المؤتمر نت - عبده محمد الجندي
عبده محمد الجندي -
لابد من حلول وتنازلات
الاوضاع الصعبة التي تمر بها اليمن في الظروف الحالية كدرت صفو الحياة وأثرت على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية والانسانية بصورة غير مسبوقة في تاريخ الاعياد اليمنية نظراً لما احدثته الصراعات والحروب السياسية من اختلافات في شتى مناحي الحياة دون وازع من احساس بالمسؤولية من قبل القيادات الحزبية المتهالكة على السلطة والثروة بلا حدود بصورة اوقعت الشباب في وهم الثورة وما تطلق عليه بالحسم الثوري المستمر. اقول ذلك واقصد به اننا بحاجة إلى تحكيم العقل ونحن نستقبل مناسبتين هامتين خلال الايام القليلة القادمة لكي نعيد الابتسامة إلى الشعب بعد تسعة اشهر من المعاناة التي طرقت جميع الابواب بتداعياتها المؤلمة.
المناسبة الاولى هي الاحتفال بعيد الاضحى وما يجب ان يرافقه من دواعي الامل والمناسبة الثانية هي الاحتفاء بالتوصل إلى حلول سلمية لتداعيات الازمة المركبة تعيد لابنائنا وبناتنا ولابائنا وامهاتنا ولاخواننا واخواتنا الامل والابتسامة كبديل لما نشعر به من وطأة كابوس الاحباط واليأس.. لأن التوصل إلى ما نحن بحاجة اليه من الحلول السياسية سوف يحول الفرحة إلى فرحتين.. فرحة العيد وفرحة الامن وعودة الحياة إلى طبيعتها السابقة لهذه الازمة السياسية الملعونة وما سوف يترتب عليها من عودة محتومة لما افتقدناه من مشاعر الاخوة القائمة على توازن الحب والمودة اليمنية على نحو يمكننا من مغادرة ما تسلل إلى قلوبنا الى بين صفوفنا خلال الازمة الملعونة من مشاعر رذيلة تتمثل بالكراهية والحقد لأسباب سياسية بحتة.. عملاً بقول الشاعر:
(إذا اقتتلت يوماً وسالت دماؤها..
تذكرت القربى فسالت دموعها )
لان مشاعر الانتماء للوطن اليمني الواحد وللشعب اليمني الواحد هي الاقوى مضافاً اليه الروابط من قدسية الانتماء للعروبة ومن قدسية الانتماء للدين الاسلامي الحنيف والتي لابد وان تتغلب وسط المعاناة الشديدة على غيرها من المشاعر الدخيلة لان الانتماء لليمن والشعب اقدم من غيره من الانتماءات الزائفة والزائلة للسياسة.
اقول ذلك وانا على يقين بأن الاطراف اليمنية باتت تدرك حجم ما وصلت اليه الاوضاع المعيشية الصعبة للاغلبية الساحقة من الفقراء والعديد من الهموم والمعاناة المشوبة بذل الحاجة وهوان الفقر ناهيك عن القلق والخوف الشديدين، وأي سياسي لا يتملكه هذا الشعور والادراك الوطني لما احدثته الازمة المركبة من البؤس لا يمكن ان يكون يمنياً ينمي قيم الوطنية والاخوة المستمدة من العروبة والاسلام ولا يمكن أن يكون انساناً يغلب متطلبات الامن والسلامه على غيرها من متطلبات السياسة والغدر والانتقام لأن الازمة بتداعياتها الانسانية تعكس احقاد انتقامية اقرب الى صراعات الاشخاص منها إلى خلافات الامراء ذات الاتجاهات الأيديولوجية التي تقدم رحمة الخلاف على لعنة الكرهية والحقد والغدر المحركة للتداعيات الثأرية والانتقامية.. اعود فاقول ان المجتمع الدولي الذي اصدر ذلك القرار المتوزان قد حرص على الضغط على الجميع للقيام بما يحتاجه الشعب من تسوية سياسية عاجلة تفتح المجال لعودة الحياة الطبيعية إلى ما كانت عليه قبل هذه الاضطرابات المفتعلة التي حالت دون حصول الشعب على ما هو بحاجة اليه من الخدمات التنموية الممكنة والمنجزات الاقتصادية الكفيلة بالتخفيف من المعاناة الاجتماعية سواء من خلال ما احدثته من الفوضى كبيئة طاردة للاستثمار ومدمرة للتنمية أو بما احدثته من صراعات دفعت الاخ إلى معاقبة اخيه في حرمان الدولة من الحصول على ما هي بحاجة اليه من الموارد والطافات المتاحة الاقتصادية الداخلية والخارجية على نحو تعطلت فيه التنمية وجفت فيه الخيرات والموارد الداخلية والخارجية فأنتجت هذه الازمة الاقتصادية التي عطلت الحركة التجارية والتنموية واجبرت المصانع على اقفال ابوابها وتجاوزت حركة التجارة والصناعة والزراعة إلى ما هو ابعد من ذلك في تعطيل الخدمات المتمثلة في المواصلات والنفط والغاز والكهرباء والمياه والصحة.. الخ.
< اي عيد هذا الذي فرضته علينا هذه الازمة الملعونة وما يكمن خلفها من احقاد ومن تحديات امنية وعسكرية جعلت اليمني يحمل السلاح لقتل اخيه اليمني طفلاً كان أو شاباً.. رجلاً كان أو امرأة وعاجزاً كان أومعافى إلى درجة لم تكن موضوعة بعين الاعتبار في اي وقت من الاوقات السابقة دافعها الاستجابة لمخططات تآمرية يمتزج فيها الداخلي وبالخارجي وبالسياسي ويتمرد فيها الأخ على اخيه والصديق على صديقه والقريب على قريبه على نحو فظيع.
اعود فأقول ان ابناء الشعب اليمني بمختلف مستواياتهم الاجتماعية والسياسية وبمختلف تكويناتهم الطبقية يشعرون بأنهم بحاجة ماسة وعاجلة للحلول السلمية الكفيلة بوضع النقاط على الحروف وإيقاف الطموحات المجنونة واللامشروعة التي تراهن على اشباعها من خلال التضحية بدماء الآلاف وربما عشرات الآلاف، وقد يكون مئات الالاف من الابرياء لاشباع ما لديهم من الشهوات والغرائز والاطماع الملعونة والقاتلة للحياة والحرية وللامن والاستقرار وللتقدم والتنمية الدائمة والمستمرة الكفيلة بإعادة ما فقدناه من السعادة النسبية.
لان لا بديل عن التسامح والزهد عن السلطة والثروة بإعتباره الطريق الامثل للخروج من هذا النفق المظلم بدوامتة العنيفة عبر الجلوس إلى طاولة الحوار وما يستوجب من تبادل النتازلات على قاعدة التراجع خطوات إلى الخلف من اجل التقدم خطوة إلى الامام بعيداً عن الذاتية المفرطة بحب الانا وبمرض الانانية والشخصنة ، وما ينتج عنها من افعال وردود افعال عدوانية مجنونة يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها احد على الاطلاق سوى الاعداء حتى اولئك الذين يعبدون انفسهم بطريقة اقرب إلى الوثنيين منها الى الديانات السماوية لا يستطيعون تحقيق ما لديهم من الاهداف والتطلعات الذميمة والقبيحة نظراً لما يستخدمون من اساليب انتهازية خجوله ومتسترة تدفع الشباب والاطفال والنساء للقيام بتضحيات مكلفة بدمائهم وارواحهم من اجل ان يصل هؤلاء الى غاياتهم بوسائل واساليب ذميمة وقبيحة لا تنسجم مع الغايات المعلنة الملفوفة بأغطية ظاهرة لتخفي ما خلفها من حقائق تبعث على الاشمئزاز والتقزز لا يستطيعون تقديمها للناس إلا بتلك الاغطية المزركشة والفاضحة بدافع الرغبة في الخداع الذي يبطن غير ما يظهر من حقائق زائفة.
ان الامل الأوحد يكمن في التنازلات الكبيرة التي يقدمها فخامة الأخ رئيس الجمهورية الذي اكد بأستمرار انه يقدم الموضوعية على الذاتية ويضحي بالخاص من اجل العام والدليل على ذلك ما نسمعه قبل مجيء المبعوث الأممي من تناقض بين الموقف الايجابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية الذي يستدل منه على استعداده لتقديم الكثير من التنازلات الحريصة علي وحدة وامن واستقرار اليمن وشعبه مقابل ما نسمعه من تصريحات نارية رافضة لتقديم اية تنازلات جزئية كما هي عادتها منذ بدأت هذه الازمة المفتعلة وحتى اليوم الذي نعيشه ضمن ادوار مفرطة بالتكتيكات التي تظهر غير ما تبطن مثل ما نسمعه تمسك حرفي بالمبادرة الخليجية مقابل ما نسمعه من الساحات من رفض كلي لها على نحو لا يؤكد على المصداقية والمسؤولية الوطنية، وكأن ما يحدث لهذا الشعب من معاناة لا يعنيهم رغم انهم معروفون سلفاً بأنهم اختلقوها وافتعلوها من العدم تحت مبرر المطالبة بالديمقراطية الاكذوبة رغم معرفة الجميع انهم لا يقبلون بالديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية وكما هو حالهم لا يقبلون بالآخرين الا إذا كانوا معهم وضد الاخر سواءً كانوا عرباً خليجيين أو اجانب امريكيين واوروبيين.. اخلص من ذلك ان الى الشعب اليمني والمواطن اليمني المهدد بسلسلة من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والامنية والعسكرية والانفصالية هو من يجب ان تحل ازمته تحت شعار الحفاظ على وحدته وامنه واستقراره وما تستوجبه من تقديم التنازلات السياسية ومن جميع الاطراف وفي اقرب وقت ممكن في حوار على طريق تطبيق القرار الاممي لمجلس الامن الدولي خلال ما تبقى من الثلاثين يوما المحددة والتالية لصدور القرار.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:56 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/94812.htm