|
المهمشون يقاومون أمراضهم بالكي !! الصورة لا تخطئ .. ويكفي ملاحظة الشيء المتوفر داخل المكان : طاولة جانبية متسخة ، تبدو فارغة بالنظر إلى طولها ، عدا إناء يضم أدوات التعقيم ، وبجانبه جهاز قياس الضغط ، وكرسيين أحدهما يتماسك بالكاد . وباستثناء رائحة (المطهر ) الشديدة النفاذ في هذه الحالة ، لا يمكنك التصالح مع فكرة كونه مرفقا صحيا ، وسط بيئة محفوفة بطفح روائح غياب أنظمة الصرف الصحي وشبكة المياه كأقل خدمات تحرض على بيئة نظيفة ومكافحة للأمراض . مقابل ذلك ، هو المرفق الصحي الوحيد ، تم منحه رسميا منذ العام 2006م، ليستفيد من خدماته الصحية ما يقدر ب(6) آلاف نسمة ، يمثلون جانبا من أقلية مهمشة يطلق عليهم( الأخدام ) ويسكنون محوى منطقة عصر بأمانة العاصمة . تقول (فاطمة )العاملة الصحية والمسئولة عن المرفق :" منذ ثلاث سنوات والوضع كما هو الآن ، إنني أحاول بصعوبة المداومة على الحضور ، ولو أنني أغلقت المكان فلن يسأل أحد ". وتضيف : "لا المجلس المحلي في المديرية ولا مكتب الصحة مهتم بهذا الأمر ..، وكثيرا ما لفتنا انتباههم إلى تدهور الخدمة بل غيابها هنا " وتعترف فاطمة أنها تقضي جل ساعات النهار في قراءة المجلات ، أوتوبيخ الأطفال الذين يلعبون بالتراب ويأكلونه أحيانا على مساحة خارجية من المكان . ! يعيش (الاخدام) في مساكن من الصفيح او الطرابيل ، ضيقة وغير صحية ، وتحيط بها أكياس القمامة والمستنقعات الراكدة من كل جانب، كما يعيش البعض مع الأغنام والمواشي في نفس السكن ، وغالبا كل أسرة تتوزع غرفها لأبنائها المتزوجون مع أطفالهم . الدكتور صقر الصنيدي طبيب عام يرى أن "البيئة التي يعيشون فيها الأخدام غير مناسبة ، تنتشر فيها الأمراض مثل الإسهال والأمراض الناتجة عن التعرض للبرد وعن الجهود الزائدة عن التحمل عند الأطفال ، بالإضافة إلى أمراض العيون والملا ريا والأمراض الجلدية . " مؤكداً أن هذه الشريحة في "أغلب الحالات لاتعالج مرضاها في المستشفيات ، نظرا لظروفها الاقتصادية السيئة ، وإهمالها لفكرة العلاج بالطب الحديث " . وتكشف مسوحات ميدانية عن قيام الاخدام بمعالجة أفراد أسرهم بطرق بدائية ، وان العديد من الأطفال ما بين 5-10 تعرضوا للعلاج بالكي في الرأس والرقبة وذلك باستخدام أدوات معدنية لمعالجتهم من أمراض الخوف والإسهال . كما أن من بين سكان المحوى عدد كبير من الإعاقات وذوي الاحتياجات الخاصة . وفيما تؤكد إحصائيات رسمية موت ربع الأطفال مابين 1-5 سنوات بسبب سوء التغذية ، تشير إلى تسجيل 38 حالة وفاة خلال العام الفائت2010م بين النساء في ظل غياب الرعاية الإنجابية و الصحية بشقيها الرسمي والأهلي . كل هذا .. يجعل من حياة هذه الشريحة المهمشة والأشد فقراً ، أشبه بالجحيم ، خاصة وقد تبددت أحلامها ببدايات خدمة صحية حكومية ، وخذلتها المنظمات والهيئات في المجتمع . |