الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:42 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء

قبل(أبو غريب) عذب اليمنيون بنفس الطريقة

الأربعاء, 19-مايو-2004
{إن تقرير منظمة العفو الدولية للعام 1966م سجل تواريخ حوادث التعذيب البريطاني للمعتقلين، بما فيها تعرية المعتقلين، وجعلهم يقفون عراة خلال استجوابهم، وإيداعهم عراة في زنزانات شديدة البرودة، وإبقائهم في حالة يقظة دون نوم، وإجبارهم على الجلوس على أعمدة موجهة إلى (أعضائهم)، كذلك ضرب ولي أعضائهم الذكرية، وإطفاء السجائر في جلود السجناء..}
{وعلى النقيض من بريطانيا، فإن "يمن" اليوم الموحدة تقود الديمقراطية إلى الحد الذي تصل فيه إلى الصحافة الحرة.}
مارك سيدني في مقال نشرته (الجارديان) يوم أمس الأول فإلى النص
المؤتمرنت –ترجمة نزار العبادي
تنكيل، وثورة، وقمع.. تلك هي قصة الجيش البريطاني في الشرق الأوسط، قبل أربعين عاماً خلت ليس إلاّ.
لم يكن هناك أية قطعة أرض مزروعة في مقبرة (المعلا) للقوات البريطانية في عدن، بل صفوف متراصة من الصخور المسننة، وحسب، والتي كانت تُدون عليها أسماء أولئك العسكريين الذين فقدوا حياتهم في المرة الأخيرة التي قاتل فيها البريطانيون، وخسروا حرب المقاومة في الشرق الأوسط.
في سوق للسلاح في شمال العاصمة صنعاء كنت قد مررت من بين بنادق الكلاشنكوف، والقاذفات الصاروخية على اثنين من البنادق نوع SLR التي هي أسلحة نموذجية ربما كانت ذات يوم رهن الاستعمال من قبل أولئك الجنود البريطانيين الذين هم نفسهم يستلقون الآن في مقبرة المعلاّ.
إن الجبهة الشرسة التي قاتلوا ضدها أتت على نهاية وجود الاستعمار البريطاني في شبه الجزيرة العربية قبل ما يقارب الأربعين سنة خلت. لكن حماقة الغطرسة الإمبريالية تعاد اليوم في العراق.
ليس هناك سوى القليل جداً مما يمكن تذكير الزائر بحقبة القرن والنصف من السيطرة البريطانية على عدن- إحدى أهم الموانئ الاستراتيجية في العالم. فهناك ساعة (بِنْ الصَغيرة) التي هي نسخة طبق الأصل من ساعة (بيج بِنْ)، وتطل على مدينة المعلاّ. فيما تمت إعادة الملكة فيكتوريا إلى منصتها الخرسانية على أيدي المغتربين، بينما ظلت صناديق البريد ذات اللون الوردي المحمر الغريب تتمايل بكسل هنا وهناك.
العدنيون لا يحملون إلا قدراً ضئيلاً من الحنين للحكم البريطاني.. والوزراء المحليون- فيما يسمى اليوم باليمن الواحد- مهذبون، ولحد الآن يعتبرون المساعدات البريطانية بمثابة التعويض، وتبقى مدينة كريتر في عدن على الصورة ذاتها، بتلك المتاهة المحكمة من الشوارع التي كانت ذات يوم معقلاً لمئات الثوار المتمردين من (جهة تحرير الجنوب اليمني).. ورغم أنها اليوم باتت منطقة آمنة، لكنها كانت يوماً ما مرآة تعكس صورة واقع الثورة الآن في العراق، بما اشتهرت به آنذاك من هجمات بالقنابل، والألغام الأرضية.
خلال السنوات الأكثر مرارة من (الوضع الطارئ في عدن) الذي استمر من 1963-1967، كانت "كريتر" منطقة محظورة الدخول فعلاً. فتم استدعاء (فريق الأسلحة والتكتيكات الإرهابية) البريطاني المتخصص فيما وصفه أحد الناشطين المتقاعدين بـ(استخدام أسلحة وتكتيكات إرهابية ضد الإرهابين).
يقول "أوليفر مايلز" – مؤلف "الانسحاب البريطاني من عدن"- بأن (التعميم الخبري والحرب النفسية كانت تستخدم على نحو واسع (ومورست الضغوطات) على المساجين لكتمان الأمر- وظل الحال كذلك حتى تم إجبار حكومة (حزب العمل) اللاحقة على التدخل بالأمر، إثر تقرير لَعِين من منظمة العفو الدولية حول إهانة السجناء.
وكما هي الحالة الآن، فإن بعد ذلك التقرير ظهرت إلى السطح وحشية الجيش البريطاني، وكشفت أن أفراد القوات المتوترة- ممن ينتظر تحت وطأة حرارة الإنضاج طلقات القناص، والقنابل- تم اتهامهم بمغالاة إظهار ردود الفعل، والذين نشروا (قوات الخطف) لاصطياد المتهمين تمت إدانتهم أيضاً.
إن تقرير منظمة العفو الدولية للعام 1966م سجل تواريخ حوادث التعذيب البريطاني للمعتقلين، بما فيها تعرية المعتقلين، وجعلهم يقفون عراة خلال استجوابهم، وإيداعهم عراة في زنزانات شديدة البرودة، وإبقائهم في حالة يقظة دون نوم، وإجبارهم على الجلوس على أعمدة موجهة إلى (أعضائهم)، كذلك ضرب ولي أعضائهم الذكرية، وإطفاء السجائر في جلود السجناء.. وفي أول الأمر أنكرت الحكومة البريطانية الاتهامات، لكنها قامت لاحقاً بإجراء تغييرات من أجل المعتقلين.
وعندما تجلت ضغوط الثوار في جبهة تحرير الجنوب اليمني التي يقودها عبدالله الأصنج، وتزايدت وطأة جبهة المقاومة الوطنية المسلحة كانت تلك بداية المطالبة بسحب القوات البريطانية التي كان يزيد قوامها عن 30.000ألف شخص، وإنهاء وجودها الاستعماري، فجرت استعدادات سريعة للانسحاب.
وفي أوج حركة التمرد الشعبي قاد المقدم "كامبيل ميتشيل" الملقب (ميتش المجنون) قوة تضم سيارات مسلحة، واصطحب معها فوج "الجوق" الموسيقي إلى قلب مدينة كريتر التي كانت تغلي؛ حيث أعلنت الشرطة المحلية عصيانها، وحيث قُتل الجنود البريطانيون. إلاّ أن الرقم الحقيقي للخسائر في المعركة الناشبة هناك لم يُعرف أبداً إلى حد الآن، وربما كانت المواجهة الساخنة التي قادها جيش "ميتشيل" قد أنهت التمرد في ذلك الجزء من عدن، لكنها أيضاً عجلت من انسحاب بريطانيا من الجزيرة العربية.
فقد واصل "ميتش المجنون" نهجه متطلعاً للفوز بمقعد في مجلس العموم، لكن "دينيس هيلي"-سكرتير حزب العمل في الخارجية لشئون الدفاع- مالبث أن أقر سياسة (منع انتشار القوات البريطانية إلى الشرق من السويس). وظلت تلك السياسة معيار النجاح الأكبر، أو الأصغر للحكومات البريطانية حتى زمن الصراع التاريخي الحالي، الذي قرر به "تون بلير" قدر بريطانيا البائس بدخول المغامرة في العراق بعد 40 عاماً من ذلك.
وعلى النقيض من بريطانيا، فإن "يمن" اليوم الموحدة تقود الديمقراطية إلى الحد الذي تصل فيه إلى الصحافة الحرة.
بعد إغراق المدمرة الأمريكية "كول" في ميناء عدن من قبل ناشطي تنظيم القاعدة طلب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من الأمريكيين، والبريطانيين المساعدة في تدريب وحدات مكافحة الإرهاب.
ولكن عندما زاره الوفد البرلماني الذي كنت أحد أعضائه الأسبوع الماضي في القصر الجمهوري بصنعاء، كان صالح –الذي يعتبر أحد الأصدقاء القلائل للغرب في المنطقة- يقف بصلابة وخشونة .
وقال لنا: "ربما أنتم البريطانيون تفضلون الذهاب لشرب الشاي أكثر من الاستماع للحقيقة.. فما تقومون به في العراق أمر غير مقبول؛ فإذا كنتم تريدون النفط كان بإمكانكم الحصول عليه بدون استخدام العنف مع الشعب العراقي".
أعطى الرئيس صالح هدية وداعية لكل واحد منا، وكانت عبارة عن مسكوكة نقدية، أخبرنا الرئيس عنها قائلاً من غير ابتسامة:(إنها تمثل العلم اليمني أثناء رفعه على قصر الحاكم البريطاني قديماً في عدن).




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر