نبيل عبدالرب -
حكومات الصميل ومتعاقدو الجامعة
غريب وعجيب قدر التجاهل والطناش وصم الأذان وتغطية العيون وتصعير الخد الحكومي حيال سنتين من الوقفات والفعاليات الاحتجاجية لستمائة متعاقد مع جامعة صنعاء، ما يريدونه فقط تثبيتهم في الوظيفة التي أمضى بعضهم فيها اثني عشر عاماً
عامان تغيرت فيهما أنظمه حكم، وشهد المحيط الإقليمي والداخل الوطني أحداثا هزت كل شيء إلا ضمائر مسئوولين يمنيين معنيين بمعالجة أوضاع هؤلاء المتعاقدين، وكأنهم ليسوا مواطنين من حقهم النظر في مشكلاتهم.
ربما يرى مسؤولون حكوميون للمتعاقدين المحتجين على أنهم أدوات لمؤامرة سياسية قذرة تحاول إعاقة العملية السياسية، وعرقلة المساعي الدولية والإقليمية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ومتطلبات المبادرة الخليجية، وربما قلب نظام الحكم، وإفشال الحكومة في مهمتها التاريخية.. أقول ربما بسبب أن معظم مسئوولينا سياسيون حتى النخاع قياساً على ذلك الشخص الذي سمع عن قلة الحياء فخرج الشارع بغير ملابس، كما خلقه الله، وبعض المسؤولين علموا عن شيء اسمه سياسة فأرادوا ممارستها بأسلوب أخذ منها جانب المؤامرة، وإلا ما المانع من النظر لمشاكل هؤلاء الناس وغيرهم من زاوية حقوقية وإنسانية، كما هي، وإذا وجد المسئوولون عدا ذلك فليتبحبحوا بهوس السياسة، وليرسموا الخطط المضادة لإفشال المؤامرة.
على مدى أزيد من سنتين ومتعاقدو جامعة صنعاء ينظمون فعاليات غاية في السلمية ماكسروش أثناءها حتى قلص، وقد يكون هذا سبب عدم الاستماع إلى مطالبهم.
ولا أظن أن مرتبات الستمائة في حال توظيفهم سيضاعف سوء الأوضاع الإقتصادية للبلد، وعجز موازنة الدولة وماليتها إلى مستويات كارثية.
الدولة وظفت العام قبل الماضي ستين ألفا من المقيدين بالخدمة المدنية، وهذا حقهم وحق زملائهم. والمقصود هو أن الأثر المالي لستمائة يضافون على جهاز الدولة محدود جدا، وربما لن يتجاوز الأربعمائة المليون ريال سنوياً، وهو مبلغ يقل عما دفعته الحكومة في يوم واحد عام 2011 لشخص واحد مقابل السماح للفرق الهندسية بإصلاح انبوب نفط مأرب، وهو ذات الشخص المسؤول عن تفجير الأنبوب. على فكرة، ماخسره اليمن من تخريب أنابيب النفط العامين السابقين يكفي مرتبات ستمائة موظف لثلاثة آلاف سنة.
وتوظيف ستمائة يعملون أصلاً منذ سنوات أقل من قائمة واحدة قدمها نافذون قبليون بتجنيد ما بين الألف والألفين شخص، ومشت تلك القوائم دون أي جهد لأناس كل مؤهلاتهم التبعية لهذا النافذ أو ذاك، بينما يعرقل تثبيت متعاقدي الجامعة الذين يحمل معظهم شهادات عليا.
اعترف وزير المالية بتجنيد الحكومة لثلاثة وخمسين ألف فرد بوزارتي الدفاع والداخلية السنتين المنصرمتين.
ومع كل الإحترام والتقدير لكل فرد في الجيش و الأمن، إلا أن المؤسسة العسكرية لدينا لا تتطلب المزيد من التجنيد لسببين رئيسيين الأول أن معاركها كانت داخلية ولم تقم بأي مهمات خارجية على مدى ثمانية عقود، غير مشاركة رمزية مع العراق في صده للعدوان الإيراني في الثمانينيات، مع العلم أن هدف القيادة العراقية حينها في إشراك ألوية من بعض الدول العربية كان إضفاء البعد القومي على المعركة، وإلا فجيش الشهيد صدام كان سيوف الله في أرضه.. ونتذكر جميعاً أن جزر حنيش استعيدت بتحكيم وليس بمعركة عسكرية. اما السبب الثاني فلأن عشرات الآلاف من المجندين يداومون فقط في كشوفات المرتبات.
التحجج بالموازنات والإمكانات، وشوائب رافقت التعاقدات، هي مبررات واهية، فعشرات الآلاف من الموظفين مابين وهميين ومزدوجين، وأي أخطاء حدثت في التعاقدات تتحملها الدولة.
ونصيحتي للمتعاقدين الجامعيين أن يوصلوا الحكومة بكذا ثور، ويبحثوا عن قبيلة من حمران العيون لمواخاتهم، لعل وعسى.