدستورية المقدمة من الجانبين. التأكيد على الالتزام بالشراكة في حكومة الوحدة الوطنية التي سوف تتولى الإشراف على سير الانتخابات النيابية وخلال الفترة المتبقية من موعد إجراءها. التأكيد على الالتزام بالشراكة في الحكومة القادمة بعد الانتخابات النيابية بغض النظر عن نتائج تلك الانتخابات. لكن أحزاب اللقاء المشترك رفضت كل تلك المقترحات والتنازلات ورفضت الجلوس إلى مائدة الحوار أو الاستجابة لكل جهود الوساطة ومنها مقترحات قُدمت عبر المعهد الوطني الديمقراطي لتقريب وجهات النظر. الإخوة والأخوات أعضاء اللجنة الدائمة: وبعد أن استنفدت كافة السبل في التفاهم مع أحزاب اللقاء المشترك وسعيها لتعطيل الاستحقاق الدستوري وإدخال البلاد إلى منزلق خطر، نتيجة نهجها اللامسئول.. كان على مجلس النواب أن يتحمل مسئولياته الدستورية ويقوم بالتصويت النهائي على تعديلات قانون الانتخابات بما يكفل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 27 إبريل 2011م في مناخات حرة ونزيهة.. وظل المؤتمر يطالب الإخوة أحزاب اللقاء المشترك بمواصلة الحوار من أجل تحقيق الشراكة وبحيث يتم تشكيل حكومة اتئلافية تشرف على الانتخابات النيابية على أن يتقدم المشترك بأية تعديلات دستورية إلى مجلس النواب، وبحيث يتواصل الحوار تحت قبة البرلمان. وكعادتها رفضت أحزاب اللقاء المشترك تلك الدعوة وعملت على تشويه الإصلاحات الدستورية التي تبناها المؤتمر، لكن المؤتمر ظل حريصاً على التأكيد على عدم تجاوز المؤسسات الدستورية ورفض كافة المحاولات للانقلاب على الدستور. ثم تقدم المؤتمر بمبادرة جديدة عبر السيد "ليس كامبل" رئيس المعهد الوطني الديمقراطي الأمريكي قامت على أساس التزامن بين التحضير للانتخابات القادمة والحوار حول الإصلاحات المستقبلية استناداً إلى اتفاق فبراير.. جدد المؤتمر فيها حرصه على تحقيق التوافق الوطني وتجاوز كافة الذرائع التي كان المشترك يضعها أمام الحوار، لكن المشترك عمد إلى التقليل من أهمية المبادرة التي تقدم بها المؤتمر ومارس التسويف والمماطلة في التعامل معها وظل متمترساً في مواقفه المتصلبة والمراوغة.. الإخوة والأخوات: ورغبة في الخروج من ذلك الوضع وبعد رفض المشترك لكافة المبادرات المقدمة، سواء ما يتعلق بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها أو ما يتعلق بالتعديلات الدستورية، بادرت كتلة المؤتمر الشعبي العام في مجلس النواب إلى تقديم مشروع التعديلات الدستورية التي أثارت الكثير من الجدل، وخاصة ما يتعلق منها بتخفيض مدة رئاسة الجمهورية إلى خمس سنوات بدلاً من سبع، وفقاً لما ورد في برنامج رئيس الجمهورية، إلا أن عدم تحديد الفترات الرئاسية كان هو الأمر الأكثر جدلاً. وكان تقديم مشروع اتجاهات التعديلات الدستورية إلى مجلس النواب لمناقشته هو الخطوة التي تذرعت بها كتل الأحزاب الممثلة في مجلس النواب من أعضاء المشترك لمقاطعة جلسات المجلس ومارست ما أسمته بالاعتصام داخل المجلس، ثم خارجه وبدأت في تجميع مسيرات جماهيرية حولها من أعضاء أحزاب المشترك. لكن مجلس النواب مضى قدماً في إجراء نقاش سياسي ومدني واجتماعي حول اتجاهات مشروع التعديلات الدستورية الذي تقدمت به الأغلبية في مجلس النواب، وبدأت جلسات النقاش العام مع النخب السياسية والمدنية والاجتماعية من منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والقوى الاجتماعية على المستوى المركزي وعلى مستوى المحافظات، وبدأ تدوين الملاحظات على مشروع التعديلات من قبل اللجنة البرلمانية المتخصصة.. الأزمة الراهنة: الإخوة الأعضاء: وبينما كان النقاش السياسي والاجتماعي والمدني قائماً حول مشروع التعديلات الدستورية بدأ مسلسل الأحداث والتطورات السياسية والشعبية في تونس، ومن ثم مصر، وانتشار محاكاة تلك التداعيات في المنطقة.. الأمر الذي أتاح لأحزاب اللقاء المشترك فرصة استغلال بعض مطالب الشباب التي بدأت تقليداً لما حدث في تونس ومصر؛ حيث وظفت تلك التحركات الشبابية العفوية وحاولت توجيهها لخلق مناخات مشحونة بالتوتر والتأزم والاحتقان، وظلت تتعلل بما قدمته كتلة المؤتمر حول التعديلات الدستورية وتردد تلك الإسطوانة المشروخة عما أسمته بالتمديد والتوريث أو قلع العداد أو تصفيره في ظل مناخات إقليمية تساعد على التحريض والفتنة، وكان لبعض وسائل الإعلام العربية دوراً سلبياً في ذات الاتجاه.. وفي ظل هذه الأجواء قدم المؤتمر وحلفاؤه رؤية جديدة إلى المشترك من أجل استئناف الحوار عبر اللجنة الرباعية دون أن تلقى استجابة.. لقد بدا واضحاً لنا في قيادة المؤتمر بعد كل ذلك أن الأخوة في المشترك يحاولون استغلال الأجواء والفضاءات المعادية لتحقيق بعض المكاسب الآنية حتى لو كان تحقيقها على حساب المصلحة الوطنية العليا.. وفي ظل تفاعلات وتداعيات موجة الاحتجاجات التي شملت المنطقة، وما آل غليه وضع النظامين السياسيين في تونس ومصر، ومع تصاعد التقليد والمحاكاة لتلك الاحتجاجات والضغوط التي بدأت تشكلها على الشارع السياسي بادر فخامة رئيس الجمهورية في الثاني من شهر فبراير 2011م إلى تقديم مبادرته التاريخية أمام اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى التي تضمنت: دعوته للحوار وتقديم حزمة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. حيث جدد دعوته اللجنة الرباعية إلى استئناف الحوار، وتجميد النقاش حول التعديلات الدستورية، حتى يتم التوافق حولها، وفتح السجل الانتخابي لمن بلغوا السن القانونية وتأجيل الانتخابات والتأكيد على أنه لا نية للتوريث أو التمديد.. ودعا إلى إيقاف الحملات الإعلامية والتحريض، وأكد على أن تكون الانتخابات والقواعد الديمقراطية هي الوسيلة الحضارية والمثلى للوصول إلى السلطة، وأن تهيئ القوى السياسية نفسها للانتخابات الرئاسية في عام 2013م وأن يكون التنافس عبر صندوق الاقتراع.. وفي ضوء ذلك أكدت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي في اجتماعها التالي لمبادرة فخامة الأخ الرئيس على ما ورد في المبادرة واستعدادها لاستئناف الحوار، غير أن أحزاب اللقاء المشترك ردت ببيان اتسم بالكثير من المغالطات والتضليل وتزييف الحقائق والتصعيد في الخطاب السياسي والإعلامي مع إشارة غامضة حول عدم رفضهم لما جاء في مبادرة فخامة رئيس الجمهورية، وما ورد في بيان اللجنة العامة. وطالبت أحزاب اللقاء المشترك المؤتمر بالتراجع عن كافة الإجراءات التي اتخذها، فضلاً عن اشتراطات جديدة لبدء الحوار. ورداً على موقف المشترك المتمترس في خندق الرفض الأعمى.. خرجت المسيرات الشعبية والجماهيرية المليونية في كل من أمانة العاصمة، تعز، عدن، حجة،وغيرها من محافظات الجمهورية، تعبيراً عن التأييد الشعبي لمبادرة الأخ الرئيس، داعية الأخوة في أحزاب اللقاء المشترك والشباب المحتجين إلى التعاطي الإيجابي معها والجلوس إلى طاولة الحوار وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والفردية والفئوية، وتجنيب البلاد ويلات الفتنة والتحريض، وحفاظاً على وحدة الوطن وأمنه واستقراره وعلى الخيارات والمرجعيات الديمقراطية للتداول السلمي للسلطة.. وقد عبرت الملايين من الجماهير اليمنية عن خياراتها الكبرى في الجنوح إلى السلم والاحتكام إلى الشرعية الدستورية والاتجاه إلى الحوار كوسيلة حضارية وسلمية لحل مشكلات البلاد على قاعدة الاحتكام للانتخابات والآليات الديمقراطية.. وكانت هذه الملايين رسائل جماهيرية واضحة للأخوة في المشترك، على أمل أن يستوعبوا مضامينها.. ولم يقف المؤتمر وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي في محاولاتهم فتح آفاق الحوار عند هذه الحدود، بل واصلوا بذل كل المحاولات للخروج بالحوار من حالة الانسداد.. ومن أجل الخروج من حالة الانسداد في الحوار، قدم فخامة الأخ الرئيس كذلك مبادرة عبر "ليس كامبل" مدير المعهد الديمقراطي أكدت على حق التعبير السلمي بعيداً عن العنف واستئناف الحوار، واستيعاب ما يطرحه المشترك.. وكعادتها لم تتفاعل أحزاب المشترك معها، ولقد كانت جهود المعهد الديمقراطي والأصدقاء الأوروبيين محل اهتمامنا، لكن تلك الجهود لم تقابل بذات الاهتمام من الجانب الآخر للأسف الشديد.. أيها الإخوة.. أيتها الأخوات: وفي تلك الأجواء استقبل فخامة الأخ رئيس الجمهورية وفداً من أصحاب الفضيلة العلماء والمنخرطين في لجنة علماء المرجعية برئاسة الشيخ عبدالمجيد الزنداني، الذين قدموا مبادرة من سبع نقاط، تمت الموافقة عليها وأضاف فخامته نقطة ثامنة تتعلق بألاّ يتزامن الحوار مع استمرار المظاهرات والاعتصامات، وبما يكفل إزالة مظاهر الفوضى والتخريب والاحتقان في الشارع والتهيئة لإجراء الحوار الوطني وإنجاحه.. وقد عقب ذلك مؤتمر في جامع الصالح لأصحاب الفضيلة العلماء من مختلف أنحاء الوطن تم فيه مناقشة الأزمة القائمة من كافة جوانبها وتحدث في المؤتمر فخامة الأخ الرئيس الذي فوّض العلماء في اقتراح الحل؛ معلناً بأنه سوف ينفذ كل ما يأتي به العلماء، وإن كل ما سيقولونه سيقابله بالسمع والطاعة.. وقد حمل وفد أصحاب الفضيلة العلماء تلك النقاط إلى أحزاب اللقاء المشترك، وتوقعنا أن تستجيب قيادة المشترك لهذا المسعى الطيب من جانب أصحاب الفضيلة العلماء من منطلق الحرص على تجنيب الوطن الفتنة والاستجابة لصوت الحكمة والعقل.. وبعد انتظار دام عدة أيام ظلت خلالها قيادة المشترك تتعذر بانشغالاتها وغياب بعض قياداتها، وهي ذات الوسيلة، وذات الأعذار التي استخدمها دائماً منذ اتفاق فبراير، حمل إلى رئيس الجمهورية وفد آخر ضم عدد من الوسطاء من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح والشيخ صادق عبدالله حسين الأحمر، وعدد آخر ن المشائخ خمس نقاط جديدة باعتبارها الرد من المشترك، وهي نقاط اكتنفها الكثير من الغموض واللبس وبخاصة في النقطة الرابعة منها؛ حيث كان الفهم السائد لها، يعني أن يكمل رئيس الجمهورية فترته الرئاسية حتى العام 2013م، وبموجب الثقة الممنوحة له من الشعب في الانتخابات الرئاسية 20 سبتمبر 2006م، ولضمان انتقال سلمي وسلسل للسلطة وبحيث يقوم في نفس الوقت بإعداد برنامج للإصلاحات يتم الاتفاق عليه، يبدأ بالتوافق حول التعديلات الدستورية وإجراء الانتخابات النيابية وغيرها من الإصلاحات القانونية والاقتصادية على أن يتم الانتهاء نم ذلك أواخر العام 2011م. وقد طلب فخامة رئيس الجمهورية عند استقباله للوفد بأن يحددوا موقفهم بوضوح من كونهم وسطاء أم مفاوضين، فطلبوا مهلة لتوضيح ذلك الأمر، وعندما جاءوا مرة أخرى نقلوا باطرحته عليهم قيادة المشترك حول فهمها للمنطقة الرابعة في مبادرة النقاط الخمس التي جاءوا بها من قبل ، وقالوا بوضوح أن المشترك يعني بها أن يسلم الرئيس السلطة مع نهاية ها العام في انقلاب واضح على الشرعية الدستورية والنهج الديمقراطي، وحتى دون تحديد آلية هذا الانتقال وثمن؟، مما أضطر فخامة رئيسا لجمهورية إلى توضيح الموقف من ذلكن، حيث صدر بيان باسم مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أكد بأن الانتقال السلمي والسلس للسلطة لا يتم عبر الفوضى وإنما عبر الاحتكام لإرادة الشعب المعبر عنها من خلال الانتخابات ليختار من يريد حاكماً له. واستمرت أحزاب اللقاء المشترك فيا لدفع بأعضائها إلى الاعتصام في الساحات في كل من تعز، وصنعاء، وبعض المدن، ومتحالفة في ذلك مع العناصر الحوثية المتمردة والعناصر الانفصالية والإرهابية والخارجة على القانون، واستغلت مناخات الأزمة التي تم افتعالها، وجرى تجيير مطالب الشباب لصالح الخطاب المعارض. واستمرت في التحريض والتحالف والتنسيق مع العناصر الانفصالية المرتدة عن الوحدة بارتكاب أعمال عنف وشغب وفوضى وعلى وجه الخصوص في بعض مديريات عدن ولحج والضالع وأبين، وحضرموت ونتيجة ذلك سقط عدد من الضحايا من المواطنين والجنود والشباب المغرر بهم وتعرضت عدد من المنشآت والممتلكات العامة والخاصة للتخريب والعدوان والحرق والنهب. أيها الإخوة والأخوات: لقد اتضحت الرؤية أكثر للجماهير اليمنية وغدت قطاعات واسعة من الشعب اليمني تدرك هروب المشترك من الانتخابات ومن أةي اتفاقيات تم التوقيع عليها. وها هي تلك القيادات في المشترك تعلن اليوم بوضوح رفضها للحوار ومطالبتها الصريحة بإسقاط النظام وتجاوز الشرعية الدستورية مدعية التحامها مع ما تسميه الشارع، مستغلة بعض الحماس أو المطالب لدى بعض الشباب الذين لديهم قضايا مطلبية مشروعة، أكدت الدولة دائماً استعدادها لتلبيتها في إطار الإمكانات المتاحة وشكلت ذلك لجنة برئاسة الأخ رئيس مجلس الوزراء للحوار مع الشباب للاستماع إليهم ومعالجة قضاياهم وإعطائها الأولوية في برنامج الحكومة وخططها. لقد كان واضحاً لنا في قيادة المؤتمر أن هدف المشترك ليس الوصول إلى تداول سلمي للسلطة، فذلك متاح من خلال صناديق الاقتراع ، وما تقدمنا به من مبادرات سياسية ، بل تأكد لنا أن المعارضة وقد أتحدث مع خصوم الجمهورية، وخصوم الوحدة وعناصر الإرهاب إنما تهدف إلى إسقاط الدولة اليمنية والانقضاضا على النظام الجمهورية والوحدة، يؤكد ذلك وحدة ا لتناقضات الصارخة في تكتل المشترك، والتي عبرت عن حقد شديد على النظام وعلى القيادة، وبوضوح أكبر مع الأيام على شخص الرئيس علي عبدالله صالح. علماً بأن من يتولون إدارة شئون تلك الاعتصامات والإنفاق عليها وتحريضها وتنظيمها هي قيادات في أحزاب اللقاء المشترك ممن لديها قناعة تامة بأن وصولها للسلطة لن يتم إلا بما تسمية إسقاط النظام بالفوضى والانقلاب على الديمقراطية والانزلاق بالوطن ووحدته نحو المجهول كنا أن لدينا إحساس أن المال الذي ينفق من بعض أطراف هذا الصراع على هذه الاعتصامات هو مال قادم من الخارج، مال ملوث بالعمالة والخيانة. وهو ما لن يسمح به شعبنا ومؤسساته الدستورية وما يستلزم من الجميع التصدي له، حفاظاً على ا لوطن وأمنه واستقراره ووحدته وشرعيته الدستورية ومكاسبه التي حققها في ظل راية الثورة والجمهورية الوحدة والديمقراطية. الإخوة أعضاء اللجنة الدائمة. لم تقف مبادرة الأخ الرئيس عن ذلك المستوى بل قدم فخامة الأخ الرئيس مبادرته الثانية يوما لخميس الموافق 10 مارس الجاري أمام المؤتمر الوطني العام الذي انعقد في العاصمة صنعاء ومثلت فيه كل مناطق اليمن وفئات المجتمع بعدد أكثر من ستين ألف مشارك حيث باركوا تلك المبادرة الجريئة والحصيفة التي قدمها فخامة الأخ الرئيس والتي تضمنت ما يلي: وضع دستور جديد للبلاد يستند على الفصل بين السلطات ويعتمد النظام البرلماني. تشكيل حكومة وحدة وطنية. تشكيل لجنة من مجلس النواب والشورى لوضع مشروع دستور جديد يُستفتى عليه نهاية عام 2011م. وضع قانون انتخابي جديد يتضمن العمل بالقائمة النسبية. وقد عبر ملايين اليمنيين عن ترحيبهم وتأييدهم لمبادرة فخامة الأخ الرئيس، وخرجت المسيرات إلى الساحات العامة في أمانة العاصمة وعواصم المحافظات داعية أحزاب اللقاء المشترك إلى الاستجابة للمبادرة والجلوس إلى الحوار لتنفيذها والحد من أعمال التحريض والعدول عن خيارات الفوضى والتخريب والاحتكام إلى العقل والحكمة. لكن أحزاب اللقاء المشترك عادت ورفضت المبادرة بعد إعلانها بدقائق وحتى قبل أن تناقشها أو تجمع هيئاتها التنظيمية والسياسية لتدارسها، في استخفاف منها بمستقبل وأمن وسلامة الوطن، وتكريس لتصرفها غير المسئول الذي دأبت عليه، كما كان هذا الرفض المبكر وغير العاقل محل استهجان من قبل قطاعات واسعة من الشعب، لأن المبادرة كانت مخرجاً حقيقياً من الأزمة. وفيما رحب الجانب الأمريكي والاتحاد الأوروبي والدول العربية والإقليمية بتلك المبادرة واعتبرتها خطوة متقدمة تلبي سقف المطالب السياسية للمعارضة، وتضمن التداول والانتقال السلمي والسلس للسلطة وإصلاح النظام السياسي والانتخابي والآلية الانتخابية.. ظلت أحزاب اللقاء المشترك على رفضها لكل النصائح والتوصيات التي تقدم بها إليهم الأصدقاء والأشقاء بغرض الخروج من الأزمة الراهنة.. وبينما تعاظم الاصطفاف الشعبي والجماهيري والتنظيمي وراء مبادرة فخامة الأخ الرئيس باعتبارها السقف الأعلى لاستيعاب المطالب، بل لإخراج البلاد من حالة الاحتقان ورسم خارطة طريق مستقبلية تستند إلى المرجعية الديمقراطية، وتضمن التداول السلمي للسلطة.. فاجأ الجميع ما حدث من صدام مؤسف ومحزن ظهر الجمعة الموافق 18 مارس، أي في اليوم التالي للمبادرة، إذْ أسفرت تلك المصادمات المفاجئة بين المعتصمين ومسلحين إلى استشهاد وجرح العشرات، وهو الحدث الذي يعد فاجعة مؤلمة أريد منها نسف الإمكانات التي بدأت تلوح في الأفق للحل السياسي للأزمة.. واعتبر المراقبون ذلك بمثابة قطع الطريق على مبادرة فخامة الأخ الرئيس والانتقال بالوضع إلى مربع العنف والصراع المسلح وتغليب خيارات الفوضى التي تحرص القيادة السياسية والمؤتمر الشعبي العام على عدم الانزلاق إليها، وهي كذلك محاولة لإفشال الوساطة الخليجية التي رحب ولا زال يرحب بها المؤتمر الشعبي العام.. وبهذا الحادث الأليم انتقلت الأحداث إلى مرحلة التأزم الشديد والتحريض على الدولة والأجهزة الأمنية التي ظلت ملتزمة بالحفاظ على أمن المعتصمين، وعلى السكينة العامة والممتلكات العامة والخاصة وظلت منضبطة في أدائها طيلة فترة الاعتصامات والاحتجاجات وضربت مثلاً رائعاً للانضباط والصبر.. وترتب على ذلك الحادث الأليم الإعلان الرسمي عن اعتبار يوم السبت 19 مارس يوم حداد وطني رسمي وشعبي على شهداء الديمقراطية، وأعلنت الحكومة التزامها بمعالجة المصابين وتعويض أسر الشهداء. ووجه فخامة الأخ الرئيس بتشكيل لجنة تحقيق قضائية يشارك فيها أعضاء من المعتصمين ومن المشترك للتحقيق في الحادث برئاسة النائب العام. وفيما بدأت اللجنة المعنية بمباشرة تحقيقاتها حول الموضوع اتخذت أحزاب اللقاء المشترك من ذلك الحادث ذريعة لتصعيد الفوضى وتحريض المعتصمين واتهام الأجهزة الأمنية قبل استكمال التحقيقات التي رفضت أن تشارك فيها. لكن التحقيقات الجادة والشفافة بإشراف النائب العام مضت بثبات وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على بعض الجناة، وتم تسليمهم للنيابة العامة، التي باشرت التحقيق معهم وستنشر الحقائق بعد إنجاز اللجنة لمهمتها. لكن المشترك وظّف هذه الحادثة للتحريض على النظام وعلى المؤتمر وهو أمر دفع الكثير من المتخاذلين من أعضاء المؤتمر والمسئولين وبعض منتسبي القوات المسلحة إلى إعلان مواقف سلبية من المؤتمر ومن النظام، مما نتج عنه سلسلة من الاستقالات على مستوى التنظيم والحكومة والسلك الدبلوماسي.. وبالرغم من أن معظم المستقيلين لديهم دوافع ذاتية تخصهم، إلا أن أثر ما حدث في جمعة الشهداء كان هو المسوغ الظاهري الذي استندت عليه تلك المواقف. وبسبب هذه التطورات وحفاظاً على أمن البلاد ووحدتها، أعلن فخامة الأخ الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة حالة الطوارئ في كافة أنحاء الجمهورية،وفي جلسة تاريخية وافق البرلمان يوم الأربعاء 23 مارس على قرار رئيس الجمهورية الذي أحيل إليه لما تستدعيه حالة البلاد والحفاظ على أمن المجتمع من الفوضى ومحاذير الانزلاق به إلى العنف والحرب الأهلية. وإزاء ما خلفته حادثة الجمعة الحزينة تلك، أنزلقت الأحداث إلى التداعيات العسكرية المتمثلة في ما أعلنته بعض الوحدات العسكرية من مواقف سلبية تجاه شق صف المؤسسة العسكرية والأمنية، لكن مجلس الدفاع الوطني سارع بقيادة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح إلى احتواء الموقف من خلال البيان الذي أعلنه وأكد فيه على دور ووظيفة القوات المسلحة والأمن في حماية الشرعية الدستورية والديمقراطية وحفظ سلامة وأمن الوطن والتصدي لأي انقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية. وهو الإجراء الذي من شأنه أن يمنع أي تداعيات عسكرية أو أمنية أو أعمال عنف، وأن يحد من الفوضى وتدهور الأوضاع التي أوصلتنا إلهيا التصرفات اللامسئولة لأحزاب اللقاء المشترك، ومن لف لفها من عناصر التطرف ودعاة الانفصال والحوثيين والمتطرفين دينياً وتجار المخدرات وتجار الحروب والسلاح. وفي مواكبة جديدة من فخامة الأخ الرئيس لتطورات الأحداث، وسعياً إلى أقامة الحجة على أحزاب اللقاء المشترك أمام الشعب وبوعي من فخامته بأن اليمن يحتاج في هذه اللحظة التاريخية إلى الحكمة والرشد الذي يجنبه الانزلاق نحو الفتنة والعنف والاقتتال، وسعياً إلى وضع كافة القوى السياسية أمام مسئولياتها التاريخية في الاستجابة إلى نداء العقل والمنطق والجلوس إلى طاولة الحوار، وباتجاه إنهاء الأزمة القائمة في البلاد قدم فخامة الأخ الرئيس يوم الأربعاء 23 مارس الحالي موافقته على طلب أحد الوسطاء على النقاط الخمس المقدمة من أحزاب اللقاء المشترك التي تتضمن انتخاب رئيس للبلاد نهاية العام الجاري، وعلى أساس إنهاء الأزمة وطي صفحاتها، من خلال "تشكيل حكومة وفاق وطني تكون مهمتها تشكيل لجنة وطنية لصياغة دستور جديد للبلاد، وصياغة قانون الانتخابات والاستفتاء على أساس القائمة النسبية"، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، على أن يتم بعد ذلك الاستفتاء على الدستور الجديد وإجراء الانتخابات البرلمانية، ويقوم مجلس النواب الجديد المنتخب بتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية بعد ذلك مباشرة نهاية العام 2011م". وذلك تحقيقاً وتأكيداً على انتقال سلسل وديمقراطي وحضاري للسلطة وبما يحافظ على الاستقرار وسلامة المؤسسة الديمقراطية وحماية مكاسب الثورة اليمنية الخالدة. وإزاء هذا الوضع جاء انعقاد هذه الدورة التنظيمية الاستثنائية للوقوف على الواقع السياسي الذي استعرضناه وما يمر به الوطن من تحديات صعبة لا تستهدف قيادته ونظامه فحسب؛ بل تستهدف مكتسبات الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية، وتهدف إلى هدم كل ما تحقق للبلاد خلال ما يقارب من خمسة عقود من الثورة والإنجاز وعقدين من الوحدة والديمقراطية والتنمية.. الإخوة أعضاء اللجنة الدائمة: إن الوطن والنظام والتنظيم أمام أوضاع صعبة فرضها علينا من يتربصون بأمن واستقرار الوطن، ومن ينقبلون على الشرعية الدستورية والديمقراطية، ومن يقوضون السلم الاجتماعي، وهي أوضاع تستلزم الوقوف عليها بمسئولية وطنية وتنظيمية وتاريخية، ذلك أن المؤتمر الشعبي العام يحمل على عاتقه مسئولية العبور بالوطن إلى بر الأمان. وقد أثبت المؤتمر الشعبي العام في كل المنعطفات الوطنية الصعبة قدرته على تحمل المسئولية بالتفاف الشعب وراء هذا التنظيم الجماهيري الكبير وقيادته التاريخية الحكيمة والمقتدرة والتي يعلق عليها الشعب آمالاً كبرى لتجنيب الوطن ما يراد له من تمزق وصراع.. الإخوة والأخوات: إننا جميعاً أمام مسئولية تاريخية تستلزم الخروج برؤية وطنية تساعد على التماسك الوطني وعبور هذه الأزمة العاصفة وتعزيز يقين الجماهير بخياراتها الديمقراطية المجسدة لآمال وطموحات الشعب اليمني العظيم والحفاظ على مكتسباته وتقدير تضحياته من أجل مستقبل آمن ومستقر وديمقراطي. التنظيم في مواجهة الأزمة: الإخوة والأخوات أعضاء اللجنة الدائمة: وإزاء كل تلك التحديات والمتغيرات المتتابعة واكبت الهيئات التنظيمية العليا: اللجنة العامة، والأمانة العامة، والهيئات الشوروية والبرلمانية والوزارية واللجان التنظيمية العليا المتخصصة وفروع المؤتمر الأحداث من خلال اجتماعاتها الدورية المنتظمة والمناقشات ووضع التصورات والبرامج والرؤى والسياسات التي قدمتها تمشياً مع كل المستجدات السياسية والأمنية والتنفيذية والخدمية واتخذت القرارات والمواقف المناسبة. ووقف المؤتمر بجدية ومسئولية لتدارس الأوضاع والمستجدات السياسية والأمنية على الساحة الوطنية وخاصة موجة الاحتجاجات والاعتصامات وأعمال الفوضى والشغب والتحريض السياسي والحزب الهادف إلى زعزعة استقرار البلاد، واتخذت إزاءها جملة من الإجراءات التنظيمية والسياسية والإعلامية والتنفيذية للتفاعل مع الأحداث والتطورات، وعمل التنظيم على تعزيز وتضافر كافة الجهود الحزبية والرسمية والشعبية وأخذ زمام المبادرة السياسية والجماهيرية لمواجهة تلك التحديات والتصدي لحملات التحريض على الفتنة والفوضى والتصرفات التي تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي؛ فضلاً عن تفعيل المؤتمر لتكويناته التنظيمية على المستوى المركزي وعلى مستوى المحافظات والمديريات والدوائر. وقام المؤتمر بمهامه التنظيمية والسياسية والإعلامية والإرشادية والجماهيرية التي تهدف إلى تفعيل الحياة التنظيمية وتعزيز الاتصال بالجماهير وحشد الطاقات وتشكيل رأي عام إيجابي يحصن الجماهير، ويحقق الأهداف الوطنية والتنظيمية على المستوى المركزي والمحلي، دفاعاً عن الشرعية الدستورية والديمقراطية، ودفاعاً عن الدور الوطني والتاريخي لفخامة الأخ الرئيس.. ونظراً لخطورة وأهمية وأولوية الجانب الإعلامي قام التنظيم في هذا الجانب برصد وتحليل وتقييم الخطاب الإعلامي والسياسي والإرشادي لمختلف أطراف العمل السياسي وتفنيده والرد عليه، وقام بالتصدي لهجمة الإعلام الحزبي المعارض والإعلام الموالي له والإعلام الخارجي العربي والأجنبي المسيء لليمن ولأمنه ووحدته واستقراره، وعمل على تحسين الأداء والخطاب الإعلامي والسياسي للإعلام التنظيمي المقروء والإلكتروني والإعلام الرسمي المسموع والمرئي، وإنشاء عددٍ غير قليل من المواقع الإلكترونية، وحفز شباب المؤتمر على مواجهة الإعلام المضاد وعزز وجوده في مواقع الاتصال الاجتماعي على شبكة الإنترنت، وإنشاء جماعات شبابية افتراضية ومنتديات للحوار الشبابي والسياسي والوطني، وساهم في تشكيل رأي عام إلكتروني مناصر وموجه لما يحدث، وقام بالتغطية الإعلامية الميدانية الشاملة لكافة الفعاليات والأنشطة السياسية والتنظيمية والجماهيرية للمؤتمر وحلفاؤه، كما قام برصد وتحليل ومتابعة البيانات والمواقف السياسية الصادرة عن الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات والمنظمات الدولية والتعاطي معها بحسب ما يقتضيه الحال، وتقديم الاستخلاصات والاستنتاجات المناسبة والرد عليها بمختلف الوسائل الإعلامية. ولما يأل المؤتمر جهداً في إبراز الدور الوطني الإيجابي للمؤتمر وقيادته ممثلة بفخامة الأخ/ الرئيس من مختلف القضايا والهموم الوطنية وفي تحقيق الأمن والاستقرار والنهضة التنموية الشاملة وحماية الوحدة الوطنية وترسيخ النهج الديمقراطي ودعم وتطوير التعددية السياسية والحزبية والدافع عن توجهاته إزاء مختلف المستجدات والعمل على تعزيز دور ومكانة المؤتمر والحكومة في الوسط الجماهيري.. كما عزز المؤتمر تواصله المستمر مع القيادات التنظيمية وقيادات أحزاب التحالف الوطني ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والعلماء ورجال الفكر والثقافة والشخصيات الاجتماعية وتفعيل دورهم في مواجهة هذه الهجمة الشرسة المتربصة بسلامة وأمن واستقرار اليمن وقيامهم بتوعية المجتمع وتحصينه وشرح سياسات وتوجهات المؤتمر والقيادة السياسية وتنسيق تواصلهم مع وسائل الإعلام المحلية والخارجية، وتوضيح الحقائق وتقديم المعلومات والرؤى الموضوعية. وكذلك إطلاق التكوينات التنظيمية للمؤتمر وأحزاب التحالف وأعضائها وقياداتها وأنصارها في منظمات المجتمع المدني والقطاع التربوي والأطر والفعاليات الجماهيرية المحلية على آخر التطورات والمستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضايا التنموية والمعيشية، خاصة ما يتصل منها بالأزمة الراهنة ونتائج الحوار الوطني وأهداف اللقاء المشترك وما يقومون به لعرقلة تنفيذ اتفاق فبراير والاتفاقات الأخرى.. كما تبنى المؤتمر ونظّم بالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة المهرجانات والمسيرات المليونية في معظم المحافظات الكبرى، ونظم الفعاليات الجماهيرية التي يتم من خلالها تهيئة المجتمع وحشد الجماهير وتبعئة الرأي العام باتجاه سياسات وتوجهات التنظيم في مواجهة التحديات الراهنة والدفاع عن سياسات وتوجهات المؤتمر والحكومة والدولة والرئيس، وتأييد ودعم مبادرات فخامة الأخ الرئيس باتجاه الخروج من الأزمة الراهنة، وتعزيز المرجعية الدستورية والديمقراطية وتكريس الانتخابات كوسيلة ديمقراطية حضارية للتداول السلمي للسلطة ورفض الانقلاب على الديمقراطية. كما قام ويقوم المؤتمر بدوره التنظيمي والوطني في التصدي للحملات التي تحاول تشويه صورة المؤتمر وقياداته وحكومته والنيل من إنجازاتهما، وحشد الرأي العام الجماهيري المحلي لتأييد توجهات وسياسات ومواقف المؤتمر وقيادته وحكومته من مختلف القضايا الوطنية الماثلة. وقد أدى المؤتمر الدور المناط به في التوعية بطبيعة المؤامرات التي تحاك ضد الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي وواجب التصدي لها كمسئولية دينية ووطنية والتوعية باتجاهات الإصلاحات والحوارات السياسية ومواكبة مراحلها المختلفة وبما هو متاح من إمكانيات، واعتماداً على أعضاء المؤتمر وشبابه الذين صمدوا في هذه المرحلة العصيبة، وأثبتوا قدرات عديدة في التعامل مع المستجدات. وبذلك جهود حثيثة من أجل خلق نوع من الحراك التنظيمي والسياسي في صفوف قيادات وأعضاء وتكوينات المؤتمر المحلية لتفعيل دورها الجماهيري وتعزيز قدراتها في امتلاك زمام المبادرة الذاتية وإقامة الفعاليات والأنشطة التنظيمية والجماهيرية والنوعية لمواجهة الأعمال والمشاريع الهدامة. والتي تهدف إلى إثارة الفتنة وإعاقة المسيرة التنموية والديمقراطية، وحشد التأييد الجماهيري لسياسات وتوجهات ومواقف المؤتمر وقيادته. ويقوم المؤتمر بالتنسيق المستمر والعمل الميداني المشترك بين قيادات كافة القطاعات المؤتمرية التنفيذية والتنظيمية من جهة، وفيما بينها وبين قيادات وتكوينات أحزاب التحالف الوطني ومنظمات المجتمع المدني والتربويين من أعضاء المؤتمر والمناصرين من جهة أخرى، بصورة دائمة وفي مختلف الأنشطة والفعاليات. ولعله من المفيد الإشارة إلى جهود المرأة والشباب في هذه المرحلة، فكما أن شباب المؤتمر قد شاركوا في كل الفعاليات الوطنية دون استثناء، وكانوا في مقدمة المناضلين المدافعين عن المصالح الوطنية العليا، وعن توجهات المؤتمر والقيادة السياسية، فإن جهود المرأة المؤتمرية المناضلة والمرأة اليمنية عموماً قد لفتتت الانتباه إلهيا حضوراً ومشاركة على مختلف المستويات وفي جميع المناسبات. وأكدت المرأة اليمنية قدرتها على متابعة الأحداث، والتأثير على مسارها باعتبارها نصف المجتمع، ولا شك أن جهود الشباب والمرأة في هذه المرحلة قد ساهمت في كبح جماح المتطرفين والأعداء الساعين إلى النيل من منجزات الثورة والجمهورية، ومن يحاولون اختطاف المسار الديمقراطي تحت شعارات في ظاهرها الرحمة، وفي باطنها العذاب.. خاتمة: كان هذا استعراض سريع وشامل مجمل ما أحاط بموضوع الحوار والمبادرات والتنازلات التي قدمت لأحزاب اللقاء المشترك من أجل الجلوس على مائدة الحوار ومعالجة القضايا والتباينات بروح وطنية مسئولة وبما يجنب الوطن الفتنة ويضمن سلامته وأمنه واستقراره والسلم الاجتماعي. وبين أيديكم كتاب يتضمن إيضاحاً شاملاً لمسار الحوار والمبادرات الوطنية التي قدمت من أجل إنهاء الاحتقان السياسي وتحقيق المصلحة الوطنية العليا والتي للأسف لم تنل استجابة حتى الآن من إخواننا في أحزاب اللقاء المشترك، وذلك بما يجنب وطننا الفتنة ويصون أمنه واستقراره ووحدته، وهذه مسئوليتنا جميعاً، كما أنه قد اشتملت على استعراض مقتضب للجهود السياسية والتنظيمية والإعلامية التي قامت بها الهيئات القيادية بالتزامن مع الجهود الرسمية. أيها الإخوة: ولإيماننا بأن المستقبل هو للشباب باعتبارهم قوة الدفع المحركة لأي تطور حاضراً ومستقبلاً، فإن فئة الشباب ومطالبها واحتياجاتها وأولوياتها لا بد أن تأخذ الصدارة في تفكيرنا وفي ممارساتنا وسياساتنا وفي برامج الحكومة وفي حزمة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وسوف يستعرض تقرير الحكومة أهم الإنجازات التنموية والإجراءات الخاصة بمحاصرة الفقر والحد من البطالة وخاصة بين الشباب الجامعيين، والمعالجات والإجراءات الحكومية قصيرة وطويلة الأمد باتجاه حل مشكلات الشباب واستيعاب طاقاتهم وتفعيلها وتشغيلها في البناء والتنمية. ومن مسئوليتنا ألا نترك الشباب نهباً لاحتكار أحزاب اللقاء المشترك وأطراف العنف التي تحاول ركوب موجة احتجاجاتهم وتحاول تجيير مطالبهم لأجندتها وأولوياتها السياسية التي لا تمت إلى الشباب بصلة، والتي لا تؤمن حاضراً ولا مستقبلاً مواتياً لاستثمار طاقات الشباب وتلبية أحلامهم وطموحاتهم. إن أية رؤية تغييرية وإصلاحية لا بد أن تعبر عن سقف طموحات الشباب وأن تترجم حاجاتهم وأولوياتهم باعتبارهم الطليعة المجتمعية والطاقة الوطنية التي نعول عليها في بناء الوطن. لعل المؤتمر برؤيته الوطنية وفكره الوسطي أقرب التنظيمات للتعبير عن الحالة الواعية والسوية للشباب والطلاب واتجاهاتهم الفكرية والثقافية وحسن تنشئة وتوظيف هذه الفئة الفتية وتربيتها على حب الوطن والولاء له والتعبير المنصف على أولوياته. وهذا واجب المجتمع بكل نخبة وفئاته ومؤسساته وواجب الدولة والحكومة والنظام ليضع الشباب في المربع الطبيعي المساهم في بناء الوطن من خلال المشاركة الديمقراطية والمشاركة في العمل والإنتاج والإسهام الفاعل في بناء الوطني وتنميته. |