عباس الديلمي -
مبروك لصاحب الفخامة ولصاحب السعادة
في اليوم الثاني لأخر الانتخابات الرئاسية التي كان يجريها الرئيس محمد حسني مبارك رحمه الله، ذهبت إلى القاهرة في زيارة عمل وكان أول سؤال- بعد كلمات الترحاب والمجاملة- أوجهه إلى المعلم مدحت، أحد العاملين في مطاعم حديقة فندق الماريوت والذي صار من أصدقائي منذ أول مشاركة لي في لجان التحكيم لمهرجان القاهرة الدولي للاذاعة والتلفزيون، هو: هل صوت في الانتخابات يا معلم مدحت؟ فرد عليّ بطرافته المعهودة بقوله: «دنا ولولت يا بيه»، هكذا كان الرد طريفاً ولا يخلو من مغزى، «والولولة» في مصر كما يعرف الكثير هي أعلى درجات البكاء بصوت مرتفع ولعله مصطلح مشتق من كلمة (الويل) والقول يا ويلي ويا خرابي.. والولولة في مصر في مراتب البكاء تفوق مرتبة (التصويت) أي البكاء بصوت مرتفع أو بأعلى طبقات الصوت مع ندب واقع الحال.. يقال في مصر فلانة صوتت، وفلان صوت أي بكى وعبر عن حاله بأعلى طبقة صوتية يمتلكها.. ومن هذه التوطئة انتقل إلى الادلاء برأيي عن أهم وأذكى وأدهى شعار انتخابي دعائي رفع في العملية الانتخابية الرئاسية المصرية الثانية أو في جولة الإعادة بين أحمد شفيق، ومحمد مرسي الذي صار أول رئيس مدني لمصر بعد حكم العسكر، الذي غرب وإن لدورة زمنية قادمة.. انه الشعار الذي رفعه انصار الدكتور محمد مرسي أو الاخوان المسلمون القائل: «صوتوا لمرسي، احسن مما تصوتوا على مصر» وعلينا ان نتأمل ما في هذا الشعار من ذكاء ودهاء، واختزال لما دأبت عليه حملات الدعاية الانتخابية الاخوانية لمرشحهم الرئاسي.
ذلكم الشعار الموجز يقول ويحمل أكثر من معنى مثل إعط صوتك لمرسي خير من أن تصوت على مصر، أي تبكي حزنا عليها لأن بقاءها كمصر مرهون برئاسة محمد مرسي لها، وهو يعني ايضاً دعوة الناخب أن يصوت لمرسي خير من يصوت- أي يبكي- على مصر التي إن لم ينجح محمد مرسي برئاستها فإن الكارثة ستحل كالواقعة ابتداءً بالثورة العارمة التي ورد التهديد بها في خطاب للمرشح مرسي سابقاً الرئيس حالياً وانتهاءً بما سيؤدي الى البكاء بدرجاته المتفاوتة- من البكاء الى التصويت، الى الولولة- على مصر.
انه لشعار ذكي اختزل الكثير ووعد وتوعد في آن واحد دون الوقوع في آية مؤاخذة قانونية، مبروك لصاحب الفخامة، الرئيس الدكتور محمد مرسي وكان الله في عونه، ومبروك للشقيقة الكبرى مصر هذا الانجاز الديمقراطي وعدم (التصويت) عليها أو من أجلها، وعلى كل حال يبدو أن الانتخابات المصرية قد جاءت بما هو ذكي ويحتمل أكثر من معنى، ليس عند المصريين المشهود لهم ببراعة التعليقات والشعارات المختزلة، بل وعند اليمنيين كما هو حال الاستاذة رشيدة القيلي وما نذرت به لو فاز مرشح الاخوان أو- حزب الحرية والعدالة- الدكتور مرسي، لقد نذرت بما لفت أنظار الكثير وشغل المعلقين علىصفحات (الفيس بوك) وبعض الصحف الخليجية التي تواصلت مع زوجها عبدالرحمن فقال لها: ليس لدي سوى الموافقة على ما نذرت به زوجتي رشيدة.
لقد نذرت رشيدة بأغرب نذر ستفي به امرأة- ربما عبر التاريخ- وهو ان تزوج زوجها بامرأة مصرية إذا ما فاز مرسي بالرئاسة.. انه لنذر ذكي حمل أكثر من معنى واثار اكثر من تكهن.. كأن يقرأ بأنه نذر المرأة المسلمة المحبة لزوجها الحريصة على اسعاده بامرأة مصرية، انطلاقاً من قول احد أئمة المذاهب «من لم يتزوج بمصرية فليس بمحصن».. وبأنه نذر المرأة التي تريد ان تجمع بين التفرغ للقراءة والكتابة ومتابعة الاحداث والمستجدات وبين إرضاء زوجها بما يلبي طلباته الزوجية ويشغل وقته.. مستغلة الفرصة المناسبة جداً وبأنه نذر المرأة الذكية في الكيد لضرتها والزيادة من معاناة الزوجة الاولى لعبدالرحمن كون رشيدة زوجته الثانية ولكي تقطع طريق العودة الى الحبيب الاول كون الحبيب الثاني منشغلاً بالكتاب والقلم..
وانه نذر المرأة التي زهدت في الزواج الى درجة قبولها بل سعيها وإن على نفقتها بأن تكون لها ضرة أو شريكة في قلب الزوج وانه نذر يجسد أقصى درجات التعبير عن الفرحة والابتهاج.. على كل حال انه لنذر ذكي أعجب الكثير بما لفت من انظار وأثار فضولاً وولد تعليقات لا تخلو من الطرافة، ولا يسعنا إلاَّ أن نقول لزوج الاستاذة رشيدة مبروك عبدالرحمن وما عليك إلاَّ حفظ ما في الكتاب والسنة من آيات وأحاديث الوفاء بالنذر وكان الله في العون وإن صرت من أصحاب السعادة بفضل شريكة حياة بهذا القلب الطيب.