الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:18 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأحد, 23-مايو-2004
المؤتمر نت - مع احتفال اليمن هذه الايام بالذكرى الرابعة عشرة للوحدة، في الامكان تناول احد الاحداث القليلة الايجابية التي شهدها العالم العربي منذ سنوات طويلة, يكفي للتأكد من ذلك محاولة تصور ما كان يمكن ان تكون عليه اليمن والمنطقة المحيطة بها في غياب الوحدة او في حال نجاح حرب الانفصال التي شنت صيف العام 1994، اي قبل عشر سنوات بالتمام والكمال, تلك الحرب التي استهدفت تقسيم اليمن مجددا وجعلها تدخل في متاهات لا تستطيع الخروج منها على رأسها حرب أهلية مستمرة..... المؤتمر نت -
خير الله خير الله يكتب عن ذكرى الوحدة اليمنية
مع احتفال اليمن هذه الايام بالذكرى الرابعة عشرة للوحدة، في الامكان تناول احد الاحداث القليلة الايجابية التي شهدها العالم العربي منذ سنوات طويلة, يكفي للتأكد من ذلك محاولة تصور ما كان يمكن ان تكون عليه اليمن والمنطقة المحيطة بها في غياب الوحدة او في حال نجاح حرب الانفصال التي شنت صيف العام 1994، اي قبل عشر سنوات بالتمام والكمال, تلك الحرب التي استهدفت تقسيم اليمن مجددا وجعلها تدخل في متاهات لا تستطيع الخروج منها على رأسها حرب أهلية مستمرة تتولى تغذيتها قوى إقليمية, كانت تلك القوى تحلم ببقاء اليمن في حال من عدم الاستقرار متجاهلة أن أمن المنطقة من أمن اليمن وان العكس صحيح أيضا.
استطاعت اليمن التي انتصر شعبها في حرب الانفصال ترسيخ وحدتها, ولم تكتف بذلك، بل استمرت في النهج الذي كان ثمرة من ثمار الوحدة وهو نهج الديموقراطية والتعددية الحزبية, فقد كان سهلا أن تتراجع اليمن عن هذا النهج لولا إدراك الرئيس علي عبدالله صالح أن الوحدة حاضنة للديموقراطية وان الديموقراطية درع للوحدة وان الوحدة والديموقراطية توأمان لا ينفصلان, واستطاع الشعب اليمني على الرغم من إمكاناته المتواضعة وعلى الرغم من الخسائر التي تكبدها جراء حرب الانفصال تجاوز عقد الماضي, تلك العقد التي كانت تتحكم بالذين كانوا يريدون النظر إلى اليمن، بلد الحضارة والتاريخ، نظرة دونية، في حين كان في استطاعتهم ان يتعلموا منها الكثير, ولعل اكثر ما كان في استطاعتهم تعلمه من اليمن التواضع اولا وتفادي البقاء في اسر افكار متحجرة ثانيا, فاليمن استطاعت في خلال سنوات قليلة هي عمر الوحدة متابعة سياسة الانفتاح على العالم من دون اي خوف من التواصل معه.
ومن هذا المنطلق شهدت اليمن انتخابات عدة تنافست فيها الاحزاب السياسية وشاركت فيها المرأة, كذلك شاركت اليمن في الحرب على الارهاب وهي الحرب التي كانت من ضحاياها, ولم تلعب اوراقها في هذه الحرب من تحت الطاولة بل لعبتها بطريقة مكشوفة واستخدمت في التعاطي مع الارهابيين اساليب مختلفة راوحت بين اللجوء الى القوة واعتماد الحوار بغية اقناع من يمكن اقناعه بالعودة الى طريق الحق والصواب، طريق الاسلام المتسامح، الاسلام دين الحضارة الاصيلة الراسخة الجذور.
لعل فكرة التسامح وممارسة هذا التسامح ممارسة حقيقية كانت من اسباب نجاح التجربة اليمنية وتحول اليمن واحة استقرار في منطقة مضطربة وذلك على الرغم من الامكانات المتواضعة التي يمتلكها البلد والتي لا تقارن بالامكانات التي لدى جيرانه, وبفضل التسامح امكن في الاصل اقامة «المؤتمر الشعبي العام» الذي كان الى فترة ما قبل الوحدة مجرد مظلة تلتقي تحتها احزاب ومنظمات سياسية ذات مشارب متنوعة, وتحت هذه المظلة تعلمت هذه الاحزاب والتنظيمات لغة الحوار، وتعلمت خصوصا انه يمكن حل الخلافات بالحوار وان اللجوء الى القوة لا يصلح الا عندما تنعدم اي امكانية للحوار, وتحت هذه المظلة بدأت الحياة السياسية في اليمن تتجه نحو مواكبة العصر، الى ان جاءت الوحدة التي كرست الديموقراطية والتعددية الحزبية في منطقة لا وجود فيها لشيء اسمه انتخابات او احزاب, وحتى في الاسابيع والشهور التي سبقت حرب الانفصال، لم تغب روح التسامح، وذهب الرئيس علي عبدالله صالح الى حد القبول بـ «وثيقة العهد والاتفاق» التي وقعت في عمان برعاية الملك حسين رحمه الله، وهي وثيقة كانت في مصلحة الحزب الاشتراكي مئة في المئة, لكن الرئيس اليمني قبل ذلك من أجل تفادي اي مواجهة عسكرية واراقة نقطة دم واحدة، ولم يذهب الى الحرب الا مرغما, ولم يؤد اندلاع الحرب الى وضع التسامح جانبا, على العكس من ذلك، وعلى الرغم من الانتصار العسكري الذي تحقق وكان انتصارا مشتركا بين كل ابناء المحافظات المؤيدين للوحدة أكانت هذه المحافظات جنوبية او شمالية، حصرت المسؤولية باقل عدد مكن من قادة الحزب الاشتراكي، اضافة الى بعض الطارئين الذين راهنوا على انه سيكون لهم موقع مع اسيادهم في دولة الانفصال, وفي النهاية صدر عفو عام استفاد منه من استفاد ولم يبق خارج اليمن سوى عدد قليل جدا من الذين نادوا بالانفصال ولاسباب ذات طابع شخصي او خاص اكثر من اي شيء اخر.
في ذكرى الوحدة اليمنية، يمكن استعادة هذه النقطة المضيئة في التاريخ العربي الحديث ليس لان البلد استعاد وضعه الطبيعي بعد قرون من التشطير فحسب، بل لان الوحدة ترافقت ايضا مع فكرة الانتماء الى العالم المتحضر بعيدا عن اي نوع من التحجر والتزمت ورفض الاعتراف بالاخر, وما لا يمكن انكاره في اي وقت ان الوحدة اتاحت لليمن رسم الحدود النهائية للبلد خصوصا مع المملكة العربية السعودية وذلك بعد نزاع طويل بين الجانبين, فلو بقيت اليمن دولتين ونظامين لما تجرأ اي منهما على خطوة رسم الحدود مع السعودية، وقبل ذلك مع سلطنة عمان خشية المزايدات التي كان يمارسها كل من النظامين على الاخر.
وفي الذكرى الرابعة عشرة للوحدة اليمنية التي اعلنت يوم 22 مايو 1990، لا يمكن الا تذكر كم هي شاسعة المسافة التي قطعتها اليمن في زمن قصير, بين بلدين يتعرضان لتجاذبات من كل صوب الى بلد واحد قادر على ان يقدم تجربة مختلفة لمحيطه على صعيد التسامح والديموقراطية ومكافحة الارهاب بالقوة والحسنى في آن, والامل كبير بان تكون الايام المقبلة اياما للتفكير في كيفية تطوير هذه التجربة نحو الافضل عبر التفكير جديا في كيفية الاستثمار في تحسين البرامج التعليمية وجعلها عصرية، وملائمة لحاجات اليمن الآنية والمستقبلية, ففي ذلك استثمار في الانسان, وهل هناك ما هو اثمن من الانسان؟
نقلاً عن الرأي العام الكويتية





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر