المؤتمر نت - نبيل عبدالرب
نبيل عبدالرب -
إتحاد الرشاد
أخيراً وصل السلفيون في اليمن إلى الوضع الطبيعي في ترجمة الثقل الشعبي إلى كيان سياسي أسموه "اتحاد الرشاد اليمني" معبرين عن خطوة إيجابية، ومضيفين، قوة ربما تكون الثالثة في اليمن في الخارطة الحزبية المقبلة.. ولم يكن إشهار هذا الحزب نتاجاً لمؤتمر يومي الثلاثاء والأربعاء، بل تتويجاً لفعاليات ومؤتمرات سابقة عقدتها فصائل سلفية لتشكل مساراً ضرورياً لتقسيط اجتهادات دينية محبذة للعمل السياسي، ومتعاطية مع مفاهيم الحزبية والديمقراطية التي كانت محرمة إلى وقت قريب في اجتهادات سلفيي اليمن.

مازال الجدل الفكري السياسي يرمي ببعض ظلاله على إمكانية التعامل الديمقراطي للأحزاب القائمة على أسس دينية مع غيرها من القوى –حتى الدينية الأخرى-، وكذلك الوثوق في التزامها بقواعد اللعبة السياسية القائمة على المنافسة العادلة حال وصولها إلى السلطة. هذا بجوار القلق المشروع من تسييس المذاهب الدينية –العقائدية الفقهية بالأصل- وتحويلها إلى طوائف وتقسيم المجتمع على أساسها. القلق الذي يقوم على استقامة الثابت الديني مع المتغير السياسي وسلامة الجمع بينهما.

وفي مجال تعاطي السلطة ذات الطابع الديني الإسلامي مازالت التجارب تعتمل في غير دولة إسلامية، ومنها ما قدم إشارات إيجابية وأخرى دعمت المنظورات السلبية، وفي كل الأحوال عمر التجارب الإسلامية في السلطة لا يستوفي التقييم والحكم الكافي عليها، عدا التجربة الإيرانية –عمر جيل تقريباً- التي مارست الاستحواذ الطائفي بصورة فجة.

إضافة لذلك لا ينبغي ظلم الأحزاب الدينية، فتجارب الأحزاب القومية والقطرية العلمانية في الساحات العربية فشلت في التخلص من ثقافة الاستحواذ والاستبعاد للآخر.
يضم الاتجاه السلفي في اليمن أربعة تيارات رئيسية يتصاعد تشددها من جمعية الحكمة، جمعية الإحسان، فصيل أبو الحسن الماربي، الحجوري، وتتفق الفصائل الثلاث الأولى على خيار العمل السياسي إلا أن الإحسان هي من شرعت في عقد مؤتمر الأسبوع الماضي وأعلنت حزب الرشاد، فيما اختلف معها فصيل الماربي والحكمة حول أهمية المزيد من الوقت للدراسة. وربما هذا الخلاف سيجعلنا نشهد تأسيس أحزاب سلفية أخرى، لعله كان من الأفضل لها أن تشترك في إشهار الكيان الجديد، استثماراً لقواعدها العريضة في اليمن التي قد تكرر السيناريو المصري مع الإصلاح في اقتناص غالبية مقاعد البرلمان القادم، وستكون منافسا قويا للإصلاح لما تتمتع به الأحزاب الدينية عموماً من قدرة الحفاظ على كوادرها، إضافة لكون الفئة المحافظة السنية الغالبة في المجتمع اليمني تشكل المنبع البشري لتنظيم وجماهير الإصلاح والسلفيين، ويبقى الفارق بين الاثنين كامناً في الخبرة السياسية والتنظيمية التي تميز الإصلاح، إلى جوار حجم الهجمة المحتملة للتيار الحجوري المتشدد الذي سيلقى من المقولات السلفية المحرمة للديمقراطية والحزبية التي كانت محل إجماع مجالاً خصباً لإضعاف السلفية السياسية وتخذيل قواعدها.

بطبيعة الحال من المفيد لليمنيين إثراء تجربتهم السياسية الديمقراطية، والسلفيون بالذات يشكل انخراطهم في العملية السياسية تشذيباً لمقولات متشددة لتيار ذي ثقل شعبي، تجعله باتجاهه الإقصائي –الديني البحت- عرضة لممارسة العنف، ورافداً بشرياً وفكرياً للحركات الدينية المسلحة وبمقدمتها القاعدة التي تتخذ المنهج السلفي الوهابي منطلقاً أيديولوجياً، ومن المنتمين له منجماً بشرياً للاستقطاب.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/98026.htm