المؤتمر نت -
سند محمد * -
الكرز لا ينمو في عود العوسج
الولاء والمسئولية الوطنية لم تكون مجرد ألفاظ ليتشدق بها البعض ، فذلك الفعل يدحض نفسه في أول موقف أو منعطف يواجه البلد ، حينما يكون مجرد فقاعات صابونية يتلاشى إثره عن الأفق الواقعي ويترك حسرة في النفس وغضب من كون ذلك الإجحاف لم يراعي الوطن ولم يصونه.
أتحدث هنا عن أطراف وأطياف في الواقع اليمني واعني " اللقاء المشترك وشركاؤه " ومسارهم الذي لم يكن بحجم الوطن بمشاريعه ووجهته ، تلك القوى كانت قد نجحت في خلق أزمة ومعاناة بالفعل على الواقع المعاش ، لمسها وتوجع منها الوطن من أقصاه إلى أدناه.
وليس ذلك بمنجز يحق لتلك الأطياف التفاخر به كونه دلالة على حجم كيانها في الساحة الوطنية مقارنة بالأثر الكبير الذي خلفته على الواقع سلبا.. فالمثل الشعبي يقول " المدمر غلب ألف عمار" ، ومعاول الهدم على قلتها أكثر فاعلية وأثر من سواعد البناء على كثرتها ، فما يبنى خلال سنة يمكن هدمه في ظرف ساعات ، وهنا تكون المقارنة ضرب من الجنون.
لقد خرج الكثير من أبناء هذا الوطن بتلقائية في بداية الأزمة اليمنية نحو رفض الواقع والبحث عن فرص أفضل للحياة ، يدفعهم الواقع المثخن بالبطالة والتحديات وغياب فرص العمل وما إلى ذلك من الأزمات ، لكنهم كانوا لقمة سائغة لجهابذة " الفوضى والمشاريع الصغيرة" ، الذين امتطوا مطالبهم وغيروا مسارها العفوي المتنصل من الاحتقانات والحقد والكراهية وتصفية الحسابات ، ليقودونها إلى نفق مظلم غاب عن زواياه الموحشة الوطن وتطلعاته ومشروعه السامي ، كما غاب عن أفق ذلك النفق أي ملامح للاستبشار والتفاؤل بغد أفضل.
فاقد الشيء لا يمنحه ، وثمرة الكرز لا يأتي من عود شجرة العوسج الشائكة بطبيعة الحال ، لذا كانت ثمار المشاريع الصغيرة شوكا تم نثره على طرق ومسارات الحياة ، في مسعى لعرقلة أي توجه يخدم الوطن بحاضره ومستقبله ، بنمائه واستقراره ، وبوفاق جميع أطيافه وألوانه.
من يعتقد أن الوطن حصراً عليه ، وأن بإمكانه صياغة مصيره ورسم معالم مستقبله لوحده فأنه يملك عقلية عقدية تراكمت في دهاليزها كل المنهجيات الآتية من الزمن الغابر الذي اندثر وفشل في البقاء.
عادة تفشل المشاريع الصغيرة في أن ترى النور حتى وأن توفرت لها بعض مقومات الحياة ، وفشلها المحتوم يأتي لأنها ولدت صغيرة أصلاً ، متقزمة قاعدتها من كيان وغايات ، والانتصار في الأخير يكون لإرادة الأوسع والغالبية ، أي سواد هذا الشعب الكفيل بإزاحة الأشواك التي نثرتها تلك القوى على طريق الغد ، لأن ذلك السواد هو من يمتلك الوطن وأكثر حرصاً عليه من كل القوى التي تدعي أنها تمثله.
كثر التمادي والإمعان في العبث بهذا الوطن دون بصيرة ، وبقي التذكير لكل شريف بأن أمام اليمنيين فرص آمنة للتغيير ، فرص أكثر فاعلية وتنظيما وأكثر توافقا وشعبية وقدرة على البقاء ، لا يسود فيها الإقصاء أو الإلغاء ولا يعتريها سلوك القفز فوق شرعية القوانين المنظمة والمسيرة للحياة ، الانتخابات الحرة والنزيهة المبنية على أسس التوافق الوطني الشامل ، تلك هي التي تحدد معالم القادم بدعائم شعبية متينة غير قابلة للمزايدات والمساومات.
ختاما .. الوطن يدفن آلامه .. لكن ارشيف تاريخه لا يغفر آثام مرتكبيها ، و بالإمكان أن نتجاوز المرحلة بكل تفاصيلها .. لكن الأجيال القادمة ستفصل في ما كنا فيه نختلف.
رئيس تحرير موقع " حشد نت" *
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 06:25 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/92221.htm